السؤال:
فوض لي أبنائي التصرف في زكاة المال الخاصة بي وبهم، وأعلم أن من مصارف الزكاة (الغارمين)، وأختي تمتلك شقة ميراثًا عن أبينا ثم حجزتْ شقة أخري تمليك بالقسط تسدده من إيجار شقتها الميراث – وذلك لأنها تقول أنها إذا أقامت بها فلن تجد من ينفق عليها – والآن عليها دفعة لاستلام شقتها التي حجزتها، ولا يوجد لديها المال النقدي، مع أن لها أيضًا مع إخوتها قطعة أرض ميراث عن أبينا ولكن لم تباع حتي الآن.
السؤال:
1 – هل يجوز دفع زكاة المال لها لدفع قسط استلام شقتها؟
2- إذا لم يقتنع أبنائي بأن أختي تستحق مال الزكاة فهل يجوز لي الكذب عليهم بأني قد وضعته في مصرف آخر للزكاة وليس عليّ عقوبة من الله؟
3- هل الواجب استرداد المبلغ من أختي عندما تباع الأرض ويكون لديها المال لوضعه في مصرف آخر للزكاة أم يصبح واجب عليها هي أم ماذا؟
الجواب:
الحمد لله وبعد، فقد قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60]
والغارمون هم قسمان:
أحدهما: هم الذين ركبتهم الديون لقيامهم بواجبات شرعية للإصلاح بين الناس بمال يبذله لأحدهم أو لهم كلهم، فحصل له نصيب من الزكاة ليكون أنشط له وأقوى لعزمه فيعطى ولو كان غنيًا.
الثاني: من غرم لنفسه في حاجة وضرورة لأهله وعياله بوسطية ويريد سداده فأعسر فإنه يُعطى ما يوفي به دينه.
تنبيه: من أدان في سفاهة وعربدة أو علوًا ومفاخرة، فإنه لا يُعطى منها ولا من غيرها إلا أن يتوب، والشرط مقابل المشروط؛ جمعًا بين المصالح والمفاسد، وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تصدقوا عليه فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك”.
وكذا عنده وعند غيره من حديث قبيصة بن المخارق قال: “تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، قال ثم قال يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش أو قال سدادًا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوى الحجا من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش أو قال سدادًا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتًا يأكلها صاحبها سحتًا”.
وأما عن محل السؤال:
فالظاهر منه أن أختك ميسورة الحال عن غيرها، والغارم من عليه دين يسجن فيه، فيجوز لك أن تقرضها قرضًا حسنا لأجلٍ مسمى تسدده لك حسبما ترى
وإياك أن تتهاون أو تتعاطف في مصارف الزكاة
ثم كيف تكذب في حق من حقوق الله تلاعبت فيها، وتخشى أولادك والله أحق أن تخشاه هذا فيما يتعلق في مالك وأما مال أولادك فأنت مستأمن عليه، فلا يحق لك التصرف فيه بغير إذنهم أو بغير طيب نفس منهم، وأما حديث “أنت ومالك لأبيك” ففيه فقه ليس هذا مجاله
وفقك الله إلى ما يحبه ويرضاه.