فقه الدعاء

بسم الله الرحمن الرحيم

إهداء

قال تعالى : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) ( البقرة : 186 )

وقال جل شأنه : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ *وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِين ) ( الأعراف : 55 : 56 )

وقال سبحانه 🙁 وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) ( غافر: 60 )

فإلي طلاب العلم الناقع الذين يريدون معرفة فقه الدعاء على ضوء القرآن الكريم وسنة نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبفهم سلفنا الصالح، أهدي هذه الرسالة .

صلاح نجيب الدق

بلبيس – مسجد التوحيد

التقديم

الحمد لله والصلاة والسلام على خاتم رسل الله وعلى من والاه واتبع هداه إلي يوم أن نلقاه وبعد:

فالدعاء سلوى المحزونين، ونجوى المتقين، وديدن الصالحين، فإذا صدر عن قلب سليم، ونفس صافية، وجوارح خاشعة، صادف إجابة كريمة من رب رحيم ودود .

وقد أحسن الأستاذ / صلاح الدين نجيب الدق ” في جمع هذه الرسالة المباركة ( فقه الدعاء ) إذ بين حقيقته وأنواعه وفضله وآدابه وشروطه وفوائده وجوامعه … وغير ذلك مما يتعلق به في بساطة ويسر والتزام بصحيح الأحاديث والأخبار . وهذا مما يُغبطُ عليه .

وعلى المؤمنين إحسان التوجه إلي الله بالسؤال والدعاء، لقربه منهم وإجابته سؤالهم، فقد عَلَّمهم ما تجب عليهم مراعاته في سائر عباداتهم من الإخلاص والأدب والتوجه إليه وحده .

ولقد وعدنا في محكم كتابه بأن يجيب دعاء من دعاه، وعلينا أن نستجيب لأمره، وأن نقف عند حدوده . ونثبت على إيماننا به، حتى نصل إلي ما فيه من رشدنا وسعادتنا في الحياتين العاجلة والآجلة .

قال تعالى : فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) ( البقرة : 186 ) سدد الله خُطانا جميعاً على طريق العقيدة الصحيحة والإيمان الكامل، إنه نعم المولى ونعم النصير .

الدكتور / السيد عبد الحليم محمد حسين

الأمين العام المساعد لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا .

بسم الله الرحمن الرحيم

فقه الدعاء

معنى الدعاء لغة وشرعاً :

الدعاء في اللغة : دعا الرجلَ، دعْواً، ودعاء : ناداه ، والاسم الدعوة : ودعوت فلاناً أي صِحتُ به واستدعيته . ( لسان العرب لابن منظور جـ2 صـ1386 )

الدعاء في الشر ع شرعاً: الدعاء: هو إظهار غاية التذلل والافتقار إلي الله والاستكانة له . ( فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ11 صـ98 )

أنواع الدعاء :

الدعاء نوعان :

الأول : دعاء العبادة : وهو الذي يتضمن الثناء على الله تعالى بما هو أهله ويكون مصحوباً بالخوف والرجاء .

الثاني : دعاء المسألة : وهو طلب ما ينفع الداعي، وطلب كشف ما يضره ودفعُهُ، وكُلُ من يملك الضُرُّ والنفع، فإنه هو المعبود بحق .

 والدعاء في القرآن يُراد به هذا تارة، وهذا تارة ويُراد به مجموعُهما وهما متلازمان، فالعبد يدعو للنفع أو دفع الضر، دعاء المسألة، ويدعو خوفاًُ ورجاءً، ودعاء العبادة، فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة، وكُلُ دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة، وقد ورد المعنيان جميعاً في قوله سبحانه (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ *وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِين ) ( الأعراف : 55 : 56 ) (مجموع فتاوى ابن تيمية جـ10 صـ237 : صـ254 )

فضل الدعاء في القرآن :

الله يحثنا على الدعاء : حثنا الله تعالى على الدعاء في آيات كثيرة من كتاب العزيز :

  • فقال سبحانه :وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) ( البقرة : 186 )
  • وقال تعالى :(وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (الأعراف : 180)
  • وقال سبحانه : (أمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) (النمل : 62 )
  • وقال جَلَّ شأنه : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) ( غافر: 60 )
  • وقال سبحانه : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) ( الأعراف : 55 : 56 )
  • وقال تعالى :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ) (الإسراء : 110 )

الدعاء صلة بين المسلمين :

قال الله تعالى : وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) ( الحشر : 10 )

الدعاء هو العبادة :

قال الله تعالى : وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) ( غافر: 60 )

قال الشوكاني :

هذه الآية الكريمة قد دلت على أن الدعاء من العبادة فإنه سبحانه وتعالى قد أمر عباده أن يدعوه، ثم قال : إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ) فأفاد ذلك أن الدعاء عبادة وأن ترك دعاء الرب سبحانه استكبار، ولا أقبح من هذا الاستكبار، كيف يستكبر العبد عن دعاء من هو خالق له ورازقه وموجده من العدم، وخالق العالم كله ورازقه ومحييه ومميته ومثيبه ومعاقبه، فلا شك أن الاستكبار طرف من الجنون وشعبة من كفران النعم . ( تحفة الذاكرين للشوكاني صـ33 )

وقال سبحانه وتعالى حكاية عن إبراهيم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ) ( مريم 48: 49)

في هذه الآيات المباركة سمى الله تعالى الدعاء عبادة .

1-روى أبو داود عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ { قَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود حديث 1312 )

فضل الدعاء في السُّنة :

لقد بين لنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فضل الدعاء وأهميته في كثير من أحاديثه الشريفة، وها نحن نذكر بعضاً منها :

2-روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الدُّعَاء ) ( حديث حسن ) ( صحيح الترمذي جـ3 حديث 2684)

3-روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ( حديث حسن ) ( صحيح الترمذي جـ3 حديث 2686)

قال الشوكاني :

في هذا الحديث دليل على أن الدعاء من العبد لربه من أهم الواجبات وأعظم المفروضات، لأن تجنب ما يَغْضب الله منه لا خلاف في وجوبه، وقد انضم إلي هذا الأوامر القرآنية، ومنها قوله تعالى : وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) ( غافر: 60 ) وقوله : وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ) ( النساء : 32 ) ( تحفة الذاكرين صـ37 )

4-روى أبو داود عَنْ سَلْمَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا ) ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود جـ1 حديث 1320 )

5-روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكَرْبِ فَلْيُكْثِرْ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ ) ( حديث حسن ) (صحيح الترمذي جـ3 حديث 2693 )

6-روى الترمذي عَنْ سَلْمَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ ) ( حديث حسن ) ( صحيح الترمذي جـ2 حديث 1238)

قال الشوكاني :

في هذا الحديث دليل على أنه سبحانه يدفع بالدعاء ما قد قضاه على العبد .

وقال أيضاً :

الدعاء من قَدَر الله عز وجل، فقد يقضي الله على عبده قضاءً مفيداً بأن لا يدعوه، فإن دعاه، اندفع عنه . ( تحفة الذاكرين للشوكاني صـ35 : صـ36 )

7-روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ ) ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي جـ3 حديث 2766 )

8-روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) ( مسلم جـ2 حديث 1631 )

9-روى الترمذي عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ) ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي جـ3 رقم 2805 )

أقوال السلف الصالح في الدعاء :

سوف نذكر بعض أقوال سلفنا الصالح التي تدل على أهمية الدعاء :

1-عمر بن الخطاب :

روى الترمذي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ) . ( حديث حسن) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 403 )

2-عبد الله بن عباس :

قال ابن عباس : انظر إلي السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عَهِدْتُ أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب . ( البخاري حديث 6337 )

3-قال مجاهد بن جبر :

قال مجاهد : إن الصلاة جُعلت في خير الساعات فعليكم بالدعاء خلفَ الصلوات . ( إحياء علوم الدين جـ1 صـ472 )

4-أبو سليمان الدراني :

قال أبو سليمان الدراني : من أراد أن يسأل حاجةً، فليبدأ بالصلاة على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم يسأل حاجته ثم يختم بالصلاة على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإن الله عز وجَلَّ يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما . ( إحياء علوم الدين للغزالي جـ1 صـ476 )

5-سفيان بن عُيَيْنة :

قال سفيان بن عُيَيْنة : لا يمنعن أحداً الدعاءَ ما يعلمُ من نفسه – يعني التقصير – فإن الله قد أجاب دعاءَ شر خلقه، وهو إبليس حين قال : رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) ( الحجر : 36 )

( فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ11 صـ144 : صـ145 )

التوسل المشروع والتوسل الممنوع :

سوف نتحدث عن كلا النوعين بشيء من الإيجاز :

أولاً : التوسل المشروع :

قال سبحانه : أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) ( الإسراء : 57 )

المقصود بالوسيلة في هذه الآية : القربة والعمل، أي ما يتقرب به العبد المسلم من الأعمال الصالحة المشروعة إلي الله تعالى .

ُيقالُ توسل إليه بوسيلة إذا تقرب إليه بعمل . ( مختار الصحاح للرازي صـ721)

لقد شرع الله لنا عند دعائه أنواعاً من التوسلات المشروعة المفيدة، المحققة للغرض، والتي تكفل الله بإجابة الداعي بها إذا توفرت شروط الدعاء المقبول وهي الإخلاص، الطعام والشراب الحلال، عدم الدعاء بإثم أو بقطيعة رحم وعدم استبطاء الإجابة .

والتوسل المشروع عند الدعاء، الذي دلت عليه نصوص القرآن والسنة وجرى عليه عمل السلف الصالح وأجمع عليه المسلمون ثلاثة أنواع وهي :

الأول : التوسل إلي الله باسم من أسمائه الحسنى أو صفة من صفاتة :

كأن يقول المسلم في دعائه : اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم، اللطيف الخبير أن تعافيني . أو يقول : الهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي .

ودليل مشروعة هذا التوسل عند الدعاء ما يلي :

قوله تعالى : وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) ( الأعراف :180 )

وما ذكره الله تعالى من دعاء سليمان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث قال : رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ) (النمل : 19 )

روى النسائي من حديث عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو بِهِ اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي ) ( حديث صحيح ) ( صحيح النسائي جـ3 صـ54)

روى مسلم عن عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي . ( مسلم جـ4 حديث 2717 )

روى الترمذي عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ ) ( حديث حسن ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2796)

الثاني : التوسل إلي الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي :

كأن يقول الداعي : اللهم بإيماني بك، ومحبتي لك، وإِتباعي لرسولك محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، اغفر لي واعف عني . أو يقول : اللهم إني أسألك بحبي لنبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإيماني به أن تفرج عني همي . وكذلك بأن يذكر الداعي عملاً صالحاً قام به لوجه الله تعالى، فيه خوفه من الله، وتقواه إياه، وإيثاره رضاه على كل شيء ليكون أرجى من لقبوله وإجابته .

ويدل على مشروعية هذا التوسل قوله تعالى : (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ( آل عمران : 16 )

وقوله سبحانه : رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) ( آل عمران : 53 )

وقوله جل شأنه : رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ) ( آل عمران : 193 : 194 )

وقوله سبحانه : إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) ( المؤمنون : 109 )

روى الشيخان عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْغَارَ فَقَالُوا إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ )

وفي رواية لمسلم : فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ فَادْعُوا اللَّهَ تَعَالَى بِهَا لَعَلَّ اللَّهَ يَفْرُجُهَا عَنْكُمْ ) ( البخاري حديث 2272 / مسلم حديث 2743 )

الثالث : التوسل إلي الله بدعاء الرجل الصالح الحي :

كأن يقع المسلم في ضيق شديد، أو تحل به مصيبة كبيرة، ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تعالى، فيذهب إلى رجل، على قيد الحياة، يعتقد فيه الصلاح والتقوى، والفضل والعلم بالكتاب والسنة، فيطلب منه أن يدعوالله له ليفرج عنه كربه، ويزيل عنه همه، وهذا النوع قد ثبت في السنة المطهرة .

روى الشيخان عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ وِجَاهَ الْمِنْبَرِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْمَوَاشِي وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا اللَّهُمَّ اسْقِنَا اللَّهُمَّ اسْقِنَا قَالَ أَنَسُ وَلَا وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةً وَلَا شَيْئًا وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ قَالَ فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ فَلَمَّا تَوَسَّطَتْ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ ) ( البخاري حديث 1013 / مسلم حديث 897 )

روى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا قَالَ فَيُسْقَوْنَ ) ( البخاري حديث 1010 )

روى ابن عساكر بسند صحيح عن التابعي الجليل سليم بن عامر الحبائري : أن السماء قحطت فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون فلما قعد معاوية على المنبر قال : أين يزيد بن الأسود الجرشي ؟ فناداه الناس فأقبل يتخطى الناس فأمره معاوية فصعد على المنبر فقعد عند رجليه فقال معاوية : اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا، اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بيزيد بن الأسود الجرشي يا زيد : إرفع يديك إلى الله فرفع يديه ورفع الناس أيديهم فما كان أوشك أن ثارت سحابة في الغرب كأنها ترس، وهبت لها ريح فسقتنا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم ) ( التوسل للألباني صـ41 )

ثانياً : التوسل الممنوع :

يجب على كل مسلم أن يعلم أن الدعاء عبادة خاصة به سبحانه وحده، فإذا صُرف هذا الدعاء إلي غير الله فقد اصطدم بالتوحيد الذي أرسل الله من أجله الرسل وأنزل الكتب، و يمكن أن نوجز أنواع التوسل الممنوع ما يلي :

الأول : التوسل بالأموات من الأنبياء والصالحين :

إن دعاء الأموات الصالحين لقضاء الحوائج هو الشرك الذي نهى عنه الله تعالى ورسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- . فلا يجوز الاستغاثة بهم ولا النذر لهم، فإن الميت قد انقطع عمله، ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا يملك لنفسه موتاً ولا حياة ولا نشورا .

 قال الله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ * إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ * وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ) (الأعراف : 194 : 197 ) فمن قال : يا رسول الله : أغثني أو قال: يا رسول الله فرج عني كربي أو قال: يا سيدي فلان انصرني أو نحو ذلك من الأقوال، فقد أشرك بالله العظيم .

الثاني : التوسل باتخاذ الأموات من الأنبياء والصالحين شفعاء عند الله :

يجب أن يكون من المعلوم انه لا واسطة ولا شفاعة في الدعاء بين العبد وخالقه سبحانه وتعالى، ولذا قال سبحانه : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) ( البقرة : 186 )

ولقد عاب الله تعالى على أهل الجاهلية اتخاذهم الأصنام وسيلة إليه سبحانه الله . قال تعالى حكاية عن أهل الجاهلية : مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) ( الزمر : 3 )

وقال أيضاً : هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) ( يونس : 101 )

الثالث : التوسل إلي اله بجاه أو حق أحد من الصالحين :

إن جاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومنزلته عند الله أعظم من جاه جميع الأنبياء والمرسلين، ومع ذلك لا يجوز لنا أن نتوسل به إلي الله تعالى لعد م ثبوت الأمر به عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان . وأما ما يرويه بعض الناس بلفظ إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم . فهذا باطل، ولا أصل له في شيء من كتب الحديث وإنما يرويه بعض الجهال بالسنة . ( التوسل للألباني صـ118 : صـ120 )

ولا يجوز التوسل إلي الله تعالى بحق أحد من الخَلقْ، وكل ما ورد في ذلك أحاديث لا تقوم بها حجة عند أهل الحديث . ( التوسل للألباني صـ94 : صـ102 )

إن التوسل بحق أحد من الناس لم يثبت عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان .

الرابع : التوسل والدعاء عند قبور الأولياء والصالحين :

لا يجوز الدعاء عند قبور الصالحين لأن هذا مما نهى عنه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحذر منه أمته .

روى أحمد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال « اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِى وَثَناً، لَعَنَ اللَّهُ قَوْماً اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ . ( حديث صحيح ) ( مسند أحمد جـ2 صـ246)

روى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ . ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 1796 )

شروط إجابة الدعاء :

هناك شروطاً يجب توفرها حتى يكون الدعاء مستجاباً عند الله تعالى ويمكن أن نوجز شروط إجابة الدعاء فيما يلي :

1-     الإخلاص في الدعاء :

قا ل الله تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ . ( البينة : 5 )

روى البخاري عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى . ( البخاري حديث 1 )

2-     المأكل والمشرب والملبس الحلال :

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ

{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } وَقَالَ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } ( المؤمنون : 51 ) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ . ( مسلم حديث 1015 )

3-     عدم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم :

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ قَالَ يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ ( أي يسأم ) عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ . ( مسلم جـ4 – كتاب الذكر والدعاء حديث 92 )

4-     أن يوقن العبد بإجابة الله تعالى لدعائه :

روى أحمد والبخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا إِذًا نُكْثِرُ قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ . ( حديث صحيح ) ( مسند أحمد جـ3 صـ18 / صحيح الأدب المفرد للألباني رقم 547)

قال اِبْن الْجَوْزِيّ :

اِعْلَمْ أَنَّ دُعَاء الْمُؤْمِن لَا يُرَدّ، غَيْر أَنَّهُ قَدْ يَكُون الْأَوْلَى لَهُ تَأْخِير الْإِجَابَة أَوْ يُعَوَّض بِمَا هُوَ أَوْلَى لَهُ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ لَا يَتْرُك الطَّلَب مِنْ رَبّه فَإِنَّهُ مُتَعَبِّد بِالدُّعَاءِ كَمَا هُوَ مُتَعَبِّد بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيض . ( فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ11 صـ145 )

5-     أن يكون الدعاء بالأمور الجائزة شرعاً :

فلا يجوز للعبد أن يدعو بأن تكون له منزلة نبي من الأنبياء ونحو ذلك من الأشياء المحالة شرعاً، كأن يدعو الله بأن تكون له أجنحة كالطير يسبح في الهواء .

آفات إجابة الدعاء :

إن عكس هذه الشروط الخمسة لإجابة الدعاء هي الآفات التي تمنع استجابة الله لدعاء الناس، فعلينا أن نحذر جميعاً من هذه الأسباب التي تمنع إجابة الله لدعائنا .

آداب الدعاء :

إن للدعاء آداب ينبغي للداعي أن يضع نصب عينه عليها حتى يكون الدعاء أرجى قبولاً عند الله تعالى، ويمكن أن نوجز آداب الدعاء فيما يلي :

1-الإخلاص لله تعالى .

2-الاعتراف بالذنب والتقصير في العبادة .

3-تجنب الحرام في المأكل والمشرب والملبس .

4-التوبة النصوح ورد المظالم إلي أهلها .

5-الوضوء .

6-استقبال القبلة .

7-رفع اليدين متذللاً لله تعالى .

8-البدء بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .

9-تكرار الدعاء ثلاثاً .

10-حضور القلب مع التضرع والخشوع والرغبة والرهبة .

11-الدعاء بجوامع الكلم من القرآن والسنة المطهرة .

12-عدم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم .

13-خفض الصوت بين المخافتة والجهر .

14-عدم استعجال الإجابة .

15-التوسل إلي الله بالأعمال الصالحة .

16-أن يجزم الدعاء ويوقن بالإجابة .

17-تحري أوقات الإجابة .

18-عدم تكلف السجع في الدعاء، فإن حال الداعي ينبغي أن يكون حال متضرع .

19-التوسل إلي الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلية وبالأعمال الصالحة .

20-أن يختم الدعاء بالصلاة والسلام على النبي صلى الهي عليه وسلم .

21-قول آمين عقب الدعاء .

( إحياء علوم الدين للغزالي جـ1 صـ471 : صـ478 )

( الجواب الكافي لابن القيم صـ19 )

( تحفة الذاكرين للشوكاني صـ55 : صـ62 )

فوائد إخفاء الدعاء :

لقد أمر الله تعالى بإخفاء الدعاء حيث قال سبحانه : ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) ( الأعراف : 55 : 56 )

قال الحسن البصري :

بين دعوة السر ودعوة العلانية سبعون صنفاً . ( بدائع الفوئد جـ3 صـ6 ) ( التفسير القيم لابن القيم صـ245 )

وقال عبد الله بن المبارك :

لقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يسمع لهم صوت، إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم. ( تفسير الطبري جـ8 صـ206 )

وذلك أن الله تعالى يقول : ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) وذلك أن الله ذكر عبداً صالحاً فرض فعله.

قال تعالى : كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا . ( مريم : 1 : 3 )

قال ابن القيم :

وفي إخفاء الدعاء فوائد عديدة :

  • أنه أعظم إيماناً، لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع دعاءه الخفي.
  • انه أعظم في الأدب والتعظيم . ولهذا لا تُخاطب الملوك ولا تُسأل برفع الصوت، وإنما تخفض عندهم الأصوات، ويخف عندهم الكلام بمقدار ما يسمعونه. ومن رفع صوته لديهم مقتوه، ولله المثل الأعلى، فإذا كان ربنا يسمع الدعاء الخفي، فلا يليق بالأدب بين يديه إلا خفض الصوت به .
  • أنه أبلغ في التضرع والخشوع الذي هو روح الدعاء ومقصوده فإن الخاشع الذليل الضارع، يسأل مسألة المسكين الذليل، الذي انكسر قلبه وذلت جوارحه وخشع صوته، وهذه الحالة لا يناسبها رفع الصوت بالدعاء .
  • أنه أبلغ في الإخلاص لله تعالى .
  • أنه أبلغ في جمع القلب على الله في الدعاء، فإن رفع الصوت يفرقه ويشتته .
  • أنه دال على قرب الداعي من الله تعالى .
  • أنه أدعى إلي دوام الطلب والسؤال، فإن اللسان لا يمل والجوارح لا تتعب، بخلاف ما إذا رفع صوته فإنه قد يكلُ لسانه وتضعف قواه .
  • أن إخفاء الدعاء أبعد له من القواطع والمشوشات والمضعفات فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يدر به أحد فلا يحصل له هناك تشويش ولا غيره، وإذا جهر بالدعاء، تنبهت له الأرواح الشريرة الخبيثة من الجن والإنس فشوشت عليه ولا بد، وما نعته وعارضته .
  • أن أهظم نعم إخفاء الدعاء هو الإقبال على الله والتعبد له والانقطاع إليه والتبتل إليه، ولا نعمة أعظم من هذه النعمة فيجب عليه إخفائها عن أعين الحاسدين له .
  • أن الدعاء هو ذكر للمدعو سبحانه، متضمن للطلب منه والثناء عليه بأسمائه وأوصافه، فهو ذكر وزياة، كما أن الذكر سُمي دعاء لتضمنه الطلب . فكان إخفاء الدعاء أبلغ من الجهر به.

( بدائع الفوائد لابن القيم جـ3 صـ6 : صـ10 )

الاعتداء في الدعاء :

روى أبو داود عَنْ أَبِي نَعَامَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ سَمِعَ ابْنَهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُهَا فَقَالَ أَيْ بُنَيَّ سَلْ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَتَعَوَّذْ بِهِ مِنْ النَّارِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطَّهُورِ وَالدُّعَاءِ . (حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 87 )

قال الإمام القرطبي :

والاعتداء في الدعاء على وجوه : منها : الجهر الكثير والصياح ومنها أن يدعو الإنسان في أن تكون له منزلة نبي، أو يدعو في محال، ونحو هذا من الشطط، ومنها أن يدعو طالباً معصية غير ذلك، ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسُنَّة، فيتخير ألفاظاً مفقرة وكلمات مسجَّعة، قد وجدها في كراريس لا أصل لها ولا معول عليها، فيجعلها شعاره ويترك ما دعا به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكل هذا يمنع من استجابة الدعاء . ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ7 صـ219 )

أوقات إجابة الدعاء :

هناك أوقات كثيرة لإجابة الدعاء، يمكن أن نجملها فيما يلي:

1-     جوف الليل وعقب الصلوات المفروضة :

روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ . ( الخاري حديث 1145 / مسلم حديث 758 )

روى الترمذي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ قَالَ جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ . ( حديث حسن ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2782 )

روى مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ

سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ . ( مسلم جـ1 حديث 757 )

2-     بين الأذان والإقامة :

روى أبو داود عَنْ أَبِي إِيَاسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ . ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 489 )

روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ . ( البخاري حديث 614 )

3-     عند نزول المطر :

روى الحاكم عن سهل بن سعد أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء و تحت المطر .( حديث حسن ) ( صحيح الجامع للألباني جـ1 حديث 3078 )

4-     ليلة القدر :

روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ . ( البخاري حديث 2014 / مسلم حديث 760 )

روى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا قَالَ قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي. ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2789 )

5-     يوم عرفة :

روى الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . ( حديث حسن ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2837 )

6-     عند الصوم والسفر :

روى البيهقي عن أبي هريرة، قال : قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : « ثلاث دعوات مستجابات دعوة الصائم ودعوة المظلوم ودعوة المسافر . ( حديث صحيح ) ( صحيح الجامع للألباني حديث 3030 )

7-     عند السجود :

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ . ( مسلم حديث 482 )

8-     يوم الجمعة :

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ . ( مسلم – كتاب الجمعة – حديث 15 )

9-     عند قتال أعداء الإسلام :

روى الطبراني عن سَهل بن سعد، سعد أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : سَاعَتَانِ يُفتَحُ لَهُمَا أَبوَابُ السمَاءِ، وَقَلما تُرَد على دَاعٍ دَعوَتُهُ : لحضورالصلاَةِ، وَالصف فِي سَبِيلِ الله .( حديث صحيح ) ( صحيح الجامع للألباني جـ1 رقم 3587 )

روى أبو داود عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثِنْتَانِ لَا تُرَدَّانِ أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ وَعِنْدَ الْبَأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا . ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 2215 )

10-   عند الشرب من ماء زمزم :

روى أحمد عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ( حديث صحيح ) ( صحيح الجامع للألباني جـ2 حديث 5502 )

11-   عند صياح الديكة :

روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا . ( البخاري حديث 3303 / مسلم حديث 2729 )

قَالَ القاضي عِيَاض : كَانَ السَّبَب فِيهِ رَجَاء تَأْمِين الْمَلَائِكَة عَلَى دُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارهمْ لَهُ وَشَهَادَتهمْ لَهُ بِالْإِخْلَاصِ . ( فتح الباري جـ6 صـ406 )

12-   عقب قراءة القرآن :

روى الترمذي عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَاصٍّ يَقْرَأُ ثُمَّ سَأَلَ فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلْ اللَّهَ بِهِ فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ . ( حديث حسن ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2330 )

13-   عند القلق ليلاً :

روى البخاري عن عُبَادَة بْن الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ . ( البخاري حديث 1154 )

14-   عقب الوضوء :

روى الترمذي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ. (حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي جـ1 حديث 48 )

15-   عند اجتماع المسلمين :

روى البخاري عَنْ أُمُّ عَطِيَّةَ أن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: لِيَخْرُجْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ وَالْحُيَّضُ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ. ( البخاري حديث 980 )

16-   الدعاء عقب التشهد الأخير في الصلاة :

روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود – وذلك في معرض تعليم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحابه، كيفية التشهد في الصلاة، أن النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِي السَّمَاءِ أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو . ( البخاري حديث 835 / مسلم حديث 402 )

17-   الدعاء عند حضور المريض :

روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا أَوْ أُتِيَ بِهِ قَالَ أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا . ( البخاري حديث 5743 / مسلم حديث 2191 )

18-   عند حضور الميت :

روى مسلم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ فَقَالَ لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ . ( مسلم حديث 920 )

أصحاب الدعاء المستجاب :

1-البار بوالديه :

روى الشيخان عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، من حديث أصحاب الغار، أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ وَكُنْتُ لَا أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا وَلَا مَالًا فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ منه .

( البخاري حديث 2272 / مسلم حديث 2743 )

روى ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ . ( حديث حسن ) ( صحيح ابن ماجه للألباني جـ2 حديث 2953 )

2-المسلم لأخيه بظهر الغيب :

روى مسلم عَنْ أُم الدَّرْدَاء أن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ . ( مسلم حديث 2733 )

3-المظلوم :

روى مسلم عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ . ( مسلم حديث 19 )

روى الطبراني عن خزيمة بن ثابت أن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام يقول الله : و عزتي و جلالي لأنصرنك و لو بعد حين .

( حديث صحيح ) (صحيح الجامع للألباني حديث 117 )

روى أبو داود الطياليسي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : دعوة المظلوم مستجابة و إن كان فاجرا ففجوره على نفسه . ( حديث حسن ) ( صحيح الجامع للألباني حديث 3382 )

4-الآباء الصالحون :

روى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْوَالِدِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ . ( حديث حسن ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 1359 )

5-الإمام العادل :

روى البيهقي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : ثلاثة لا يُردُّ دعاءَهم : الذاكرين الله كثيراً، والمظلوم، والإمام المقسط . ( حديث حسن ) ( صحيح الجامع للألباني حديث 3064 )

6- الصائم والمسافر :

روى البيهقي عن أبي هريرة، قال : قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : « ثلاث دعوات مستجابات دعوة الصائم ودعوة المظلوم ودعوة المسافر . ( حديث صحيح ) ( صحيح الجامع للألباني حديث 3030 )

7-المشرك إذا أخلص الدعاء لله تعالى :

قال الله تعالى : هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . ( يونس : 22 : 23 )

وقال سبحانه : فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ . ( العنكبوت : 65 : 66 )

وقال تعالى : أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ . ( النمل : 62 )

وقال جَلَّ شأنه : وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا . ( الإسراء : 67 )

وقال سبحانه : وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . ( يونس : 12 )

نماذج من إجابة الدعاء :

1-إجابة دعاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على بعض المشركين :

روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثُمَّ سَمَّى اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ لَعْنَةً. ( البخاري حديث 520 )

2- إجابة دعاء سعد بن زيد :

روى مسلم عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ أَنَّ أَرْوَى خَاصَمَتْهُ فِي بَعْضِ دَارِهِ فَقَالَ دَعُوهَا وَإِيَّاهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَأَعْمِ بَصَرَهَا وَاجْعَلْ قَبْرَهَا فِي دَارِهَا قَالَ فَرَأَيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الْجُدُرَ تَقُولُ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشِي فِي الدَّارِ مَرَّتْ عَلَى بِئْرٍ فِي الدَّارِ فَوَقَعَتْ فِيهَا فَكَانَتْ قَبْرَهَا . ( مسلم – كتاب المساقاة حديث 138 )

3- إجابة دعاء سعد بن أبي وقاص :

روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ شَكَا أَهْلُ الْكُوفَةِ سَعْدًا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَزَلَهُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارًا فَشَكَوْا حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ إِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لَا تُحْسِنُ تُصَلِّي قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا أَخْرِمُ عَنْهَا أُصَلِّي صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَأَرْكُدُ فِي الْأُولَيَيْنِ وَأُخِفُّ فِي الْأُخْرَيَيْنِ قَالَ ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلًا أَوْ رِجَالًا إِلَى الْكُوفَةِ فَسَأَلَ عَنْهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إِلَّا سَأَلَ عَنْهُ وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَنِي عَبْسٍ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ قَالَ أَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا فَإِنَّ سَعْدًا كَانَ لَا يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ وَلَا يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يَعْدِلُ فِي الْقَضِيَّةِ قَالَ سَعْدٌ أَمَا وَاللَّهِ لَأَدْعُوَنَّ بِثَلَاثٍ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَأَطِلْ عُمْرَهُ وَأَطِلْ فَقْرَهُ وَعَرِّضْهُ بِالْفِتَنِ وَكَانَ بَعْدُ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنْ الْكِبَرِ وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ . ( البخاري حديث 755 )

4- دعوة جريج :

روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ عِيسَى وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ كَانَ يُصَلِّي جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي فَقَالَتْ اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ مِنْ جُرَيْجٍ فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ قَالَ الرَّاعِي قَالُوا نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ . ( البخاري حديث 3436 )

وخناماً :

نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به طلاب العلم في كل مكان .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين .