بسم الله الرحمن الرحيم
التقديم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . وبعد :
فإن الله عز وجل فرض على عباده فرائض وأمرهم أن يعبدوه وحده بها وهي تطهر النفس وتزكي الروح وترفع درجات العابد عند ربه ومولاه ومن هذه العبادات فريضة الحج التي فرضها الله على المستطيعين من عباده كما قال تعالى 🙁 وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) ( آل عمران : 97)
ويجب مرة واحدة في العمر لحديث أبي هريرة رضي الله عنه في مسلم قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ: ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ.
ويجب على العباد معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بسائر العبادات ليقوموا بها بين يدي الله عز وجل كما شرعها في كتابه ، وكما بينها نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سنته .
وعليه أقول لمن أراد الحج والعمرة : يجب عليك أن لا تخرج من بيتك حتى تتعلم وتعرف الأحكام المتعلقة بهذا الركن العظيم من أركان الإسلام وقد سأل إبراهيم وإسماعيل ربهما بيان الأحكام الشرعية الواجبة عليهما فيه ليقوما بها لله كما أراد وشرع .
قال تعالى 🙁 وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) (البقرة 128:127 )
وقد حج النبي بأمته وعلمهم مناسك الحج التي أنزلها الله عليه وأمر أمته بالأخذ عنه والاهتداء بهديه فقال لهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خذوا عني مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا .
وقد قام الأخ الشيخ / صلاح نجيب الدق بكتابة كلمات في فقه الحج والعمرة معتمداً على ما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله ، وهو جهد منه مشكور يساهم في الوقوف على المهم والنافع في هذه الشعيرة العظيمة ، فجزاه الله خيراً، وقد احتوت هذه الرسالة على صغر حجمها على توجيه لطيف في الاستعداد لرحلة الحج والعمرة ، وذلك بالتوبة والإخلاص وتقوى الله وغير ذلك ، وختمها بذكر ملخص للعمرة والحج ، نفع الله بها وأثاب كاتبها عليها .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
كتبه
الدكتور / عبد الله شاكر الجنيدي
الرئيس العام لجماعة أنصار السُّنة المحمدية بجمهورية مصر العربية
الحج
الحج لغة : القصد . قال الخليل بن أحمد : الحج كثرة القصد إلى من تعظمه .
والحج شرعاًَ : القصد إلى البيت الحرام والمشاعر المقدسة لأداء أعمال مخصوصة في وقت مخصوص . ( فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ4 صـ442 )
حُكم الحج :
الحج فريضة على كل مسلم ، بالغ ، عاقل ، حر ، قادر على الذهاب لأداء مناسك الحج ، وذلك بدليل الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة .
يقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) ( آل عمران : 98 ) وقال تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) ( البقرة : 196 )
روى الشيخانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ .( البخاري حديث 8 / مسلم حديث 16 )
وروى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ . ( مسلم حديث 1337 )
وأجمعت الأمة على وجوب الحج في العمر مرة واحدة . ( المغني لابن قدامة جـ5 صـ6 )
كيفية الاستطاعة لأداء مناسك الحج :
الاستطاعة تتحقق بالصحة وملك ما يكفي المسلم لذهابه وعودته من المشاعر المقدسة ، فاضلاًَ عن حاجة من تلزمه نفقته وبأمن الطريق مع وجود محرم بالنسبة للمرأة ، فإذا لم تجد محرماًَ فليست بمستطيعة .( المغني لابن قدامة جـ5 صـ30 : صـ32 )
فتوى دار الإفتاء المصرية بخصوص حج المرأة بدون محرم معها :
لا يجب الحج على المرأة إلا إذا كان معها زوجها أو ذو محرم لها ، بالغ ، عاقل ، ولا يحل لها أن تحج بدون ذلك، وإذا حجت بدون محرم كانت آثمة وحجها صحيح . ( فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ1 فتوى رقم 43 صـ132 : صـ133 )
حُكم حج الصبي والعبد :
لا يجب الحج على الصبي ولا العبد ولكن إذا حجا ، صح حجهما ولا يجزئهما عن الفريضة إذا بلغ الصبي أو أعتق العبد .
روى مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:إنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ صَبِيًّا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ .( مسلم حديث 1336 )
وروى البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه حجة أخرى و أيما أعرابيٌ حج ثم هاجر فعليه أن يحج حجة أخرى وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى .
( حديث صحيح ) ( إرواء الغليل للألباني جـ4 حديث 986 )
العُمْرة
العمرة لغة : الزيارة .
العمرة شرعاً : زيارة البيت الحرام للطواف حوله والسعي بين الصفا والمروة وحلق شعر الرأس أو تقصيره .
( فقه السنة للسيد سابق جـ2 صـ278 )
العمرة سنة مؤكدة ، وليست واجبة ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وأحد قولي الشافعي ورواية عن أحمد ، ورجحه ابن تيمية والصنعاني ، والشوكاني ، وغيرهم من أهل العلم رحمهم الله جميعاً .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وَالْعُمْرَةُ فِي وُجُوبِهَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ هُمَا قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمَا وُجُوبُهَا . وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا تَجِبُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ . وَهَذَا الْقَوْلُ أَرْجَحُ فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا أَوْجَبَ الْحَجَّ بِقَوْلِهِ : [ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ]ولَمْ يُوجِبْ الْعُمْرَةَ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ إتْمَامَهُمَا . فَأَوْجَبَ إتْمَامَهُمَا لِمَنْ شَرَعَ فِيهِمَا وَفِي الِابْتِدَاءِ إنَّمَا أَوْجَبَ الْحَجَّ . وَهَكَذَا سَائِرُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ لَيْسَ فِيهَا إلَّا إيجَابُ الْحَجِّ وَلِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَيْسَ فِيهَا جِنْسُ غَيْرِ مَا فِي الْحَجِّ فَإِنَّهَا إحْرَامٌ وَإِحْلَالٌ وَطَوَافٌ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي الْحَجِّ . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَفْعَالُ الْحَجِّ لَمْ يَفْرِضْ اللَّهُ مِنْهَا شَيْئًا مَرَّتَيْنِ فَلَمْ يَفْرِضْ وَقْتَيْنِ وَلَا طَوَافَيْنِ وَلَا سعيين وَلَا فَرَضَ الْحَجَّ مَرَّتَيْنِ . ( مجموع فتاوى ابن تيمية جـ26 صـ5 : صـ9 )
وقال الصنعاني :
بعد أن ذكر اختلاف العلماء في وجوب العمرة أو عدم وجوبها : الْأَدِلَّةُ لَا تَنْهَضُ عِنْدَ التَّحْقِيقِ عَلَى الْإِيجَابِ الَّذِي الْأَصْلُ عَدَمُهُ . ( سبل السلام للصنعاني جـ2 صـ602 )
وقال الشوكاني :
بعد أن ذكر اختلاف العلماء في وجوب العمرة أو عدم وجوبها : (وَالْحَقُّ عَدَمُ وُجُوبِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ الْأَصْلِيَّةَ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَّا بِدَلِيلٍ يَثْبُتُ بِهِ التَّكْلِيفُ ، وَلَا دَلِيلَ يَصْلُحُ لِذَلِكَ لَا سِيَّمَا مَعَ اعْتِضَادِهَا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ .
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ اقْتِصَارُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْحَجِّ فِي حَدِيثِ : [ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ ] وَاقْتِصَارُ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ عَلَى الْحَجِّ فِي قَوْله تَعَالَى : [ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ] وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : [ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ] فَلَفْظُ التَّمَامِ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَا قَبْلَهُ .
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَهْلُ السُّنَنِ وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ : [ جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةَِ عَلَيْهِ جُبَّةٌ وَعَلَيْهَا خَلُوقٌ فَقَالَ : كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِي ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْآيَةَ ] .فَهَذَا السَّبَبُ فِي نُزُولِ الْآيَةِ ، وَالسَّائِلُ قَدْ كَانَ أَحْرَمَ وَإِنَّمَا سَأَلَ كَيْفَ يَصْنَعُ ” . ( نيل الأوطار للشوكاني جـ4 صـ405 )
حُكم الحج عن الغير :
من كانت لديه القدرة المالية التي تغطي تكاليف الحج ولكنه عجز عنه بسبب كبر سن أو مرض لا يُرجى الشفاء منه يمنعه من السفر أو من أداء مناسك الحج ، فإنه يلزمه أن يقيم من يحج عنه من ماله ، فإن قدر الله لهذا المريض الشفاء ، أجزأته هذه الحجة عن حجة الإسلام .
روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ فَقَالَتْ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ . (البخاري حديث 1855 / مسلم حديث 1334 )
شروط الحج عن الغير :
يُشترط في من ينوب عن غيره بالحج أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه أولاً ويجوز أن يحج الرجل عن المرأة وأن تحج المرأة عن الرجل .
روى أبو داودَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ قَالَ مَنْ شُبْرُمَةُ قَالَ أَخٌ لِي أَوْ قَرِيبٌ لِي قَالَ حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ قَالَ لَا قَالَ حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ . ( حديث صحيح ) (صحيح أبي داود للألباني حديث 1596 )
من ملك القدرة المالية والجسمية ولكنه مات قبل أن يحج جاز أن يحج أحد نيابة عنه ، على أن تكاليف رحلة الحج من رأس مال الميت ويكون الحج مقدماً على ديون الناس .
روى النسائيُّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَمَرَتْ امْرَأَةٌ سِنَانَ بْنَ سَلَمَةَ الْجُهَنِيَّ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ أُمَّهَا مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ أَفَيُجْزِئُ عَنْ أُمِّهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّهَا دَيْنٌ فَقَضَتْهُ عَنْهَا أَلَمْ يَكُنْ يُجْزِئُ عَنْهَا فَلْتَحُجَّ عَنْ أُمِّهَا . (حديث صحيح ) ( صحيح النسائي للألباني جـ2 صـ 241 ) ( مسلم حديث 1149 )
كيف نستعد لرحلة الحج والعمرة ؟
يمكن أن نجمل كيفية الاستعداد لأداء مناسك الحج والعمرة بالأمور الآتية :
(1) إخلاص العمل لله تعالى :
يجب على المسلم أن يعلم أن إخلاص العمل لله ومتابعة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هما أساس قبول أي عمل ولذا يجب عليه أن يجعل رحلة الحج أو العمرة خالصة لوجه الله سبحانه ، لا يريد بذلك رياء ولا لقباً بين الناس لأن ذلك محبط للأعمال الصالحة ، يقول الله سبحانه وتعالى : (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) ( البينة : 5 )
ويقول سبحانه : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) ( الزمر : 65 : 66 )
روى الشيخانِ عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ
قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى . ( البخاري حديث 1 / مسلم حديث 1907 )
(2) المبادرة إلى التوبة النصوح :
يجب على المسلم أن يبادر بالتوبة النصوح في كل وقت وخاصة عند أداء الحج أو العمرة لأنه لا يدري هل يمد الله تعالى له في عمره بعد هذه الرحلة الربانية أم ينتهي أجله وهو يؤدي المناسك ، وهذه التوبة تكون من جميع الذنوب صغيرها وكبيرها ،. لقوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( النور : 31)
وحقيقة التوبة :
تكون بالإقلاع عن المعصية والندم على فعلها والعزم على عدم العودة إليها هذا إن كانت المعصية في حق الله تعالى ، وأما إن كانت في حق الناس فإنه يضاف إلى ما سبق رد المظالم إل أهلها وطلب السماح والعفو ممن أخطأ في حقهم . ( رياض الصالحين صـ16 : صـ17 )
روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ . ( البخاري حديث 6534 )
(3) اختيار المال الحلال :
إن أفضل ما ينفق فيه المسلم الأموال هو إنفاقها فيما يرضى الله تعالى الذي وعدنا بإخلاف النفقة والبركة في الرزق ، ويقول الله تعالى : (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) ( سبأ : 39 )
ولذا يجب على المسلم أن يختار لحجه وعمرته المال الحلال ، البعيد عن الشبهات وذلك لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا . والله تعالى لا يقبل من الصدقات إلا ما كان من مال طيب حلال ولا يقبل من الأقوال إلا ما كان طيباً .
يقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) ( البقرة : 172 )
(4) الوصية بتقوى الله في السر والعلانية :
يجب على المسلم أن يوصي نفسه وأهله دائماً بتقوى الله تعالى واجتناب معاصيه وخاصة عند السفر لأداء مناسك الحج والعمرة فإنه لا يدري هل يعود إليهم مرة أخرى أم لا ؟ وتقوى الله تعالى هي وصية الله سبحانه للأولين والآخرين من بني آدم ، . يقول الله تعالى في كتابه العزيز : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ) ( النساء : 131 )
وتقوى الله تعالى هي السبيل إلى جنة عرضها السموات والأرض فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
(5) وجوب معرفة مناسك الحج والعمرة :
إن تعلم مناسك الحج والعمرة فرض على كل من ذهب لأداء هذه المناسك لأن الله تعالى لا يعبد إلا بما شرع ، وعلى المسلم دائماً أن يحرص على سؤال أهل العلم فيما خفي عليه من المناسك حتى لا يقع فيما يبطل حجه أو عمرته .
فضل الحج والعمرة :
لقد جاء في فضل الحج والعمرة أحاديث كثيرة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ . ( البخاري حديث 1521 / مسلم حديث 1350 )
روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ . ( البخاري حديث 1519 / مسلم حديث 83 )
روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَفَلَا نُجَاهِدُ قَالَ لَا لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ .( البخاري حديث 1250 )
روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ . ( البخاري حديث 1773 / مسلم حديث 1349 )
روى الشيخان عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حَجَّتِهِ قَالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الْأَنْصَارِيَّةِ مَا مَنَعَكِ مِنْ الْحَجِّ قَالَتْ أَبُو فُلَانٍ تَعْنِي زَوْجَهَا كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ يَسْقِي أَرْضًا لَنَا قَالَ فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي ( أي تعدل ) حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي . ( البخاري حديث 1863 / مسلم – الحج 222)
روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ . ( حديث حسن صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 650 )
روى البزار عن جابر بن عبد الله أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال الحجاج و العمار وفد الله دعاهم فأجابوه و سألوه فأعطاهم . ( حديث حسن ) صحيح الجامع للألباني حديث 3173 )
مواقيت الحج والعمرة :
المواقيت : جمع ميقات ، وهو ما حُدد ووقِّتَ للعبادة من زمان ومكان . وللحج مواقيت زمانية ومكانية ، سوف نتحدث عنها بإيجاز :
المواقيت الزمانية :
إن العمرة ليس لها ميقات زماني ، ويمكن الإحرام بها في أي وقت من العام وأما بالنسبة للحج فله ميقات زماني ولا يصح إلا فيه . يقول الله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) ( البقرة : 197 )
قال البخاري : قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ . ( البخاري – كتاب الحج باب 33 )
المواقيت المكانية :
هي الأماكن التي حددها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للإحرام منها لكل من أراد الحج والعمرة ولا يجوز أن يتجاوزها بغير إحرام ، ومن تجاوزها بغير إحرام وجب عليه أن يعود إليها ويُحرم منها وإلا وجب عليه ذبح شاة وتوزيعها على فقراء الحرم ولا يأكل منها .
وهذه المواقيت المكانية كما يلي :
ميقات أهل المدينة : ذو الحليفة ويُسمى الآن أبيار علي .
ميقات أهل الشام ومصر : الجُحفة ، وهي قرية قديمة قد خربت ، فصار الناس يحرمون من رابغ .
ميقات أهل اليمن : يلملم .
ميقات أهل نجد :
قُرْن المنازل ويسمى الآن السيل .
ميقات أهل العراق : ذات عرق ويُسمى الآن الضريبة .
روى الشيخان عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا . ( البخاري حديث 1526 / مسلم حديث 1181 )
روى البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا قَالَ فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ . ( البخاري حديث 1526 / مسلم حديث 1811 )
روى أبو داود عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ . (حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 135 )
أنواع الإحرام :
يجب أن يكون من المعلوم أن الإحرام على ثلاثة أنواع وهي : الإفراد – القران – التمتع ، وسوف نتحدث عن كل منها بشيء من الإيجاز :
الإفراد :
هو أن يحرم من يريد الحج من الميقات بالحج وحده ، فيقول عند التلبية لبيك بحج ، ويبقى على إحرامه حتى يحل بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد ولا يلزمه هدي .
القران :
هو أن يحرم بالحج والعمرة معاً من الميقات ، فيقول عند التلبية ( لبيك بحج وعمرة ) ويظل على إحرامه حتى ينتهي من أعمال الحج والعمرة معاً .
ويكفي القارن لحجه وعمرته طواف واحد ( وهو طواف الإفاضة ) وسعي واحد ، ويلزمه هدي .
التمتع :
هو أن يعتمر في أشهر الحج وهي ( شوال ، وذو القعدة ، وعشر من ذي الحجة ) ، فيقول عند الميقات ( لبيك بعمرة ) فإذا وصل إلى مكة ، طاف وسعى للعمرة ثم حلق أو قصر شعره ثم يحل من إحرامه ويرتدي ملابسه العادية ويظل هكذا إلى يوم التروية ( وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ) فيحرم من مكانه بالحج وحده قائلاً لبيك بحج ، ويبقى على إحرامه حتى يحل بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد ويلزمه هدي .
(المنهج لابن عثمين صـ14 : صـ16 ) ( فقه السنة للسيد سابق جـ2 صـ188 : صـ189 )
تنبيه هام :
لا يجب الهدي على القارن والمتمتع من أهل المسجد الحرام ، وهم من كانوا قريبين منه ، بحيث لا يكون بينهم وبين الحرم مسافة سفر تقصر فيها الصلاة . ( تفسير ابن كثير جـ2 صـ238 )
أركان الحج والعمرة :
أركان الحج أربعة وهي :
(1) الإحرام . (2) الوقوف بعرفة . (3) طواف الإفاضة . (4) السعي بين الصفا والمروة .
وهذه الأركان الأربعة لا يتم الحج إلا بها ، ومن ترك ركناً واحداً من هذه الأركان لم يصح حجه .
أركان العمرة ثلاثة وهي :
(1) الإحرام . (2) الطواف . (3) السعي بين الصفا والمروة .
وهذه الأركان الثلاثة لا تصح العمرة إلا بها ، ومن ترك ركناً منها لم تصح عمرته ، وسوف نتحدث عن هذه الأركان بإيجاز :
أولاً : الإحرام :
الإحرام : هو نية الدخول في الحج أو العمرة أو هما معاً .
والإحرام يكون من الميقات ، هو المكان الذي حدده النبي -صلى الله عليه وسلم- للإحرام منه ، ولا يجوز مجاوزته بدون إحرام ، فمن جاوزه دون إحرام عالماً به أو جاهلاً ثم علم حُكْمه بعد ذلك ، وجب عليه أن يرجع ويحرم منه ولا شيء عليه ، فإن م يرجع وجب عليه ذبح شاة ، فإن لم يستطع صام عشرة أيام . ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا عاد إلى بلده . ويجب على المُحرم الذَّكَر أن يتجرد من ملابسه كلها ، ويرتدي إزاراً و رداءً ، ولا يغطي رأسه بشيء .
روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ . (البخاري حديث 1542 / مسلم حديث 1177 )
صفة إحرام النساء :
إن المرأة تحرم في ملابسها العادية غير أنها لا تنتقب ولا تلبس القفازين .
روى البخاريُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْإِحْرَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا الْبَرَانِسَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الْوَرْسُ وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ . ( البخاري حديث 1838 )
حُكم ستر وجه المرأة أثناء الإحرام :
قال ابن قدامة :
إذَا احْتَاجَتْ إلَى سَتْرِ وَجْهِهَا ، لِمُرُورِ الرِّجَالِ قَرِيبًا مِنْهَا ، فَإِنَّهَا تَسْدُلُ الثَّوْبَ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا .رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ ، وَعَائِشَةَ .وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَمَالِكٌ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَإِسْحَاقُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ .وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا .( المغني لابن قدامة جـ5 صـ154 )
روى الإمام مالك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّهَا قَالَتْ :كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ . ( إسناده صحيح ) ( موطأ مالك – كتاب الحج حديث 16 )
قال سَعِيد بْن مَنْصُور ” حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم عَنْ الْأَسْوَد عَنْ عَائِشَة قَالَتْ تُسْدِلُ الْمَرْأَة جِلْبَابهَا مِنْ فَوْق رَأْسهَا عَلَى وَجْههَا “( إسناده صحيح ) ( فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ3 صـ474 )
روى الحاكم بسنده عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمشط قبل ذلك في الإحرام ) ( إسناده صحيح ) ( إرواء الغليل للألباني جـ4 حديث 1023 )
التلبية صفتها ومعناها :
بعد أن يُحرم المسلم بالنسك الذي يريده ، يرفع صوته بالتلبية وهي قول : ( ليك اللهم لبيك ) وصيغة التلبية هي :
روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ . ( البخاري حديث 1549 / مسلم حديث 1184 )
ويرفع الرجال بالتلبية أصواتهم مع الإكثار من تكرارها والمرأة ترفع صوتها بقدر ما تسمع نفسها ورفيقاتها . (المغني لابن قدامة جـ5 صـ160 )
وتنقطع التلبية في العمرة عند بداية الطواف حول الكعبة وتنقطع في الحج عند رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر.
سنن الإحرام :
إن للإحرام سنناً ينال بها المُحْرم ثواباً عظيماً ،ولا يترتب على تركها شيء وسوف نذكرها بإيجاز :
(1) الاغتسال :
يُسن للمحرم قبل الإحرام أن يقلم أظافرة ويحف شاربه ويحلق عانته وينتف إبطه لأن هذه من سنن الفطرة ثم يغتسل.
روى الترمذي عَنْ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ وَاغْتَسَلَ .( حديث صحيح ) (صحيح الترمذي للألباني حديث 664 )
(2) التطيب :
يسن للمُحرم ( الرجال فقط ) أن يضع الطيب على بدنه قبل الإحرام .
روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ . ( البخاري حديث 1539 / مسلم حديث 1189 )
(3) ارتداء إزار ورداء أبيضين :
من السنة أن يرتدي المحرم إزاراً ورداءً أبيضين .
روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ انْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ الْمَدِينَةِ بَعْدَ مَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ . ( البخاري حديث 1545 )
روى أبو داودَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ . ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 3284 )
(4) الإحرام عقب الصلاة :
من السنة أن يكون الإحرام عقب صلاة ، سواء كانت فريضة أو نافلة .
روى مسلم عن جابر قال فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ ( ناقته ) فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ .
( مسلم حديث 1218 )
وينبغي للمسلم أن يعلم أن الإحرام ليس له صلاة خاصة به . ( مجموع فتاوى ابن تيمية جـ26 صـ108 : صـ109 )
(5) رفع الصوت بالتلبية :
من السنة الإكثار من التلبية ورفع الصوت بها للرجال وأما المرأة فيكفي أن ترفع صوتها بقدر ما تسمع نفسها ورفيقاتها .
روى أبو داود عن السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ أَتَانِي جِبْرِيلُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي وَمَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ أَوْ قَالَ بِالتَّلْبِيَةِ يُرِيدُ أَحَدَهُمَا . (حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 1599 )
روى الترمذي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ قَالَ الْعَجُّ وَالثَّجُّ . (حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 661 )
العج : رفع الصوت بالتلبية ، الثج : نحر البُدْن .
روى ابن ماجه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ مَا مِنْ مُلَبٍّ يُلَبِّي إِلَّا لَبَّى مَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا . ( حديث صحيح ) ( صحيح ابن ماجه للألباني حديث 2363)
(6) الاشتراط :
من السنة لمن خاف أن يمنعه عائق من عدو أو مرض أو ذهاب نفقه أو نحو ذلك ، من إتمام العمرة أو الحج أن يشترط على الله تعالى فيقول بعد إحرامه : ( وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) .
فائدة الاشتراط :
وفائدة هذا الاشتراط أن المحرم إذا منعه شيء من إتمام نسكه ، حل من إحرامه حيث كان ولا هدي عليه ولا صوم وأما من لم يشترط عند الإحرام ومنع من إتمام نسكه ، حل من إحرامه ووجب عليه الهدي . ( المغني لابن قدامة جـ5 صـ92 : صـ94 )
لقوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ )( البقرة : 196 )
روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي . ( مسلم جـ2 – كتاب الحج حديث 105 )
وأما من لا يخاف من عائق يمنعه من إتمام نسكه فإنه لا ينبغي له أن يشترط لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشترط ولم يأمر أحداً من الصحابة بالاشتراط ، وإنما أمر ضباعة بنت الزبير بالاشتراط لمرضها .
ما يُباح أثناء الإحرام :
يُباح للمُحْرم أثناء إحرامه الأمور الآتية :
(1) الاغتسال وتمشيط شعر الرأس واللحية برفق والنظر في المرآة .
(2) غسل ملابس الإحرام أو استبدالها بغيرها .
(3) الاحتجام وخلع الضرس واستعمال المظلة والنظارة والتبرع بالدم .
(4) لبس الساعة وخاتم الفضة للرجال ، وأما الحلي من الذهب فللنساء فقط .
(5) استخدام الحزام والمشابك للإحرام وطرح الظفر إذا انكسر .
(6) قتل الحشرات والحيوانات الضارة التي تهاجم المُحْرم في الحل والحرم .
(7) صيد البحر ، والقيام بالبيع والشراء والصناعة .
( حجة النبي للألباني صـ26 )
( الفقه الإسلامي للزحيلي جـ3 صـ254 )
محظورات الإحرام :
محظورات الإحرام على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : محظورات على الرجال والنساء معاً :
(1) إزالة الشعر من الرأس وسائر الجسم عمداً بحلق أو غيره .
(2) تقليم أظافر اليدين والقدمين ، وارتداء القفازين .
(3) استعمال العطور بعد الإحرام ، في البدن أو الثوب .
(4) جماع الزوجة أو دواعي ذلك من النظر بشهوة أو التقبيل ونحوه .
(5) قتل صيد البر أو المعاونة في ذلك أو تنفير طير الحرم أو قطع شجر الحرم إلا الإذخر وهو نبات طيب الرائحة.
(6) الخِطبة أو عقد النكاح لنفسه أو لغيره .
(7) أخذ لقطة الجرم إلا لمن يريد تعريفها .
(8) المخاصمة والجدال بالباطل لأن ذلك يؤدي إلى انتشار البغضاء بين المسلمين .
( الحج والعمرة لابن باز صـ24 : صـ28 ) ( المنهج لابن عثمين صـ37 : صـ42 )
القسم الثاني : محظورات خاصة بالرجال فقط وهي :
(1) لبس المخيط ويشمل كل ما هو مُفصل على هيئة أعضاء الجسم كالفنيلة أو السراويل أو الجوربين ونحو ذلك .
(2) تغطية الرأس بملاصق كالعمامة والطاقية وما شابه ذلك .
( الحج والعمرة لابن باز صـ24 : صـ28 ) ( المنهج لابن عثيمين صـ37 : صـ42 )
القسم الثالث : محظورات خاصة بالنساء فقط وهي :
(1) ارتداء النقاب ( البرقع )
( الحج والعمرة لابن باز صـ24 : صـ28 ) ( المنهج لابن عثيمين صـ37 : صـ42 )
فدية محظورات الإحرام :
يجب أن يكون من المعلوم أن من فعل شيئاً من هذه المحظورات ناسياً أو جاهلاً أو نائماً أو مكرهاً فلا إثم عليه ، ولا فدية ، ولكن متى زال العذر ، فعلم الجاهل وتذكر الناسي واستيقظ النائم وزال الإكراه ، فإنه يجب عليه التخلي عن المحظورات فوراً فإن استمر عليه مع زوال العذر فهو آثم وعليه الفدية .
( المنهج لابن عثيمين صـ43)
يقول الله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ )( الأحزاب : 5 )
روى أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه .( حديث صحيح ) ( صحيح الجامع للألباني جـ1 حديث 1731 )
فدية قص أو حلق الشعر وقص الأظافر ولبس المخيط والمباشرة بشهوة ، وتغطيه الرأس ووضع الطيب وارتداء النقاب والقفازين للمرأة هي اختيار واحدة من ثلاث إما ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام . (المغني لابن قدامة جـ5 صـ119 : صـ160 )
يقول الله تعالى : (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ )( البقرة : 196 )
روى الشيخان عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْلِقْ رَأْسَكَ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوْ انْسُكْ بِشَاةٍ .( البخاري حديث 1814 / مسلم حديث 1201 )
فدية جماع الزوجة :
أولاً : إذا جامع الرجل زوجته وهو محرم بالحج قبل التحلل الأول ، وهو الذي يكون بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر مع الحلق أو التقصير ترتب على ذلك ما يلي :
(1) فساد الحج مع وجوب الاستمرار فيه حتى نهايته .
(2) وجوب قضاء هذا الحج العام القادم ، سواء كان ذلك فريضة أو نافلة .
(3) وجوب ذبح بدنه وتوزيعها على فقراء الحرم .
ثانياً : إذا جامع الرجل زوجته بعد التحلل الأول ، كان حجه صحيحاً ، ولكن وجب عليه ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام . ( موطأ مالك – كتاب الحج باب 48 ) ( فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين صـ526 : صـ527 )
ثالثاً : إذا أحرم الرجل بعمرة ثم طاف حول البيت وبعد ذلك جامع زوجته قبل السعي بين الصفا والمروة ، فسدت عمرته ويجب عليه ذبح شاة مع وجوب قضاء العمرة من الميقات .
رابعاً : إذا أحرم الرجل بالعمرة وطاف وسعى ثم جامع زوجته قبل الحلق أو التقصير ، كانت عمرته صحيحة ولكن وجب عليه ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام ، وهو مخير بين هذه الثلاثة . ( فتاوى اللجنة الدائمة جـ11 صـ187 )
فائدة هامة :
إذا كانت الزوجة محرمة بالحج أو العمرة وكانت راضية عن جماع زوجها لها ترتب على موافقتها نفس الأحكام السابقة وأما إن كانت مكرهة فسد حجها أو عمرتها ولكن لا فدية عليها . ( المغني لابن قدامة جـ5 صـ165 : صـ176 )
فدية الصيد :
يحرم على المحرم صيد البر أثناء الإحرام ، يقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ )( المائدة : 95)
قال ابن كثير : وهذا تحريم منه تعالى لقتل الصيد في حال الإحرام، ونهي عن تعاطيه فيه .( تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ5 صـ355 )
ومن قتل الصيد وهو مُحْرم وجب عليه ذبح ما يشابهه وذلك بحكم عدلين من ذوي الخبرة مع توزيع لحمه على فقراء الحرم .
حُكْم السلف الصالح في فدية الصيد
حكموا في النعامة ببدنة ، وفي الحمار الوحشي والبقر الوحشي ببقرة ، وفي الظبي بشاة ، وفي الغزال بعنز ، وفي الضبع بكبش ، وفي الحمامة بشاة ، وفي الوعل والإبل ببقرة ، وفي الأرنب بعناق ( وهي : أنثى الماعز قبل كمال الحول ) وفي اليربوع ( حيوان صغير نحو الفأرة ) بجفرة ( من أولاد الماعز ما بلغ أربعة أشهر ) وفي الضب بجدي .( موطأ مالك – كتاب الحج باب 76 ) ( المغني لابن قدامة جـ5 صـ402 : صـ406 )
فائدة هامة :
إذا لم يكن للصيد مثلياً ، فإنه يقدر ثمنه ثم يُشترى به طعاماً ويُوزع على فقراء الحرم ، لكل منهم نصف صاع (أي حفنتان يكفي الرجل المعتدل ) أو يصوم مكان إطعام كل فقير يوماً . ( جامع البيان للطبري جـ5 صـ44 ) (تفسير ابن أبي حاتم جـ4 صـ1208 )
الوقوف بعرفة :
الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم .
روى أحمد عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَعْمَرَ الدِّيلِيَّ يَقُولُ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ وَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الْحَجُّ فَقَالَ الْحَجُّ عَرَفَةُ فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ[ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ]ثُمَّ أَرْدَفَ رَجُلًا خَلْفَهُ فَجَعَلَ يُنَادِي بِهِنَّ. ( حديث صحيح ) ( مسند أحمد جـ31 حديث 18774 )
يبدأ الوقوف بعرفة من بعد ظهر يوم التاسع من ذي الحجة إلى طلوع فجر يوم العاشر ، ويكفي الوقوف في أي جزء من هذا الوقت المحدد ليلاً أو نهاراً مع مراعاة أن المحرم بالحج إذا وقف بالنهار ، وجب عليه أن ينتظر إلى ما بعد غروب الشمس ، وأما إذا وقف بالليل فقط ، فلا شيء عليه .
سنن الوقوف بعرفة :
يمكن أن نجمل سنن الوقوف بعرفة فيما يلي :
(1) الذهاب إلى منى ضحى يوم التروية ، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة والمبيت بها ليلة التاسع ، مع مراعاة صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، كل وقته قصراً من غير جمع ، ثم الذهاب إلى عرفات بعد طلوع شمس يوم عرفة .
(2) الاغتسال .
(3) صلاة الظهر والعصر جمعاًَ وقصراً مع الإمام بِنَمِرة في وقت الظهر .
(4) الوقوف عند الصخرات أسفل جبل الرحمة متطهراً .
(5) الإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن مع مراعاة استقبال القبلة حتى تغرب الشمس .
(6) أن تكون الإفاضة من عرفة بالسكينة وعدم الإسراع ومزاحمة الناس .
(7) أن يكون الواقف بعرفة مفطراً لأنه أعون له على الدعاء .
(8) الإكثار من أعمال البر والصدقة .
( الفقه الإسلامي للزحيلي جـ3 صـ181: صـ184 )
الطواف حول الكعبة :
شروط الطواف :
يُشترط لصحة الطواف حول الكعبة بعد النية الأمور التالية :
(1) الطهارة من الحدث الأصغر والحدث الأكبر .
(2) ستر العورة .
(3) أن يبدأ الطواف من الحجر الأسود وينتهي إليه .
(4) أن تكون الكعبة عن يسار من يطوف حولها .
(5) أن يكون الطواف حول الكعبة ، فمن طاف داخل حجر إسماعيل لم يصح طوافه لأن الحجر من الكعبة .
(6) أن يكون الطواف سبعة أشواط كاملة ، وعند الشك في عدد الأشواط يبني على الأقل .
(7) الموالاة بين الأشواط السبعة وعدم الفصل الطويل بين هذه الأشواط .
( منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري صـ231 )
سنن الطواف :
إن للطواف حول الكعبة سنناً ينبغي مراعاتها وهي :
(1) الاضبطاع :
المقصود بالإضطباع هو كشف الكتف الأيمن ، ولا يسن هذا الاضطباع إلا في طواف القدوم أو طواف العمرة فقط، ويكون في جميع الأشواط .
روى أبو داود عَنْ يَعْلَى قَالَ: طَافَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُضْطَبِعًا بِبُرْدٍ أَخْضَرَ . ( حديث حسن ) ( حيح أبي داود للألباني حديث 1658 )
(2) استلام الحجر الأسود وتقبيله .
من السنة لمن يريد الطواف حول الكعبة أن يمسح الحجر الأسود بيده اليمنى ويقبله إن استطاع وإن لم يستطع تقبيل الحجر ، مسحه بيده وقبلها وإلا أشار إليه فقط ويحرم إيذاء أحد من الناس من أجل تقبيل الحجر الأسود .
روى الشيخان عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ فَقَالَ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ .( البخاري حديث 1597 / مسلم حديث 1270 )
ويُسن عند بداية كل شوط أن يُقال : ( بسم الله والله أكبر ) . ( إسناده صحيح ) ( مصنف عبد الرزاق جـ5 صـ33 )
(3) الرَّمَل :
الرمل هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى ، والرَّمَل سنة للرجال فقط دون النساء في الثلاثة أشواط الأول من طواف القدوم أو طواف العمرة فقط . روى مسلم عن جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا . ( مسلم حديث 1218 )
(4) استلام الركن اليماني :
من السنة أيضاً لمن يريد الطواف حول الكعبة أن يستلم ( يمسح ) الركن اليماني دون تقبيل .
روى الشيخان عن عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمْ أَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَلِمُ مِنْ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ . ( البخاري حديث 1609 / مسلم حديث 1267 )
(5) الدعاء بين الركنين :
من السنة أيضاً عند الطواف حول البيت ، الدعاء بين الحجرين الأسود والركن اليماني بقوله تعالى : (رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ( حديث حسن ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 1666 )
(6) صلاة ركعتين خلف المقام :
بعد الانتهاء من الطواف حول الكعبة ، يُسن صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- .
روى البخاري عن ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا .( البخاري حديث 1627 )
ومن السُّنة أيضاً عند الذهاب لصلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم أن يُقال : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ) (البقرة : 125 ) وعند الصلاة يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة : (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) وفي الركعة الثانية سورة : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) . ( مسلم حديث 1218 )
(7) الشرب من ماء زمزم :
بعد الانتهاء من ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم ، يُسن الشرب من ماء زمزم كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع . ( مسلم حديث 1218 )
السعي بين الصفا والمروة :
السعي هو المشي من الصفا إلى المروة سبعة أشواط بنية التعبد لله تعالى ، ويبدأ السعي من الصفا وينتهي عند المروة ، والمسافة بينهما حوالي أربع مائة متر ، والسعي من الصفا إلى المروة يعتبر شوطاً واحداً ، والعودة من المروة إلى الصفا تعتبر شوطاً ثانياً وهكذا . والسعي ركن من أركان الحج والعمرة ، لا يصحان إلا به .
شروط السعي :
يشترط لصحة السعي بين الصفا والمروة بعد النية الأمور التالية :
(1) أن يكون السعي مرتبطاً بالطواف حول الكعبة .
(2) أن يكون السعي سبعة أشواط كاملة ، وعند الشك يبني على العدد الأقل .
(3) أن يبدأ السعي من الصفا وينتهي بالمروة .
(4) أن يكون السعي في المسعى : وهو الطريق الممتد بين الصفا والمروة .
( منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري صـ232 : صـ233 )
حُكْم الطهارة عند السعي :
الطهارة من الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر ليست شرطاً من شروط صحة السعي بين الصفا والمروة ، ولكنها من السنن المستحبة فيجوز للمسلم أن يسعى بغير وضوء ، ويجوز للجنب والحائض والنفساء السعي ، وذلك لأن الأصل أن المسعى خارج المسجد الحرام .
روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي .( البخاري حديث 165)
سنن السعي :
سوف نتحدث بإيجاز عن سنن السعي بين الصفا والمروة .
(1) استلام الحجر الأسود :
يُسن لمن يريد السعي بين الصفا والمروة أن يستلم الحجر الأسود بيده ، وإن استطاع ، أو يشير إليه بيده ثم يتجه نحو الصفا .
(2) الدعاء عند الصفا :
عندما يقترب المحرم من الصفا يُسن له أن يقرأ قول الله تعالى : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) ( البقرة : 158 )
( البقرة : 158 ) ثم يقول أبدأ بما بدأ الله به ، وعندما يصل إلى جبل الصفا يحاول أن يرتقي عليه ثم يستقبل الكعبة ويقول : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ .
ثم يدعو الله تعالى بما شاء ويكرر ذلك ثلاث مرات ثم يمشي متجهاً نحو المروة ، وهو يذكر الله ويستغفره ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويدعو بما شاء ، ويفعل نفس الشيء عند المروة . ( مسلم حديث 1218 )
(3) الإسراع بين العلمين الأخضرين :
يُسن للرجل عندما يصل إلى العلم الأخضر الأول أن يسعى سعياً شديداً حتى يصل إلى العلم الأخضر الثاني ثم يمشي بعد ذلك ، وأما المرأة فلا يُسن لها السعي الشديد ، بل تمشي عادياً . ( مسلم حديث 1218 )
التوكيل في رمي الجمار وذبح الهدي :
يجوز لأصحاب الأعذار ، كالضعفاء والمرضى وغيرهم أن يُوَكلوا من يرمي الجمار نيابة عنهم ، بشرط أن يرمي النائب عن نفسه أولاً . ويجوز كذلك للحاج أن يُوَكل غيره ، ممن يثق في دينه وعلمه ، بذبح الهدي أو الدماء الواجبة نيابة عنه وتوزيع لحومها على الفقراء .
روى مسلم عن جابر قال : ثُمَّ انْصَرَفَ أي النبي إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ . (أي : ما بقي ) .( مسلم حديث 1218 )
روى البخاري عن عَلِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَهْدَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِائَةَ بَدَنَةٍ فَأَمَرَنِي بِلُحُومِهَا فَقَسَمْتُهَا ثُمَّ أَمَرَنِي بِجِلَالِهَا فَقَسَمْتُهَا ثُمَّ بِجُلُودِهَا فَقَسَمْتُهَا. ( البخاري حديث 1718 )
واجبات الحج :
إن للحج واجبات على كل مسلم القيام بها وهي :
(1) الإحرام من الميقات .
(2) الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لمن وقف بها نهاراً .
(3) المبيت بمزدلفة إلى الفجر إلا أصحاب الأعذار من المرضى والنساء ومن يرافقهم فإلى ما بعد منتصف الليل .
(4) المبيت بمنى أيام التشريق الثلاثة إلا من تعجل فإنه ينصرف من منى قبل غروب شمس يوم الثاني عشر من ذي الحجة .
(5) رمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد ( العاشر من ذي الحجة ) بعد الانصراف من مزدلفة والجمار الثلاثة مرتبة ( الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ) أيام التشريق الثلاثة ( أو الاثنين لمن تعجل ) بعد الظهر وكل واحدة ترمى بسبع حصيات .
(6) حلق الشعر أو تقصيره .
(7) طواف الوداع قبل مغادرة مكة إلا الحائض والنفساء . ( منهاج المسلم للجزائري صـ227 : صـ235 )
طواف الوداع للحائض والنفساء :
يجوز للحائض والنفساء ترك طواف الوداع حول البيت الحرام عند الضرورة ولا شيء عليهما .
روى الشيخان عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْحَائِضِ .( البخاري حديث 1755 / مسلم حديث 1328 )
فدية ترك واجبات الحج :
يجب على من ترك أحد واجبات الحج عمداً أن يذبح شاة تجزئ في الأضحية ، ويوزعها على فقراء الحرم ، ولا يأكل منها فإن عجز عن الذبح فإنه يصوم عشرة أيام : ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى بلده ، ويبدأ أول وقت ذبح الفدية أو الصوم من بعد ترك الواجب ، سواء كان ذلك قبل العيد أو بعده ولا حد لآخره ، ولكن تعجيله بعد وجوبه مع الاستطاعة واجب لأن المسلم لا يدري ماذا يحدث له فيما بعد ، ولو تأخر في ذبح الفدية حتى عاد إلى بلده ، وجب عليه أن يشتري الذبيحة أو يوكل عنه من يقوم بذلك ويذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء هناك، ولا يجوز الذبح في بلده . ( فتاوى اللجنة الدائمة جـ11 صـ342 : صـ343 )
كيف نؤدي مناسك العمرة ؟
إن أداء مناسك العمرة، يتم باتباع الخطوات التالية مرتبة كما يلي:
(1) الاغتسال ووضع الطيب (يكون وضع الطيب للرجال فقط)، وارتداء ملابس الإحرام، وهي عبارة عن إزار ورداء أبيضين نظيفين.
وأما المرأة فتحرمُ في ملابسها العادية، ولا تضع الطيب، مع مراعاة أنه يحرمُ عليها أن ترتدي النقاب والقفازين، ولكن تسدل ثوباً على وجهها عندما يمر بها الرجال من غير محارمها.
(2) الوضوء ثم صلاة الفريضة إن كان وقت فريضة أو صلاة ركعتين سنة الوضوء.
(3) الإحرام بالعمرة قائلاً: لبيك اللهم عمرة.
فإن خاف من عائق يمنعه من إتمام العمرة، كمرض
أو ضياع ماله قال: (لبيك اللهم عمرة ،وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني)، ثم يقول:
(لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك،
إن الحمدَ والنعمةَ لك والملك، لا شريك لك).
(4) يكثر المعتمر من التلبية مع رفع الصوت للرجال فقط، وأما المرأة فلا ترفع صوتها إلا بقدر ما تسمِع من بجوارها من محارمها أو من يرافقها من النساء.
(5) عندما يصل المعتمر إلى المسجد الحرام، يدخل بقدمه اليمنى قائلاً (بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك )، ثم يستمر في التلبية حتى يصل إلى الكعبة، فإذا وصل إليها قطع التلبية.
(6) عندما يصل المعتمر إلى الحجر الأسود، يضطبع(أي يكشف الرَّجُلُ عن كتفه الأيمن) طوال الأشواط السبعة.
(7) يُقَبَّلُ المعتمر الحجر الأسود، فإن شق عليه التقبيل، مسحه بيده اليمنى وقبلها، فإن لم يستطع ذلك أشار إليه باليمنى، ويفعل ذلك كلما حاذى الحجر الأسود، ويجب على المسلم أن يعلم أن تقبيلَ الحجر الأسود سُنَّة،والامتناع عن إيذاء المسلمين واجب
(8) يبدأ المعتمر في الطواف قائلاً: بسم الله، والله أكبر. ثم يَرملُ(أي يسرع الرَّجُلُ في سَيْره مع تقارب الخطوات) في الثلاثة أشواط الأولى فقط. وأما الأشواط الأربعة الباقية فيمشي فيها كعادته، مع مراعاة أن النساء ليس عليهن رمَل.
(9) أثناء الطواف يُكثرُ المعتمرُ من قراءة القرآن وذِكْرِ الله تعالى،والاستغفار، والدعاء بما شاء من الخير له، ولوالديه، و لذريته، ولجميع المسلمين.
(10) يمسح المعتمر الركن اليماني بيده اليمنى، دون تقبيل ويقول أثناء طوافه بينه وبين الحجر الأسود: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) مع تكرار هذا الدعاء.
ويفعل ذلك كلما وصل إلى الركن اليماني.
(11) بعد الانتهاء من الطواف يقوم المعتمر بتغطية كتفه الأيمن، ويتجه إلى مقام إبراهيم قائلاً قول الله تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً ).
(12) يصلي المعتمر ركعتين خلف مَقَامِ إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-
(وهو الحجر الذي كان يقف عليه إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- عند بناء الكعبة) إذا تيسر له ذلك.
ويجوز للمعتمر أن يصلي هاتين الركعتين في أي مكان في المسجد الحرام.
يقرأ المصلي في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)،ويقرأ وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة سورة:(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).
(13)يذهب المعتمر للشرب من ماء زمزم، وليعلم المسلم أن ماء زمزم ماء مبارك، فيشربه بنية الشفاء من الأمراض والاستعانة به على طاعة الله، وحفظ القرآن الكريم، والسنة، وطلب العلم النافع، والذرية الصالحة، وغير ذلك من الخير.
(14) يستلم المعتمر الحجر الأسود بالتقبيل،أو بالمسح عليه، إن تيسر له ذلك.
(15) يذهب المعتمر إلى المسعى فإذا دنى من الصفا يقرأ قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة:158)، ثم يقول:(أبدأ بما بدأ الله به).
(16) يصعد المعتمر على الصفا، ويحاول رؤية الكعبة ويستقبل القبلة، ويقول:
(اللهُ أكبر ، اللهُ أكبر، اللهُ أكبر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنـجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)
يكرر المعتمر ذلك ثلاث مرات ،مع الدعاء بينها بما شاء من الخير لنفسه، ولوالديه، ولجميع المسلمين.
(17) يبدأ المعتمر في السعي إلى أن يصل إلى الأعلام الخضراء فيسعى بينها سعياً شديداً (هذا للرجال فقط ) حتى يصل إلى الأعلام الخضراء الثانية، فيسير سيره العادي حتى يصل إلى المروة، وفى أثناء السعي يقرأ القرآن، ويذكر الله تعالى، ويستغفره، ويدعو بما شاء من الخير لنفسه ولوالديه ولذريته وللمسلمين.
(18) يصعد المعتمر على المروة، ويتجه إلى الكعبة قائلا: (اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ،لا إله إلا الله ، وحدهُ لا شريكَ له ، لهُ الملكُ، ولهُ الحمدُ ، وهو على كلِّ شيء قدير ،لا إله إلا الله، وحده ،أنـجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ).
يكرر المعتمر ذلك ثلاث مرات مع الدعاء بينهما بما شاء من الخير لنفسه ولجميع المسلمين، ثم يذهب إلى الصفا وهو يسير سيره العادي حتى يصل إلى الأعلام الخضراء، فيسعى بينها سعياً شديداً حتى يصل إلى الأعلام الخضراء الثانية مع قراءة القرآن، وذِكْر الله تعالى، والاستغفار، والدعاء بما شاء من الخير لنفسه ولجميع المسلمين، حتى يصل إلى الصفا.
(19) الذهاب من الصفا إلى المروة يعتبر شوطاً واحداً، والعودة من المروة إلى الصفا يعتبر شوطاً ثانياً، فيبدأ السعي من الصفا وينتهي عند المروة.
(20) عند انتهاء الشوط السابع عند المروة يقوم المعتمر من الرجال بحلق أو تقصير جميع شعر رأسه والحلق أفضل، وأما المرأة فإنها تجمع شعر رأسها وتقصُ منه قدر عقلة الإصبع، وتقوم بالقص امرأة مثلها أو أحد محارمها من الرجال.
(21) يرتدي المعتمر ملابسه العادية، وبذلك يحِل له كل ما حرم عليه قبل بدء العمرة.
وبهذا تكون قد تمت مناسك العمرة.
(22) إذا أراد المعتمر أن يغادر مكة، فإنه يطوف حول الكعبة طواف الوداع بملابسه العادية.
كيف تؤدي مناسك الحج ؟
أخي المسلم الكريم : اعلم، رحمني الله تعالى و إياك ، أن المسلم الذي يريد الحج مخير بين ثلاثة أنساك: الأول:الحج مفردًا، أي لا يكون معه عمرة قبله أو بعده .
الثاني: الحج متمتعًا، وهو أن يُحرم بالعمرة وحدها من الميقات في أشهر الحج (شوال و ذي القعدة وعشر ذي الحجة ) ثم يبقى بمكة حلالاً حتى يأتي اليوم الثامن من ذي الحجة( يوم التروية) فيحرم من مكانه بالحج.
الثالث: الحج قارنًا، وهو أن يحرم من الميقات بالعمرة والحج معًا، ولا يحل من إحرامه بينهما. والإحرام بأي هذه النسك يكون من الميقات بأن يقول: لبيك اللهم ويسمي النسك الذي اختاره، وذلك بعد تجرده من ثياب المخيط واغتساله ولبسه إزاره ورداءه للرجال، والمرأة ليس لها إحرام خاص من جهة الثياب، بل تحرم في ثيابها المعتادة دون تبرج بزينة أو ملابس فاتنة، كما لا تنتقب ولا تلبس القفازين، ولا حرج عليها إذا مر الرجال عليها أن تسدل شيئًا فوق رأسها على الوجه، وإذا خاف المحرم والمحرمة حصول عائق أو حبس حابس عن إتمام النسك فليشترط؛ بأن يقول عند الإحرام فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فإذا منعه مانع من إكمال النسك فبهذا الشرط يحل ولا إكمال عليه ولا شيء ولا يجوز تجاوز الميقات بدون إحرام، ومن فعل ذلك فعليه الرجوع للإحرام من الميقات، فإن لم يرجع فعليه فدية دم يذبح في الحرم ولا يأكل منه، بل يكون لفقراء مكة. أما عن الأنساك الثلاثة فنقول : أولاً: إن كان الحاج مفردًا بحجه فيقول، عند الميقات، لبيك اللهم حجًا،ويدخل في الحج مباشرة يوم التروية، وإن سبق ذلك قدومه إلى الحرم فطاف طواف القدوم فلا حرج، وإن سعى سعي الحج جاز أو أخره إلى ما بعد ذلك، وليس على المفرد بالحج هدي. ثانيًا: الحاج متمتعًا يحرم من الميقات بالعمرة قائلاً لبيك اللهم عمرة، وله أن يشترط، كما بينا آنفًا، فإذا بلغ الكعبة توقف عن التلبية التي بدأها من وقت الإحرام، ثم يدخل المسجد الحرام ويطوف بالكعبة سبعة أشواط مضطبعًا) يعني مظهرًا كتفه الأيمن الذي لا يظهر قبل ذلك ولا بعده). ثم يَرملُ(أي يسرع الرَّجُلُ في سَيْره مع تقارب الخطوات) في الثلاثة أشواط الأولى فقط. وأما الأشواط الأربعة الباقية فيمشي فيها كعادته، مع مراعاة أن النساء ليس عليهن رمَل. ثم يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم أو بأي مكان متيسر في المسجد الحرام .وبعد ذلك يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط. كل شوط يكون ذهابًا أو إيابًا مبتدءًا بالصفا ومنتهيًا بالمروة. يذهب ليسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط. فإذا اقترب من الصفا يقرأ قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة:158) ثم يقول:(أبدأ بما بدأ الله به). يصعد على الصفا، ويحاول رؤية الكعبة ويستقبل القبلة، ويقول: (اللهُ أكبر ، اللهُ أكبر، اللهُ أكبر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنـجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) يكرر ذلك ثلاث مرات ،مع الدعاء بينها بما شاء من الخير لنفسه، ولوالديه، ولجميع المسلمين.يبدأ في السعي إلى أن يصل إلى الأعلام الخضراء ثم يسعى بينها سعياً شديداً (هذا للرجال فقط )حتى يصل إلى الأعلام الخضراء الثانية، ثم يسير سيره العادي حتى يصل إلى المروة، وفى أثناء السعي يقرأ القرآن، ويذكر الله تعالى، ويستغفره، ويدعو لنفسه وللمسلمين. يصعد على المروة و يفعل كما فعل على الصفا. الذهاب من الصفا إلى المروة تعتبر شوطاً واحداً، والعودة من المروة إلى الصفا يعتبر شوطاً ثانياً، فيبدأ السعي من الصفا وينتهي عند المروة. وعند انتهاء الشوط السابع عند المروة يقوم الرجل بحلق أو تقصير جميع شعر رأسه والحلق أفضل، وأما المرأة فإنها تجمع شعر رأسها وتقصُ منه قدر عقلة الإصبع، وتقوم بالقص امرأة مثلها أو أحد محارمها من الرجال. وبذلك انتهت أعمال العمرة، فيحل المعتمر إلى أن يأتي يوم التروية فيحرم بالحج من مكانه، وعلى الحاج متمتعًا هدي. ثالثًا : الحاج قارنًا، وهو الذي نوى عند الإحرام من الميقات أن يقرن الحج بالعمرة، فقال لبيك اللهم عمرة وحجًا مقترنين أو نحو ذلك، فهذا يلبي حتى يبلغ الكعبة ويطوف سبعة أشواط مضطبعًا كما سبق، وهذا الطواف طواف القدوم، ثم يصلي ركعتين خلف المقام، فإن سعى فهو سعي العمرة والحج، وإن أخر السعي إلى ما بعد ذلك بعد رمي جمرة العقبة فلا حرج ويبقى محرمًا، ثم يخرج من الحرم لإتمام حجه مع دخول يوم التروية اليوم الثامن من ذي الحجة، وعلى الحاج قارنًا هدي كما على المتمتع.فإذا كان يوم التروية فعلى الحاج الآتي: أعمال اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية ) : يتجه الحاج في وقت الضحى إلى منى ويبيت فيها ويصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، والفجر، كل صلاة في وقتها مع مراعاة أن تصلى الصلاة الرباعية قصرًا أي يصلي ركعتين فقط ، أما المغرب فتصلى ثلاث ركعات كما هي.وينبغي على الحاج أن يكثر من التلبية والاستغفار والدعاء بالخير له، ولجميع المسلمين، كما ينبغي عليه أن يحرص على الإكثار من الأذكار الصحيحة الثابتة عن نبينا محمد في الأوقات والأحوال المختلفة.
أعمال اليوم التاسع من ذي الحجة (يوم عرفة) : إذا طلعت شمس يوم عرفة يتجه الحاج من منى إلى عرفة يبقى الحاج في نمرة إلى وقت الظهر، فيصلي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا في المسجد مع الإمام إذا تيسر له ذلك، ثم يدخل الحاج حدود عرفة ويتأكد من ذلك،و يكثر من الذكر والدعاء، والتلبية، وقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ويصلي على النبي، ويستحب له أن يكون متوضئًا، ومتوجهًا نحو القبلة.
و بعد التأكد من غروب الشمس، يتجه الحاج إلى مزدلفة، ويصلي بها المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا، فيصلي المغرب ثلاث ركعات، والعشاء ركعتين، ولا يصلي بعدهما شيئًا من النوافل سوى الوتر.
ينام الحاج في مزدلفة حتى الفجر، وأما أصحاب الأعذار الشرعية، كالمرضى والضعفاء ومن يرافقهم، فيجوز لهم الانصراف من مزدلفة. إلى منى بعد منتصف الليل. أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة (يوم العيد) : يؤدي الحاج صلاة الفجر جماعة في مسجد مزدلفة إذا تيسر له ذلك،ويستقبل الحاج القبلة ويكثر من الدعاء والاستغفار وتسبيح الله (سبحان الله» وتحميده) «الحمد لله) وتكبيره(الله أكبر) وتهليله(لا إله إلا الله) حتى يسفر الصبح جدًا) أي يشتد ضوء النهار قبل شروق الشمس(
يخرج الحاج من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس مع الإكثار من التلبية. يذهب الحاج لرمي جمرة العقبة الكبرى، وعندما يصل إليها يقطع التلبية ثم يبدأ برمي الجمرة بسبع حصيات، مثل حبة الفول، ويقول: )الله أكبر( عند رمي كل حصاة ويتأكد من سقوط الحصاة في الحوض. ثم يذبح الحاج هَدْيَه إذا كان متمتعًا أو قارنًا، ويجوز له أن ينيب غيره في الذبح، وتوزيع لحوم الهدي على الفقراء في الحرم المكي، وأما من حج مفردًا فلا هدي عليه. ومن لم يستطع الهدي وجب عليه صيام ثلاثة أيام بالحج وسبعة إذا رجع إلى بلده وأهله، ولا يقدم الحاج شراء الهدايا على شراء الهدي لأن تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب.
يحلق الحاج أو يقصر شعر رأسه من جميع الجوانب، والحلق أفضل، وبالنسبة للمرأة فإنها تجمع شعر رأسها وتقصر منه قدر عقلة الأصبع، ويقوم بالتقصير لها امرأة مثلها أو أحد محارمها من الرجال.
يرتدي الرجل ثيابه العادية ويضع الطيب ثم يذهب إلى المسجد الحرام، وأما المرأة فيحرم عليها أن تضع الطيب أثناء أداء مناسك الحج والعمرة.
يطوف الحاج طواف الإفاضة وهو سبعة أشواط بدون رمل. يصلي الحاج ركعتين خلف مقام إبراهيم إذا تيسر له ذلك، ويجوز له أن يصلي هاتين الركعتين في أي مكان في المسجد الحرام،. وبعد ذلك يذهب للشرب من ماء زمزم ويصب منها على رأسه وجسده، وينبغي على الحاج أن يشرب من ماء زمزم بنية الشفاء من الأمراض، وحفظ القرآن والسُّنة وطلب العلم النافع، وغير ذلك من أمور الخير. يسعى الحاج المتمتع بين الصفا والمروة، وكذلك القارن والمفرد اللذان لم يسعيا مع طواف القدوم . تنبيه هام : يقوم الحاج يوم العيد برمي جمرة العقبة الكبرى، ثم يحلق أو يقصر شعر رأسه،ثم يذبح هديه، ثم يطوف طواف الإفاضة، وبعد ذلك يسعى بين الصفا والمروة ومن السنة أن تكون هذه الأعمال بنفس هذا الترتيب السابق فمن ترك هذا الترتيب وقدّم شيئًا على آخر فلا شيء عليه، ولا حرج في ذلك.
أعمال اليوم الحادي عشر من ذي الحجة: يجب على الحاج المبيت بمنى مع التأكد أنه داخل حدود منى، وعليه المحافظة على أداء الصلوات المفروضة جماعة والإكثار من التكبير والذكر والاستغفار والدعاء.
يبدأ الحاج في رمي جمرة العقبة الصغرى بعد الظهر، بسبع حصيات متعاقبات مع قول الله أكبر عند رمي كل حصاة، ويجب عليه التأكد من سقوط الحصى داخل الحوض، وبعد ذلك يتجه الحاج نحو القبلة ويدعو الله بما شاء من الخير له وللمسلمين.
يتجه الحاج بعد ذلك إلى جمرة العقبة الوسطى فيرميها بسبع حصيات متعاقبات مع قول( الله أكبر( مع كل حصاة. وبعد ذلك يستقبل القبلة ويدعو الله بما شاء من الخير، ثم يتجه الحاج بعد ذلك إلى جمرة العقبة الكبرى، فيرميها بسبع حصيات متعاقبات مع قول الله أكبر مع كل حصاة، ثم ينصرف بعد ذلك ولا يدعو بعدها. تنبيهات هامة خاصة برمي الجمرات: يبدأ رمي الجمرات الثلاثة بعد الظهر ويجوز أن يستمر الرمي حتى الليل، ولا يجزئ رمي الجمرات الثلاث قبل الظهر.
يجب المحافظة على الترتيب عند رمي الجمرات الثلاث، فيبدأ الحاج برمي جمرة العقبة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى.
لا يشترط أن تصيب الحصاة العمود الموجود داخل الحوض، ولكن يشترط أن تسقط الحصى داخل الحوض، وإذا أصابت الحصاة العمود الموجود داخل الحوض، ولم تستقر فيه وجب على الحاج أن يرمي حصاة أخرى بدلاً منها.
إذا شك الحاج في عدد الحصى بنى على العدد الأقل. وإذا نسي الحاج حصاة في إحدى الجمرات، فلم يرم مثلاً إلا بخمس أو ست حصيات، ثم تذكر بعد عودته إلى مكان إقامته، وجب عليه أن يعود في الحال ليرمي الحصيات التي نسيها، فإذا لم يتذكر إلا في اليوم التالي، فعليه أن يبدأ برمي الجمرات التي نسيها أولاً ثم يرمي جمرات اليوم الحاضر، ولا شيء عليه.
يجوز لأصحاب الأعذار كالضعفاء والمرضى، أن ينيبوا غيرهم في رمي الجمرات، وذلك بعد أن يرمي الوكلاء عن أنفسهم. أعمال اليوم الثاني عشر من ذي الحجة : يجب على الحاج المبيت بمنى مع المحافظة على أداء الصلوات المفروضة جماعة والإكثار من الدعاء والاستغفار وذكر الله تعالى،ثم يرمي الحاج الجمرات الثلاثة بعد الظهر بنفس ترتيبها الذي تم في اليوم الحادي عشر.وإذا أراد الحاج أن يتعجل فعليه الخروج من منى قبل غروب شمس اليوم الثاني عشر. وإذا أراد الحاج العودة إلى بلده، وجب عليه الذهاب إلى المسجد الحرام ليطوف طواف الوداع. ويجوز للحائض والنفساء مغادرة مكة بدون طواف الوداع ولا شيء عليهما . أعمال اليوم الثالث عشر من ذي الحجة : يرمي الحاج الجمرات الثلاثة بنفس ترتيبها بعد الظهر.
عند الرغبة في مغادرة مكة، يجب على الحاج أن يطوف طواف الوداع، ويجوز للحائض والنفساء مغادرة مكة بدون طواف الوداع ولا شيء عليهما. وبهذا تكون قد تمت مناسك الحج . نسأل الله بأسمائه الحسنى أن يجعله حجًا مبرورًا وسعيًا مشكورًا،وأن يرزقنا عملاً صالحًا متقبلاً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.