توفي إلى رحمة الله تعالى يوم الخميس 24 ربيع الأول 1415 الموافق أول سبتمبر 1994 الشيخ عبد الرزاق عفيفي عطية أول وكيل لجماعة أنصار السنة المحمدية وثاني رؤسائها بعد رحيل مؤسسها الأول الشيخ محمد حامد الفقي.
وإذا كان الشيخ رحمه الله من مواليد 1904م 1323هـ، وقد تخرج في الأزهر الشريف ومنح الشهادة العالمية عام 1932م 1351هـ، ثم منح شهادة التخصص في الفقه وأصوله وعمل مدرسًا بالأزهر الشريف، مع ذلك فإنه لم ينقطع عن النشاط البارز في جماعة أنصار السنة المحمدية حتى كان العدد الأول من المجلة ، قد حرر فيه مقالين يستطيع القارئ أن يلمس في الشيخ – رحمه الله – وهو لا يزال بعد شابًا في الثالثة والثلاثين من عمره يتمتع بالنظر الثقاب والفهم الدقيق والأسلوب المعبر .
وقد رزقه الله مواهب من قوة الحافظة والملاحظة، وفقه النفس، وكرَّس جهوده لطلب العلم خارج أروقة الأزهر، وعني بعلوم اللغة والتفسير والأصول والعقائد والسنة والفقه، حتى أصبح إذا تحدث في علم من هذه العلوم ظن السامع أنه تخصصه الذي شغل فيه كامل وقته، وقد كان له عناية خاصة في دراسة أحوال الفرق، وهذه الأمور جعلت طلاب العلم يقصدونه في كل وقت ويسمعون منه، وانتفع بعلمه خلق كثير، ويشرف على رسائل بعض الدارسين في الدراسات العليا، ويشترك مع لجان مناقشة بعض الرسائل، ويلقي بعض الدروس في المسجد لطلبة العلم حسبما يتيسر، ويلقي المحاضرات، ويشارك في أعمال التوعية في موسم الحج.
هذا ولقد عرف معاصرو الشيخ عنه أنه كان غني النفس، بعيدًا عن حب الظهور، منكرًا لذاته، وكان ينفق راتبه أول كل شهر على الفقراء من المسلمين.
وكان الملك عبد العزيز إذا أقام حفلاً يكرم فيه العلماء بالسعودي ودعي إليه هو وغيره من العلماء، فإن الشيخ يتخلف عن حضور الحفل حبًا للتستر، ورغبة في أن يبقى ما بينه وبين الله لا يطلع عليه العباد.
ولقد عمل الشيخ رحمه الله مدرسًا بالأزهر الشريف منذ تخرجه ثم انتدب للعمل في المملكة العربية السعودية منذ عام 1949 – 1368هـ، وقد عمل على أكتافه هو والشيخ محمد علي عبد الرحيم – رحمه الله – مهمة تأسيس المعاهد العلمية بالمملكة، ثم شارك في تأسيس كلية الشريعة واللغة العربية بالرياض، ثم رأس المعهد العالي للقضاء، فلما تأسست هيئة كبار العلماء كان واحدًا من علمائها.
ولقد تميز الشيخ رحمه الله بسعة علمه، ومقدرته على الفهم الدقيق والاستنباط الواعي، والتمييز المستبصر، والالتزام بمنهج السلف الصالح النابع من القرآن الكريم والسنة المطهرة الصحيحة.
ولقد كان الشيخ رحمه الله نائبًا لرئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية منذ تأسست عام 1391هـ، وظل نائبًا لها حتى توفي رحمه الله.
ولقد كان الشيخ مع كبر سنه منظمًا في عمله، محافظًا على وقته بين الدرس والتدريس، ومراجعة الرسائل العلمية، وإعداد الأبحاث، وتسير الفتاوى، لا تراه أبدًا إلا في عمل مثمر نافع.
وقد أصيب الشيخ رحمه الله بمرض لازمه أكثر من ربع قرن، واشتد به المرض في السنوات الأخيرة، ولم يمنعه ذلك من ممارسة عمله وانتقاله إلى مقر عمله ومكتبه، والإفتاء والبحث، بل والصلاة في الجماعة في المسجد.
وتوفي الشيخ رحمه الله عن عمر يناهز التسعين، كانت سنوات جهاد ودعوة وعمل صالح.
نسأل الله أن يحشره في زمرة الصابرين المحتسبين.