أختي في الإسلام : السلام عليك ورحمة الله وبركاته . وأسأل الله لك دوام الحفظ ، وكمال الرعاية ، واستمرار الحماية ، وجميل الإرشاد والتسديد .
تذكري أيتها الأخت المسلمة : أن الله حباك ، ووهبك من صفات الخير في نفسك ما تحبينه ، وما جعلك محببة لغيرك من أب وأم ، وأخ وزوج وولد ، فلا تنسي ما يحببك لربك من خلق وعمل ، فالواهب سبحانه قادر على أن يسلب ما وهب ، فاتقي الله وقولي قولًا سديدًا ، وقولي: (اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبدًا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ) .
أيتها الأخت المسلمة : الله وهبك الوجه الجميل ، والبدن الجميل ، فاحذري سبل الشيطان : بدعوة المرأة للتبرج ، فاستري البدن بالثوب الذي أراده الله ، واستري النفس بالتقوى كما شرع الله . ( يَابَنِي ءَادَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ ءَايَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ(26) يَابَنِي ءَادَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) [ الأعراف : 26 ، 27 ] .
أخت الإسلام : الله أنقذك من حكم الجاهلية الأولى ، التي كانت تئد البنات ، وتعتبر المرأة رجسًا وتعدها متاعاً يتوارثه الرجال ، كما يتوارثون متاع البيت وأوانيه .
الإسلام أنقذ البنت من الدفن حية ، فقال تعالى : ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ(8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَت ) [ التكوير : 8 ، 9 ] ، والحضارة الحديثة تعود إلى وأد البنت ، فتجعلها مضيعة ، وتستغلها للمتاع في الشوارع والطرقات والأسواق والحانات – الحضارة الحديثة أعادت المرأة للرق ، فإذا رافقها الرجل فأنجبت منه تركها وولدها الذي أنجبته ؛ لتبقى في شقاء الكسب وضنك الحياة ، فإن لم تتبذل عليه جاعت ، وأجاعت أطفالها ، لذا فإن أشقى مخلوقات الأرض تلك المرأة التي جرت وراء زخرف الحضارة الحديثة ، فخالفت شرع الله سبحانه ، الذي شرع شرعًا مطهرًا ، وبنى دينًا قويمًا . جعل السعادة لمن اتبعه ، والشقاء لمن خالفه ، وجعل الجنة لمن آمن به ، وعمل ، والجحيم لمن كفر به ، وعصى أمره .
أيتها الأخت المسلمة : الله كرمك في طفولتك بأسباب الرعاية والعناية ، فجعل في قلب الوالدين حبًّا فطريًّا لا يسعدان حتى تسعدي ، ولا يستريحان حتى تستريحي ، ثم أكمل ذلك بالشرع الذي اعتنى بك في الرعاية والتربية ، ووعد بالجنة كل من أحسن إليك في الدنيا .
فلقد روى مسلم في (صحيحه) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من عال جارتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين) وضم أصابعه .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات ، فأعطت كل واحدة منهما تمرة ، ورفعت إلى فيها تمرة ؛ لتأكلها ، فاستطعمتها ابنتاها ، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما ، فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (إن الله قد أوجب لها بها الجنة) ، أو (أعتقها بها من النار) .
والله أوصى بك زوجةً ؛ لتكون العشرة بالمعروف ، فقال سبحانه : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا(19) وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) [ النساء : 19 ، 20] .
وأخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر). وأخرج الترمذي عن عمرو بن الأحوص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول : (ألا واستوصوا بالنساء خيرًا ، فإنما هن عوان عندكم ، ليس تملكون شيئًا غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا ، ألا إن لكم على نسائكم حقًا ، ولنسائكم عليكم حقًا ، فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون ، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) .
وأخرج الشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيرًا فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرًا ) .
والإسلام يوصي بالمرأة التي مات عنها زوجها ، فلا يتركها ، كما تركتها الحضارة الحديثة ضائعة ، فلقد أخرج الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله – وأحسبه قال – : وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر) .
أما المرأة أمًّا ؛ فإن الإسلام كرمها غاية التكريم فيقول الله سبحانه : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) [لقمان : 14] .
وأخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : (أمك) . قال : ثم من ؟ قال : أمك . قال ثم من ؟ قال : أمك ؟ قال : ثم من ؟ قال : (أبوك) . وقال تعالى: ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا(23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) [ الإسراء: 23، 24].
أيتها الأخت المسلمة : إن الله القادر الحكم العدل أرشدك في كتابه ، وأرسل رسولًا يبين لك الأمر الذي ينبغي أن تتبعيه فاتقي الله على كل حال ، واعلمي أن عليك واجبات ، فاحذري التقصير فيها ، فإن المعصية لله ورسوله سبيل الشيطان ، نذكر من هذه الواجبات .
الواجب الأول : واجبك نحو ربك من معرفته وتوحيده ، واجتناب الشرك به ، وعبادة غيره ، فدعاء غير الله شرك ، وتعليق الأحجبة والتمائم شرك ، والتشاؤم شرك ، والحلف بغير الله شرك . وعليك أن تؤدي حق الله في الصلاة والزكاة والصوم والحج ، وصدق الحديث ، وحفظ العورات ، والتزام الحجاب والقرار في البيت ، وعدم مخالطة الرجال إلا إذا كان ذا محرم ، واحذري أخت الإسلام الغيبة والنميمة فإن الله حمى أعراض الغائبين .
الواجب الثاني : واجب الزوج أن تكوني له عونًا على دينه ودنياه ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حدد صفات الخير في الزوجة بقوله : (إذا نظرت إليها سرتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك) واعلمي أن الجنة في طاعة الزوج وأن الجنة غالية فلا تبيعيها بثمن بخس أبدًا .
الواجب الثالث : واجب الولد الذي حباك الله به ، فهو منحة الله رب العالمين ، وأنت عنه مسئولة في حسن رعايته ، وجميل تأديبه، فعلميه الخير ، وجنبيه الشر ، علميه الصدق والصلاة وحسن الخلق واحترام الوالدين وعفة اللسان وغض البصر ، وليكن تعليمك له بالسلوك موافقًا لتعليمه بالقول .
الواجب الرابع : واجبك نحو الأرحام من الأقارب وأقارب زوجك في الإحسان إليهم ، فإن للرحم حقًّا الله أمر به ، ووعد عليه الأجر الجزيل .
الواجب الخامس : واجبك نحو الكافرات من حولك أن تعتزي بإسلامك ، وتظهري لهم جميل خلق المسلمات ، وتظهري بالسمت الحسن ، والاعتقاد السليم الذي صاغ به رب العزة الحياة كلها صياغة خالية من الكفر والتبذل ، فإن كنت مثالًا حسنًا لدينك نفع الله بك كثيرًا ، وأجزل لك الثواب والعطاء في الدنيا والآخرة .
أخت الإسلام : الله رقيب مطلع فراقبي الله وأطيعي أمره وأمر رسوله .
والله من وراء القصد