الحمد لله الذى هدى قلوب عباده المؤمنين إليه ، والصلاة والسلام على رسوله الذى بين السنة وحذر من البدعة ، وأكمل الدين وأقام الحجة .. وبعد .
فمما لا شك فيه أن الأزهر الشريف منارة هدى ومشعل ضياء، قد تعلم فيه وتخرج منه أئمة أعلام دعوا إلى السنة، وحذروا من البدعة، وأقاموا الحجة، ودحضوا الشبهة.
وجاهدوا فى سبيل الله بأفلامهم وألسنتهم .
وبعض الناس قد لا يفهم هذه الحقيقة، فينسب إلى الأزهر ما ليس فيه !
وذلك أن الطرق الصوفية قد أقامت لأنفسها قديماً – وبتعبير أدق – أقيم لها جهاز مستقل يرعى شئونها هو ” المجلس الصوفى الأعلى ” !!
وهذا الجهاز لا سلطان للأزهر عليه من قريب أو بعيد !!
وعندما تقوم الصوفية بنشر البدع والضلالات والخرافات يتساءل الكثير من المسلمين: لماذا يسمح الأزهر بمثل هذه البدع والضلالات ؟
ظناً منهم أن الأزهر هو القائم عليها !! ويفرح أرباب التصوف لمن ينسب أعمالهم وأقوالهم إلى الأزهر لأنه يأوى إلى ركن شديد !!
وعندما يؤلف العلماء كتباً تحذر من الصوفية وبدعها ينبرى بعض الناس للدفاع عن الصوفية وهو يظن أنها جزء من الأزهر !
وقد قال لى قائل : إن مادة التصوف تدرس فى قسم الدراسات العليا بجامعة الأزهر !
وأقول : هذا ليس دليلاً على صحة التصوف فإن الفلسفة أيضاً تدرس وهى ليست علماً شرعياً .
ونحن ندرس عقائد الفرق الضالة لنقف على ضلالهم. فالدراسة شىء والتفريق بين الحق والباطل شىء آخر .
ولسنا بحاجة إلى أن نسوق الأدلة مرة أخرى على ضلال الصوفية وبدعها ومخالفتها للسنة فإن الحق له طريق واحد، والضلال له طرق كثيرة.
وقد رضى الله لنا الإسلام ديناً فنحن نسمى أنفسنا بما سمانا الله به ” هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ” .
ولكن ما نريد أن نقرره ونؤكد عليه أن الأزهر ليس هو الصوفية ..
بل إن الأزهر قد جلس فى أروقته على مر الدهور والعصور كثير من العلماء الكبار ، ومنهم على سبيل المثال : الحافظ ابن حجر العسقلانى والسخاوى والسيوطى ، وابن خلدون والزرقانى وغيرهم رحمهم الله .
ولا يفوتنا أن ننبه قراءنا إلى أن علماء ورؤساء أنصار السنة المحمدية كانوا من رجال الأزهر وعلمائه .
فالشيخ العلامة محمد حامد الفقى مؤسس أنصار السنة رحمه الله كان عالماً أزهرياً وله فى نصر السنة ومحاربة البدعة باع طويل لا ينكره إلا جاحد .
والشيخ العلامة عبد الرحمن الوكيل رحمه الله ، وكذلك الشيخ الدكتور محمد خليل هراس رحمه الله ، والشيخ والعالم محمد على عبد الرحيم الرئيس السابق رحمه الله ، وشيخنا العلامة عبد الرازق عفيفى أطال الله بقاءه وأنعم عليه بالصحة والشفاء . كل هؤلاء من كبار علماء الأزهر ، وبفضل الله ثم بجهودهم المخلصة ، انتشرت السنة فى مصر ، وماتت كثير من البدع أو كادت .وبقيت ثلاث حقائق هامة عن الأزهر أريد أن يتنبه لها الكرام القارئون
الحقيقة الأولى
أن الأزهر جهة بيان وإفتاء لا جهة قضاء فعلماؤه يقومون بدورهم فى بيان السنة ومحاربة البدعة والتحذير منها ، فمن شرح الله صدره انتفع بهذا البيان ، ومن كان فى الضلالة أقام على بدعته وضلالته .
وهذا هو شأن الصوفية مع الأزهر منذ عشرات السنين !!
الحقيقة الثانية :
أن الأزهر قد صدر عن علمائه الكثير من الفتاوى الهامة التى تصحح عقائد المسلمين وتحول بينهم وبين كثير من البدع والمنكرات المنتشرة ، وهؤلاء العلماء قد قاموا بما أوجبه الله عليهم من البيان وعدم الكتمان ، وقد صدرت عن دار الإفتاء المصرية هذه الفتاوى على مدى مائة سنة ، ونسوق أمثلة منها :
* صدرت فتوى فى سنة 1321هـ بعدم جواز قراءة السورة يوم الجمعة بالمسجد على وجه يشوش على المصلين .
* ما يذكر بعد الأذان أو قبله من المحدثات المبتدعة.
* فى سنة 1940م صدرت فتوى بعدم جواز دفن الموتى فى المساجد !! ومع هذا فما زالت الصوفية تقدس ذلك !
* وفى سنة 1944م صدرت فتوى هامة نصها : ” النذر لأصحاب الأضرحة والأولياء والصالحين باطل بالإجماع !! لأنه نذر لمخلوق وهو غير جائز لأن النذر عبادة ، وهى لا تكون لمخلوق أبداً ، ولأن المنذور له ميت والميت لا يملك ” .
وفى سنة 1917م صدرت فتوى بعدم جواز أخذ الأجرة على تلاوة القرآن الكريم ويأثم الدافع والقارئ بأخذ الأجرة وجاء فى نفس الفتوى جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم والأذان والإمامة للضرورة ؟
وفى سنة 1942م صدرت فتوى جاء فيها أن الوقف على قراءة القرآن وعمل الموالد غير صحيح ، وأن عمل الموالد بالصفة التى عليها الآن لم يفعله السلف الصالح ولو كان ذلك من القرب لفعلوه !!
أقول : إذا كان علماء الأزهر قد أنكروا ما يحدث من الموالد فى سنة 1942م
فماذا يكون حكمها فى سنة 1993م وقد أضيف إليها من المنكرات والبدع على مدى خمسين عاماً ما يجعلها أشد تحريماً وضلالاً .
وفى سنة 1926م صدرت فتوى تنص على أن زيارة القبور مندوب إليها دون مس ولا تقبيل ولا طواف !!
وفى نفس الفتوى بيان حكم الموسيقى وهو الكراهية التحريمية أى التحريم ، ولم يستثن إلا ضرب الدف فى الأعراس ، والأعياد الدينية !!
الحقيقة الثالثة :
أن العلمانية المصرية تحارب الإسلام فى كل صوره وأشكاله !!!
فكل ما ينتمى إلى الإسلام مرفوض عندهم !وهذا هو سر المعركة الشرسة التى تقودها العلمانية المصرية ضد الأزهر فى الآونة الأخيرة.وأخيراً نكرر القول بأن الأزهر ليس هو الصوفية !
فإلى الذين يشوهون صورة الأزهر من المنتسبين إلى التصوف أو العلمانية نقول لهؤلاء وهؤلاء :إن شعب مصر المسلم لن يقع فى حبالكم ! وسوف يحميه الله من مكركم وكيدكم ” وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ” .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه .