الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فيقول جل وعلا: { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }.
ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء». [حديث صحيح].
وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء».
وإن من أعداء الله، وأعداء دينه الحق، من يُدخلون الشبهات على المسلمين في أوامر دينهم، حتى يكونوا مثلهم في المخالفة لأمر الله، وتبديل ما جاءهم من الحق، بما تهوى الأنفس، ويلذّ للألسن.
واهتمام أهل الكتاب بأن يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم ملتهم، عندما كان يبلغ أمر الله، وينشر رسالة ربه، ثم أمته من بعده، يبدأ من نقض الإسلام عروة عروة، والتشكيك في شرع الله، ومسايرته للعصر، الذي يريدونه حسب رغباتهم الشخصية.
والمرأة وحجابها، وعملها وحقوقها، هي من أوليات الأمور التي يعقدون لها المؤتمرات، ويصدرون بشأنها النشرات المتتالية، ليباعدوا المرأة المسلمة عن أوامر دينها، حتى تساير المرأة في بلادهم، التي اقتيدت لأمور تخالف فطرتها، وما وجهتها إليه الأوامر الربانية، على ألسنة رسل الله، من أولهم إلى آخرهم، ولجهلها انساقت مع دعاتهم، فكانت أول فتنة لبني إسرائيل، وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته من فتنة النساء.
وما أكثر ما تتعرض وسائل الإعلام، بين حين وآخر إلى المرأة وحجابها، بدون كلل ولا ملل، وخاصة في صحائف البلدان الإسلامية، محاولين أن يحققوا باطلاً، ويباعدوا المرأة من حقّ أمرتها شريعة الله به ، في مصدريها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكأنه لم يكن عند المسلمين من القضايا والأمور، الواجب الاهتمام بها، غير حجاب المرأة المسلمة، والدعوة إلى مشاركتها الرجل في الأعمال، وذلك بنبذ الاحتشام الذي تقتضيه الفطرة، ونزع الحجاب الذي هو أمر من الله.
والمرأة في التاريخ الطويل، لم تحظ بمكانة، بمثل ما حظيت به في الإسلام حقوقًا وواجبات، واحترامًا وتقديرًا، ومعاملةً فيما يتلاءم مع فطرتها، حتى إن المرأة الغربية والشرقية في بقاع الأرض والمفكرين المنصفين من رجال الغرب يشيدون بما حصل للمرأة من مكانة في الإسلام، وتتمنى المرأة في الغرب أن تحظى بمثل مكانتها.
وتصديقًا للآية الكريمة السابقة نراهم يعدّون في مؤتمرات الاستشراق، لوضع خطط يكيدون بها للإسلام وأهله، ويسعى كبراؤهم في هذا السبيل تصريحًا وتضليلاً، { وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }.
ففي مؤتمر الاستشراق، المقام في القدس عام 1909م يقول القسّ زويمر البريطاني – الذي قيل إن أصله يهوديّ، حيث أوصى بأن يدفن على طريقة اليهود-: لن يهدأ لنا بال حتى نمزّق القرآن من قلوب المسلمين ونجعل بجوار الكعبة كنيسة.. هذا عن العقيدة والعبادة.
ويقول غلادستون رئيس مجلس العموم البريطاني: لن تستقيم حالة الشرق، ما لم يرفع الحجاب عن المرأة، ويغطَّى به القرآن.
وإن قراءة واعية لمثل هذه التصريحات وهي كثيرة تظهر بين حين وآخر، كافية بإيقاظ حماسة المسلمين، ودفعهم للدفاع عن دينهم الحق، وتنفيذ الأمور بدليلها الشرعيِّ، حتى يتعلم الجاهل، وينتبه الغافل.
ولكن المصيبة، عندما يأتي بعض طلاب العلم – وفقهم الله للصواب والنية الصادقة – ليفتحوا بابًا من أبواب الفتنة، بدعوتهم في الصحف، إلى الإصرار على أن وجه المرأة ليس بعورة، وأن الوجه والكفين موطن خلاف، محتجين بحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن المرأة إذا بلغت المحيض لا يصلح أن يرى منها، غير هذا وهذا» وأشار إلى الوجه والكفين.
ومعلوم أن علّة الحكم ومداره – كما قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله – على خوف الفتنة بالمرأة ، والتعلّق بها ، ولا ريب أن الوجه مجمع الحُسْن، وموضع الفتنة ، فيكون ستره واجبًا لئلا يفتتن به أولو الإربة من الرجال.
وحديث أسماء بنت أبي بكر، قد تتّبعه كثير من العلماء قديمًا وحديثًا، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام الشافعي والشيخ الشنقيطي والشيخ عبد العزيز عبد القادر بن حبيب الله السندي في رسالة خصّصها لمناقشة هذا الحديث وطرقه – رحمهم الله -، وبان لهم ضعفه، وأنه لا يحتج به، كما سوف نوضح ذلك فيما بعد.
وفي نيل الأوطار شرح المنتقى: ذكر المؤلف: اتفاق علماء المسلمين، على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفساق، وفي هذا الزمان ما أكثر الفساق، وما أجرأهم على انتهاك الحرمات حسب ما تطفح به الصحف من أخبار لا تمثّل كل ما يحصل ، مما يجب معه سدّ الذرائع، وعدم فتح باب شرّ، يصعب إغلاقه، حيث إن فتحه يوقظ الفتنة النائمة في المجتمع الإسلامي.
والأدلة العقلية والنقلية بحمد الله واضحة.
يقول الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في رسالة «الحجاب»: ولا أعلم لمن أجاز نظر الوجه والكفين، من الأجنبية دليلاً من الكتاب والسنة سوى ما يأتي:
1- قوله تعالى: { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا }، حيث قال ابن عباس رضي الله عنهما: هي وجهها وكفاها والخاتم، قال الأعمش عن سعيد بن جبير عنه، وتفسير الصحابة حجة يردّ هذا، في مواضع منها حديث الخِطبة لمن ينظر للمرأة وإن كانت لا تعلم، الذي رواه الإمام أحمد. قال في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح، وجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم؛ نفى الجُنَاحَ، وهو الإثم عن الخاطب خاصة، إذا نظر إلى مخطوبته، بشرط أن يكون نظره للخِطبة، فدل على أن غير الخاطب آثم بالنظر إلى الأجنبية، بكل حال، وكذلك الخاطب إذا نظر لغير الخطبة، مثل أن يكون غرضه بالنظر التلذذ والتمتع.
2- ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العبد، قُلْنَ: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لتلبسها أختها من جلبابها». رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند عدمه لا يمكن أن تخرج، ولذلك ذكرن رضي الله عنهن هذا المانع، لرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أمرهن بالخروج إلى مصلى العيد فبيّن لهن حلّ الإشكال، ولم يأذن لهن بالخروج إلى مصلى العيد، وهو مشروع مأمور به للرجال والنساء؛ بغير جلباب.
3- ومنها: ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر، فيشهد معه نساء من المؤمنات، متلفّعات بمروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن، ما يعرفهن أحد من الغلس، وقالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما رأينا، لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها، وقد روى نحو هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه.
وفي هذا دلالة على أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة، الذين هم خير القرون وأكرمها على الله عز وجل ، وأعلاها أخلاقًا وآدابًا، وأكملها إيمانًا، وأصلحها عملاً، فهم القدوة، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.
الثاني: ما رواه أبو داود في سننه، عن عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها، وقال: يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت سن المحيض، لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه.
الثالث: ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أخاه الفضل، كان رديفًا للنبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجهه، أي الفضل إلى الشق الآخر، ففي هذا دليل على أن المرأة هذه كانت كاشفة وجهها.
الرابع: ما أخرجه مسلم وغيره من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالناس ، صلاة العيد، ثم وعظهم وذكَّرهم، ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهن وذكرهن، وقال: يا معشر النساء تصدقن، فإنكن أكثر حطب جهنم، فقامت امرأة من وسط النساء سفعاء الخدين.. الحديث. ولولا أن وجهها مكشوف ما عرف أنها سفعاء الخدين.
هذا ما أعرفه من الأدلة، التي يمكن أن يستدل بها على جواز كشف الوجه للأجانب من المرأة، ولكن هذه الأدلة لا تعارض أدلة وجوب ستره.
أدلة الحجاب :
وإن في تأصيل الردّ على القائلين بجواز كشف الوجه للأجانب يأتي من وجوه:
الأول : ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها، في قصة الإفك قالت: «فرأى – أي صفوان بن المعطل – سواد إنسان نائم ، فأتاني فعرفني حين رآني، وقد كان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه، حين عرفني فخمرّت وجهي بجلبابي، والله ما كلمني كلمة، إلى نهاية الحديث، الذي أورده ابن كثير – رحمه الله في سورة النور».
فهذا دليل صريح على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، ونساء الصحابة ، كنّ يكشفن وجوههن وأيديهن قبل نزول آية الحجاب، وبعدما نزلت استجبن لأمر الله بالحجاب، في تغطية الوجه وغيره مما كان يظهر قبل الحجاب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وإنما ضرب الحجاب على النساء لئلا تُرى وجوههن وأيديهن، والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء ، كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه : أن الحرة تتحجب، والأمة تبرز.
وأما قوله تعالى : { وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ } الآية.
فقد رخص فيها للعجوز التي لا تطمع في النكاح ، أن تضع ثيابها ، فلا تلقي عليها جلبابها ولا تحتجب ، وإن كانت مستثناة من المفسدة الموجودة في غيرها، كما استثنى التابعين غير أولي الإربة من الرجال في إظهار الزينة لهم ، لعدم الشهوة التي تتولد من الفتنة.
وكذلك الأمة إذا كان يخاف منها الفتنة، كان عليها أن ترخي من جلبابها وتحتجب، ووجب غض البصر عنها ومنها.
فالإماء والصبيان، إذا كنّ حسانًا، تخشى الفتنة بالنظر إليهم، كان حكمهم كذلك، كما ذكر العلماء ذلك ، ثم أورد أقوالاً للعلماء في هذا، منها قول المروذي: قلت لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل : الرجل ينظر إلى المملوك ؟ قال: إذا خاف الفتنة لا ينظر إليه، كم نظرة ألقت في القلب البلاء.
قال المروزيِّ: قلت لأبي عبد الله : الرجل تاب، وقال: لو ضرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية، إلا أنه لا يدع النظر، فقال: أي توبة هذه؟! قال جرير: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة؟ فقال: «أصرف بصرك».
الثاني: آيات الحجاب، فهي أمر صريح بالتزام الحجاب لأزواج الرسول صلى الله عليه وسلم وبناته، ونساء المؤمنين في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ } الآية.
قال ابن عطية الأندلسي في تفسيره: لما كانت عادة العربيات التبذل، وكنّ يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، وتشعّب الفكر فيهن، أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأمرهنّ بإدناء الجلابيب ليقع سترهن، ويبين الفرق بين الحرائر والإماء، فيعرف الحرائر بسترهن، فيكف عن معارضتهن، من كان غزلاً أو شابًا.
وروي أنه كان في المدينة قوم يجلسون على الصعدات، لرؤية النساء ومعارضتهن ومراودتهن، فنزلت الآية بسبب ذلك، والجلباب ثوب أكبر من الخمار، وروى عن ابن عباس وابن مسعود أنه الرداء، واختلف الناس في صورة إدنائه، فقال ابن عباس وعبيدة السلماني : ذلك أن تَلْوِيَهُ المرأة حتى لا يظهر إلا عين واحدة ، تبصر بها، وقال ابن عباس أيضًا وقتادة: وذلك أن تلويه فوق الجبين، وتشدّه ثم تعطفه على الأنف، وإن ظهرت عيناها، لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه.
وقوله تعالى: { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ } أي على الجملة بالفرق، حتى لا يختلطن بالإماء، فإذا عرفن لم يُقابَلْن بأذى من المعارضة، مراقبة لرتبة الحرية، وليس المعنى: أن تعرف المرأة، حتى يعلم من هي، وكان عمر إذا رأى أمة قد تقنعت ضربها بالدّرة، محافظة على زيّ الحرائر.
والآية الثانية في الأمر بالحجاب قول الله تعالى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }.
يقول الشيخ الشنقيطي في تفسيره : إن من أنواع البيان التي تضمنها هذا الكتاب المبارك : أن يقول بعض العلماء في الآية قولاً، وتكون في نفس الآية قرينة تدل على عدم صحة ذلك القول ، وفي هذه قلنا: إن قول كثير من الناس: إن آية الحجاب هذه خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن تعليله تعالى لهذا الحكم ، الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوب الرجال والنساء من الريبة في قوله تعالى : { ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }: قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم ، إذْ لم يقل أحد من جميع المسلمين: إن غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا حاجة إلى أطهرّية قلوبهن، وقد تقرر في الأصول أَن العلّة قد تعمِّم معلولها.
وبما ذكرنا تعلم ، أن في هذه الآية الكريمة الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب حكم عام في جميع النساء ، لا خاص بأزواجه صلى الله عليه وسلم وإن كان أصل اللفظ خاصًا بهن ؛ لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه .
وإذا علمت أن قوله تعالى : { ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } ، هو علة قوله تعالى : { فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ }، وعلمت أن حكم العلة عام، فاعلم أن العلة قد تعممّ معلولها، وقد تخصصه كما ذكرنا، وإليه أشار في مراقي السعود بقوله :
وقد تخصّص وقد تعمّم
لأصلها لكنها لا تخرم
وبه تعلم أن حكم آية الحجاب عام لعموم علّته، وإذا كان حكم هذه الآية عامًا ، بدلالة القرينة القرآنية فاعلم أن الحجاب واجب ، بدلالة القرآن على جميع النساء .
وقد توسّع رحمه الله في هذا الموضوع ، إذْ بسطه في أكثر من عشرين صفحة ؛ ذاكرًا الأدلة القرآنية على وجوب الحجاب على العموم ، ثم الأدلة من السنة، ثم مناقشة أدلة الطّرفين، وذكر الجواب عن أدلة من قالوا بعدم وجوب الحجاب ، على غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد يورد شبهات القائلين بعدم ستر الوجه ، ويردّ عليها.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.