الإعلام المصرى يشوّه صورة مصر

الحمد لله الذى علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم والصلاة والسلام على رسول الله الذى علمه ربه ما لم يكن يعلم .. وبعد .

فإن رسالة الإعلام رسالة سامية ، وعليه يقع العبء الأكبر، والدور الأعظم فى توجيه المجتمع وتعليمه وتحقيق استقراره وتصحيح مفاهيمه ، والإعلام فى مصر بجميع مجالاته وشتى أشكاله له دور خطير فى التأثير على المجتمع وتوجيه أفراده إلى الوجهة التى يريد ! وكل وسيلة إعلامية فى بلدنا المسلم تحتاج إلى مراجعة ، بل إلى جهود مخلصة لتصحيح مسارها وتعديل أوضاعها .

ومن حق القارئ على الكاتب أن يضع يده على هذه الوسائل ، وأن يذكر له مواضع الخلل والزلل .

وأقول : إن هذه الوسائل الإعلامية قائمة بيننا ومعنا وبنا ! وهى كثيرة متنوعة ..

فالأذان الذى ينادى به للصلاة وسيلة من وسائل الإعلام .

وخطبة الجمعة وسيلة إعلامية هامة .

والندوات والمحاضرات وسائل إعلامية .

والصحف والمجلات على اختلاف توجهاتها من وسائل الإعلام والكتب التى نقرؤها من وسائل الإعلام .

والإذاعة المسموعة وسيلة إعلامية مؤثرة .

والشاشة المرئية أشد وسائل الإعلام خطراً وأكثرها ضرراً !! فإذا تدبرنا هذه الوسائل لنتعرف على مواضع الخلل فإننا نبدأ بأولها ذكراً. وهو الأذان فنقول:

إن مصر بلد إسلامى ينتمى إلى أهل السنة والجماعة : ومع ذلك فإن الأذان فى كثير من مساجدنا مازال يشتمل على بدع ومخالفات ! كإضافة ألفاظ إلى الأذان وليست منه أو رفع الصوت بعده من المؤذن بالصلاة والسلام .

وهذا يشوه صورتنا وينسبنا إلى البدعة لا إلى السنة !

وأما خطبة الجمعة فإنها قد وصلت – عند كثير من الخطباء – إلى حالة من الضعف يرثى لها، فالموضوع غير مترابط ، والعامية هى لغة الخطابة واللسان أبعد ما يكون عن لغة العرب! وأحاديث الخطبة ضعيفة أو موضوعة . والكلمات تخرج من اللسان لا من القلب فلا تؤثر فى سامعها ، لو رآنا علماء الأمة الأوائل لحالوا بيننا وبين المنابر !

وأما الندوات والمحاضرات فإنها مع قلتها وندرتها قد بلغت الغاية فى الضعف وقلة التأثير .

يقوم عليها من يعلمون ومن لا يعلمون ! بل إن من لا يعلم أسعد حظاً بها ممن يعلم !

وأما الصحف والمجلات فإن لها شأناً عجيباً وأمراً غريباً فهذه صحيفة تهاجم الشريعة ولا تعاقب على ذلك وقد تثاب وهذه مجلة تستهزئ بأحكام الدين وسننه ! ومع ذلك فما زالت تشق طريقها لتصل إلى هدفها المرسوم لمحو الدين من الأذهان وإخراجه من الأوطان !

وثالثة ورابعة.

وإنك لتعجب من هذه الأصابع الخفية التى تحرك هذه الصحف وتلك المجلات فى خفة فائقة دون أن تصل إليها الرقابة أو يمسسها سوء، ويزول العجب عندما تعلم أنها قد أصبحت هى الرقيب على نفسها فهى الخصم والحكم !

ويقفز إلى الأذهان سؤال مهم: لماذا لا توضع رقابة شرعية على هذه الصحف وتلك المجلات.

إننى من فوق هذا المنبر أقترح أن يخصص لكل صحيفة أو مجلة تصدر فى مصر هيئة للرقابة الشرعية من علماء الأزهر الشريف تراجع الأقوال والأعمال حتى تحمى المجتمع من هؤلاء الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون .

ومن وسائل الإعلام المؤثرة الكتاب الذى نقرأه .

فإن كان يحوى علماً نافعاً نفعنا الله به ، وإن الكثير من الكتب – ومنها مقرر فى التعليم – يخرج على الناس بمفاهيم فاسدة وكلام ساقط ، ومخالفات صارخة لشريعتنا التى نزعم أننا أحق بها وأهلها !!

وأما الحديث عن الإذاعة المسموعة فهو حديث يدمى القلب ويدع الحليم حيران !

إن كثيراً من البرامج الساقطة تتحدى مشاعر المسلمين ، وتهدف إلى تخريج مجتمع راقص ! وجيل يلهو ويلعب لا يعرف الجد ولا يتحمل مسئولية أمة !

والمرأة فى الإذاعة – وكذلك التليفزيون – لها الدور الأعظم فى إفساد أخلاق المجتمع ، وتشويه صورتنا عند غيرنا .

إن تسمية الحرام فناً لا يغير حكمه الشرعى ولا يجعل الباطل حقاً . ولكنها حقيقة واقعة تحتاج إلى تصحيح ومراجعة .

وأما الشاشة المرئية فهى رأس الفساد ، وذروة سنامه ! بل لا أكون مبالغاً عندما أقول : إن هذه الشاشة هى أقوى أسباب الانحراف فى مجتمعنا .

إن اللصوص يتعلمون من هذه الشاشة فنون السرقة !

والتليفزيون فى مصر المسلمة لا يستحى أن يقدم الأذان بين رقصتين !!

وقد أصبح فساد الأخلاق فيه أمراً طبيعياً ! بل يمكن القول بأن تدمير الأخلاق هو أهم أهداف التليفزيون المصرى  .

ألا يدفعنا ذلك إلى تساؤل مهم ؟؟

ما هى العلاقة بين هذا الشقاء والاضطراب وعدم الاستقرار الذى يعيشه المجتمع وبين الفساد فى وسائل الإعلام ؟

والجواب الذى لا شك فيه ولا ارتياب أن البعد عن الله من الراعى والرعية هو الذى أثمر حياة الشقاء والضنك فإن ذلك سنة من سنن الله التى لا تبدل ولا تتحول كما فى قوله تعالى: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ” .

فإذا سألنا عن المخرج فإنه فى قوله تعالى : ” وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ” .

” فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ” .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه .