السؤال:
تخرجت من الجامعة منذ 3 سنوات بتقدير مرتفع جدًا، وبحثت عن عمل في كل القطاعات، ولم أجد، فعرض عليّ أحد الأشخاص أن يوظفني في إحدى الشركات لقطاع معين مقابل مبلغ مالي، فذهبت إلى تلك الشركة في ذلك القطاع أكثر من مرة، وسألت عن نظام التوظيف بها هل لها إعلانات للتوظيف فقال لي الموظف المختص
صراحة لا سبيل للتوظيف هنا إلا بواسطة وفلوس
مع العلم أني لن آخذ حق غيري لأنه لا يوجد إعلان، وشروط هذه الوظيفة تنطبق عليَّ تمامًا، وأنا ليس لي مصدر رزق آخر، وأنا أكبر إخوتي، ووالدي على المعاش
فهل أدفع له المال أم لا؟
الجواب:
قال الأخ السائل بعد مطلع عرضه للسؤال:
1- قال لي الموظف المختص لا سبيل للتوظيف إلا بواسطة وفلوس.
2- قال: علمت أنى لن أخذ حق غيري لأنه لا يوجد إعلان.
3- قال: أن شروط الوظيفة تنطبق عليه.
4- قال: ليس لي مصدر رزق آخر.
5- قال: أنا أكبر أخوتي ووالدي على المعاش.
6- قال: فهل أدفع له المال أم لا؟
أقول وبالله التوفيق والسداد:
1- نفى الموظف المختص للتوظيف إلا بواسطة وفلوس، وهذا الظاهر منه بالذنب وهو الرشوة، وقد صح عن الرسول صلي الله عليه وسلم قوله: “لعن الله الراشي والمرتشي” ومفهومه يدخل “الرائش” وهو الواسطة بينهما، وبرهانه في القرآن في المائدة” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” قوله في الحديث “لعن الله” واللعن هو الطرد من رحمه الله، والكبيرة تعرف بوجوه منها “اللعن”. وفي الصحيحين وغيرهما قوله صلي الله عليه وسلم ” كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ…”.
2- قول السائل: أنى لن أخذ حق غيري لأنه لا يوجد إعلان! -أما عدم وجود الإعلان، فهو ليس تعليلاً، فقد يوجد الإعلان في الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية، ولا يتحقق المطلوب إلا بما صرح به الموظف – وأما تعليله بأنه لن يأخذ حق غيره، فهذا التعليل يرده الآتي: – قوله تعالي:” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ ” فهل هذا العطاء من السائل لذلك الموظف المجاهر بالذنب يعد براً وتقوي أم إثما وعدواناً؟! وجوب سد ذرائع الفساد وهذا الطريق رأسها لأنه من أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالي: “وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ…”
3- قوله أن شرط الوظيفة ينطبق عليّ، نعم وعلي غيرك أيضاً والذي يقال لك يقال لغيرك، وهذا يؤدي إلي الحقد والضغينة والكراهية للغير المتنافس، مع أن المنافسة تحسم للدافع وأكثر وهكذا، وهذه من صور الضرر وأكل أموال الناس بالباطل، وكلها منهي عنها في الشريعة. والدال علي الخير كفاعله، فالدال على الشر كفاعله.
4- قوله: ليس لي مصدر رزق آخر، هذا التعليل لا يبرر الحرام ولتعلم السائلة قول الله تبارك وتعالي:”وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا”… “وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا” وقوله:” إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” وفي القاعدة: “إذا ضاقت اتسعت / فرجت”
5- قوله: أنا أكبر أخوتي ووالدي على المعاش، فالتعليق عليه كسابقة.
6- قوله: فهل أدفع له المال أم لا؟ أقول: لا، لا، لأنه من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. قال تعالي:” إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ” ونصرتنا لربنا بأمور ثلاثة، ملكتْ زمام الأمور:
– عقيدة صحت.
– تعبد ورد.
– تعامل شُرِع.
وأذكّر السائل بقوله صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقي الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام” فإذا تشابه على السائل مطلبان فليذكر قوله صلى الله عليه وسلم: “ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام” ولم يقل ” فقد وقع في الحلال ” إن ذلك لعبرة لأولي الألباب. ومن جانب آخر إذا أعرض السائل وغيره عن الحرام وأهله كانت دعوة عظيمة إلي الحق وأهله. أسأل الله الهداية للمسلمين جميعًا.