خدمة المرأة لزوجها بين الطرح العلماني والحكم الفقهي (2) (حقوق الزوجية)

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [سبأ: 1]

وصلى الله وسلم على خاتم الأنبياء، وإمام المرسلين، وبعد:

فإن قيام الأسرة على الأسس والقواعد التي أرساها الإسلام من: حفظ الحقوق، والقيام بالواجبات، والتعامل بالإحسان، ينشر فيها الأنس والمودة والرحمة، وفي ذلك حفظ لها من التفكك، ونشر للطمأنينة بين أطرافها وإن لم تقم العلاقة بين الزوجين على الحب، فكم من أسرة قامت على هذه الأسس لما تحققت وإن غاب الحب بين طرفيها.

قال الله تعالى: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر» أخرجه مسلم (1469)، ومعنى يفرك: يبغض أو يكره.

ومسألة خدمة المرأة زوجها من الأسس والقواعد التي جعلتها الشريعة بين الزوجين سواء كانت من الحقوق الواجبة عليها له، أو من الإحسان في المعاملة.

وهي مسألة من مسائل الحقوق التي اختلف فيها الفقهاء قديمًا فلم يكن في خلافهم مساغًا لتخبيب المرأة على زوجها أو تزهيدًا للرجل في الزواج.

وهذه المسألة مثلها في الاختلاف مثل اختلاف الفقهاء في وجوب تكفل الرجل بعلاج امرأته سواء قالوا: إن العلاج ليس من الحاجات الأساسية، أو قالوا: إن النفقة إنما تكون فيما يقابل المنفعة، والتداوي إنما هو لحفظ أصل الجسم فلا يجب عليه التكفل بالعلاج.

لكن التيارات العلمانية وكثير من الجمعيات النسوية حاولت استغلال هذا الثراء في الفقه الإسلامي لإيجاد فجوة ينفذون منها إلى الأسرة فيحدثون بها شرخًا في العلاقة الزوجية، فينبغي على المصلحين التنبه لمثل هذه الأحابيل.

أما من ناحية الشريعة فإن عقد الزواج من أعظم العقود التي يعقدها المكلفون حتى وصفه الله بأنه ميثاق غليظ، قال الله عزوجل: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 21]

والحقوق الزوجية المترتبة على هذا العقد من آكد الحقوق التي أمر الله بالوفاء بها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]

وهذه الحقوق منها ما هو متفق عليه بين الفقهاء، ومنها ما هو مختلف فيه، وقبل البيان لمسألة خدمة المرأة لزوجها سأتناول في هذا المقال باختصار غير مخل إن شاء الله تعالى مسألة الحقوق الزوجية، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

الحقوق الزوجية باعتبار من تنسب إليه تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: الحقوق المشتركة بين الزوجين.

القسم الثاني: الحقوق المختصة بالرجل.

القسم الثالث: الحقوق المختصة بالمرأة.

أما القسم الأول: الحقوق المشتركة بين الزوجين:

فهي تنقسم إلى قسمين:

الأول: حقوق مالية.

الثاني: حقوق غير مالية.

أما الحقوق المالية:

فهو حق التوارث بين الزوجين بمجرد العقد، فيرث الرجل امرأته إن ماتت عنه ولو لم يدخل بها، وترث المرأة زوجها وتحد عليه أربعة أشهر وعشرًا وإن لم يدخل بها، قال تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12].

أما الحقوق غير المالية، فمنها:

1- انتشار المحرمية بالمصاهرة بين الزوجين: فتحرم أم الزوجة على الزوج وإن علت على التأبيد بمجرد العقد، وتحرم ابنتها عليه بالدخول، وتحرم الزوجة على أبيه وإن علا، وعلى ابنه وإن نزل.

قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23]

2- المعاشرة بالمعروف، وهو حق مشترك بين الزوجين.

قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228].

قال الغزالي في الإحياء (2/ 43): «والمعاشرة بالمعروف: تكون بِحُسْن الخُلُق معها، وكف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحِلْم عن طيشها وغضبها؛ اقتداءً برسول الله ﷺ فقد كانتْ أزواجه تراجعْنَه الكلام، بل أن يَزيد على احتمال الأذى منها بالمداعبة، والمزاح والملاعبة، فهي التي تُطَيِّب قلوبَ النساء، وقد كان رسول الله ﷺ يمزح معهنَّ».

3- حق الإنجاب: وهو حق من الحقوق الفطرية الأصيلة التي يحتاجها كل من الرجل والمرأة، ولذا نهى النبي ﷺ الرجل أن يعزل عن المرأة إلا بإذنها.

4- حفظ أسرار الفراش: فلا يجوز للزوجين أن يفشيا أسرار الاستمتاع بينهما، فذلك من المحرمات، وهو يفضي لكثير من الشرور، وقد عده بعض أهل العلم من الكبائر، فقد قال ابن حجر الهيتمي في كتابه: الزواجر عن اقتراف الكبائر (2 / 45): الكبيرة الثالثة والرابعة والستون بعد المائتين: إفشاء الرجل سر زوجته وهي سره.

ومن أدلة تحريم ذلك:

حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ يقول: قال رسول الله ﷺ: «إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها» أخرجه مسلم (1437).

قال النووي في شرح صحيح مسلم (10/8-9): «وفي هذا الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته من أمور الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «هل منكم رجل أتى أهله، فأغلق عليه بابه، وألقى عليه ستره، واستتر بستر الله؟

قالوا: نعم.

قال: ثم يجلس بعد ذلك، فيقول: فعلت كذا، فعلت كذا.

فسكتوا.

ثم أقبل على النساء؛ فقال: منكن من تحدِّث؟

فسكتن.

فجثت فتاة كعاب، على إحدى ركبتيها، وتطاولت لرسول الله ﷺ ليراها ويسمع كلامها، فقالت: يا رسول الله ﷺ: إنهم ليحدثون، وإنهن ليحدثن.

فقال: هل تدرون ما مثل ذلك؟

إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانًا في السكة، فقضى حاجته والناس ينظرون إليه» [أخرجه أبو داود (2174)، وصححه الألباني بشواهده في إرواء الغليل (7/73/ 2011)].

قال في عون المعبود (6 / 158): «والحديث يدل على تحريم إفشاء أحد الزوجين لما يقع بينهما من أمور الجماع، وذلك لأن كون الفاعل لذلك بمنزلة شيطان لقي شيطانة فقضى حاجته منها والناس ينظرون من أعظم الأدلة الدالة على تحريم نشر أحد الزوجين للأسرار الواقعة بينهما الراجعة إلى الوطء ومقدماته».

5- المناصحة بين الزوجين: وهي حق لكل من الزوجين على الآخر، والأدلة العامة تدل عليه، فمن ذلك حديث تميم الداري أن النبي ﷺ، قال: «الدين النصيحة.

قلنا: لمن؟

قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم» أخرجه مسلم (55).

أما القسم الثاني: الحقوق المختصة بالرجل

فهو حق أصيل، وحق الرجل على امرأته أعظم من حقها عليه

لحديث قيس بن سعد، قال النبي ﷺ: «لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن، لما جعل الله لهم عليهن من الحق» أخرجه أبو داود (2140).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ـ جمع: عبد الرحمن بن القاسم ـ (32 /260): «وليس على المرأة – بعد حقِّ اللهِ ورسوله – أوجَبَ من حقِّ الزوج».

فمن هذه الحقوق:

1 حق الطاعة في المعروف: فلا يحل للمرأة أن تعصى زوجها فيما يأمرها به بأربعة شروط:

1 ـ أن يأمرها بمباح.

2 ـ أن يكون لها طاقة على الإتيان به.

3 ـ ألا يقع عليها ضرر بفعله.

4 ـ ألا يشغلها عن فعل واجب.

لقوله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].

2 القرار في البيت، وعدم الخروج منه إلا بإذن الزوج:

لقول الله تعالى: {وَقَرْ‌نَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد، فأذنوا لهن» أخرجه البخاري (865)، ومسلم (442).

وجه الدلالة من الحديث: أن النبي ﷺ جعل جواز خروجهن لشهود الصلاة في المسجد بإذن من الزوج، فغيره من باب أولى.

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت للنبي ﷺ: «أتأذن لي أن آتي أبوي؟» أخرجه البخاري (4750)، ومسلم (2770).

وجه الدلالة من الحديث: أن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ لم تستجز أن تذهب إلى بيت أبويها إلا بإذن زوجها رسول الله ﷺ فغيره من الخروج باب أولى.

3 عدم الإذن لأحد في دخول بيته بغير إذنه:

لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه». رواه البخاري (4899) ومسلم (1026).

ولحديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ (الطويل في حجة الوداع) قال رسول الله ﷺ: «وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه» أخرجه مسلم (1218).

4 حفظ مال الزوج: وحفظه يكون بحسن التدبير، وترك الإسراف والتبذير، وعدم الإخذ منه إلا بإذنه

لحديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ﷺ قال: «ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: فالأمير الذي على الناس راع عليهم، وهو مسؤول عنهم والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسؤول عنه، فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته» أخرجه البخاري (2409) ومسلم (1829).

5 حفظه في نفسها وفي ولده: بأن تحفظ عرضها وتصون نفسها، وأن تحفظ ولدها وتعلمه ما يحتاج إليه

لقوله تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34].

6 للزوج على زوجته ولاية التأديب: وهذه الولاية لها درجات وآداب تطلب من محلها، ومن دلائل هذا الحق:

قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].

7 تمكين الزوج من الاستمتاع: وهو حق أصيل قام له هذا العقد، ويجب على الزوجة أن تمكن زوجها من استيفائه بأربعة شروط:

1 ـ أن تكون الزوجة أهلاً لذلك بأن تكون مطيقة صحيحة.

2 ـ ألا تتضرر به سواء لمرضها، أو خوفًا من نقل عدوى بمرضه.

3 ـ أن تكون خالية من الموانع الشرعية كالتلبس بالإحرام أو الصيام أو التأخير لطاعة مؤقتة، أو الانشغال عن طاعة واجبة.

4 ـ أن تكون خالية من الموانع الطبيعية كالحيض والنفاس.

ومن أدلة وجوب هذا الحق حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح» أخرجه البخاري (3237)، ومسلم (1436).

أما القسم الثالث: الحقوق المختصة بالمرأة.

فهي تنقسم إلى قسمين:

الأول: حقوق مالية.

الثاني: حقوق غير مالية.

أما الحقوق المالية، فهي:

1 المهر (الصداق): وضابط الصداق إما العرف، أو ما اتفق عليه الزوجان تراضيًا

لقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]

وقوله: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 20، 21].

2 النفقة: وضابط النفقة الواجبة أمران:

الأول: حال الزوج ضيقًا وسعة.

الثاني: العرف الذي تعرف عليه الناس في حاله وحالها.

ومن أدلة وجوب النفقة:

قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].

وقوله: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7]

وفي حديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله ﷺ: «ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» أخرجه مسلم (1218).

3 السكنى:

لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: 6].

وقال عز شأنه: {لَا تُخْرِ‌جُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق:1]

أما الحقوق غير المالية، فمنها:

1 العدل في القسم بين الزوجات: إذا كان له أكثر من زوجة، وترك العدل بين الزوجات إثم عظيم، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ أنه قال: «مَن كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقُّه مائلٌ» أخرجه أحمد (27847)، وأبو داود (2133)، وابن ماجه (1969).

قال الخطابي في معالم السنن (3/ 219): «وفي هذا الحديث أن القَسْم قد يكون بالنَّهار، كما يكون بالليل».

2 الإحسان إليهن، وعدم الإضرار بهن:

عن سليمان بن عمرو بن الأحوص حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله ﷺ فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوانٍ ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً.

إن لكم من نسائكم حقًّا ولنسائكم عليكم حقًّا:

فأما حقكم على نسائكم: فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون.

ألا وحقهن عليكم: أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن».

رواه الترمذي (1163) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه (1851).

أما مسألة خدمة المرأة زوجها فهي من المسائل المختلف فيها.

وهي ما أتناوله في المقال القادم بإذن الله تعالى.

هذا والله أعلى وأحكم وأعلم.