من أحكام المرأة (1)

* إن البيت الذي تسوده المحبة والمودة والرأفة النابعة من التربية الإسلامية يُؤَثر ولا بد على الأبناء ، بل على كل المخالطين ، فيكون أفراده موفقين بإذن اللَّه تعالى ، ناجحين في أعمالهم التي يقومون بها من طلب علم ، أو كسب تجارة ، أو زراعة ، أو غير ذلك .

*وإن محاولة التقليد لمجتمعات يُظن أنها متقدمة يجب أن لا يبرر هدم المجتمع بالقضاء على دعائمه الأساسية التي يكون للمرأة الدور الكبير فيها ، وذلك بأثرها على الرجل وعلى الأطفال، بل على الأسرة بأكملها ، وإن التدليل على ذلك بواقع الأسر الغربية والمجتمعات المقلدة لها أمر واضح لكل ذي بصر أو بصيرة ، فإن دور المرأة في الأُمة – من قيامها بمهام الأمومة لأطفالها ومهام الزوجة لبعلها – في غاية الأهمية إذا قيس بالأعمال الأخرى التي يُطلب من المرأة أن تُشارك الرجل فيها .

*فإقحام المرأة لميدان الرجال الخاص بهم ، إخراج لها عن طبيعتها التي خلقت عليها ، وجناية عليها وقضاء على معنوياتها وتحطيم لشخصيتها ، وهو بالتالي تحطيم للأبناء ذكورًا وإناثـًا ؛ لأنهم يفقدون التربية والحنان والعطف الذي تقوم به الأُم ، فإذا عزلت الأُم عن بيتها ومملكتها – التي تجد فيها الراحة والاستقرار والطمأنينة – تهدمت البيوت وشقي سكانها ، وذلك بتورطها في مجتمعات الرجال التي لا تتوافق مع خلقتها وفطرتها ، وتجعلها لا تستطيع القيام بدور الأُمومة الحانية ودور الزوجة التي تحقق لزوجها السعادة والسكن .

*والأُمة الإسلامية يجب أن تحكم بمعيار الشرع الإسلامي ؛ لأن اللَّه سبحانه قال : { أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ } [ الأعراف : 54 ] ؛ يعني لا يصلح حال الخلق إلا باتباع الأمر ، وإن النفس لتطمئن إلى ذلك عندما تستعرض تاريخ السلف الصالح ، فترى النجاح الذي عم دنيا المسلمين بتطبيق شرع اللَّه ، فضلاً عن رجاء تحقيق موعود ربهم لهم بالجنة التي تكون سعادتها خالدة.

*فالحمد للَّه جعل المرأة نصف الأُمة عددًا ، لكن جعلها أصلاً لكل الأُمة وسكنـًا لهم ، فجعل الأُم هي التي حملت الذكر والأنثى ، وهي أيضـًا التي أرضعتهما ، ثم جعلها هي الزوجة التي يجد الزوج فيها الراحة والسكن ، وفطرها على الفطرة التي تستقيم الحياة معها ، وجعل البنت والأخت والخالة والعمة أرحامـًا للمسلم ، وجعل في وصلهن الخير الكثير من طول العمر وبسطة الرزق ؛ لحديث أنس ، رضي اللَّه عنه ، عند الشيخين مرفوعـًا : (( من سره أن يُبسط له في رزقه ، أو يُنسأ له في أثره ؛ فليصل رحمه )) .

*ثم جعل اللَّه القوامة واجبة(1) على الرجل : { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا  أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا } [ النساء : 34 ] ، وقال تعالى : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ } [ البقرة : 228 ] .

 ( ) يظن الكثير أن القوامة حق للرجل ؛ بمعنى أنه يمكنه أن يتنازل عنه متى شاء ، ولكنها واجبة عليه ؛ أي إلزام أن يقوم بها ، وما جعل ذلك الواجب إلا بسبب نعمة التفضيل والإنفاق؛ ولذا فإن الرجل ينبغي عليه أن يكون قوامـًا بمعنى مربيـًا ، لا متعاليـًا ولا متكبرًا .

*فقد جعل اللَّه سبحانه للزوجة على زوجها حقوقـًا ، وله عليها حقوقـًا مثلها ؛ من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف ، حتى قال ابن عباس ، رضي اللَّه عنهما : ( إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي ) .

{ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } هي بالتفضيل والإنفاق ؛ وهي القوامة . فزيادة درجة الرجل بعقله وقوته وإنفاقه ، وبالدين والميراث والجهاد ، ولا يخفى على لبيب فضل الرجال على النساء ، ولو لم يكن إلا أن المرأة خُلقت من الرجل – فهو أصلها – لكفى ، فكيف لا يكون تفضيله عليها ، وله أن يمنعها من التصرف إلا بإذنه ، ولا تصوم إلا بإذنه ، ولا تحج إلا معه ، وعليه أن يبذل الصداق نحلة لها ، وعليه أن يؤدبها إذا نشزت ، حيث قد جاء في خطبة الوداع كما أخرج مسلم عن جابر : (( فاتقوا اللَّه في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمان اللَّه ، واستحللتم فروجهن بكلمة اللَّه ، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف )) . [ مسلم : (1218 ) ] .

*وأخرج الترمذي من حديث عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، وذكر ووعظ فقال : (( ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوانٍ عندكم ليس تملكون منهن شيئـًا غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربـًا غير مبرح ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ، ألا إن لكم على نسائكم حقـًّا ولنسائكم عليكم حقـًّا ، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون(2)، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن )) . [ الترمذي : ( 1163 ) ] .

وإن الكمال نعمة مَنَّ اللَّه بها على الرجل ، فوجب عليه بذل الإحسان للمرأة ضريبة على تلك النعمة ، حيث قال النبي – صلي الله عليه وسلم – : (( واستوصوا بالنساء ، فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، إن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، استوصوا بالنساء خيرًا )) . [ أخرجاه من رواية أبي هريرة ] .

*وروى مسلم : (( لا يفرك(2) مؤمن مؤمنة ، إن كره منها خلقــًا ، رضي منها آخر )) .

*لذا جعل اللَّه التكامل الفطري والشرعي في البيت بين الرجل والمرأة ، فهو يقوم بالنفقة والاكتساب والمرأة تقوم بتربية الولد والعطف والحنان والرضاعة والحضانة والأعمال التي تناسبها مثل تعليم الصغار ومعاونتهم في واجبات مدارسهم ، والتطبيب والتمريض لهم ، فإذا تركت المرأة واجبات بيتها ضاع البيت بما فيه وضاعت المرأة معه والرجل كذلك ، وتفككت الأسرة روحـًا وجسدًا ، وتنوعت مشكلات الأمة وكثرت ؛ وذلك واقع ملموس في كل دول الإفرنج ومن شايعهم من المسلمين .

لذا فإننا نقدم هذه الصفحات حول المرأة في :

الحقوق المالية للمرأة في الصداق ، والنفقة ، والميراث ، والإنفاق من مال زوجها ، ومن مالها .

*وأبدأ بذكر كلمة لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ؛ إجابة عن سؤال مقدم له بشأن طاعة المرأة لزوجها إذا أراد أن يخرجها إلى بلد يسكنها ومنعها والداها : قال شيخ الإسلام : الحمد للَّه رب العالمين ، المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها ، وطاعة زوجها عليها أوجب ، قال اللَّه تعالى : { فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ } [ النساء : 34 ]  .

*وفي الحديث عن النبي – صلي الله عليه وسلم – أنه قال : (( الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة ؛ إذا نظرت إليها سرتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك )) .

*وفي (( صحيح ابن أبي حاتم )) عن أبي هريرة قال : قال رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – : (( إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت بعلها ، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت )) .

*وفي الترمذي عن أم سلمة قالت : قال رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – : (( أيما امرأة ماتت وزوجها راضٍ عنها دخلت الجنة )) . وقال الترمذي : حديث حسن .

*وعن أبي هريرة ، عن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال : (( لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها )) . أخرجه الترمذي ، وقال : حديث حسن . وأخرجه أبو داود ولفظه : (( لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل اللَّه لهم عليهن من الحقوق )) .

*وفي (( المسند )) عن أنس : أن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال : (( لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، من عظم حقه عليها ، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تجري بالقيح والصديد ، ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه )) .

*وفي (( المسند )) و (( سنن ابن ماجه )) عن عائشة عن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال : (( لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، ولو أن رجلاً أمر امرأته أن تنقل من جبل أحمر إلى جبل أسود ، ومن جبل أسود إلى جبل أحمر لكان لها أن تفعل )) ؛ أي لكان حقها أن تفعل .

*وكذلك في (( المسند )) و(( سنن ابن ماجه )) و (( صحيح ابن حبان )) عن عبد اللَّه بن أبي أوفى قال : لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي – صلي الله عليه وسلم – ، فقال : (( ما هذا يا معاذ ؟ )) قال : أتيت الشام فوجدتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم ، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك يا رسول اللَّه ، فقال رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – : (( لا تفعلوا ذلك، فإني لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير اللَّه لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه )) .

*وعن طلق بن علي قال : قال رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – : (( أيما رجل دعا زوجته لحاجته فلتأته ، ولو كانت على التنور )) . رواه أبو حاتم في (( صحيحه )) والترمذي وقال : حديث حسن .

*وفي (( الصحيح )) عن أبي هريرة قال : قال رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – : ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبانـًا عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح)) .

*والأحاديث في ذلك كثيرة عن النبي – صلي الله عليه وسلم – .

*قال زيد بن ثابت : الزوج سيد في كتاب اللَّه ، وقرأ قوله تعالى : { وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ } [ يوسف : 25 ] .

*وقال عمر بن الخطاب ، رضي اللَّه عنه : النكاح رق ، فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته.

*وفي الترمذي وغيره عن النبي – صلي الله عليه وسلم – أنه قال : (( استوصوا بالنساء خيرًا ، فإنما هن عندكم عوانٍ )) . فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير ، فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه ، سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة .

*وإذا أراد الرجل أن ينتقل بها إلى مكان آخر مع قيامه بما يجب عليه وحفظ حدود اللَّه فيها، ونهاها أبوها عن طاعته في ذلك ، فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها ، فإن الأبوين هما ظالمان ليس لهما أن ينهياها عن طاعة مثل هذا الزوج ، وليس لها أن تطيع أمها فيما تأمرها به من الاختلاع منه أو مضاجرته حتى يطلقها ، مثل أن تطالبه من النفقة والكسوة والصداق بما تطلبه ليطلقها ، فلا يحل لها أن تطيع واحدًا من أبويها في طلاقها إذا كان متقيـًا للَّه فيها.

ففي (( السنن الأربعة )) و (( صحيح ابن أبي حاتم )) عن ثوبان قال: قال رسول اللَّه -صلي الله عليه وسلم -:(( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة)).

*وفي حديث آخر : (( المختلعات والمنتزعات هن المنافقات )) . وأما إذا أمرها أبواها أو أحدهما بما في طاعة اللَّه مثل المحافظة على الصلوات وصدق الحديث وأداء الأمانات ، ونهوها عن تبذير مالها وإضاعته ، ونحو ذلك مما أمر اللَّه ورسوله أو نهاها اللَّه ورسوله عنه، فعليها أن تطيعهما في ذلك ، ولو كان الأمر من غير أبويها فكيف إذا كان من أبويها ؟!

*وإذا نهاها زوجها عما أمر اللَّه أو أمرها بما نهى اللَّه عنه لم يكن لها أن تطيعه في ذلك ، فإن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال : (( إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )) ، بل المالك لو أمر مملوكه بما فيه معصية اللَّه لم يجز له أن يطيعه في معصية ، فكيف يجوز أن تطيع المرأة زوجها أو أحد أبويها في معصية ، فإن الخير كله في طاعة اللَّه ورسوله ، والشر كله في معصية اللَّه ورسوله .

*وقال شيخ الإسلام أيضـًا : الحمد للَّه رب العالمين ، ليس له – أي الزوج – أن يسكنها – أي الزوجة – حيث شاء ولا يخرجها إلى حيث شاء ، بل يسكن بها في مسكن يصلح لمثلها ، ولا يخرج بها عند أهل الفجور ، بل ليس له أن يعاشر الفجار على فجورهم ، ومتى فعل ذلك وجب أن يعاقب عقوبتين ؛ عقوبة على فجوره ، بحسب ما فعل ، وعقوبة على ترك صيانة زوجته وإخراجها إلى أماكن الفجور ، فيعاقب على ذلك عقوبة تردعه وأمثاله عن ذلك ، واللَّه أعلم .

*وقال شيخ الإسلام أيضـًا ( ج34 ، ص58 ) : وتنازع العلماء : هل عليها أن تخدمه في مثل فراش المنزل ومناولته الطعام والشراب والخبز والطحن والطعام لمماليكه وبهائمه : مثل علف دابته ونحو ذلك ، فمنهم من قال : لا تجب الخدمة ، وهذا قول ضعيف ، كضعف قول من قال : لا تجب عليه العشرة والوطء ، فإن هذا ليس معاشرة له بالمعروف ، بل الصاحب في السفر الذي هو نظير الإنسان وصاحبه في المسكن إن لم يعاونه على مصلحة لم يكن قد عاشر بالمعروف . وقيل – وهو الصواب -: وجوب الخدمة ، فإن الزوج سيدها في كتاب اللَّه ، وهي عانية عنده بسنة رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – ، وعلى العاني والعبد الخدمة ؛ ولأن ذلك هو المعروف ، ثم من هؤلاء من قال : تجب الخدمة اليسيرة ، ومنهم من قال : تجب الخدمة بالمعروف ، وهذا هو الصواب ، فعليها أن تخدمه بالمعروف من مثلها لمثله ويتنوع بتنوع الأحوال ، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية ، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة . انتهى كلام شيخ الإسلام ، رحمه اللَّه تعالى ، وهي كلمات معبرة عن وجوب معاشرة المرأة بالمعروف .

*هذا، وموضوع الحقوق المالية للمرأة يحتاج إلى دراسة مستفيضة، لكننا نشير إلى أصول هذه الحقوق بغير توسع في ذكر الخلاف ، دون بسط طويل للأدلة ، إلا بقدر الحاجة لقارئ المجلة .

وإن من حقوق المرأة أن ينفق عليها وليها – زوجـًا كان أو أبـًا ، أو غير ذلك من الأولياء – ولها حق حدده الشرع في الميراث ، وقد قننه الشرع تقنينـًا دقيقـًا ، وكذلك من حقوقها الصداق يبذله لها الزوج هدية خالصة ، ثم نتناول حق المرأة في الإنفاق من مال زوجها الذي تحيا في بيته ، ثم من مالها وهي تحت زوج أو ولي ، واللَّه الهادي إلى الصواب .

أولاً : حق المرأة في الإنفاق عليها :

*من حقوق المرأة أن ينفق عليها زوجها – إن كانت ذات زوج أو وليها أبًا كان أو جدًّا أو أخـًا أو ولدًا – بالمعروف ؛ لقوله تعالى : { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } [ الطلاق: 7]، ولقوله تعالى : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا } ، حتى قال : {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } [ البقرة : 233 ] .

*قال القرطبي : أجمع العلماء على أن على المرء نفقة ولده من الأطفال الذين لا مال لهم ، وقال – صلي الله عليه وسلم – لهند بنت عتبة ، امرأة أبي سفيان ، عندما قالت له : إن أبا سفيان رجل شحيح ، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ ، إلا ما أخذت من ماله بغير علمه. فهل عليَّ في ذلك من جناح؟ فقال رسول – صلي الله عليه وسلم – : (( خذي من ماله بالمعروف ، ما يكفيك ويكفي بنيك )) . أخرجه البخاري ومسلم .

*والمعروف : المتعارف عليه في عرف الشرع من غير تفريط ولا إفراط ، ثم بيّن تعالى أن الإنفاق على قدر غنى الزوج ؛ فينفق على زوجته وولده الصغير على قدر وسعه ، فتقدر النفقة بحسب الحالة من المنفق والحاجة من المنفق عليه بالاجتهاد ، وعلى مجرى حياة العادة.

*بل إن المسلم ليُثاب على هذه النفقة ؛ لحديث الشيخين عن أبي مسعود الأنصاري ، رضي اللَّه عنه ، عن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال : (( إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة )) . [ البخاري : ( 55 ) ، ومسلم ( 1002 ) ] .

*ولحديث ابن عمر عند الشيخين مرفوعـًا : (( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها )) .

*ولحديث البخاري عن أبي هريرة ، رضي اللَّه عنه ، مرفوعـًا : (( ‏خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول‏ )) . ولحديث مسلم عن ابن عمرو ، رضي اللَّه عنهما ، قال: قال رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – : (( كفى بالمرء إثمـًا أن يحبس عمن يملك قوته )) . وفي رواية أبي داو: (( كفى بالمرء إثمـًا أن يضيع من يقوت )) .

*أخرج مسلم في (( صحيحه )) عن أبي هريرة ، رضي اللَّه عنه ، قال : قال رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – : (( دينار أنفقته في سبيل اللَّه ودينار أنفقته في رقبة ، ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك )) .

*ولمسلم عن ثوبان ، قال رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – : (( أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله ، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل اللَّه ، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل اللَّه )) . قال أبو قلابة : وبدأ بالعيال . ثم قال أبو قلابة : وأي رجل أعظم نفقة من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم وينفعهم اللَّه به ويغنيهم .

*وللحديث بقية إن شاء اللَّه تعالى .

——————–

(1) لا يدخلن منازلكم أحدًا ممن تكرهونه ، ويدخل في ذلك الرجال والنساء والأقرباء والأجانب ، ولا يفهم من ذلك النهي عن الزنا فإنه يحرم على من يكرهون ومن يحبون .

(2) لا يفرك : أي لا يكره كراهية تدعوه لفراقها .