“القلب” لب الإنسان، وهو حقيقته الإنسانية الكريمة، وهي الشخصية الثانية المعنوية، التي نفخها اللَّه فيه من روجه.
والشخصية الظاهرة: هي جسده وقشره المكون من أعضائه البهيمية الظاهرة والباطنة، وكل شيء يتناوله الإنسان لطعامه يكون من لب وقشر، وأهم شيء فيه لبه وقلبه، وقشره إنما هو لحفظ القلب واللب. فالإنسان يعني أولاً باللب والقلب. وما يعني بالقشر إلا لحفظ اللب سليمًا. فكذلك قلب الإنسان: هو لبه ومعناه، وحقيقته الإنسانية الكريمة التي ميزه بها، ونفخها الله فيه من روحه لنعقل عنه، وتفقه ما يريد ويحب لها ربها.
ولقد أعطى ربنا كل شيء خلقه ثم هداه إلى حاجته التي بها يعيش، إلى سبيله الذي يؤدي به لى حسن القيام بعمله في الحياة. فللجسم الذي هو القشر حاجته التي يعيش، من الأرض التي خلق جميع البشر وصوروا من ترابها، وللقلب الذي هو اللب والحقيقة كذلك غذاؤه من المعاني التي يجنيها من التفكر والتأمل في نفسه وفي الأفاق، ومن المعاني التي يجنيها من ثمار القرآن المنزل من السماء، ومن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.
وللقشر الذي هو الجسم عقل يعيش يشارك الحيوان فيه الإنسان كما يشاركه في كل خصائص جسمه وغذائه، والقلب – الذي هو اللب والحقيقة – عقل هو ميزة الإنسان، والذي به فضل الإنسان وميزه، وكان به موضع الكرامة.
وقد احتفظ بهذا العقل، وحرص على غذائه وجلائه وتصفيته! عباد الرحمن المتقون، الذاكرون، الصابرون. الشاكرون. ذوو الألباب السليمة (الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار)