بقلم الأستاذ الدكتور أمين رضا
أستاذ جراحة العظام والتقويم
بكلية الطب-جامعة الإسكندرية
يقول اللَّه سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 62 – 64].
هذا هو وصف الله العلي القدير لمن يوالونه، بإيمانهم به، وبتقواهم له، فأصبحوا بذلك لا خوف عليهم، ولا هم يحزنون، وبشرهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
آمنا بالله، وآمنا بكلماته التي لا تبديل لها. وآمنا بالفوز العظيم الذي ينتظر من كان وليًا لله، وبالخزي السحيق الذي سيهوي إليه أولياء الشيطان، أعاذنا اللَّه من ذلك.
أما ما يقوله الناس – وللأسف أن كثيرًا من المثقفين يجارون العامة في ذلك – فهو يختلف عن وصف الله لأوليائه، بل ولا علاقة له البتة لهذا الوصف من قريب أو بعيد.
عرضت على أم مثقفة ثقافة جامعية طفلها المصاب بالصرع، والتخلف عقليًا، والمتأخر في المشي، والذي يسيل لعابه من فمه، ولا يكاد يتحكم في تبول أو تبرز، وقالت لي: إنه ولي من أولياء الله الصالحين. فقلت: وما برهانك؟ فقالت: جاءني ولي الله الرفاعي في المنام وقال لي ذلك. فقلت لها: ومَن قال لك أنه الرفاعي؟ قالت: سألت شيخ الطريقة الرفاعية فأكد لي ذلك. فقلت: ومن أين تمكن هذا الشيخ من التحقق من شخصيته؟ قالت لأنه أتاني مرة ثانية في المنام على شكل أفعى، والأفعى لا تظهر في المنام إلا رمزًا لولي الله الرفاعي.
وكل هذه ليست من صفات أولياء الله الصالحين كما وصفهم الله سبحانه وتعالى.
ومرة أخرى في أثناء وباء خطير منعت السلطات مولدًا من الموالد، وفي نفس اليوم توفي غرقًا زهرتان من الأطفال هما ولدا أحد كبار المسئولين في البلدة، وأشاع أتباع صاحب هذا المولد أن هذين الطفلين ماتا انتقامًا من الولي لمنع إقامة مولده، قلت لأحد هؤلاء الأتباع: لو أن هذا حقيقي، وأن حادثة الغرق ليست إهمالاً أو ليست ما سمته السلطات يومئذ “قضاء وقدر” ولو أن هذا الولي كان حيًا في قبره كما يدعون، وأنه كانت له يد في قتل هاتين الزهرتين بذنب والدهما، والحقيقة أنه لا ذنب له ولا ذنب لهما، لو أن هذا الولي صنع هذا الجرم، لحق للسلطات أن تستخرجه وتحاكمه، وتضرب عنقه لجريمة القتل العمد المسبوق بالإصرار والتربص، وقتل نفس بريئة بغير ذنب، وليست صفة القتل هذه من صفات أولياء الله الصالحين، كما وصفهم الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز.
وقد قرأ في كتاب “العارف بالله أبو العباس المرسي” الذي نشرته دار الشعب سنة 1392هـ – 1972 في صفحة 31 “أن تقدير الشاذلي لأبي العباس تقدير جميل، ومن ذلك أنه كان يقول للشيخ الصالح زكي الدين الأسواني: “يا زكي، عليك بأبي العباس، فوالله إنه ليأتيه البدوي يبول على ساقيه، فلا يمس عليه السماء إلا وقد وصله الله ” والعياذ بالله، وقد تشككت في كلمة “يبول” هذه وتصورت أن تكون خطأ مطبعيًا، أو سهوًا من المؤلف، ولكنني وجدتها منصوصًا عليها مرة أخرى في صفحة 42 تحت عنوان “المربي”.
إن أولياء الله الصالحين يتبرؤون مما يخرف به المخرفون، والله يبرئهم من كل هذه الخزعبلات، وهم حقًا لهم البشرى في الدنيا والآخرة، وليست لهم هذه الكرامات المزعومة، المبنية كلها على الوهم والتخريف، وعلى أفكار لا علاقة لها بعلم ولا دين، وهي أفكار تنحط أحيانًا إلى أسوأ الدركات، وأقذر التصورات.
وإنني حقًا لحزين أن يشوه الناس سمعة أولياء الله الصالحين، بهذه الخرافات.