أخوة الإيمان

أيها المسلمون.. في كل مكان.

    سلام الله عليكم ورحمته وبركاته… وبعد.

    يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه مسلم وأحمد.

    والأمة الإسلامية أمة إلهها واحد ورسولها واحد ودينها واحد ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء 92. ولقد اشتكى من أمتنا المسلمة – في زماننا هذا – أعضاء ولكن ألم الشكوى وأنينها لم يؤثرا في جسد الأمة وراح بقية أفرادها يواصلون مسيرة الحياة غير عابئين بما وصلت إليه من تمزق وضياع.. لقد وقع كثير من المسلمين أسرى في حبائل الشيطان وتثاقل كثير منهم إلى الأرض ورضوا بالحياة الدنيا من الآخرة بدلًا !! وما حدث ذلك إلا بسبب بعدهم عن كتاب ربهم وسنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم-. وأصبح القرآن بين المسلمين مهجورًا بعد أن أعلنوا إيمانهم به!! هجره قوم فلم يقرءوه. وهجره آخرون فقرءوه ولم يفهموه. وهجره غرهم ففهموه ولم يطبقوه، فهذه أنواع ثلاثة تدخل تحت قوله تعالى ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْءَانَ مَهْجُورًا )  الفرقان 30.

    إن الأخوة التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات 10. لو قامت اليوم بين المسلمين لكان لهذه الأمة شأن آخر .. والمودة والرحمة الواجبة لو تحققت لتجافت جنوب المسلمين عن المضاجع لما يحدث في أفغانستان المسلمة وفي غيرها من بلدان المسلمين من اضطهاد لأهل الإيمان ..

    إن أخوة الإيمان والتقاء القلوب – وإن تباعدت الأجساد – أمر لا يقوم به إلا من أخلصوا دينهم لله واعتصموا به..

إن المسلم الحق لا تنقطع عبوديته لربه بخروجه من المسجد ولكنه يعيش في مراقبة دائمة لله قبل الصلاة وبعدها وفي أثنائها فإذا انتشر في الأرض – بعدها – يبتغي الرزق فإنه يتعامل مع إخوانه من خلال تعاليم الدين الحنيف..

    فهو يلقاهم بوجه طلق لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- (وتبسمك في وجه أخيك صدقة ) وهو يلقي السلام على من لقى من إخوانه متمثلًا في ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا. ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).

    وتحقيقًا للأخوة فالمسلم ينصح إخوانه آمرًا لهم بالمعروف وناهيًا لهم عن المنكر.. وهو في ذلك يغضب لدينه ويغار لانتهاك محارمه ولا يكون من أولئك الذين إذا أساء أحد لشخصهم فبئس ما صنع وإن أساء لدينهم فلا شأن لهم به!.

    فإذا باع المسلم أو اشترى كان سمحًا في بيعه وشرائه يتجنب فيهما الحلف لأنه يمحق البركة ويبين ما في سلعته من عيوب حتى لا يتكسب من حرام وفي ذلك يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا يحل لامرئ مسلم يبيع سلعة يعلم أن بها داء إلا أخبر به) رواه البخاري.

    وقد وقع كثير من المسلمين في هذه المعصية فباعوا لإخوانهم وأخفوا عنهم معايب سلعهم فأكلوا من حرام فما استجاب الله لهم دعاء وحل بهم منه نقمة وبلاء فإنا لله وإنا إليه راجعون..

    وقد بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث جامع جملة من الخصال الكريمة التي تجمع القلوب المؤمنة على المودة والرحمة وتزيل ما يعلق بها من وحشة وتنافر.. يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة. وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة. وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة. وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة. وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة. وبصرك للرجل الردئ البصر لك صدقة) رواه البخاري.

    ولو أن المسلمين طبقوا هذا الحديث لاستقامت لهم الحياة ولأكلوا من حلال طيب وحلت بهم بركات السماء وفازوا بخيري الدنيا والآخرة..

    نسأل الله أن يجمع قلوب الأمة الإسلامية على طاعته وأن يهدي المؤمنين سواء السبيل إنه على ما يشاء قدير.