مع القرآن

الحمد لله القائل: [ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ].

إلى أحبائي وأبنائي شباب جماعة أنصار السنة المحمدية . وكل شباب المسلمين المعتصمين بالحق . فتية الإيمان والتوحيد . جدير بكم أن تذكروا نعمة الله عليكم أن هداكم للإيمان. وخير لكم أن تتزودوا من نور هذا الكتاب أصدق الحديث. وبخير الهدى هدى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك تقوى الله التي هى منازل العز والعافية في الحياة . والنجاة والفوز في الآخرة. وسبيلها العلم والعمل : التفقه والتدبر . لتتحملوا أمانة الدعوة والقدوة.

إن من يتدبر أول آيات القرآن الكريم نزولاً يجدها تحض على العلم وترفع من إمكانته . قال تعالى : ” اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ” العلم النافع الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة إبتداء بالعلوم الدينية التى يزداد بها القلب خشية واستقامة : ” إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ” ويزداد العقل بها نوراً . وهى ما يجب على المسلم معرفته لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث مسلم : ” ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ” . ومن كل علم يرفع من شأن الأمة ويرقى بها إصلاحاً وتعميراً .

إن القرآن العظيم هو منة الله الكريم على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين العاملين المخلصين. يقول تعالى : ” وَلَقَدْ ءَاتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ ” .

إن من حولنا فتناً كقطع الليل المظلم: من الفراغ والأمية الدينية والأهواء والبدع والمدنية الفاجرة. والمخرج منها هو طريق النور : وصراط الله المستقيم . إن النجاة هى الاعتصام بحبل الله المتين . وميثاق الله علينا ببيانه للناس وعدم كتمانه يقول تعالى : ” إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ” .

وكما تحتاج العين إلى النور ليمدها بالرؤية الواضحة . فكذلك القرآن الكريم هو البصيرة كالنور للبصر . لا يُعرف الطريق المستقيم إلا بنور القرآن . ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ” ( النساء : 175 ) .

وكما تحتاج الأرض إلى فيض من الغيث يحيى مواتها . ويبعث الحياة في جنباتها ، وكما يحتاج البدن إلى الروح تسرى في أوصاله فتبقى معها الحياة الكاملة . ولو فارقته هذه الروح لأصبح جثة هامدة . أجل . كما تحتاج هذه الكائنات إلى مقومات وجودها . تحتاج البشرية إلى دين الله عز وجل . إلى وحيه وشرائعه لأنها الروح : ” وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُور” ( الشورى : 53 ) .

لا غنى للإنسانية عامة والمؤمنين خاصة عن هذه الهداية حتى لا تضل ولا تشقى. إنها الخلاص .

يقول عز من قائل كريم : ”  فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ ءَايَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى” ( طه : 126 ) .

إن من رحمة الله تعالى أن أنزل القرآن: ” هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ “.

ومن حق القرآن على الناس . والمؤمنين بالأولى أن يعرفوا قدره . وأن يشكروا النعمة . وأن يلتزموا الحجة وكلما زاد حظهم من القرآن وتدبره اعتصاماً به فهو حبل الله الممدود لنجاتهم. وهو العروة الوثقى لا انفصام لها .

تحاكماً إليه وتخلقاً به . زاد حظهم من الخير والتوفيق لحياة طيبة عزيزة . وفوز ونجاة في الآخرة . وفي ضوء القرآن الكريم والسنة الحكيمة الثابتة أقدم بعض الكلمات المبسطة والموجزة لأخفز همم الشباب المؤمن إلى التزود من هداية هذا الدين القيم القائم على إخلاص العبودية لله رب العالمين . وإمامة خير المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله أجمعين .

الضراعة إلى الله عز وجل أن يكتب في قلوبنا وقلوبكم الإيمان وأن يؤيدنا جميعاً بروح منه وأن نكون من حزب الله . ” أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ” يقول صلى الله عليه وسلم : ( ما من الأنبياء نبى إلا أعطى ما مثله آمن عليه البشر . وإنما كان الذى أوتيته وحياً أوحاه الله إلىّ . فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة )  [ رواه الشيخان ] . وبالله التوفيق .