علوم القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

التقديم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ومن اهتدى يهديه إلى يوم الدين وبعد،

فقد اطلعت على ما كتبه الأخ الأستاذ / صلاح نجيب الدق حول القرآن الكريم وعلومه فوجدته قد أجاد فيما كتب وأفاد، حيث طوَّف في مختصر هذا حول تعريف القرآن الكريم وأسمائه وأوصافه، وتحدي القرآن الكريم للعرب الفصحاء، كما عرَّج على نزول القرآن وكيفية نزوله ومعرفة أول ما نزل وآخر ما نزل، ثم تناول كيفية التلاوة وأحسن طريقة لها، ثم كيف يُراجع القرآن الكريم ؟ وفي كم يُختم ؟ وفوائد حفظ القرآن وتلاوته، وفضل أهل القرآن إلى غير ذلك من موضوعات مفيدة لكل من طالع هذا الكتيب ممن أراد الاختصار فقد قرب هذه المعلومات جزاه الله خير الجزاء .

هذا، وأسأل الله تعالى أن يثيب المؤلف خيراً وكل من قرأ وطالع هذا المؤلَّف . وأن ينفع به من كتبه ومن قرأه ومن كان سبباً في نشره .

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

كتبه

زكريا حسيني محمد

تعريف القرآن الكريم :

القرآن : هو كلام الله حقيقة، المنزل على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، يقظة، لا مناماً، بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام . المنقول إلينا بالتواتر، المتعبد بتلاوته، المعجز بلفظه والمتحدي بأقصر سوره منه، المكتوب في المصاحف، المبدوء بسورة الفاتحة، المختوم بسورة الناس .  (أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف صـ 23)

فائدة هامة :

يجب أن نعتقد أن الله يتكلم كلاماً يليق بجلاله وعظمته دون تشبيه أو تمثيل أو تكييف أو تعطيل، وكل ما يدور بعقولنا . فكلام الله عز وجل بخلافه، قال الله تعالى في محكم التنزيل : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: 11)

قال الله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (التوبة:6)

وقال  جلَّ شأنه( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً) (النساء: 164)

وقال سبحانه : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) (البقرة: 253)

أسماء القرآن وأوصافه :

إن للقرآن الكريم أسماء كثيرة ذكرها الله تعالى في قرآنه وجمعها بعض أهل العم نذكر منها يلي : الكتاب، القرآن، كلام الله، الفرقان، الذِّكر، التنزيل، النبأ العظيم، حبل الله، أحسن الحديث، الصراط المستقيم، بيان للناس، صحف مكرمة . ( البرهان في علوم القرآن للزركشي جـ 1 صـ 273 : صـ 281 )

ولقد وصف الله القرآن أيضاً بأوصاف كثيرة، منها ما يلي : نور، هدى، شفاء، رحمة، موعظة، مبارك، مبين، بشرى، عزيز، مجيد، بشير، نذير . ( مباحث علوم القرآن للقطان  صـ 19 )

القرآن يتحدى أهل الفصاحة :

إن لله تعالى قد تحدى العرب أولاً بأن يأتوا بمثل القرآن الكريم كله فقال سبحانه : (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) (الطور: 33 : 34 )

فعجزوا عن ذلك، ثم تحداهم بعد أن يأتوا بعشر سور مثل القرآن الكريم، فقال سبحانه : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (هود: 13 : 14 )

فعجزوا عن ذلك أيضاً، فتحداهم الله أن يأتوا بسورة واحدة مثل القرآن فقال سبحانه : ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *  فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة:23 : 24 )

فعجزوا عن ذلك أيضاً، ثم أثبت الله عجز الجن والإنس على أن يأتوا بمثل القرآن فقال سبحانه وتعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء:88)

معارضات العرب للقرآن :

 لقد حاول بعض أهل الجاهلية أن يقلدوا  القرآن الكريم فكانت محاولاتهم مضحكة مخجلة، فسخر الناس منهم وباءوا  بغضب  من الله وسخط من الناس وسقطوا جميعاً صرعى أمام كلام الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد . وسوف أذكر بعض معارضات العرب للقرآن وذلك على سبيل المثال لا الحصر :

* قال مسيلمة الكذاب : الذي ادعى النبوة، وهو يحاول أن يقلد سورة الكوثر : إنا أعطيناك الجماهر * فصل لربك وجاهر .

* وقال أيضاً : وهو يحاول أن يقلد سورة العاديات، والطاحنات طحنا * والعاجنات عجناً * والخابزات خبزاً . ( مناهل العرفان للزرقاني جـ 2 صـ 334 )

* وقال أيضاً : وهو يحاول أن يقلد سورة التين، يا ضفدع بنت ضفدعين * نقى لكم تنقين * لا الماء تكدرين * ولا الشارب تمنعين رأسك في الماء * وذنبك في الطين .

* وقال وهو يحاول أن يقلد سورة الفيل : الفيل * ما الفيل * وما أدراك ما الفيل * له ذنب قصير وخرطوم طويل . وصدق الله العظيم حيث قال : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء:82)

كيف نزل القرآن الكريم :

لقد نزل القرآن الكريم على مرحلتين :

المرحلة الأولى : نزول القرآن جملة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا، وذلك بدليل قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ )(الدخان: 2) وقوله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر:1) وقوله تعالى : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ )(البقرة: 185)  فدلت هذه الآيات على أن القرآن أُنزل جملة واحدة في ليلة القدر .

روى النسائي  في سننه الكبرى عن بن عباس قال انزل القرآن جملة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة قال : ( وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) (الفرقان:33) وقرأ قول الله تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء:106)

( السنن الكبرى للنسائي جـ 6 صـ 421 حديث 11372 )

المرحلة الثانية : نزول القرآن منجماً – أي مفرقاً – بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام على قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- على مدار ثلاث وعشرين سنة .

( الإتقان في علوم القرآن للسيوطي جـ 1 صـ 116 : صـ 119 )

قال الله تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء:106)

حكمة نزول القرآن منجماً :

كانت الكتب السماوية السابقة تنزل على الرسل جملة واحدة كما ذهب إلى ذلك جمهور العلماء، وقد اعترض المشركون على نزول القرآن مفرقاً فبين الله تعالى ذلك الاعتراض في القرآن فقال سبحانه : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) (الفرقان:32)

وكان لنزول القرآن الكريم مفرقاً على قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- حِكْم كثيرة يمكن إجمالها فيما يلي :

* تثبيت قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- .

* تيسير حفظ القرآن الكريم وفهمه لأمة لا تعرف القراءة ولا الكتابة .

* مسايرة الحوادث والتدرج في التشريع، وتربية الأمة الجديدة .

* تحدى العرب وهم أهل الفصاحة والبلاغة وإثبات عجزهم على أن يأتوا بمثل هذا القرآن العظيم .

* إثبات أن القرآن كلام الله تعالى وليس من عند محمد -صلى الله عليه وسلم- .

( البرهان جـ 1 صـ 231 / مناهل العرفان جـ 1 صـ 53 : صـ 62 )

نزول القرآن على سبعة أحرف :

روى البخاري  عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلَاةِ فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ كَذَبْتَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسِلْهُ اقْرَأْ يَا هِشَامُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ اقْرَأْ يَا عُمَرُ فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ . ( البخاري حديث 4992 )

قال القرطبي :

وقد اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البستي، نذكر منها في هذا الكتاب خمسة أقوال: الأول – وهو الذي عليه أكثر أهل العلم كسفيان بن عيينة وعبد الله بن وهب والطبري والطحاوي وغيرهم: أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو اقبل وتعال وهلم.

وقال الطحاوي :

وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ إلى سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة .

( صحيح لغيره ) ( مسند أحمد جـ 34 صـ 156 حديث 20514 )

على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل. ( تفسير القرطبي جـ 1 صـ 59 / الإتقان جـ 1 صـ 134 )

جمع القرآن وترتيبه :

إن جمع القرآن في مصحف واحد قد مر بثلاث مراحل كما يلي :

المرحلة الأولى : في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- .

كان جمع القرآن في عهد النبوة قد تم بطريقتين :

الطريقة الأولى : جمع القرآن في صدور الصحابة حيث كان الكثير من الصحابة يحفظون القرآن .

الطريقة الثانية : كتابة القرآن في صحف متفرق حيث كان الصحابة يكتبون القرآن بأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- على العُسُب وهي : جريد النخل، وعلى اللّخاف وهي : الحجارة الرقيقة،وعلى الرقاع وهي : الأوراق وقطع الأديم وهي : الجلد وعظام الأكتاف، والأضلاع، ثم يوضع المكتوب في بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهكذا انقضى عهد النبوة ولم يجمع القرآن في صحف ولا في مصاحف، بل كتب منثوراً بين الرقاع والعظام ونحوها .

فائدة  : لماذا لم يجمع القرآن في مصحف واحد في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ؟

أجاب أهل العلم عن ذا السؤال بأن هذا الجمع لم يتم لأسباب كثيرة يمكن إجمالها فيما يلي :

1 – أن الكثير من الصحابة كانوا يحفظون القرآن في صدورهم وكانت الفتنة في تحريف القرآن مأمونة .

2 – قلة توفر أدوات الكتابة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- .

3 – أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان بصدد أن ينزل عليه الوحي بنسخ ما شاء الله تعالى من الآيات.

4 – أن القرآن لم ينزل جملة واحدة، بل نزل منجماً على مدى ثلاث وعشرين سنة حسب الحوادث .

المرحلة الثانية :

جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه .

إن استشهاد الكثير من الصحابة من حفاظ القرآن الكريم في معركة اليمامة هو الذي جعل عمر رضي الله عنه يشير على أبي بكر الصديق بجمع القرآن، فأمر الصديق رضي الله عنه زيد بن ثابت بجمع القرآن، فأخذ زيد يتتبع القرآن من العُسُب واللخاف وصدور الرجال فجمع القرآن كله في صحف، فكانت هذه الصحف عند أبي بكر الصديق حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى مات ثم عند حفصة بنت عمر . فائدة هامة :

إن جمع أبي بكر الصديق للقرآن كان بسبب خشيته أن يذهب من القرآن شيء بذهاب حملته، لأنه لم يكن مجموعاً في موضع واحد، فجمعه في صحائف مرتباً لآيات سوره على ما وقفهم عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- . ( المصاحف لابن أبي داود صـ 11 : صـ 16 )

قال على بن أبي طالب رضي الله عنه : أعظم الماس أجراً في المصاحف : أبو بكر الصديق، فإنه أول من جمع القرآن بين اللوحين . ( المصاحف لابن أبي داود صـ 11 )

المرحلة الثالثة :

جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه .

إن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  كانوا يقرؤون القرآن بعده على الأحرف السبعة التي أقرأهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  بإذن الله عز وجل إلى أن وقع الاختلاف بين القراَّء في زمن عثمان رضي الله عنه .

وذلك بعد اتساع رقعة الدولة الإسلامية ودخول الناس في دين الله أفواجاً وعظيم الأمر فيه، وكتب الناس بذلك من الأمصار إلى عثمان، وناشدوه الله تعالى في جمع الكلمة، وتدارك الناس قبل تفاقم الأمر، وقدم حذيفة بن اليمان من غزوة أرمينية، فشافهه بذلك فجمع عثمانُ عند ذلك المهاجرين والأنصار، وشاروهم في جمع القرآن في المصاحف على حرف واحد، ليزول بذلك الخلاف، وتتفق الكلمة، واستصوبوا رأيه، وحضوه عليه، ورأوا  أنه من أحوط الأمور للقرآن، فحينئذ أرسل عثمان إلى حفصة : أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، فأرسلت إليه، فأمر زيد بن ثابت، والرهط القُرشيين الثلاثة فنسخوها في المصاحف،وبعث بها إلى الأمصار، وأمر بحرق ما سوى ذلك من المصاحف .

وهكذا حفظ اله كتابه العزيز من التحريف .

( المصاحف صـ 25 : صـ 34 ) ( فضائل القرآن للقاسم بن سلام صـ 152 : صـ 162 ) ( شرح السنة للبغوي جـ 4 صـ 513 : صـ 526 )

ويجب على كل مسلم أن يعلم أن ترتيب آيات القرآن الكريم وسوره الموجود بين أيدينا الآن هو نفس الترتيب الذي عارض جبريل به النبي -صلى الله عليه وسلم- مرتين في العام الأخير من حياته -صلى الله عليه وسلم- .

عدد المصاحف التي كتبها عثمان بن عفان :  

قال عبد الله بن أبي داود : سمعتُ أبا حاتم السجستاني قال : لما كتب عثمان المصاحف ين جمع القرآن كتب سبعة مصاحف، فبعث واحداً إلى مكة، وآخر إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة وحبس بالمدينة واحداً. ( المصاحف لابن أبي داود صـ 43 )

تنقيط المصحف وتشكيله :

من المعروف أن المصاحف التي كتبها أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه كانت خالية من النقط حتى تبقى الكلمة محتملة لأن تُقرأ بكل ما يمكن من وجوه القراءات فيها .

ذهب كثير من أهل العلم إلى أن أول من قام بتنقيط المصحف هو أبو الأسود الدؤلي، وقد تم تنقيط المصحف وشكله بصفة رسمية في عهد عبد الملك بن مروان وإن قام بهذا العمل الجليل الحسن البصري، ونصر بن عاصم الليثي، ويحي بن يعمر العدواني، وكان الذي دفع عبد الملك بن مروان إلى هذا العمل هو اتساع رقعة الدولة الإسلامية، واختلاط العرب بالعجم وكادت لغة العجم تمس سلامة اللغة العربية .

والذي اشتهر بوضع الفتحة والكسرة والضمة والتنوين وغير ذلك هو الخليل بن أحمد .

( الإتقان جـ 4 صـ 160 : صـ 162 ) ( مناهل العرفان جـ 1 صـ 406 : صـ 408 )

أول ما نزل من القرآن :

إن أول ما نزل من القرآن الكريم على النبي -صلى الله عليه وسلم-  هو صدر سورة العلق وهو قول الله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) ( العلق : 1 : 5 ) ( البخاري حديث 3 / مسلم حديث 160 )

* قال ابن عباس رضي الله عنهما :

 ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) هو أول شيء نزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- .

( فضائل القرآن للقاسم بن سلام صـ 219 )

آخر ما نزل من القرآن :

روى النسائي من حديث ابن عباس قال : آخر شيء نزل من القرآن : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (البقرة:281)

( السنن الكبرى للنسائي جـ 6 صـ 307 حديث 11057 )

وقد عاش النبي -صلى الله عليه وسلم-  بعد نزول هذه الآية تسع ليال ثم مات يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول . ( تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ 2 صـ 503 )

أعظم سورة في القرآن :

روى البخاري  عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي فَقَالَ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ  [ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ] ثُمَّ قَالَ لِي لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ . ( البخاري حديث 4474 )

أعظم آية في القرآن :

روى مسلم عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ قَالَ قُلْتُ  [ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ] قَالَ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ . ( مسلم حديث 810 )

في كم يختم القرآن ؟

روى مسلم عن  عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له : اقْرَأْ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ . ( مسلم – كتاب الصوم – حديث 182)

روى أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ . ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 1242 )

وثبت عن بعض السلف بأسانيد صحيحة أنهم كانوا يختمون القرآن في أقل من ثلاث منهم عثمان بن عفان، وتميم الداري وسعيد بن جبير وعلقمة ومجاهد والشافعي والبخاري وغيرهم .

قال ابن كثير :

هذا وأمثاله من الصحيح عن السلف محمول إما على أنه  ما بلغهم في ذلك حديث مما تقدم، أو أنهم كانوا يفهمون ويتفكرون فيما يقرءونه مع هذه السرعة، والله أعلم . ( فضائل القرآن لابن سلام صـ 90 : صـ 92 ) ( تفسير ابن كثير جـ 1 صـ 119 : صـ 122 )

مراجعة القرآن الكريم :

روى مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنْ الْإِبِلِ فِي عُقُلِهَا . ( مسلم حديث 791 )

روى البخاري  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ مَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ نُسِّيَ وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنْ النَّعَمِ . ( البخاري حديث 5032)

أشد تفصياً : أي أشد تفلتاً وتخلصاً .

فينبغي لمن حفظ القرآن أن يتعاهده بالمراجعة من حين لآخر حتى لا ينساه .

فضل تلاوة القرآن :

لقد استفاض القرآن الكريم والسنة المطهرة في الحديث عن فضل تلاوة القرآن الكريم .

أولاً : من القرآن الكريم :

قال تعالى : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (البقرة:121)

وقال سبحانه : ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأعراف:204)

وقال سبحانه : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (لأنفال:2)

وقال سبحانه : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً *وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (الإسراء:78 : 79)

وقال جل شأنه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) (فاطر:29 : 30)

وقال سبحانه : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:23)

وقال سبحانه : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر:17)

ثانياً : من السنة المطهرة :

لقد وردت أحاديث كثيرة تتحدث عن فضل تلاوة القرآن الكريم نذكر منها على سبيل المثال ما يلي :

روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ . ( البخاري حديث 4937 / مسلم حديث 798 )

روى مسلم عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُحِبُّ ذَلِكَ قَالَ أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنْ الْإِبِلِ .( مسلم حديث 803 )

الكوماء : الناقة عظيمة السنام .

روى الترمذي عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ .

( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2327 )

روى الشيخان  عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ . ( البخاري حديث 5020 / مسلم حديث 797 )

روى مسلم عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ . ( مسلم حديث 804 )

روى مسلم عن سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ يَقُول سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا .( مسلم حديث 805 )

روى البخاري عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ . ( البخاري حديث 5027 )

روى الشيخان  عَنْ  عَبْدِ اللَّهِ بن عمر عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ .

( البخاري حديث 5025 / مسلم حديث 815 )

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ . (مسلم حديث 2699 )

روى أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا .( حديث حسن صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 1300 )

قال أبو سليمان الخطابي :

جاء في الأثر أن عدد آيات القرآن على قدر درج الجنة، فمن استولى على أقصى درج الجنة .

( شرح السنة للبغوي جـ 4 صـ 435 )

قال أبو أمامة رضي الله عنه :

احفظوا القرآن، فإن الله لا يعذب بالنار قلباً وعى القرآن . ( شرح السنة للبغوي جـ 4 صـ 437 )

قال خباب بن الأرت رضي الله عنه :

تقرب إلى الله ما استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحبَّ إليه من كلامه . ( شرح السنة للبغوي جـ 4 صـ 437 )

قال الحسن البصري :

فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على عباده . ( شرح السنة للبغوي جـ 4 صـ 437 )

حُسن الصوت بالقرآن :

روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ (أي : ما استمع الله ) لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ .( البخاري حديث 5023 / مسلم حديث 233 )

رو أبو داود عن أبي لُبابة قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ.

( حديث حسن صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 1305 )

روى الحاكم عن البراء رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « زينوا القرآن بأصواتكم ، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا . ( حديث صحيح ) ( صحيح الجامع للألباني حديث 3581 )

روى ابن ماجه عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ الَّذِي إِذَا سَمِعْتُمُوهُ يَقْرَأُ حَسِبْتُمُوهُ يَخْشَى اللَّهَ .( حديث صحيح ) ( صحيح ابن ماجه للألباني حديث 1101)

آداب تلاوة القرآن :

ذكر أهل العلم آداباً كثيرة لتلاوة القرآن الكريم يمكن أن نجملها فيما يلي :

* أن تكون التلاوة خالصة لوجه الله تعالى وحده .

* أن تكون التلاوة بعد تعلم القرآن على أيدي أهل الإتقان العارفين بأحكام التجويد .

*  أن يكون القارئ متوضأً لأن القرآن أفضل الأذكار .

* أن تكون التلاوة في مكان طاهر نظيف وأفضل الأماكن المساجد .

* أن يجلس القارئ مستقبل القبلة بسكينة ووقار .

* أن يطيب القارئ فمه بالسواك .

* أن يستعيذ القارئ بالله تبارك وتعالى من الشيطان الرجيم عند بداية التلاوة .

* أن تكون التلاوة بخشوع وتدبر لفهم المقصود من الآيات الكريمة .

* أن يُحسِّن القارئ صوته عند التلاوة مع مراعاة أحكام التجويد .

* أن لا يقطع القارئ التلاوة إلا لضرورة شرعية لأنه يقرأ كلام الله تعالى .

* عدم تلاوة القرآن بالقراءات الشاذة غير المتواترة .

* أن تكون التلاوة على حسب ترتيب السور في المصحف وأن يحرص القارئ على ختم المصحف كل مدة بحيث لا تقل عن ثلاثة أيام .

* إذا مر القارئ بآية فيها ذكر الجنة، سأل الله الجنة،. وإذا مر بآية فيها ذكر النار، استعاذ بالله منها، وإذا مر بآية فيها استغفار، استغفر اله، وإذا مر بآية فيها دعاء، دعا الله بما شاء من الخير .

* أن يحرص قارئ القرآن على أن يعمل بما قرأه من القرآن الكريم في حياته الدنيا حتى تكون التلاوة حجة له يوم القيامة وليست حجة عليه . ( فضائل القرآن لابن سلام صـ 51 : صـ 75 )

( البرهان جـ 1 صـ 449 : صـ 474 )

تلاوة القرآن تطرد الشيطان :

روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لَا أَعُودُ فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ قَالَ دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ  [ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ] حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ مَا هِيَ قُلْتُ قَالَ لِي إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ  [ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ]

وَقَالَ لِي لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَا قَالَ ذَاكَ شَيْطَانٌ . ( البخاري حديث  2311 / مسلم حديث 780 )

القرآن يرفع منزلة أصحابه :

روى مسلم عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ مَنْ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي فَقَالَ ابْنَ أَبْزَى قَالَ وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى قَالَ مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا قَالَ فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى قَالَ إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ قَالَ عُمَرُ أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ . ( مسلم حديث 817 )

روى مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا ( إسلاماً ) وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِه . ( مسلم حديث 673 )

روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِقَتْلَى أُحُدٍ أَيُّ هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى رَجُلٍ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ صَاحِبِهِ . ( البخاري حديث 1348 )

روى أبو داود  عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ .

( حديث حسن ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 4053 )

القرآن شفاء للأمراض :

يقول الله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (الإسراء: 82)

روى البخاري  عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ فَقَالُوا هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍ فَقَالُوا إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا وَلَا نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنْ الشَّاءِ فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ فَبَرَأَ فَأَتَوْا بِالشَّاءِ فَقَالُوا لَا نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَالَ وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ . ( البخاري حديث 5736 )

( لم يقروهم : أي لم يضيفوهم ) .

روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى ( أي مرض ) يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا .

( البخاري حديث 5016 )

والمعوذات هي سورة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) .

والنفث : النفخ مع ريق لطيف يُجعل في اليدين عقب قراءة المعوذات .

حفظ القرآن حصن لأبنائنا :

روى البخاري  عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

جَمَعْتُ الْمُحْكَمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ وَمَا الْمُحْكَمُ قَالَ الْمُفَصَّلُ . ( والمفصل يبدأ من سورة (ق) حتى نهاية المصحف . ( البخاري حديث 5036 )

إن للسلف الصالح كانوا يحرصون على أن يحفظ أبناؤهم القرآن الكريم منذ الصغر حتى ينشأوا على مائدة الرحمن .

ويعتبر حفظ القرآن الكريم كاملاً أولى الخطوات الأساسية لطالب العلم ومن المعتاد عند قراءة تراجم سير أهل العلم أن تقرأ أنهم أتموا حفظ القرآن قبل تمام سن العاشرة من عمرهم .

ولذا يجب عينا أن نهتم بتحفيظ أبنائنا القرآن الكريم على أيدي أهل القرآن الذين يعرفون أحكام التجويد، وليعلم المسلم العاقل أن أفضل ما ينفقه من مال على ولده هو ما يدفعه لمن يُحفظ ولده القرآن، يقول الله تعالى في محكم التنزيل : ( وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)(البقرة: 272)

وهل هناك أفضل من مال ينفق على تحفيظ الأولاد كلام الله تعالى ؟ فحفظ القرآن سبب في حفظ الأبناء من مكائد الشيطان وقرناء السوء.

إن الكثير من الآباء يهتمون بتعليم أبنائهم العلوم الدنيوية لكي يحصلوا على أعلى الشهادات مع إهمالهم لحفظ القرآن الكريم، فنشأ الأبناء وتخرجوا في الجامعات وحصلوا على أرفع الشهادات العلمية وعلى الرغم من ذلك، فإن الكثير منهم لا يُحسن أن يقرأ القرآن الكريم دون أخطاء كثيرة، فُنزعت البركة منهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وليتذكر العبد المسلم كم تكون سعادته وهو يرى حسنات كأمثال الجبال، إن شاء الله، في ميزانه يوم القيامة وذلك بسبب حفظ ولده القرآن الكريم ولنتذكر جميعاً ما رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي فَقَالَ مَا عِنْدِي فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ . ( مسلم  حديث 1893 )

وهل هناك خير أفضل من أن تربي ولدك على حفظ القرآن الكريم ؟

حكم قراءة القرآن للأموات :

من المعلوم أن أساس التشريع الإسلامي هو القرآن والسنة الصحيحة، والله تعالى أنزل القرآن لنقرأه ونطبق ما فيه من أحكام . وقراءة القرآن عند المقابر أو إهداء ثواب القراءة للأموات من البدع التي نهانا عنها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك فيما أخرجه الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ . ( البخاري حديث 2697 / مسلم حديث 1718 )

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ . ( مسلم حديث 1631 )

ومن المعلوم أن تلاوة القرآن من أعظم القربات إلى الله تعالى ولو كان ثوابها يصل إلى الأموات لأخبر الرسول الصحابة بذلك .

وهذا أفضل الخلق نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد مات له في حياته بعض أزواجه وكل أولاده إلا فاطمة رضي الله عنهم، وعلى الرغم من ذلك لم يثبت عنه أنه قرأ القرآن على أحد منهم، ولم يقرأ أيضاً عل أحد من أصحابه الذين استشهدوا معه في المعارك، وكذلك لم يثبت عن أحد من الصحابة أو التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أنهم قرءوا القرآن عند المقابر أو قاموا بإهداء ثواب التلاوة للأموات .

وعلى ذلك أقول : إن ما يفعله الكثير من الناس من استئجار بعض القُرَّاء في السرادقات أو على المقابر أو إهداء ثواب التلاوة للأموات من البدع المنكرة، ولا يصل من التلاوة شيء للأموات لمخالفته هدى سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والله تعالى قد أكمل لنا الدين وأتم علينا نعمته إلى يوم القيامة .

حكم المصاحف القديمة أو الممزقة :

ما تمزق من المصاحف والكتب والأوراق التي بها آيات من القرآن

الكريم، أفتى العلماء أنها تدفن بمكان طيب، بعيد عن ممر الناس وعن

أماكن إلقاء القاذورات، أو تحرق؛ صيانة له، ومحافظة عليه من الامتهان؛ وذلك لفعل أمير المؤمنين عثمان بن عفان  رضي الله عنه.( فتاوى اللجنة الدائمة جـ 4 صـ 98 ) ( المصاحف صـ 224 )

حكم مس المصحف وقراءة القرآن بالنسبة للجنب والحائض والنفساء :

ذهب جمهور العلماء : إلى أنه لا يجوز للجنب أو الحائض أو النفساء لَمْسُ المصحف الشريف ودليل ذلك قول الله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة:79)

وأما بالنسبة لقراءة القرآن فذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب وهو جنب وأما بالنسبة للحائض والنفساء فيجوز لهما قراءة القرآن عن ظهر قلب لأنه لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يمنع من ذلك وكذلك يجوز لهما قراءة تفسير القرآن من كتب التفسير .

( فتاوى اللجنة الدائمة جـ 4 صـ74 : صـ 75 )

قال ابن عثيمين رحمه الله :

أن الحائض والنفساء يجوز لهما قراءة القرآن للحاجة، مثل أن تكون معلمة، فتقرأ القرآن للتعليم، وكذلك الطالبة للتعليم أو أن تخشى أن تنسى القرآن فتقرأه للتذكر . ( مجموع فتاوى ابن عثيمين جـ 4 صـ 273 و صـ 328 )

حكم قراءة القرآن ومس المصحف لمن به الحدث الأصغر :

ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز مس المصحف لمن به الحديث الأصغر حتى يتوضأ وذلك لعموم قوله تعالى:  [ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ] (الواقعة:79) وأما قراءة القرآن عن ظهر قلب لمن به الحدث الأصغر فيجوز بإجماع العلماء ؛ لأنه لم يرد في الشرع ما يمنع من ذلك والأصل الجواز، لكن قراءته على وضوء أفضل.( فتاوى هيئة كبار العلماء جـ 4 صـ 76 : صـ 77 )

حكم أخذ أجر على تعليم القرآن :

ذهب جمهور العلماء إلى جواز أخذ أجرة على تعليم وتحفيظ القرآن الكريم .

( فتح الباري جـ 4 صـ 530 ) ( فتاوى اللجنة الدائمة جـ 4 صـ 91 )

وذلك بدليل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ. ( البخاري حديث 5737 )

ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم-لأصحابه بعد أن قرأ أحدهم الفاتحة على سيد القوم الذي لُدغ فشفاه الله وأخذوا قطيعاً من الغنم : (قَدْ أَصَبْتُمْ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا ) ( البخاري حديث 2276 )