أمين الأمة: أبو عبيدة بن الجراح

المقدمة

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة و السلام على خاتم الأنبياء والمرسلين والمبعوث رحمةً للعالمين،نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه ،والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد:فإن أبا عبيدة بن الجراح، هو أحد السابقين إلى الإسلام ,وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، فأحببت أن أُذَكِرَ نفسي وإخواني الكرام بشيء من سيرته العطرة،وتاريخه المشرق المجيد،لعلنا نسير على ضوئه فنسعد في الدنيا و الآخرة .

أسألُ اللَه تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعَ به طلاب العِلْمِِ.

وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين .

وصلى اللهُ وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله، وصحبه، والتابعينَ لهم بإحسان إلى يوم الدين.

اسمه ونسبه:

هو: عامر بن عبد الله بن الجرَّاح بن هلال بن فِهر.

كُنيته :أبو عُبيدة.

أمه: أميمة بنت غَنْم بن جابر بن عُمَيرة .

(الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ312)

صفة أبي عبيدة الخِلْقية:

كان أبو عُبيدة بن الجرَّاح  -رضى الله عنه- رجلاً، نحيفاً، معروق الوجه، خفيف اللحية، طوالاً، أجنأ(منحني الظهر) أثرم الثنيتين(سقطت ثنيتاه من أصلهما) وكان يصبغ رأسه ولحيته بالحناء والكَتم.

(الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ312)

إسلام أبي عبيدة بن الجراح:

قال يزيد بن رومان: انطلق عثمان بن مظعون، وعبيدة بن الحارث، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وأبو عبيدة بن الجرَّاح حتى أتواْ رسول الله  -صلى الله عليه وسلم-، فعرض عليهم الإسلام، وأنبأهم بشرائعه، فأسلموا في ساعة واحدة، وذلك قبل دخول رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم بن أبي الأرقم.  (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ313) (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ1صـ8:7)

هجرة أبي عبيدة:

هاجر أبو عبيدة بن الجرَّاح  -رضى الله عنه- إلى الحبشة ثم إلى المدينة،وآخى رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين سعد بن معاذ .(الإصابة لابن حجر العسقلاني جـ2 صـ244)

علم أبي عبيدة بن الجراح:

روى أبو عبيدة خمسة عشر حديثًاً،وله في صحيح مسلم حديثًاً واحداً،وله كذلك حديثاً واحدا ًفي سنن الترمذي.

حَدَّثَ عنه العِرباض بن سارية، وجابر بن عبد الله، وأبو أُمامة الباهلي، وسَمُرَةَ بن جُندب، وأسْلَم مولى عمر بن الخطاب، و عبد الرحمن بن غَنْم،وآخرون.(سير أعلام النبلاء للذهبي جـ1صـ6)

جهاد أبي عبيدة بن الجراح :

شهدَ أبو عبيدة  -رضى الله عنه- بدراً وأُحداً والمشاهد كلها مع رسول الله  -صلى الله عليه وسلم-. كان أبو عبيدة أحد الأمراء المسيرين إلى الشام ،والذين فتحوا دمشق، ولما ولي عمر بن الخطاب الخلافة عزل خالد بن الوليد واستعمل أبا عبيدة فقال خالد :ولي عليكم أمين هذه الأمة وقال أبو عُبيدة : سمعت رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- يقول : ” إن خالداً لسيف من سيوف الله. (أسد الغابة لابن الأثيرجـ3صـ23) (صفة الصفوة لابن الجوزي جـ1صـ365)

أبو عبيدة بن الجراح في غزوة بدر:

كان أبو أبي عبيدة بن الجرَّاح  -رضى الله عنه- يتصدى لابنه أبي عبيدة يوم بدر ،فكان أبو عبيدة يبتعد عنه ،فلما أكثر، قصده أبو عبيدة فقتله، فأنزل الله تعالى فيه هذه الآية حين قتل أباه (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة:22)  (حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني جـ1صـ101)

أبو عبيدة في غزوة أحد:

روى ابنُ سعد عن عائشة قالت: قال أبو بكر الصديق: لما كان يوم أحد ورمي رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- في وجهه حتى دخلت في أجنتيه حلقتان من المغفر(ما يلبسه المقاتل على رأسه) فأقبلت أسعى إلى رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- وإنسان قد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا فقلت اللهم اجعله طاعة حتى توافينا إلى رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- فإذا أبو عبيدة بن الجراح قد بدرني فقال أسألك بالله يا أبا بكر ألا تركتني فأنزعه من وجنة رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- قال أبو بكر: فتركته فأخذ أبو عبيدة بثنية إحدى حلقتي المغفر فنزعها وسقط على ظهره وسقطت ثنية أبي عبيدة ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنية الأخرى فسقطت فكان أبو عبيدة في الناس أثرم(أهتم) وكان أبو عبيدة مِن أحسنِ الناس هتماً. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ313)

حُسن خلق أبي عبيدة:

قال موسى بن عُقبة : أمَّر النبي  -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل، وهي من مشارف(بداية) الشام، فخشي عمرو، فبعث يستمد فندب النبي  -صلى الله عليه وسلم- الناس من المهاجرين الأولين فانتدب أبو بكر وعمر في آخرين فأمَّر عليهم أبا عبيدة بن الجرَّاح مدداً لعمرو بن العاص. فلما قدموا عليه، قال: أنا أميركم. فقال المهاجرون :بل أنت أمير أصحابك وأبو عبيدة أمير المهاجرين. فقال: إنما أنتم مددي، فلما رأى ذلك أبو عبيدة وكان حَسَن الخُلُق متبعاً لأمر رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- وعهده فقال: تعلم يا عمرو أن رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- قال لي: إن قدمت على صاحبك فتطاوعا، وإنك إن عصيتني أطعتك. (الإصابة لابن حجر العسقلاني جـ 2صـ244)

أبو عبيدة أمير غزوة الخبط:

قال جابر بن عبد الله: بعثنا رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- مع أبي عبيدة بن الجرَّاح ونحن ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً وزودنا جراباً من تمر فأعطانا منه قبضة قبضة، فلما أنجزناه أعطانا تمرةً تمرةً، فلما فقدناها وجدنا فَقْدها ثم كنا نخبط الخبط بقسينا ونسفه ونشرب عليه من الماء حتى سمينا جيش الخبط ثم أخذنا على الساحل فإذا دابة ميتة مثل الكثيب يُقالُ لها العنبر فقال أبو عبيدة: ميتة لا تأكلوا ثم قال جيش رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- وفي سبيل الله ونحن مضطرون فأكلنا منه عشرين ليلة أو خمس عشرة ليلة ،قال: ولقد جلس ثلاثة عشر رجلاً منا في موضع عينه ن وأقام أبو عبيدة ضلعاً من أضلاعه، فوضعه على أجسم بعير ، فلما قدمنا على رسول الله قال: ما حبسكم؟ قال: كنا نبتغي (إبل) قريش، فذكرنا له شأن الدابة فقال: إنما هو رزق رزقكموه الله، أمعكم منه شيء؟ قلنا: نعم. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ314)

* الخبْط : ضرْبُ الشجرة بالعصا ليَتناثر ورقُها، واسم الورق الساقط خَبَط.

(النهاية في غريب الحديث لابن الأثير جـ2صـ11)

أبو عبيدة يحث على الجهاد:

قال أسلم ، مولى عمر بن الخطاب:بلغ عمر أن أبا عبيدة حصر بالشام، ونال منه العدو، فكتب إليه عمر: أما بعد، فإنه ما نزل بعبد مؤمن شدة، إلا جعل الله بعدها فرجا، وإنه لا يغلب عسر يسرين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران: 200 ).قال: فكتب إليه أبو عبيدة: أما بعد، فإن الله يقول: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (الحديد: 20 )، قال: فخرج عمر بكتابه، فقرأه على المنبر فقال: يا أهل المدينة ! إنما يعرِّض بكم أبو عبيدة ،أو بي، أرغبوا في الجهاد. (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ1صـ16:15)

خوف أبي عبيدة بن الجراح:

قال قتادة :قال أبو عبيدة بن الجرَّاح : وددت أني كبش فذبحني أهلي فأكلوا لحمي وحَسَواْ(شربوا) مرقي. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ315)

زهد أبي عبيدة:

أرسل عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف درهم وأربعمائة دينار وقال للرسول: انظر ما يصنع قال فقسمها أبو عبيدة قال ثم أرسل إلى معاذ بمثلها، وقال للرسول مثل ما قال، فقسمها معاذ إلا شيئاً. قالت امرأته: نحتاج إليه فلما أخبر الرسول عمر، قال: الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ316:315)

مناقب أبي عبيدة بن الجراح:

(1) روى الترمذيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  -صلى الله عليه وسلم-: أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ , وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ , وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ , وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ, وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ , وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ, وَسَعْدٌ ( ابن أبي وقاص ) فِي الْجَنَّةِ , وَسَعِيدٌ ( ابن زيد ) فِي الْجَنَّةِ , وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ. (حديث صحيح)(صحيح سنن الترمذي للألباني حديث 2946)

(2) روى الشيخانِ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إِلَى النَّبِيِّ  -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا: ابْعَثْ لَنَا رَجُلًا أَمِينًا. فَقَالَ:لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ فَاسْتَشْرَفَ لَهُ النَّاسُ فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. البخاري حديث:4381/مسلم حديث:2420)

(3) روى الشيخانِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ  -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. (البخاري حديث:4382/مسلم حديث:2419)

(4) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  -صلى الله عليه وسلم-: نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو بَكْرٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ عُمَرُ، نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، نِعْمَ الرَّجُلُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ.

(حديث صحيح)(صحيح سنن الترمذي للألباني حديث 2984)

(5) روى مسلمٌ عن عائشة أنها سُئِلت: مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- مُسْتَخْلِفًا لَوْ اسْتَخْلَفَهُ؟ قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ. فَقِيلَ لَهَا ثُمَّ مَنْ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ؟، قَالَتْ: عُمَرُ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا مَنْ بَعْدَ عُمَرَ؟ قَالَتْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى هَذَا. (مسلم حديث2385)

(6) روى الترمذيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَيُّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ  -صلى الله عليه وسلم- كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ؟ قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ. قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَتْ: ثُمَّ عُمَرُ. قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَتْ: ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ فَسَكَتَتْ.

(حديث صحيح)(صحيح سنن الترمذي للألباني حديث 2892)

(7)قال الذهبي: كان أبو عبيدة معدوداً فيمن جمع (حفظ)القرآن العظيم. (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ1صـ16:15)

منزلة أبي عبيدة عند أبي بكر الصديق:

روى أحمدٌ عن ابن عباس أن أبا بكر الصديق قال( للمهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة): قَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ أَيَّهُمَا شِئْتُمْ وَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ.

(حديث صحيح) (مسند أحمد جـ1صـ453)

تولى أبو عبيدة بيت مال المسلمين في خلافة أبي بكر الصديق. (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ1صـ15)

منزلة أبي عبيدة عند عمر بن الخطاب:

(1) روى أحمدٌ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِمَا قَالُوا :لَمَّا بَلَغَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَرَغَ حُدِّثَ أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيدًا قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ شِدَّةَ الْوَبَاءِ فِي الشَّامِ فَقُلْتُ إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ حَيٌّ اسْتَخْلَفْتُهُ فَإِنْ سَأَلَنِي اللَّهُ لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ  -صلى الله عليه وسلم- قُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَكَ  -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ أَمِينًا وَأَمِينِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَأَنْكَرَ الْقَوْمُ ذَلِكَ وَقَالُوا مَا بَالُ عُلْيَا قُرَيْشٍ يَعْنُونَ بَنِي فِهْرٍ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ اسْتَخْلَفْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ قُلْتُ سَمِعْتُ رَسُولَكَ  -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْعُلَمَاءِ نَبْذَةً. (حسن لغيره وهذا إسناد رجاله ثقات)(مسند أحمد جـ1صـ263حديث:108)

(2) روى أبو نُعيم عن أسْلْم ،مولى عمر، أن عمر بن الخطاب قال لأصحابه: تمنواْ فقال رجلٌ: أتمنى لو أن لي هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله، ثم قال تمنواْ، فقال رجلٌ أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً، أنفقه في سبيل الله، وأتصدق، ثم قال تمنواْ، فقالوا: ما ندري يا أمير المؤمنين، فقال عمر: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجرَّاح. (حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني جـ1صـ102)

(3) قال عُروة بن الزبير: لما قدم عمر الشام تلقاه الناس وعظماء أهل الأرض، فقال عمر: أين أخي؟ قالوا: من؟ قال: أبو عبيدة. قالوا: الآن يأتيك، فلما أتاه نزل فاعتنقه ثم دخل عليه بيته فلم ير في بيته إلا سيفه وترسه ورحله، فقال له عمر: ألا اتخذت ما اتخذ أصحابك ؟(أثاث جديد) فقال يا أمير المؤمنين هذا يبلغني المقيل.  (حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني جـ1صـ102)

وفاة أبي عبيدة بن الجراح:

مات أبو عبيدة بن الجرَّاح  -رضى الله عنه- في طاعون عَمَواس(بالأردن) سنة ثماني عشرة هجرية في خلافة عمر بن الخطاب، وكان عمر أبي عبيدة ثمان وخمسين سنة. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ317)

لما مات أبو عبيدة بن الجرَّاح  -رضى الله عنه- ،خطب معاذ بن جبل  -رضى الله عنه- فقال :أيها الناس: إنكم فُجعتم برجل والله رأيت من عباد الله قط أقل حقداً، ولا أبر صدراً ولا أبعد غائلة ولا أشد حياءً للعاقبة، ولا أنصح للعامة منه، فترحموا عليه. (الإصابة لابن حجر العسقلاني جـ2صـ245)

رَحِمَ اللهُ تعالى أبا عبيدة بن الجرَّاح ، رحمةً واسعةً، وجزاه عن الإسلام خير الجزاء.

ونسأل الله تعالى أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى من الجنة.

وآخر دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين.

وصلى اللهُ وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله، وصحبه، والتابعينَ لهم بإحسان إلى يوم الدين .