بسم الله الرحمن الرحيم
(1) أعداء الإسلام لنا بالمرصاد :
إن أعداء الإسلام في كل مكان وزمان للمسلمين بالمرصاد. وهذه حقيقة ثابتة منذ أن أشرقت شمس الإسلام على العالم , ويتضح ذلك جلياً في سبب هجرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بدينهم من مكة إلى المدينة , حيث تحمل نبينا -صلى الله عليه وسلم- من الأذى ما لا يتحمله بشر , وكذلك أصحابه الكرام مثل , بلال ,وياسر وعمار وسمية وغيرهم حيث منعهم المشركون من إقامة شعائر الإسلام . لقد اجتمع المشركون في دار الندوة لإعداد خطة يتخلصون بها من نبينا -صلى الله عليه وسلم- ولكن الله تعالى كان لهم بالمرصاد . قال الله تعالى : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) ( الأنفال : 30 )
فيجب علينا أن نكون على حذر من أعدائنا ونعد لهم ما استطعنا من قوة , حتى لا نُؤخذ على غِرَّة .
قال الله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) ( الأنفال : 60 )
(2) وجوب الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام :
إذا كان المسلم الذي يعيش في بلاد غير المسلمين لا يتمكن من إقامة شعائر الإسلام والدعوة إلى الإسلام علانية ,وجب عليه الهجرة إلى بلاد الإسلام ليتمكن من إظهار شعائر دينه فيها , ويظهر ذلك في هجرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام من مكة ، فلما منعهم المشركون من إظهار الإسلام والدعوة إليه , هاجروا إلى المدينة، فأقاموافيها دولة الإسلام وعبدوا الله تعالى علانية وأخذوا يدعون الناس للدخول في الإسلام .
قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) ( النساء : 97 : 99)
(3) الهجرة من المعصية إلى الطاعة :
إن من أعظم الدروس المستفادة من الهجرة للمسلم الذي يعيش في بلاد الإسلام هي هجرة المعاصي والذنوب إلى طاعة الله تعالى والتوبة النصوح والندم على ما فرط في حق الله تعالى وحق رسوله -صلى الله عليه وسلم- ,وحق نفسه و حق إخوانه المسلمين .
قال الله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( النور : 31 )
أخي المسلم الكريم : اعلم أن التوبة النصوح لها شروط :
قال النووي ( رحمه الله )التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى فلها ثلاثة شروط وهي:
1- الإقلاع عن المعصية. 2- أن يندم على فعلها. 3- أن يعزم أن لا يعود إليها أبداً.
فإن فُقِدَ أحد هذه الثلاثة لم تصح توبته.
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فلها أربعة شروط : هذه الثلاثة السابقة بالإضافة إلى الشرط الرابع وهو “أن يبرأ من حق صاحبها “، فإن كانت مالاً أو نحوَه ردَّه إليه ، وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها. ويجب أن يتوب من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها صحت توبته، عند أهل الحق من ذلك الذنب، وبقي عليه الباقي، وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة. (رياض الصالحين للنووي صـ24: 25)
كيف يهاجر المسلم بجوارحه؟
يجب على المسلم أن يهاجر بلسانه من الكذب إلى الصدق.
ويهاجر بعينيه من النظر إلى ما حرمه الله عليه إلى النظر إلى ما أحله الله تعالى له.
ويهاجر بأذنيه من الاستماع إلى الغناء المحرَّمِ والمعازف إلى الاستماع إلى القرآن الكريم وأحاديث نبينا -صلى الله عليه وسلم- ودروس العِلْمِ النافع المشروعة وكل ما ينفع المسلم في دينه و دنياه .
و يهاجر بيده من الكسب الحرام إلى الكسب الحلال.
ويهاجر بقَدمه من أماكن المعاصي و اللهو إلى المساجد و أماكن الطاعات و طلب العلوم النافعة المشروعة التي فيها خدمة الإسلام
والمسلمين.
و يهاجر بقلبه إلى الله تعالى.و هجرة القلب تعني أن يكون دائماً متعلقاً بالله تعالى وحده في جميع أحواله .
وهذه أعظم هجرة في أعضاء المسلم.
و يجب على المسلم أن يهجر البدعة إلى السُّنةِ، فيتبع نبينا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- في جميع الاعتقادات والأقوال والأفعال.
(4) حُسن التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب المشروعة
إن حسن التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب يظهر جلياً في إعداد نبينا لخطة الهجرة إلى المدينة، وإعداد أبي بكر الصديق للراحلتين مسبقاً واستئجار نبينا -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن أُرَيقط المشرك ليكون دليلاً له أثناء الهجرة , ثم إنه أمرَ علي بن أبي طالب أن ينام على فراشه في ليله الهجرة , ليظن المشركون أن نبينا -صلى الله عليه وسلم- لا يزال نائماً في فراشه .
ويظهر الأخذ بالأسباب في تكليف عبد الله بن أبي بكر الصديق وأخته أسماء وعامر بن فهيرة بمهام محددة يقومون بها وخروج الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر من الباب الخلفي لمنزل أبي بكر حتى لا يراهما أحدٌ من المشركين.
(5) التضحية والصبر على الأذى من أجل الإسلام
يظهر ذلك بصورة واضحة في هجرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لبلدهم مكة المكرمة وهي أحب بلاد الله تعالى إلى الله تعالى وهي التي ولدوا فيها وعاشوا فيها , وذلك من أجل الإسلام .
روى الترمذيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ ابْنِ حَمْرَاءَ الزُّهْرِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا عَلَى الْحَزْوَرَةِ(تل صغير خارج مكة) فَقَالَ وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ .
( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 3082 )
وروى الترمذيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَّةَ مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ . ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 3083 )
ويظهر هذا الدرس أيضاً في موقف أبي بكر الصديق أثناء الهجرة حيث كان أبو بكر يتمنى أن يفتدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحياته وبكل ما يملك ابتغاء وجه الله تعالى .
روى البيهقي عن محمد بن سيرين قال : ذكر رجال على عهد عمر فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما ، فلما بلغ ذلك عمر رضي الله عنه قال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة انطلق إلى الغار ومعه أبو بكر رضي الله عنه ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ » فقال : يا رسول الله أذكر الطلب ، فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك ، فقال : « يا أبا بكر ، لو كان شيء أحببت أن يكون لك دوني ؟ » قال : نعم ، والذي بعثك بالحق ما كانت لتكن من ملمة إلا أحببت أن تكون لي دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر رضي الله عنه : مكانك يا رسول الله حتى استبرئ لك الغار فدخل فاستبرأه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرىء الحجرة .فقال : مكانك يا رسول الله حتى استبرىء الجحرة ، فدخل فاستبرأ ، ثم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل. فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر . (دلائل النبوة للبيهقي جـ2 صـ476 )
(6) الشباب الصادق هم دعائم الإسلام :
إن الشباب المسلم الصادق (من الرجال والنساء ) من أصحاب العقيدة الصحيحة , هم دائماً دعائم الإسلام , ويظهر هذا واضحاً في موقف أسماء بنت أبي بكر الصديق وتعرضها للأذى من أبي جهل ,و فيما قام به عبد الله بن أبي بكر , وعامر بن فُهَيرة حيث كانايحملان أخبار مكة إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وفي موقف علي بن أبي طالب الذي استخلفه رسول الله لينام في فراشه حتى يخدع المشركين .
( سيرة ابن هشام جـ2 صـ89 : صـ94 )
(7) حُسنُ اختيار الصديق والرفيق :
ينبغي على المسلم أن يحسن اختيار صديقه ومن يرافقه في السفر بحيث يكون مسلماً صالحاً أميناً , ناصحاً لغيره من الناس , ويظهر ذلك في اختيار الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر الصديق لكي يكون مرافقاً له في هجرته من مكة إلى المدينة .
ومن المعلوم أن الإنسان يتأثر بأخلاق وأفعال من يرافقه , ولذا حثنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- على حسن اختيار الصديق .
روى أحمدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ .
( حديث صحيح ) ( مسند أحمد جـ2 صـ334 )
(8) جواز الاستعانة بغير المسلمين عند الضرورة :
يجوز للمسلم أن يستعين بغير المسلمين من ذوي الأمانة والخبرة في المجال الذي يريده , وذلك عند الضرورة فقط , ويظهر ذلك عند هجرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة , حيث استأجرنبينا -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن أُرَيقط , وكان رجلاً مشركاً خبيراً بطرق الصحراء, ليدله على الطريق إلى المدينة .
روى البخاريُّ عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : اسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا(الخبيربطرق الصحراء) وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلَاثٍ . ( البخاري حديث 2264 )
وعلى ذلك يجوز للمريض المسلم أن يذهب للعلاج عند طبيب غير مسلم في حالة الضرورة بشرط أن يكون هذا الطبيب خبيراً بالطب وموثوقاً به عند الناس .
قال ابنُ تيمية : إذَا كَانَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ خَبِيرًا بِالطِّبِّ ثِقَةً عِنْدَ الْإِنْسَانِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَطِبَّ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُودِعَهُ الْمَالَ وَأَنْ يُعَامِلَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ).
( آل عمران : 75 )
( الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي جـ2 صـ441 )
(9) التعاون والمحافظة على الأسرار من أسباب نجاح العمل :
يظهر هذا الدرس جلياً في هجرة نبينا إلى المدينة حيث لم يعلم أحدٌ من الناس بالوقت المحدد للهجرة إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق وآل أبي بكر , أما علي فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبره بخروجه وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَخَلّفَ بَعْدَهُ بِمَكّةَ حَتّى يُؤَدّيَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْوَدَائِعَ الّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِلنّاسِ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَيْسَ بِمَكّة أَحَدٌ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُخْشَى عَلَيْهِ إلّا وَضَعَهُ عِنْدَهُ لِمَا يُعْلَمُ مِنْ صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
( سير ابن هشام جـ2 صـ92 )
(10) الله تعالى ينصر من ينصره :
إن تأييد الله تعالى لعباده المؤمنين الصادقين ونصرته لهم حقيقة ثابتة منذ فجر التاريخ , ويظهر هذا بصورة واضحة عندما صرف الله تعالى المشركين عن دخول الغار الذي يختبئ فيه نبينا -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر الصديق أثناء الهجرة من مكة إلى المدينة .
قال الله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( التوبة : 40 )
روى البخاريُّ عن أَنَسٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ فَرَأَيْتُ آثَارَ الْمُشْرِكِينَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا قَالَ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا.
( البخاري حديث 4663 )
(11) الله تعالى يستجيب دعاء عباده المؤمنين:
ويتضح ذلك جلياً في سرعة استجابة الله تعالى لدعاء نبينا -صلى الله عليه وسلم- أثناء الهجرة .
روى البخاريُّ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ( وهو يتحدث عن أحداث الهجرة ): فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ قَالَ فَقِفْ مَكَانَكَ لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا قَالَ فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ . ( البخاري حديث 3911 )
إن الدعاء سلوى المحزونين ونجوى المتقين ودأب الصالحين , فإذا صدر عن قلب سليم ونفس صافية , وجوارح خاشعة , وجد إجابة كريمة من رب رحيم ودود بعباده. والدعاء من أشرف العبادات , والله يجيب دعوة المخلصين في السراء والضراء .
قال الله تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )
( البقرة : 186 )
وقال سبحانه : (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) ( النمل : 62 )
أخي الكريم :اعلم أن الله تعالى رفع مقام الدعاء فجعله عبادة حيث قال جل شأنه : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) ( غافر : 60 )
إن الدعاء كم رفع من بلاء ، و كم أظل من نعمة ، و كم أهلك من عدو جائر. إن الدعاء قد حرك الحجر الأصم حركة حقيقية ظاهرة كما ثبت ذلك في حديث أصحاب الغار الثلاثة.(البخاري حديث 2272/مسلم حديث 2743)
(12) أداء الأمانات إلى أهلها ولو كانوا من الأعداء أو من غير المسلمين :
يجب على كل مسلم أن يؤدي الأمانات إلى أهلها والذين ائتمنوه عليها وإن كانوا من أعدائه أو من غيرالمسلمين , ويتضح ذلك في هجرة نبينا من مكة إلى المدينة حيث أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب بموعد الهجرة وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَخَلّفَ بَعْدَهُ بِمَكّةَ حَتّى يُؤَدّيَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْوَدَائِعَ الّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِلنّاسِ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَيْسَ بِمَكّة أَحَدٌ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُخْشَى عَلَيْهِ إلّا وَضَعَهُ عِنْدَهُ لِمَا يُعْلَمُ مِنْ صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
( سيرة ابن هشام جـ2 صـ92 )
وقد حثنا الله تعالى على أداء الأمانة لأصحابها حيث قال سبحانه : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) ( النساء : 58 )
(13) الصدق في الأقوال و الأفعال طريق النجاة :
يجب على المسلم الصادق أن يتجنب الكذب في جميع أقواله , ويمكن أن يستخدم المعاريض عند الضرورة , ويتضح هذا جلياً فيما رواه البخاريُّ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ( وهو يصف أحداث الهجرة المباركة ) : أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ وَنَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَابٌّ لَا يُعْرَفُ قَالَ فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ فَيَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ قَالَ فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ .
( البخاري حديث 3911 )
فاحذر أخي المسلم الكريم الكذب وإن كنت مازحاً .
روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا قَالَ إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا .
( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 1621 )
روى أبو داودَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ .
( حديث حسن ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 4015 )
(14) العفو عن الناس عند المقدرة :
ينبغي على المسلم أن يتصف بصفة العفو عن الناس حيث إن هذا من الدروس المستفادة من هجرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- حيث يتضح ذلك في العفو عن سراقة بن مالك الذي خرج من مكة ليقبض على النبي وأبي بكر الصديق ويفوز بالمئة بعير التي أعدتها مكة لذلك .
روى مسلمٌ عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قال ( وهو يتحدث عن الهجرة ) :فَارْتَحَلْنَا بَعْدَمَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ وَنَحْنُ فِي جَلَدٍ مِنْ الْأَرْضِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أوتِينَا فَقَالَ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارْتَطَمَتْ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا . فَقَالَ إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ فَادْعُوَا لِي فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ فَدَعَا اللَّهَ فَنَجَا فَرَجَعَ لَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا قَالَ قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا هَاهُنَا فَلَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا رَدَّهُ قَالَ وَوَفَى لَنَا. ( مسلم حديث 3014 )
(15) الإسلام أرسى قواعد الأخوة الصادقة :
إن هجرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- قد أبرزت الكثير من المعاني السامية وأرست العديد من المبادئ العظيمة ومنها مبدأ الإخاء الإسلامي الذي قامت عليه الدولة الإسلامية الجديدة , التي أقامها نبينا -صلى الله عليه وسلم- بعد الهجرة , فقد آخى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار , وهذه المؤاخاة أخص من الأخوة العامة بين المؤمنين جميعاً , وذلك لأنها أعطت للمتآخين الحق في التوارث فيما بينهما دون أن يكون بينهما صلة من قرابة أو رحم . إن هذه الأخوة الربانية ليس لها نظير في تاريخ البشرية , لقد كان الأنصار يؤثرون إخوانهم المهاجرين على أنفسهم إيثاراً نادر الوجود .
روى البخاريُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ :قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَقَالَ سَعْدٌ قَدْ عَلِمَتْ الْأَنْصَارُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِهَا مَالًا سَأَقْسِمُ مَالِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَطْرَيْنِ وَلِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ فَلَمْ يَرْجِعْ يَوْمَئِذٍ حَتَّى أَفْضَلَ شَيْئًا مِنْ سَمْنٍ وَأَقِطٍ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْيَمْ قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ مَا سُقْتَ إِلَيْهَا قَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ .
( البخاري حديث 3781 )
(16) الإسلام يؤلف بين القلوب المتنافرة :
إن العقيدة الإسلامية الصافية , هي وحدها القادرة على التأليف بين القلوب المتنافرة و إزالة الحقد والكراهية والبغضاء بين الناس , ويتضح ذلك جلياً بعد هجرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة حيث ألَّف الله تعالى بين قلوب الأوس والخزرج فعاشوا جميعاً في أمن وسلام بعد المعارك الطاحنة التي وقعت بينهما لسنوات عديدة حصدت خلالها الكثير من الأرواح من كلا الجانبين .
قال الله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) ( آل عمران : 103 )
قال ابن كثير : هذا السياق في شأن الأوْس والخَزْرَج، فإنه كانت بينهم حُروبٌ كثيرة في الجاهلية، وعداوة شديدة وضغائن طال بسببها قتالهم والوقائع بينهم، فلما جاء الله بالإسلام فدخل فيه من دخل منهم، صاروا إخوانا متحابين بجلال الله، متواصلين في ذات الله، متعاونين على البر والتقوى . ( تفسير ابن كثير جـ3 صـ136 )
(17) أصحاب نبينا -صلى الله عليه وسلم- هم أفضل هذه الأمة :
ويتضح ذلك جلياً من خلال هجرتهم من مكة إلى المدينة حيث تركوا أوطانهم وأموالهم وديارهم وأهليهم من أجل الإسلام وكانوا على استعداد للتضحية بأرواحهم في سبيل الله تعالى من أجل ذلك زكاهم الله تعالى في آيات كثيرة من القرآن الكريم .
(1) قال الله تعالى ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (الأنفال:74)
(2) وقال سبحانه( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة :100)
(3) وقال جل شأنه: ( وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) (الحجرات:7)
(4) وقال تعالى ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (الحديد :10)
لقد مدح نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- الصحابة في كثير من أحاديث, وسوف نذكر بعضاً منها :
(1) روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال :” خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ” ( البخاري حديث 3651/ مسلم حديث 2533)
(2) روى الشيخانِ عن أبي سعيد الخدري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ” لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ.
( البخاري حديث 3673 / مسلم حديث 2541)
(3) روى الشيخانِ عن سهل بن سعد قال : جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا(ظهورنا) فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ “
( البخاري حديث 3797 / مسلم حديث 1804)
(18) المرأة لها منزلة عالية في الإسلام
إن أحداث الهجرة المباركة أثبتت أن للمرأة مكانتها العالية في الإسلام.و يظهر ذلك جلياً في موقف عائشة بنت أبي بكر الصديق حيث حفظت أحداث الهجرة و بلَّغتها للأمة الإسلامية.و تظهرمنزلة المرأة في الإسلام في موقف أسماء بنت أبي بكر الصديق(ذات النطاقين) حيث ساهمت في إمداد نبينا -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر بالطعام و الشراب أثناء وجودهما في الغار. وتظهرمكانة المرأة في الإسلام أيضاً في موقف أم سلمة هند بنت أبي أمية ، فقد عانت الكثير في سبيل هجرتها إلى المدينة ، حيث فرق المشركون بينها و بين زوجها وابنها سلمة بعد أن فصلوا يده عن جسده . وعندما مات زوجها تزوجها نبينا -صلى الله عليه وسلم- في العام الرابع من الهجرة .
ختاماً: أسألُ اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم , وأن ينفعَ به المسلمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله، وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين .