الشفاعة : التوسط بالقول لوصول شخص إلى منفعة يرجوها أو خلاص من مضرة يخشاها دنيوية كانت أو أخروية ، وهي إما حسنة ، أو سيئة .
معنى الشفاعة :
لفظة الشفاعة في استعمال الشرع معناها : الدعاء . ففي حديث مسلم عن أنس وعائشة أن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال : (( ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه )) .
قال ابن الأثير في (( النهاية )) : الشُّفعة في الملك معروفة وهي مشتقة من الزيادة ؛ لأن الشفيع يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به ، كأنه كان واحدًا وترًا فصار زوجـًا شفعـًا ، والشافع هو الجاعل الوتر شفعـًا .
( وقال ) : الشفاعة في الحديث فيما يتعلق بالدنيا والآخرة . وهي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم بينهم . يقال : شفع يشفع شفاعة . فهو شافع وشفيع ، والمشفِّع : الذي يقبل الشفاعة . والمشفع الذي تقبل شفاعته .
( وقال ) : شاة شافع إذا كان في بطنها ولدها ويتلوها آخر .
قال الراغب : الشفاعة ؛ الانضمام إلى آخر ناصرًا له وسائلاً عنه . وأكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو أدنى . ومنه الشفاعة في القيامة . قال تعالى : { لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا } [ مريم : 87 ] ، { مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا } ؛ أي من انضم إلى غيره وعاونه وصار شفعـًا له أو شفيعـًا في فعل الخير والشر فعاونه وقواه وشاركه في نفعه وخيره . ( انتهى بتصرف ) .
الشفاعة الحسنة : هي أن يشفع الشفيع لإزالة ضر أو رفع مظلمة عن مظلوم ، أو جر منفعة إلى مستحق من غير ضرر بغيره ؛ لقوله تعالى : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى } [ المائدة : 2 ] ، والشفيع مأجور على شفاعته ؛ لقوله تعالى : { مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا } [ النساء : 85 ] .
والشفاعة السيئة : أن يشفع في هضم حق أو إعطائه لغير مستحق ، أو يشفع في إسقاط حد بلغ السلطان ، وهو منهي عنه ؛ لقوله تعالى : { وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } [ المائدة : 2 ] ، وعلى الشفيع وزر من ذلك ؛ لقوله تعالى : { وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا } [ النساء : 85 ] .
والشفاعة : ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك ، فهي على التحقيق إظهار منزلة الشفيع عند المشفَّع وإيصال المنفعة إلى المشفوع له .
والشفاعة : إما دنيوية ، أو أخروية .
الشفاعة الدنيوية : قال تعالى : { مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا } [ النساء : 85 ] ؛ الشفاعة الحسنة في الدنيا هي شفاعة مقبول الشفاعة عند ذي سلطان أو مالك في حاجة إنسان جائزة شرعـًا وصاحبها مأجور وإن لم تقبل شفاعته ؛ لحديث البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري ، رضي اللَّه عنه ، قال : كان رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال : (( اشفعوا تؤجروا ، ويقضي اللَّه على لسان نبيه – صلي الله عليه وسلم – ما شاء )) . [ البخاري : (1432) ، ومسلم (2627) ] .
والشفاعة جائزة في التعزير دون الحدود بلغت الحاكم أم لم تبلغه ، ما لم تكن في معلن بالشر.
أما الشفاعة في الحدود إذا بلغت السلطان فهي حرام ؛ لقول النبي – صلي الله عليه وسلم – لأسامة بن زيد : (( يا أسامة ، أتشفع في حدٍّ من حدود اللَّه )) . ولحديث ابن عمر ، رضي اللَّه عنهما ، قال : سمعت رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – يقول : (( من حالت شفاعته دون حدٍّ من حدود اللَّه فقد ضادَّ اللَّه ، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط اللَّه حتى ينزع عنه ، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه اللَّه ردغة الخبال(1) حتى يخرج مما قال )) ، إلا أن يكون شفاعة في إسقاط القصاص إلى الدية بعفو المجني عليه أو أوليائه .
أخذ الأجرة على الشفاعة :
في الحديث عن أبي أمامة أن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال : (( من شفع لأخيه بشفاعةٍ فأهدى له هدية عليها فقبلها ، فقد أتى بابـًا عظيمـًا من أبواب الربا )) . أخرجه أبو داود بسند حسن .
تحقيق كلمة التوحيد :
قال في (( فتح الودود )) : وذلك لأن الشفاعة الحسنة مندوب إليها ، وقد تكون واجبة فأخذ الهدية عليها يضيع أجرها ، كما أن الربا يضيع الحلال ، واللَّه تعالى أعلم .
فائدة : ومن الشفاعة الحسنة الدعاء للمسلمين بالخير ، ومن الشفاعة السيئة الدعاء على المسلمين أو على بلادهم أو على ما يملكون من متاع وزرع وغيرها ، وقد وعد اللَّه بالنصيب في الشفاعة الحسنة والكفل في الشفاعة السيئة ؛ لأن النصيب يقبل الزيادة ، أما الكفل فمعناه المساوي إشارة إلى لطف اللَّه بعباده سبحانه .
أخرج الترمذي عن عوف بن مالك الأشجعي ، رضي اللَّه عنه ، أنه قال : قال رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – : (( أتاني آت من عند ربي فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة ، فاخترت الشفاعة ؛ وهي لمن مات لا يشرك باللَّه شيئـًا )) . [ (( سنن الترمذي )) : (2558) ] .
أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة ، رضي اللَّه عنه ، قال : قال رسول – صلي الله عليه وسلم – : (( لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها ، وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة )) .
الشفاعة الشركية : قال تعالى في سورة (( سبأ )) : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ * وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } [ سبأ : 22، 23 ] .
قال ابن القيم : قطع اللَّه الأسباب التي يتعلق بها المشركون جميعـًا ، فالمشرك إنما يتخذ معبوده لما يحصل له من نفع ، والنفع لا يكون إلا ممن فيه خصلة من هذه الخصال الأربع : إما مالك لما يريده عابده منه ، فإن لم يكن مالكـًا كان شريكـًا للمالك ، فإن لم يكن شريكـًا للمالك كان له معينـًا وظهيرًا ، فإن لم يكن معينـًا ولا ظهيرًا كان شفيعـًا عنده ، فنفى اللَّه سبحانه المراتب الأربع نفيـًا مرتبـًا متنقلاً من الأعلى إلى الأدنى ، فنفى الملك والشركة والمظاهرة(1) والشفاعة التي يطلبها المشرك ، وأثبت الشفاعة التي لا نصيب فيها لمشرك ، وهي الشفاعة بإذنه ، فكفى بهذه الآية نورًا وبرهانـًا وتجريدًا للتوحيد وقطعـًا لأصول الشرك ومواده لمن عقلها .
والقرآن الكريم مملوء من أمثالها ونظائرها ، ولكن أكثر الناس لا يشعرون بدخول الواقع تحته وتضمنه له ، ويظنونها في نوع وقوم قد خلوا من قبل لم يعقبوا وارثًا ، فهذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القرآن ، ولعمر اللَّه إن كان أولئك قد خلوا فقد ورثهم من هو مثلهم أو شر منهم أو دونهم ، وتناول القرآن لهم كتناوله لأولئك .
إن اتخاذ الشفعاء والأنداد من دون اللَّه هضم لحق الربوبية ، وتنقص للعظمة الإلهية ، وسوء ظن برب العالمين ، كما قال تعالى : { وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ } [ الفتح : 5 ] .
فإنهم ظنوا به ظن السوء حتى أشركوا به ، ولو أحسنوا به الظن لوحدوه حق توحيده ، ولهذا أخبر سبحانه وتعالى عن المشركين أنهم ما قدروا اللَّه حق قدره ، وكيف يقدره حق قدره من اتخذ من دونه ندًّا أو شفيعـًا يحبه ويخافه ويرجوه ويذل له ويخضع له ، ويهرب من سخطه ويؤثر مرضاته ويدعوه ويذبح له وينذر ، يسوونهم برب العالمين : { تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الشعراء : 97، 98 ] ، سووهم في المحبة والتعظيم والعبادة .
الشفاعة الحقة :
والشفاعة التي أثبتها اللَّه تعالى ورسوله – صلي الله عليه وسلم – هي الشفاعة الصادرة عن إذنه لمن وحده ، والتي نفاها اللَّه تعالى هي الشفاعة الشركية التي في قلوب المشركين المتخذين من دون اللَّه شفعاء فيعاملون بنقيض مقصودهم من شفاعتهم ويفوز بها الموحدون .
الشفاعة في الآخرة : أجمع أهل السنة على وقوع الشفاعة في الآخرة ووجوب الإيمان بها ؛ لما جاء في آيات القرآن الكريم ؛ لقوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ لاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } [ طه : 109 ] ، وقوله سبحانه : { وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَ لِمَنِ ارْتَضَى } [الأنبياء: 28 ] ، والأحاديث في الشفاعة تبلغ بمجموعها حد التواتر ؛ أي التواتر المعنوي .
عن أبي هريرة ، رضي اللَّه عنه ، أن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال : (( أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال : لا إله إلا اللَّه خالصة من قلبه أو نفسه )) . رواه البخاري .
تحقيق كلمة التوحيد :
قال في (( فتح المجيد )) : لا بد في شهادة أن لا إله إلا اللَّه من سبعة شروط ، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها ، أحدها : العلم المنافي للجهل . الثاني : اليقين المنافي للشك . الثالث : القبول المنافي للرد . الرابع : الانقياد المنافي للترك . الخامس : الإخلاص المنافي للشرك . السادس: الصدق المنافي للكذب . السابع : المحبة المنافية للبغض .
وقال في (( قرة العيون )) : فكان قولهم : لا إله إلا اللَّه لا ينفعهم لجهلهم بمعنى هذه الكلمة ؛ كحال أكثر المتأخرين من هذه الأمة ، فإنهم كانوا يقولونها مع ما كانوا يفعلونه من الشرك بعبادة الأموات والغائبين والطواغيت والمشاهد ، فيأتون بما ينافيها فيثبتون ما نفته من الشرك باعتقادهم وقولهم وفعلهم ، وينفون ما أثبتته من الإخلاص كذلك .
هذا ، ويوضح ذلك حديث معاذ بن جبل ، رضي اللَّه عنه ، قال : كنت ردف النبي – صلي الله عليه وسلم – على حمار يقال له : (( عفير )) ، فقال : (( يا معاذ ، تدري ما حق اللَّه على العباد ، وما حق العباد على اللَّه ؟ )) قلت : اللَّه ورسوله أعلم . قال : (( فإن حق اللَّه على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئـًا وحق العباد على اللَّه عز وجل أن لا يعذب من لا يشرك به شيئـًا )) . فقلت : يا رسول اللَّه ، أفلا أبشر به الناس ؟ قال : (( لا تبشرهم فيتكلوا))(1). [ أخرجه مسلم ]
إذًا فالشفاعة المطلوبة هي شفاعة المطاع الذي تقبل شفاعته ، وهذه ليست لأحد عند اللَّه إلا بإذنه قدرًا ، وبإذنه شرعـًا ، فلا بد أن يأذن فيها ، ولا بد أن يُجعل العبد شافعـًا ، فهو الخالق لفعله ، المبيح له .
فمن لم تقبل شفاعته كانت كعدمها ، بل كان على صاحبها التوبة والاستغفار منها ، كما قال نوح عليه السلام : { رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ } [ هود : 47 ] . وذلك لأنه شفع لولده بطلب نجاته من الغرق ، كما نهى اللَّه النبي – صلي الله عليه وسلم – عن الصلاة على المنافقين : { وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } [ التوبة : 84 ] ، وقال سبحانه: { سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ }[ المنافقون: 6].
فالشفاعة المثبتة هي المقبولة ، أما المردودة فلا يريدها أحد ، لا الشافع ولا المشفوع له ، ولا المشفوع إليه ، ولو علم الشافع والمشفوع له أنها ترد لم يطلبوها – فلا بد للشفاعة من إذن قدري يقدر لها الوقوع ، وإذن شرعي يقدر لها القبول .
فالشفاعة المقبولة جاءت في سورة (( طه )) : { يَوْمَئِذٍ لاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } [ طه : 108 ] ، يعني أذن للشافع ورضي قوله في المشفوع له . وفي سورة (( سبأ )) : { وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } [ سبأ : 23 ] ؛ أي لا تنفع شفاعة شافع إلا لمأذون له ، وهو المشفوع له الذي تنفعه الشفاعة .
ولذا جاء في الحديث : (( فيحد لي حدًّا ، فأشفع فيهم )) . وفي الحديث : (( يخرج من النار من قال : لا إله إلا اللَّه ، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة )) . حتى قال : (( ثم يخرج من النار من قال : لا إله إلا اللَّه ، وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة )) .
ومن الشفاعة غير المأذون بها ؛ شفاعة نوح عليه السلام في الدنيا لابنه فيما جاء في سورة (( هود )) : { وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ } [ هود : 45- 47 ] .
ومن الشفاعة غير المأذون بها في الآخرة شفاعة إبراهيم عليه السلام في أبيه آزر ؛ لحديث البخاري عن أبي هريرة ، رضي اللَّه عنه ، أن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال : (( يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة ، فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك : لا تعصني ؟ فيقول أبوه : فاليوم لا أعصيك ، فيقول إبراهيم : يا رب ، إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون ، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد ؟ فيقول اللَّه تعالى : إني حرمت الجنة على الكافرين ، ثم يقال : يا إبراهيم ، ما تحت رجليك ؟ فينظر ، فإذا هو بذيخ متلطخ ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار )) .
وكذلك شفاعة النبي – صلي الله عليه وسلم – لعمه أبي طالب لما قال – صلي الله عليه وسلم – بعد موت عمه أبي طالب : (( لأستغفرن لك ما لم أنه عنك )) . فأنزل اللَّه عز وجل: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } [ التوبة : 113 ] .
فانظر – رعاك اللَّه – كيف أن اللَّه لم يقبل من ثلاثة من الرسل من أولي العزم فيهم إمام المرسلين – صلي الله عليه وسلم – ، فكيف بغيرهم ، وأن شفاعة أحدهم في ولده ، والثانية في والده ، والثالثة في عمه الذي كفله ورعاه . ومنها شفاعة في الآخرة وشفاعتان في الدنيا ، فتدبر حتى لا يلهينا الأمل عن العمل .
بل ضرب اللَّه مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط ، فقال : { كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } [التحريم : 10 ] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له أن يشفع فيه فيؤذن لغيره أن يشفع فيه فيكون الإذن للطائفتين والنفع للمشفوع له – ثم قال -: فكما أن الإذن للطائفتين فالنفع أيضـًا للطائفتين ، فالشافع ينتفع بالشفاعة ، وقد يكون انتفاعه بها أعظم من انتفاع المشفوع له، ولهذا قال النبي – صلي الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح : (( اشفعوا تؤجروا ، ويقضي اللَّه على لسان نبيه – صلي الله عليه وسلم – ما يشاء )) .
ولهذا كان من أعظم ما يكرم به اللَّه عبده محمدًا – صلي الله عليه وسلم – : هو الشفاعة التي يخصه بها ، وهي المقام المحمود الذي يحمده به الأولون والآخرون ، وعلى هذا لا تحتاج الآية إلى حذف ، بل يكون معناها : يومئذ لا تنفع الشفاعة لا شافعـًا ولا مشفوعـًا : { إِلاَ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } [ طه : 109 ] .
ولذلك جاء في (( الصحيح )) : أن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال : (( يا بني عبد مناف لا أملك لكم من اللَّه شيئـًا ، يا صفية عمة رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – ، لا أملك لك من اللَّه شيئـًا ، يا عباس عم رسول اللَّه ، لا أملك لك من اللَّه شيئـًا )) .
وفي (( الصحيح )) أيضـًا : (( لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول : أغثـني ، أغثـني ، فأقول : لا أملك لك من اللَّه شيئـًا قد أبلغتك )) . [ مسلم : (1831) ] .
فيعلم من هذا أن قوله : { وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ } [ الزخرف : 86 ] ، و{ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا } [ النبأ : 37 ] ، على مقتضاه ، وأن قوله في الآية : لا يملكون منه ، كقوله – صلي الله عليه وسلم – : (( لا أملك لكم من اللَّه من شيئـًا )) . وهو كقول إبراهيم لأبيه عليه السلام : { وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ } [ الممتحنة : 4 ] ، فقد أخبر الخليل عليه السلام أنه لا يملك لأبيه من اللَّه من شيء ، فكيف غيره ؟
فقوله : { يَوْمَئِذٍ لاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } [ طه : 109 ] ، يدخل فيها الشفاعة من أهل الموقف عمومـًا ، وفي أهل الجنة تُستفتح لهم الجنة ، وفي المستحقين للعذاب ينجيهم اللَّه منه ، وهو سبحانه في هذه وتلك لم يذكر العمل ، إنما قال : { وقال صوابـًا } ، وقال : { وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } ، ولكن قد دل الدليل على أن القول الصواب المرضي لا يكون صاحبه محمودًا إلا مع العمل الصالح ، لكن نفس القول مُرضٍ ، فقد قال اللَّه : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ } [ فاطر : 9 ] .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ، رحمه اللَّه : فلا يملك مخلوق الشفاعة بحال ولا يتصور أن يكون نبي ، فمن دونه مالكـًا لها ، بل هذا ممتنع كما يمتنع أن يكون خالقـًا وربـًّا ، وهذا كما قال : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ } ، فنفى الملك مطلقـًا ، ثم قال : { وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } [ سبأ : 23 ] ، فنفى نفع الشفاعة إلا لمن استثناه ، ولم يثبت أن مخلوقـًا يملك الشفاعة ، بل هو سبحانه له الملك وله الحمد لا شريك له في الملك ، قال تعالى : { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا } [ الفرقان : 1، 2 ] .
ولهذا لما نفى الشفعاء من دونه نفاهم نفيـًا مطلقـًا بغير استثناء ، وإنما يقع الاستثناء إذا لم يقيدهم بأنهم من دونه ، كما قال تعالى : { وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ } [ الأنعام : 51 ] ، وكما قال تعالى : { وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ } [ الأنعام : 70 ] ، وكما قال تعالى : { مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ } [ السجدة : 4 ] .
فلما قال : { مِّن دُونِهِ } نفى الشفاعة مطلقـًا ، وإذا ذكر ( بإذنه ) لم يقل : ( من دونه ) ، كقوله : { مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [ البقرة : 255 ] ، وقوله : { مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ }(1) [ يونس : 3 ] .
وإنما تنال الشفاعة بشهادة ألا إله إلا اللَّه ، وهي شهادة الحق ؛ لقوله تعالى : { وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [ الزخرف: 86 ] ، والأحاديث الصحيحة الواردة في الشفاعة تبين أنها تكون لأهل لا إله إلا اللَّه .
فمن والى غير اللَّه ودعاه وحج إلى قبره ، ونذر له وحلف به ، وقرب له القرابين ليشفع له ، لم يغن ذلك عنه من اللَّه شيئـًا ، وكان من أبعد الناس عن شفاعته وشفاعة غيره ، فإن الشفاعة إنما تكون لأهل توحيد اللَّه ، وإخلاص القلب والدين له ، ومن تولى أحدًا من دون اللَّه فهو مشرك ، ويعامل بضد مقصوده ؛ لأنه قصد شفاعة من عبدهم ، ولو كانوا من الأنبياء أو الملائكة أو الأولياء الصالحين ، حيث أشركوا باللَّه ما لم ينزل به سلطانـًا ، فإن الشفاعة من اللَّه مبدؤها ، وعلى اللَّه تمامها ، فلا يشفع أحد إلا بإذنه ، وهو الذي يأذن للشافع ويقبل شفاعته في المشفوع له ، فالشفاعة من رحمته سبحانه ، وأحق الناس برحمته أهل التوحيد والإخلاص له ، وأحق الناس بعذابه من أشركوا معه غيره ، أو عدلوا به بعض خلقه ، فانتفاع العباد بالشفاعة له شروط يتوقف عليها ، وله موانع من تحققها ولو كانت الشفاعة للكفار تنجيهم من النار لنجا أبو إبراهيم وعم النبي – صلي الله عليه وسلم – .
نفي الشفاعة الحقة قول المبتدعة :
أما الشفاعة لأهل الذنوب من الموحدين فمتفق عليها بين الصحابة والتابعين وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم ، وإنما أنكرها كثير من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والزيدية؛ لأنهم يقولون : ( من يدخل النار لا يخرج منها لا بشفاعة ولا غيرها ) ، فأنكروا المتواتر من السنة في ذلك ، بل وآيات القرآن المثبتة للشفاعة ، محتجين بآيات من القرآن اشتبه عليهم معناها ، مثل قوله تعالى : { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } [ البقرة: 48 ] ، وقوله : { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ } [ البقرة : 123 ] ، وقوله : { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ } [ البقرة : 254 ] ، وبقوله : { ما للظالمين من حميم ولا شفيع يُطاع } [ غافر : 18 ] ، وبقوله : { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } [ المدثر: 48 ] .
والجواب عن ذلك أن هذه الآيات نفت الشفاعة أن تنفع المشركين كقوله تعالى : { وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } [ المدثر : 45- 48 ] ، وفي (( الصحيح )) عن أبي هريرة ، رضي اللَّه عنه ، أن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال : (( لكل نبي دعوة مستجابة ، فتعجل كل نبي دعوته ، وإني اختبأت دعوتي شفاعة يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء اللَّه تعالى من مات من أمتي لا يشرك باللَّه شيئـًا )) .
وفي (( السنن )) عن عوف بن مالك قال : قال رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم -: ((أتاني آت من عند ربي فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة ، وبين الشفاعة ، فاخترت الشفاعة ، وهي لمن مات لا يشرك باللَّه شيئـًا )) .
لو تدبر المسلم ذلك كله عرف أن الشفاعة المثبتة كلها للَّه تعالى منه بدأت تقديرًا وتشريعـًا وله قبولها وردها ، ولا تكون إلا من بعد إذنه شرعـًا ، ويحدد رب العزة لها وقوعها ، ومن تصيب ، أما الشفاعة المنفية فهي الشفاعة من دونه .
واعلم أن البدعة إنما تدخل على من أهمل من الشرع نصوصـًا ، وأعمل أخرى ، وأن أهل السنة جمعوا كل النصوص وفهموا الشرع كاملاً بنصوصه قرآنـًا وسنة ، وكان على ذلك الصحابة الكرام والسلف الصالح من بعدهم .
وللحديث بقية إن شاء اللَّه تعالى .
أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة ، رضي اللَّه عنه ، قال : قام رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – حين أنزل اللَّه عز وجل : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } [ الشعراء : 214 ] ، قال : دعا قريشـًا ، فاجتمعوا ، فعم وخص ، فقال : (( يا بني كعب بن لؤي ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني مرة بن كعب بن لؤي ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد شمس ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد مناف ، لا أغني عنكم من اللَّه شيئـًا ، يا بني عبد المطلب ، لا أغني عنكم من اللَّه شيئـًا ، أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر قريش ، اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من اللَّه شيئـًا ، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من اللَّه شيئـًا ، يا صفية عمة رسول اللَّه ، لا أغني عنك من اللَّه شيئـًا ، يا فاطمة بنت محمد ، سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من اللَّه شيئـًا ، غير أن لكم رحمـًا سأبلها ببلالها ))(1).
وقال ابن حجر في (( الفتح )) : والذي يظهر أن ذلك وقع مرتين في صدر الإسلام ، ومرة بعد ذلك حين يمكن أن تدعى فيها فاطمة ، رضي اللَّه عنها : ( حيث إن فاطمة كانت صغيرة عند نزول هذه الآية ، واللَّه أعلم ) .
وأخرج البخاري ومسلم – واللفظ لمسلم – عن أبي هريرة ، رضي اللَّه عنه ، قال : قام فينا رسول اللَّه – صلي الله عليه وسلم – ذات يوم ، فذكر الغلول ، فعظمه وعظم أمره ، ثم قال: (( لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء ، يقول : يا رسول اللَّه ، أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئـًا ، قد أبلغتك ، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة ، فيقول : يا رسول اللَّه ، أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئـًا ، قد أبلغتك ، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء ، يقول : يا رسول اللَّه ، أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئـًا ، قد أبلغتك ، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح ، فيقول : يا رسول اللَّه ، أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئـًا قد أبلغتك ، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول : يا رسول اللَّه ، أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئـًا قد أبلغتك ، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت يقول : يا رسول اللَّه ، أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئـًا قد أبلغتك )) .
وأخرج مسلم عن أبي هريرة ، رضي اللَّه عنه ، قال : زار النبي – صلي الله عليه وسلم – قبر أمه ، فبكى وأبكى من حوله ، فقال – صلي الله عليه وسلم – : (( استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القبور ، فإنها تذكر الموت )) .
—————–
(1) الوحل الشديد .
(2 ) المعاونة والمساندة والتأييد .
(3) في ذلك فوائد منها ؛ أن الاتكال على الوعد قد يوقع صاحبه في عذاب النار ؛ لأن الشيطان يلهي بالأماني ، فينسي العبد العمل، ومنها أن البشارة تمنع إذا توقع منها الضرر ، ومنها أن بعض العلم يكتم على من لا يحسن الفهم فيه .
(4) تدبر هذه الفائدة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية لتعلم أن الشفاعة المثبتة ليست من دونه ، بل هي من بعد إذنه ، وأن الشفاعة المنفية من دونه ولا يأذن فيها مطلقـًا .
(5) هذا نص مجموع من روايات البخاري ومسلم للحديث .