العذر بالجهل

الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد :-

 فإن العذر بالجهل موضوع هام، يجب على كل طالب علم أن يهتم به، فنقول وبالله التوفيق:

معنى الجهل : الجَهْلُ عدم العلم . والجهالة : أن تعمل فعلاً بغير عِلْم .

يُقالُ : رَجلٌ جاهلٌ : إذا كان لا علم عنده بأمر ما . والجمع : جُهْلُُ، وجُهُلُ، وجُهَّلُ، وجُهَّالُ، وجُهَلاءُ . ( لسان العرب جـ1 صـ713 )

يجب على كل طالب عِلْمٍ أن يعلم أن المسلم الجاهل غير مُؤاخذ بجهله، في مسائل العقيدة أو الأحكام الشرعية، حتى تُقام عليه الحجة الواضحة . فإذا أنكر شخص ما أمراً من أمور العقيدة أو حُكماً فقهياً، جاهلاً به، ولم يبلغه في ذلك عِلْمُُ من كتاب الله تعالى، ولا من سنة نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, فإنه معذور بجهله .

أدلة العذر بالجهل : سوف نذكر أدلة العذر بالجهل بشيء من الإيجاز من القرآن والسنة وإجماع علماء الأمة .

أولاً : العذر بالجهل في القرآن الكريم :

 جاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم تدل على مشروعية العذر بالجهل،وأن له قيمة كبيرة في رفع الحرج عن الناس عند تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية عليهم في كل مكان وزمان، إلي قيام الساعة . وسوف نذكر بعضاً منها :

1-قال الله تعالى ” وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ” ( الإسراء : 15 )

قال ابن كثير: هذه الآية إخبار عن عدله تعالى، وأنه لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه، كما قال تعالى: { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نزلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ . ( تفسير ابن كثير جـ 8 صـ445 : صـ446 )

 وأما بالنسبة لأهل الفترة ( الذين لم تبلغهم الدعوة ) والمعتوة، وأطفال المسلمين الذين لم يبلغوا، وأطفال المشركين، فقد ذهب بعض أهل العلم إلي أن الله تعالى يمتحنهم يوم القيامة، فمن أطاع دخل الجنة، ومن عصى، دخل النار . وقد رجح ذلك ابن كثير وقال ” هذا القول يجمع بين الأدلة كلها، وقد صرحت به الأحاديث المتقدمة المتعاضدة الشاهدة بعضها لبعض . وهذا القول هو الذي حكاه أبو الحسن، على بن إسماعيل الأشعري، عن أهل السنة والجماعة، وهو الذي نصره الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب الاعتقاد، وكذلك غيره من محققي العلماء والحفاظ النقاد “. ( تفسير ابن كثير جـ 8 صـ445 )

روى أحمد عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ أَرْبَعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا وَرَجُلٌ أَحْمَقُ وَرَجُلٌ هَرَمٌ وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ رَبِّي لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ رَبِّ مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ قَالَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا . (حديث صحيح) ( صحيح الجامع للألباني حديث 881 )

2-قال تعالى : وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ *إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ *قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ” ( المائدة 111 : 113 )

قال ابن حزم–رحمه الله : هؤلاء الحواريون، الذين أثنى الله عز وجل عليهم، قد قالوا بالجهل لعيسى عليه السلام : هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ” ولم يبطل بذلك إيمانهم، وهذا لا مخلص منه، وإنما كانوا يكفرون لو قالوا ذلك بعد قيام الحجة وتبينها لهم . (الفصل في الملل والأهواء لابن حزم جـ 3 صـ141 )

3- وقال جل شأنه : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ “

( التوبة : 15 ) قال ابن كثير : يقول تعالى مخبرا عن نفسه الكريمة وحكمه العادل: إنه لا يضل قوما بعد بلاغ الرسالة إليهم، حتى يكونوا قد قامت عليهم الحجة، كما قال تعالى: { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى } ( تفسير ابن كثير جـ 7 صـ303 )

4- قال تعالى : وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ” ( طه : 134 )قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : { وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا } أي: لو أنا أهلكنا هؤلاء المكذبين قبل أن نرسل إليهم هذا الرسول الكريم، وننزل عليهم هذا الكتاب العظيم لكانوا قالوا : { رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا } قبل أن تهلكنا، حتى نؤمن به ونتبعه؟ كما قال : { فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى } . ( تفسير ابن كثير جـ 9 صـ387 )

5- وقال سبحانه : وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ” ( القصص : 47 ) قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : وأرسلناك لتقيم عليهم الحجة ولتقطع عذرهم إذا جاءهم عذاب من الله بكفرهم، فيحتجوا بأنهم لم يأتوا لم يأتهم رسول ولا نذير ( تفسير ابن كثير جـ10 صـ467 )

ثانياً : أدلة العذر بالجهل في السُّنَّة :

 جاءت السنة بكثير من الأحاديث التي تدل على مشروعية العذر بالجهل، وسوف نذكر طرفاً منها:

1-روى الشيخان : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اطْحَنُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ فَقَالَ اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ فَفَعَلَتْ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قَالَ يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ فَغَفَرَ لَهُ . ( البخاري حديث 6481 / مسلم حديث 2756 )

قال ابن حزم : هذا إنسان جهل إلى أن مات أن الله عز وجل يقدر على جمع رماده وإحيائه وقد غفر له لإقراره وخوفه وجهله .  ( الفصل في الملل لابن حزم جـ3 صـ140 )

قال ابن تيمية: هَذَا رَجُلٌ شَكَّ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ وَفِي إعَادَتِهِ إذَا ذُرِّيَ ، بَلْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يُعَادُ ، وَهَذَا كُفْرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، لَكِنْ كَانَ جَاهِلًا لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ وَكَانَ مُؤْمِنًا يَخَافُ اللَّهَ أَنْ يُعَاقِبَهُ فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ . وَالْمُتَأَوِّلُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ الْحَرِيصُ عَلَى مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ أَوْلَى بِالْمَغْفِرَةِ مِنْ مِثْلِ هَذَا .

 ( مجموع فتاوى ابن تيمية جـ3 صـ230 : صـ231 )

وقال رحمه الله : إن هذا الرجل لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِجَمِيعِ مَا يَسْتَحِقُّهُ اللَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ وَبِتَفْصِيلِ أَنَّهُ الْقَادِرُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ يَجْهَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ كَافِرًا . ( مجموع فتاوى ابن تيمية جـ11 صـ411 )

2- روى البخاري عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الرُّبَيِّعَ عَمَّتَهُ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ فَطَلَبُوا إِلَيْهَا الْعَفْوَ فَأَبَوْا فَعَرَضُوا الْأَرْشَ فَأَبَوْا فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَوْا إِلَّا الْقِصَاصَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْقِصَاصِ فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فَرَضِيَ الْقَوْمُ فَعَفَوْا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ . ( البخاري حديث 4611 )

هذا أنس بن النضر، يعترض على حُكمِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وذلك لجهله بحكم القِصاص، فذَكَّره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذا الحكم الشرعي، وكان عفو أولياء الجارية عن القصاص وقبولهم للدية كرامة من الله تعالى لأنس بن النضر . قال ابن حجرالعسقلاني : وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ إِنْكَارُ أَنَس بْن النَّضْر كَسْرَ سِنّ الرُّبَيِّع مَعَ سَمَاعه مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ بِالْقِصَاصِ ثُمَّ قَالَ ” أَتُكْسَرُ سِنّ الرُّبَيِّع ” ؟ ثُمَّ أَقْسَمَ أَنَّهَا لَا تُكْسَر ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى التَّأْكِيد عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَب الشَّفَاعَة إِلَيْهِمْ أَنْ يَعْفُوا عَنْهَا ، وَقِيلَ كَانَ حَلِفه قَبْل أَنْ يَعْلَم أَنَّ الْقِصَاص حَتْمٌ فَظَنَّ أَنَّهُ عَلَى التَّخْيِير بَيْنه وَبَيْن الدِّيَة أَوْ الْعَفْو ، وَقِيلَ لَمْ يُرِدْ الْإِنْكَار الْمَحْض وَالرَّدّ بَلْ قَالَهُ تَوَقُّعًا وَرَجَاء مِنْ فَضْل اللَّه أَنْ يُلْهِم الْخُصُوم الرِّضَا حَتَّى يَعْفُوا أَوْ يَقْبَلُوا الْأَرْش ، وَبِهَذَا جَزَمَ الطِّيبِيُّ فَقَالَ : لَمْ يَقُلْهُ رَدًّا لِلْحُكْمِ بَلْ نَفَى وُقُوعَهُ لِمَا كَانَ لَهُ عِنْد اللَّه مِنْ اللُّطْف بِهِ فِي أُمُوره وَالثِّقَة بِفَضْلِهِ أَنْ لَا يُخَيِّبهُ فِيمَا حَلَفَ بِهِ وَلَا يُخَيِّب ظَنَّهُ فِيمَا أَرَادَهُ بِأَنْ يُلْهِمهُمْ الْعَفْو ، وَقَدْ وَقَعَ الْأَمْر عَلَى مَا أَرَادَ . وَفِيهِ جَوَاز الْحَلِف فِيمَا يَظُنّ وُقُوعَهُ وَالثَّنَاء عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ عِنْد أَمْنِ الْفِتْنَة بِذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَاسْتِحْبَاب الْعَفْو عَنْ الْقِصَاص ، وَالشَّفَاعَة فِي الْعَفْو ، وَأَنَّ الْخِيرَة فِي الْقِصَاص أَوْ الدِّيَة لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُسْتَحَقّ عَلَيْهِ ، وَإِثْبَات الْقِصَاص بَيْن النِّسَاء فِي الْجِرَاحَات وَفِي الْأَسْنَان . وَفِيهِ الصُّلْح عَلَى الدِّيَة ، وَجَرَيَان الْقِصَاص فِي كَسْر السِّنّ ، وَمَحَلّه فِيمَا إِذَا أَمْكَنَ التَّمَاثُل بِأَنْ يَكُون الْمَكْسُور مَضْبُوطًا فَيَبْرُد مِنْ سِنّ الْجَانِي مَا يُقَابِلهُ بِالْمِبْرَدِ مَثَلًا . ( فتح الباري جـ12 صـ234 )

3- روى البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلَا إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ وَإِلَّا فَلْيَصْمُتْ . ( البخاري حديث 6108 )

من المعلوم أن الحلف بغير الله تعالى شِرك .

قال ابن حجر : لَكِنْ لَمَّا كَانَ حَلِف عُمَر بِذَلِكَ قَبْل أَنْ يَقْتَضِي النَّهْي كَانَ مَعْذُورًا فِيمَا صَنَعَ ، فَلِذَلِكَ اِقْتَصَرَ عَلَى نَهْيه وَلَمْ يُؤَاخِذهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ تَأَوَّلَ أَنَّ حَقَّ أَبِيهِ عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْتَحِقّ أَنْ يَحْلِف بِهِ ، فَبَيَّنَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّه لَا يُحِبّ لِعَبْدِهِ أَنْ يَحْلِف بِغَيْرِهِ . ( فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ10 صـ533 )

4- روى مسلم عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي قَالَ إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ . ( مسلم حديث 537 )

هذا مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، تكلم في الصلاة، جاهلاً بالحكم، فعذره النبي (ص) بجهله، ولم يأمر بإعادة الصلاة، واكتفى ببيان الحكم الشرعي له في هذه المسألة .

قال النووي : كَلَام الْجَاهِل إِذَا كَانَ قَرِيب عَهْد بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ كَكَلَامِ النَّاسِي ، فَلَا تَبْطُل الصَّلَاة بِقَلِيلِهِ لِحَدِيثِ مُعَاوِيَة بْن الْحَكَم هَذَا ، الَّذِي نَحْنُ فِيهِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاة ، لَكِنْ عَلَّمَهُ تَحْرِيم الْكَلَام فِيمَا يُسْتَقْبَل . ( مسلم بشرح النووي جـ3 صـ27 )

5- روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ . ( مسلم حديث 153 )

قال النووي – رحمه الله : هذا الْحَدِيثُ فَفِيهِ نَسْخُ الْمِلَلِ كُلِّهَا بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي مَفْهُومِهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَهَذَا جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ . ( مسلم بشرح النووي جـ 1 صـ466 )

6- روى مسلم عَنْ عَائِشَةَأنها سألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ؟ . قال: نَعَمْ . ( مسلم حديث 974 )

قال ابن تيمية : تعليقاً على قول عائشة : ( مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ ) هَذِهِ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ : سَأَلَتْ النَّبِيَّ – -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- – هَلْ يَعْلَمُ اللَّهُ كُلَّ مَا يَكْتُمُ النَّاسُ ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَعَمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ مَعْرِفَتِهَا بِأَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ يَكْتُمُهُ النَّاسُ كَافِرَةً وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ [ بِذَلِكَ ] بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ وَإِنْكَارِ عِلْمِهِ بِكُلِّ شَيْءٍ كَإِنْكَارِ قُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ هَذَا مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ وَلِهَذَا لَهَزَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ : أَتَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْك وَرَسُولُهُ وَهَذَا الْأَصْلُ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كُفْرٌ وَلَكِنَّ تَكْفِيرَ قَائِلِهِ لَا يُحْكَمُ بِهِ حَتَّى يَكُونَ قَدْ بَلَغَهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا تَقُومُ بِهِ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ تَارِكُهَا .

 ( مجموع فتاوى ابن تيمية جـ11 صـ412 : صـ413 )

7- روى أبو داود عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ أَبَا جَهْمِ بْنَ حُذَيْفَةَ مُصَدِّقًا ( جامعاً للزكاة ) فَلَاجَّهُ ( نازعه وخاصمه ) رَجُلٌ فِي صَدَقَتِهِ فَضَرَبَهُ أَبُو جَهْمٍ فَشَجَّهُ فَأَتَوْا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا الْقَوَدَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَكُمْ كَذَا وَكَذَا فَلَمْ يَرْضَوْا فَقَالَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا فَلَمْ يَرْضَوْا فَقَالَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا فَرَضُوا فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِّي خَاطِبٌ الْعَشِيَّةَ عَلَى النَّاسِ وَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ فَقَالُوا نَعَمْ فَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ هَؤُلَاءِ اللَّيْثِيِّينَ أَتَوْنِي يُرِيدُونَ الْقَوَدَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِمْ كَذَا وَكَذَا فَرَضُوا أَرَضِيتُمْ قَالُوا لَا فَهَمَّ الْمُهَاجِرُونَ بِهِمْ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَكُفُّوا عَنْهُمْ فَكَفُّوا ثُمَّ دَعَاهُمْ فَزَادَهُمْ فَقَالَ أَرَضِيتُمْ فَقَالُوا نَعَمْ قَالَ إِنِّي خَاطِبٌ عَلَى النَّاسِ وَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ قَالُوا نَعَمْ فَخَطَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَرَضِيتُمْ قَالُوا نَعَمْ . ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 3801 )

قال ابن حزم – رحمه الله تعالى : فى هذا الخبر عذر الجاهل وانه لا يخرج من الإسلام بما لو فعله العالم الذي قامت عليه الحجة لكان كافراً لأن هؤلاء الليثيين كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبه كفر مجرد بلا خلاف لكنهم بجهلهم وأعرابيتهم عُذروا بالجهالة فلم يكفروا.  (المحلى لابن حزم جـ10 صـ410 : صـ411 )

8- روى الترمذي عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ خَرَجَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وفي بعض الروايات ونحن حدثاء عهد بكفر ) قِبَلَ حُنَيْنٍ فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ اجْعَلْ لَنَا هَذِهِ ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لِلْكُفَّارِ ذَاتُ أَنْوَاطٍ وَكَانَ الْكُفَّارُ يَنُوطُونَ بِسِلَاحِهِمْ بِسِدْرَةٍ وَيَعْكُفُونَ حَوْلَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى { اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً } إِنَّكُمْ تَرْكَبُونَ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. ( حديث صحيح ) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1771 )

يتضح من هذا الحديث أن بعض الأعراب، الذين أسلموا حديثاً ثم خرجوا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للجهاد في غزوة حنين، وطلبوا منه شجرة تبركون بها ويعلقون عليها أسلحتهم ويعكفون عليها، اعتقاداً منهم أنها تأتي بالنصر كما يفعل المشركون، لم يُكِفَّرهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع جهلهم بكلمة التوحيد وما تقضي من إخلاص في العبادة وعذرهم بجهلهم وبين لهم الصواب . وفي هذا الحديث دليل على أن الجاهل معذور بجهله حتى تقوم عليه الحجة .

9- روى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ : ” لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنْ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ مَا هَذَا يَا مُعَاذُ قَالَ أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَا تَفْعَلُوا فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ . ( حديث حسن صحيح ) ( صحيح ابن ماجه للألباني حديث 1503 )

قال الشوكاني: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ سَجَدَ جَاهِلًا لِغَيْرِ اللَّهِ لَمْ يُكَفَّرْ . ( نيل الأوطار جـ 6 صـ295 )

أخي الكريم : السجود عبادة لا تكون إلا لله تعالى وحده، فمن فعل ذلك لأحد من الناس، جهلاً، فإنه لا يكفر ويُعذر بجهله، يُبيَّن له الحكم الشرعي في هذه المسألة كما فعل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-مع معاذ بن جبل .

ثالثاً : إجماع أهل العلم على قبول العذر بالجهل :

 قال ابن حزم – رحمه الله : إن الأمة مجمعة كلها بلا خلاف من أحد منهم وهو أن كل من بدل آية من القرآن عامداً وهو يدري أنها في المصاحف بخلاف ذلك وأسقط كلمة عمداً كذلك أو زاد فيها كلمة عامداً فإنه كافر بإجماع الأمة كلها ثم أن المرء يخطئ في التلاوة فيزيد كلمة وينقص أخرى ويبدل كلامه جاهلاً مقدراً أنه مصيب ويكابر في ذلك ويناظر قبل أن يتبين له الحق ولا يكون بذلك عند أحد من الأمة كافراً ولا فاسقاً ولا آثماً فإذا وقف على المصاحف أو أخبره بذلك من القراء من تقوم الحجة بخبره فإن تمادى على خطاه فهو عند الأمة كلها كافر بذلك لا محالة وهذا هو الحكم الجاري في جميع الديانة. ( الفصل في الملل والأهواء لابن حزم جـ 3 صـ141 )

 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .