المقدمة
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إليه بإذنه وسراجاً منيرا أما بعد :
فإن الابتلاء سُّنة الله في عباده، فأشد الناس ابتلاءً هم الأنبياء، وأكثر الأنبياء تعرضاً للأذى هو نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – . إن نُصرة الله لأنبيائه وانتقامه ممن عاداهم حقيقة ثابتة منذ فجر التاريخ .
وفي هذه الرسالة الموجزة نعرض بعضاً من النماذج المشرقة لنصرة الله، وانتقامه من كل من يؤذي نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونذكر أيضاً نماذج من دفاع الصحابة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – .
أسأل الله تعالى أن بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به المسلمون في كل مكان، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
صلاح نجيب الدق
بلبيس – مسجد التوحيد
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إن بطش ربك لشديد:
كانت أم كلثوم ابنة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في الجاهلية تحت عُتيبة بن أبي لهب، وكانت رقية تحت أخيه: عُتبة بن أبي لهب، فلما أنزل الله عز وجل تبت يدا أبي لهب (1) قال أبو لهب لابنيه: عتيبة، وعتبة: رأسي ورءوسكما حرام إن لم تطلقا ابنتي محمد، وسأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عتبة طلاق رقية، وسألته رقية ذلك، وقالت له أم كلثوم بنت حرب بن أمية – وهي حمالة الحطب -: طلقها يا بني فإنها قد صبت فطلقها، وطلق عتيبة أم كلثوم، وجاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حين فارق أم كلثوم، فقال: كفرت بدينك، وفارقت ابنتك، لا تحبني ولا أحبك، ثم تسلط على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فشق قميصه، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « أما إني أسأل الله أن يسلط عليه كلبه »، فخرج نفر من قريش حتى نزلوا في مكان من الشام يقال له الزرقاء ليلا، فأطاف بهم الأسد تلك الليلة، فجعل عتيبة يقول: يا ويل أمي هو والله آكلي كما دعا محمد علي، قتلني ابن أبي كبشة، وهو بمكة، وأنا بالشام قال عروة بن الزبير: إن الأسد لما طاف بهم تلك الليلة انصرف عنهم، فناموا وجعل عتيبة في وسطهم، فأقبل الأسد يتخطاهم حتى أخذ برأس عتيبة، ففدغه(فشقه)، وتزوج عثمان بن عفان رقية فتوفيت عنده، ولم تلد له، وتزوج أبو العاص بن الربيع زينب فولدت له أُمَامة. (دلائل النبوة للبيهقي ج2 ص339:338)
(2) في أمان الله:
روى الحاكم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، قالت: لما نزلت ( تبت يدا أبي لهب أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة(دعاء بالهلاك) وفي يدها فهر(حجر ملء الكف) وهي تقول: مذمما أبينا ودينه قلينا وأمره عصينا، والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – جالس في المسجد ومعه أبو بكر فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، قد أقبلت وأنا أخاف أن تراك . فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « إنها لن تراني » وقرأ قرآنا فاعتصم به كما قال: وقرأ ( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا) فوقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فقالت: يا أبا بكر، إني أخبرت أن صاحبك هجاني . فقال: لا ورب هذا البيت ما هجاك . فولت وهي تقول: قد علمت قريش أني بنت سيدها.(مستدرك الحاكم ج2 ص361)
(3) انتقام الله لرسوله
روى الشيخان عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالْأَمْسِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلَا جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ فِي كَتِفَيْ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَأَخَذَهُ فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ قَالَ فَاسْتَضْحَكُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – سَاجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ فَجَاءَتْ وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَشْتِمُهُمْ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – صَلَاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمْ الضِّحْكُ وَخَافُوا دَعْوَتَهُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَذَكَرَ السَّابِعَ وَلَمْ أَحْفَظْهُ فَوَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ(بئر) قَلِيبِ بَدْرٍ. (البخاري حديث52./مسلم حديث1794)
(4) الملائكة تدافع عن نبينا ص:
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ(أي يصلي أَمامكم) فَقِيلَ نَعَمْ فَقَالَ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ قَالَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَهُوَ يُصَلِّي زَعَمَ لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ قَالَ فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ (يجري مسرعاً) وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ قَالَ فَقِيلَ لَهُ مَا لَكَ فَقَالَ إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا نَدْرِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ شَيْءٌ بَلَغَهُ[ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ]يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ[ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلَّا لَا تُطِعْهُ ][ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ]يَعْنِي قَوْمَهُ. ( مسلم حديث2797)
(5) قبضة تراب مباركة:
روى أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ فَتَعَاقَدُوا بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى وَنَائِلَةَ وَإِسَافٍ لَوْ قَدْ رَأَيْنَا مُحَمَّدًا لَقَدْ قُمْنَا إِلَيْهِ قِيَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَلَمْ نُفَارِقْهُ حَتَّى نَقْتُلَهُ فَأَقْبَلَتْ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا تَبْكِي حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَتْ هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ تَعَاقَدُوا عَلَيْكَ لَوْ قَدْ رَأَوْكَ لَقَدْ قَامُوا إِلَيْكَ فَقَتَلُوكَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا قَدْ عَرَفَ نَصِيبَهُ مِنْ دَمِكَ فَقَالَ يَا بُنَيَّةُ أَرِينِي وَضُوءًا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمْ الْمَسْجِدَ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا هَا هُوَ ذَا وَخَفَضُوا أَبْصَارَهُمْ وَسَقَطَتْ أَذْقَانُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ وَعَقِرُوا فِي مَجَالِسِهِمْ(أي لم يستطيعوا القيام) فَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ بَصَرًا وَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلٌ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حَتَّى قَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ التُّرَابِ فَقَالَ شَاهَتْ الْوُجُوهُ(قبح الله منظرها) ثُمَّ حَصَبَهُمْ بِهَا فَمَا أَصَابَ رَجُلًا مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْحَصَى حَصَاةٌ إِلَّا قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِر. (حديث صحيح) (مسند أحمد حديث3.3/368)
(6) كتب الله لأغلبن أنا ورسلي:
روى البخاري عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ(اسم مكان) فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ(الجبلين) فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا. (البخاري حديث3231)
(7) وما يعلم جنود ربك إلا هو:
قال محمد بن اسحاق: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ إرَاشٍ بِإِبِلِ لَهُ مَكّةَ، فَابْتَاعَهَا مِنْهُ أَبُو جَهْل (أي اشتراها منه)ٍ فَمَطَلَهُ بِأَثْمَانِهَا . فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيّ حَتّى وَقَفَ عَلَى نَادٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ جَالِسٌ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَنْ رَجُلٌ يُؤَدّينِيعَلَى أَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ (أي يساعدني على أخذ حقي منه)، فَإِنّي رَجُلٌ غَرِيبٌ ابْنُ سَبِيلٍ وَقَدْ غَلَبَنِي عَلَى حَقّي ؟ قَالَ فَقَالَ لَهُ أَهْلُ ذَلِك الْمَجْلِسِ أَتَرَى ذَلِك الرّجُلَ الْجَالِسَ – لِرَسُولِ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَهُمْ يَهْزَءُونَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي جَهْلٍ مِنْ الْعَدَاوَةِ – اذْهَبْ إلَيْهِ فَإِنّهُ يُؤَدّيك عَلَيْهِ .فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيّ حَتّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ يَا عَبْدَ اللّهِ إنّ أَبَا الْحَكَمِ بْنَ هِشَامٍ قَدْ غَلَبَنِي عَلَى حَقّ لِي قِبَلَهُ وَأَنَا رَجُلٌ غَرِيبٌ ابْنُ سَبِيلٍ وَقَدْ سَأَلْت هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ عَنْ رَجُلٍ يُؤَدّينِي عَلَيْهِ يَأْخُذُ لِي حَقّي مِنْهُ فَأَشَارُوا لِي إلَيْك، فَخُذْ لِي حَقّي مِنْهُ يَرْحَمُك اللّهُ قَالَ انْطَلِقْ إلَيْهِ وَقَامَ مَعَهُ رَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَلَمّا رَأَوْهُ قَامَ مَعَهُ قَالُوا لِرَجُلِ مِمّنْ مَعَهُمْ اتْبَعْهُ فَانْظُرْ مَاذَا يَصْنَعُ . قَالَ وَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حَتّى جَاءَهُ فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا ؟ قَالَ مُحَمّدٌ فَاخْرُجْ إلَيّ فَخَرَجَ إلَيْهِ وَمَا فِي وَجْهِهِ مِنْ رَائِحَةٍ قَدْ اُنْتُقِعَ لَوْنُهُ فَقَالَ أَعْطِ هَذَا الرّجُلَ حَقّهُ قَالَ نَعَمْ لَا تَبْرَحْ حَتّى أُعْطِيَهُ الّذِي لَهُ قَالَ فَدَخَلَ فَخَرَجَ إلَيْهِ بِحَقّهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ،ثُمّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَقَالَ لِلْإِرَاشِيّ الْحَقْ بِشَأْنِك، فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيّ حَتّى وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَقَالَ جَزَاهُ اللّهُ خَيْرًا، فَقَدْ وَاَللّهِ أَخَذَ لِي حَقّي.
قَالَ وَجَاءَ الرّجُلُ الّذِي بَعَثُوا مَعَهُ فَقَالُوا: وَيْحَك مَاذَا رَأَيْت ؟ قَالَ عَجَبًا مِنْ الْعَجَبِ وَاَللّهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ ضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَخَرَجَ إلَيْهِ وَمَا مَعَهُ رُوحُهُ فَقَالَ لَهُ أَعْطِ هَذَا حَقّهُ فَقَالَ نَعَمْ لَا تَبْرَحْ حَتّى أُخْرِجَ إلَيْهِ حَقّهُ فَدَخَلَ فَخَرَجَ إلَيْهِ بِحَقّهِ فَأَعْطَاهُ إيّاهُ . قَالَ ثُمّ لَمْ يَلْبَثْ أَبُو جَهْلٍ أَنْ جَاءَ فَقَالُوا لَهُوَيْلَك مَا لَك ؟ وَاَللّهِ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَنَعْت قَطّ قَالَ وَيْحَكُمْ وَاَللّهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ ضَرَبَ عَلَيّ بَابِي، وَسَمِعْت صَوْتَهُ فَمُلِئَتْ رُعْبًا، ثُمّ خَرَجْتُ إلَيْهِ وَإِنّ فَوْقَ رَأْسِهِ لَفَحْلًا مِنْ الْإِبِلِ مَا رَأَيْت مِثْلَ هَامَتِهِ وَلَا قَصَرَتِهِ(عنقه) وَلَا أَنْيَابِهِ لِفَحْلٍ قَطّ، وَاَللّهِ لَوْ أَبَيْتُ لَأَكَلَنِي . (سيرة ابن هشام ج1 ص319:318)
(8) أهل مكة يواجهون سبع سنوات عجاف:
روى البخاري عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود فَقَالَ إِنَّ مِنْ الْعِلْمِ أَنْ تَقُولَ لِمَا لَا تَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ إِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ ] إِنَّ قُرَيْشًا لَمَّا غَلَبُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ أَكَلُوا فِيهَا الْعِظَامَ وَالْمَيْتَةَ مِنْ الْجَهْدِ حَتَّى جَعَلَ أَحَدُهُمْ يَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنْ الْجُوعِ قَالُوا[ رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ] فَقِيلَ لَهُ( إِنْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَادُوا فَدَعَا رَبَّهُ فَكَشَفَ عَنْهُمْ فَعَادُوا فَانْتَقَمَ اللَّهُ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
[ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ إِلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ]. (البخاري حديث4822)
(9) الله ينتقم من المستهزئين بنبينا ص:
روى البيهقي عن ابن عباس، في قول الله عز وجل إنا كفيناك المستهزئين) قال: المستهزئون: الوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن المطلب أبو زمعة من بني أسد بن عبد العزى، والحارث ابن غيطلة السهمي، والعاص بن وائل، فأتاه جبريل عليه السلام شكاهم إليه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فأراه الوليد أبا عمرو بن المغيرة، فأومأ جبريل عليه السلام إلى أبجله فقال: « ما صنعت » ؟ قال: كفيته، ثم أراه الأسود بن المطلب، فأومأ جبريل إلى عينيه، فقال: « ما صنعت ؟ » قال: كفيته، ثم أراه الأسود بن عبد يغوث الزهري، فأومأ إلى رأسه، فقال: « ما صنعت ؟ » قال: كفيته، ثم أراه الحارث ابن غيطلة السهمي، فأومأ إلى رأسه أو قال إلى بطنه، فقال: « ما صنعت ؟ » قال: كفيته، ومر به العاص بن وائل فأومأ إلى أخمصه فقال: « ما صنعت ؟ » قال: كفيته، فأما الوليد بن المغيرة فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلاً (السهام )له فأصاب أبجله الأبجل: (عِرْق في باطن الذراع، وقيل: هو عِرق غليظ في الرِّجْل فيما بين العَصب والعظم) فقطعها، وأما الأسود بن المطلب فعمي، فمنهم من يقول عمي هكذا، ومنهم من يقول: نزل تحت سمرة(هو نوع من شجَرَ الطَّلح، الواحدة سَمُرة ) فجعل يقول: يا بني ألا تدفعون عني ؟ قد قتلت . فجعلوا يقولون: ما نرى شيئا، وجعل يقول: يا بني ألا تمنعون عني، قد هلكت، ها هو ذا أطعن بالشوك في عيني، فجعلوا يقولون: ما نرى شيئا فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه، وأما الأسود بن عبد يغوث الزهري فخرج في رأسه قروح فمات منها، وأما الحارث ابن غيطلة فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج من فيه، فمات منها، وأما العاص بن وائل فركب إلى الطائف على حمار فربض (سقط) على شبرقة (نباتٌ يُؤكل له شوك) فدخلت في أخمص قدمه( تجويف بباطن القدم لا يلمس الأرض عند المشي) شوكة فقتلته . (دلائل النبوة للبيهقي ج2 ص318)
(10) فأغشيناهم فهم لا يبصرون:
روى البيهقي عن ابن إسحاق قال: أقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ينتظر أمر الله حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت به وأرادوا به ما أرادوا أتاه جبريل عليه السلام، فأمره أن لا يبيت في مكانه الذي كان يبيت فيه، دعا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – علي بن أبي طالب، فأمره أن يبيت على فراشه، ويتسجى(يغطي نفسه) ببرد (البْرُدُ والبُرْدَةُ: الشَّمْلَةُ المخطَّطة، وقيل كِساء أسود مُرَبَّع فيه صورٌ) له أخضر، ففعل، ثم خرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – على القوم وهم على بابه وخرج معه بحفنة من تراب فجعل يذرها على رءوسهم، وأخذ الله عز وجل بأبصارهم عن نبيه وهو يقرأ: يس والقرآن الحكيم إلى قوله: فأغشيناهم فهم لا يبصرون (دلائل النبوة للبيهقي ج2 ص47.:469)
(11) الأية
روى البخاري عن أَنَس قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي الْغَارِ فَرَأَيْتُ آثَارَ الْمُشْرِكِينَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا قَالَ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا.. (البخاري حديث4663 )
(12) استجابة ربانية عاجلة:
روى البخاري عن الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لمَّا أَقْبَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِلَى الْمَدِينَةِ تَبِعَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ قَالَ ادْعُ اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكَ فَدَعَا لَهُ قَالَ فَعَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَمَرَّ بِرَاعٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذْتُ قَدَحًا فَحَلَبْتُ فِيهِ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ فَأَتَيْتُهُ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ. ( البخاري حديث 3.98 )
وكانت قريش قد رصدت مائة من الإبل لمن يقتل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أو يأسره، فأراد سراقة بن مالك أن يحصل على المكافأة، ولكن الله حال بينه وبين ما أراد .
(13) الأطفال يدافعون عن نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –:
روى البخاري عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي فَإِذَا أَنَا بِغُلَامَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا ( صغيرا السن ) تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ قُلْتُ نَعَمْ مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي قَالَ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا ( أي الأقرب أجلاً ) فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ فَغَمَزَنِي الْآخَرُ فَقَالَ لِي مِثْلَهَا فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ قُلْتُ أَلَا إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي سَأَلْتُمَانِي فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلَاهُ ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ أَيُّكُمَا قَتَلَهُ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُهُ فَقَالَ هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا قَالَا لَا فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ فَقَالَ كِلَاكُمَا قَتَلَهُ. سَلَبُهُ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَكَانَا مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ.( البخاري حديث 3141 )
(14) نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – هو رسول الله حقاً:
روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – شَاةٌ فِيهَا سَمٌّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – اجْمَعُوا لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ الْيَهُودِ فَجُمِعُوا لَهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْهُ فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مَنْ أَبُوكُمْ قَالُوا أَبُونَا فُلَانٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَذَبْتُمْ بَلْ أَبُوكُمْ فُلَانٌ فَقَالُوا صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ فَقَالَ هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ وَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مَنْ أَهْلُ النَّارِ فَقَالُوا نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا ثُمَّ تَخْلُفُونَنَا فِيهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – اخْسَئُوا فِيهَا وَاللَّهِ لَا نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا ثُمَّ قَالَ لَهُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سَمًّا فَقَالُوا نَعَمْ فَقَالَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ فَقَالُوا أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَذَّابًا نَسْتَرِيحُ مِنْكَ وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ.( البخاري حديث 3169 )
(15) الله يقذف الرعب في قلوب أعداء نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –:
قال محمد بن اسحاق:
خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلَى بَنِي النّضِيرِ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةِ ذَيْنِك الْقَتِيلَيْنِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ اللّذَيْنِ قَتَلَ عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ الضّمْرِيّ، لِلْجِوَارِ الّذِي كَانَ رَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَقَدَ لَهُمَا، كَمَا حَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَكَانَ بَيْنَ بَنِي النّضِير ِ وَبَيْنَ بَنِي عَامِر ٍ عَقْدٌ وَحِلْفٌ . فَلَمّا أَتَاهُمْ رَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةِ ذَيْنِك الْقَتِيلَيْنِ قَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ نُعِينُك عَلَى مَا أَحْبَبْت، مِمّا اسْتَعَنْت بِنَا عَلَيْهِ ثُمّ خَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضِ فَقَالُوا: إنّكُمْ لَنْ تَجِدُوا الرّجُلَ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ هَذِهِ – وَرَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلَى جَنْبِ جِدَارٍ مِنْ بُيُوتِهِمْ قَاعِدٌ – فَمَنْ رَجُلٌ يَعْلُو عَلَى هَذَا الْبَيْتِ فَيُلْقِي عَلَيْهِ صَخْرَةً فَيُرِيحُنَا مِنْهُ ؟ فَانْتَدَبَ لِذَلِكَ عَمْرُو بْنُ جَحّاشِ بْنِ كَعْبٍ، أَحَدَهُمْ فَقَالَ أَنَا لِذَلِكَ فَصَعِدَ لِيُلْقِيَ عَلَيْهِ صَخْرَةً كَمَا قَالَ وَرَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيّ، رِضْوَانُ اللّهِ عَلَيْهِمْ . فَأَتَى رَسُولَ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الْخَبَرُ مِنْ السّمَاءِ بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ فَقَامَ وَخَرَجَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ . فَلَمّا اسْتَلْبَثَ النّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَصْحَابُهُ قَامُوا فِي طَلَبِهِ فَلَقُوا رَجُلًا مُقْبِلًا مِنْ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلُوهُ عَنْهُ فَقَالَ رَأَيْته دَاخِلًا الْمَدِينَةَ . فَأَقْبَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حَتّى انْتَهَوْا إلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَأَخْبَرَهُمْ الْخَبَرَ، بِمَا كَانَتْ الْيَهُودُ أَرَادَتْ مِنْ الْغَدْرِ بِهِ وَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِالتّهَيّؤِ لِحَرْبِهِمْ وَالسّيْرِ إلَيْهِمْ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمّ مَكْتُومٍ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمّ سَارَ بِالنّاسِ حَتّى نَزَلَ بِهِمْ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ فَحَاصَرَهُمْ سِتّ لَيَالٍ وَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ
فَتَحَصّنُوا مِنْهُ فِي الْحُصُونِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِقَطْعِ النّخِيلِ وَالتّحْرِيقِ فِيهَا، فَنَادَوْهُ أَنْ يَا مُحَمّدُ قَدْ كُنْتَ تَنْهَى عَنْ الْفَسَادِ، وَتَعِيبُهُ عَلَى مَنْ صَنَعَهُ فَمَا بَالُ قَطْعِ النّخْلِ وَتَحْرِيقِهَا ؟ وَقَدْ كَانَ رَهْطٌ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ، مِنْهُمْ ( عَدُوّ اللّهِ ) عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُبَيّ ابْنِ سَلُولَ ووَدِيعَةُ وَمَالِكُ بْنُ أَبِي قَوْقَلٍ وَسُوَيْدُ وَدَاعِسٌ قَدْ بَعَثُوا إلَى بَنِي النّضِيرِ: أَنْ اُثْبُتُوا وَتَمَنّعُوا، فَإِنّا لَنْ نُسَلّمَكُمْ إنْ قُوتِلْتُمْ قَاتَلْنَا مَعَكُمْ وَإِنْ أُخْرِجْتُمْ خَرَجْنَا مَعَكُمْ فَتَرَبّصُوا ذَلِكَ مِنْ نَصْرِهِمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَقَذَفَ اللّهُ فِي قُلُوبِهِمْ الرّعْبَ وَسَأَلُوا رَسُولَ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنْ يُجْلِيَهُمْ وَيَكُفّ عَنْ دِمَائِهِمْ عَلَى أَنّ لَهُمْ مَا حَمَلَتْ الْإِبِلُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إلّا الْحَلْقَةَ فَفَعَلَ . فَاحْتَمَلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا اسْتَقَلّتْ بِهِ الْإِبِلُ فَكَانَ الرّجُلُ مِنْهُمْ يَهْدِمُ بَيْتَهُ عَنْ نِجَافِ بَابِهِ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ فَيَنْطَلِقُ بِهِ . فَخَرَجُوا إلَى خَيْبَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَارَ إلَى الشّامِ .( سيرة ابن هشام جـ3 صـ 158:157)
(16) الصحابة ونصرة نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –:
روى أبو داود عن عبد ِاللهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَتَقَعُ فِيهِ فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ قَالَ فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَتَشْتُمُهُ فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ فَقَامَ الْأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا صَاحِبُهَا كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَلَا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ.( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 3665 )
(17) ولدٌ يريد قتل والده دفاعاً عن نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –:
جاء عَبْدَ اللّهِ بن أُبي بن سلول إلى رَسُولَ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّهُ بَلَغَنِي أَنّك تُرِيدُ قَتْلَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَيّ فِيمَا بَلَغَك عَنْهُ فَإِنْ كُنْت لَا بُدّ فَاعِلًا فَمُرْنِي بِهِ فَأَنَا أَحْمِلُ إلَيْك رَأْسَهُ فَوَاَللّهِ لَقَدْ عَلِمَتْ الْخَزْرَجُ مَا كَانَ لَهَا مِنْ رَجُلٍ أَبَرّ بِوَالِدِهِ مِنّي، وَإِنّي أَخْشَى أَنْ تَأْمُرَ بِهِ غَيْرِي فَيَقْتُلَهُ فَلَا تَدَعُنِي نَفْسِي أَنْظُرُ إلَى قَاتِلِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَيّ يَمْشِي فِي النّاسِ فَأَقْتُلَهُ فَأَقْتُلَ ( رَجُلًا ) مُؤْمِنًا بِكَافِرِ فَأَدْخُلَ النّارَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَلْ نَتَرَفّقُ بِهِ وَنُحْسِنُ صُحْبَتَهُ مَا بَقِيَ مَعَنَا .(سيرة ابن هشام ج3 ص266)
(18) الله يعصم نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – من الناس:
روى الشيخان عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – غَزْوَةً قِبَلَ ( ناحية ) نَجْدٍ فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ (شجرٌ ذات شوك ) فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا قَالَ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِنَّ رَجُلًا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَالسَّيْفُ صَلْتًا ( أي مسلولاً ) فِي يَدِهِ فَقَالَ لِي مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي قَالَ قُلْتُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي قَالَ قُلْتُ اللَّهُ قَالَ فَشَامَ السَّيْفَ ( أي وضع الرجل السيف في جرابه ) فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ( أي لم يعاقبه ) . (البخاري حديث 291. / مسلم حديث 843 )
(19) الأرض تغضب دفاعاً عن نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –:
روى الشيخان عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ. ( البخاري حديث 3617 / مسلم حديث 2781 )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
هذا الملعون، الذي افترى على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أنه ما كان يدري إلا ما كتب له، قصمه الله، وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مراراً، وهذا أمر خارج عن العادة، يدل كل أحد على أن هذا عقوبة لما قاله، وأنه كاذباً، إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا، وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد، إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبه ومظهر لدينه ولكذب الكاذب . ( الصارم المسلول لابن تيمية صـ1.8 )