أوقات الصلاة

عن أبي عمر الشيباني واسمه سعد بن إياس قال : حدثني صاحب هذه الدار وأشار بيده إلى دار عبد الله بن مسعود قال : سألت رسول الله – صلي الله عليه وسلم – : أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل ؟ قال :الصلاة على وقتها قلت : ثم أي ؟ قال :بر الوالدين قلت : ثم أي قال :الجهاد في سبيل الله قال : حدثني بهن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – ولو استزدته لزادني (متفق عليه) .

الصلاة على وقتها قال ابن بطال : (أول الوقت) ونفى ابن دقيق العيد أن يكون المقصود في هذا الحديث أول الوقت هنا وأيده ابن حجر ولقد ترجم البخاري للحديث بقوله : (باب فضل الصلاة لوقتها) قال العيني في العمدة  : أي هذا في بيان فضل الصلاة لوقتها وإن كان الأصل أن يقال فضل الصلاة في وقتها لأن الوقت ظرف لها ولذكره هكذا وجهان .

الأول عند الكوفيين أن حروف الجر يقوم بعضها مقام البعض والثاني اللام هنا مثل اللام في قوله تعالى : ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنّ ) أي مستقبلات العدة وتسمى بلام التأقيت والتأريخ (ثم قال العيني) : اللام تأتي بمعنى على نحو قوله تعالى : ( وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَان ) (- ودعانا لجنبه – وتله للجبين)  قال الدهلوي للصلوات أربعة أوقات :

أ – وقت الاختيار وهو الوقت الذي يجوز أن يصلى فيه من غير كراهة

ب – ووقت الاستحباب وهو الذي يستحب أن يصلى فيه وهو أوائل الأوقات إلا العشاء فالمستحب الأصلي تأخيرها وظهر الصيف وهو قوله – صلي الله عليه وسلم – : (إذا اشتد الحر فأبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم) .

ج- ووقت الضرورة وهو مالا يجوز التأخير إليه إلا بعذر وهو قوله- صلي الله عليه وسلم – : (من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر .

د- ووقت القضاء وهو قوله – صلي الله عليه وسلم – : (من نسى صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها) (انتهى بتصرف من حجة الله البالغة) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما الوقت فالأصل في ذلك أن الوقت في كتاب الله وسنة رسوله نوعان وقت اختيار ورفاهية ، ووقت حاجه وضرورة .

أما الأول فالأوقات خمسة وأما الثاني فالأوقات ثلاثة فصلاتا الليل وصلاتا النهار وهما اللتان فيهما الجمع والقصر بخلاف صلاة الفجر فإنه ليس فيها جمع ولا قصر لكل منهما وقت مختص وقت الرفاهية والاختيار والوقت مشترك بينهما عند الحاجة والاضطرار لكن لا نؤخر صلاة نهار إلى ليل ولا صلاة ليل إلى نهار (وقال) ففي حال العذر إذا جمع بين الصلاتين بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فإنما صلى الصلاة في وقتها لم يصل واحدة بعد وقتها (انتهى) والحديث المبين لمواقيت الصلاة حال الاختيار عن جابر بن عبد الله أن النبي – صلي الله عليه وسلم – جاءه جبريل عليه السلام فقال له قم فصله فصلى الظهر حين زالت الشمس ثم جاءه العصر فقال قم فصله العصر حين صار ظل كل شيء مثله ثم جاءه المغرب فقال قم فصله فصلى المغرب حين وجبت الشمس ثم جاءه العشاء فقال : قم فصله فصلى العشاء حين غاب الشفق ثم جاءه الفجر فقال : قم فصله فصلى الفجر حين برق الفجر أو قال سطع الفجر ثم جاءه من الغد للظهر فقال : قم فصله فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله ثم جاءه العصر فقال : قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه ثم جاءه المغرب وقتا واحدا لم يزل عنه ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل أو قال ثلث الليل فصلى العشاء ثم جاءه حين أسفر جدًا فقال : قم فصلى العشاء ثم جاءه حين أسفر جدًا فقال : قم فصله فصلى الفجر ثم قال : ما بين هذين الوقتين وقت رواه الترمذي والنسائي وقال البخاري : هو أصح شيء في الباب .

أما أول الوقت فهو وقت الفضيلة إلا في العشاء وظهر الصيف الحار وقد قال البغوي في شرح السنة : أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم على أن تعجيل الصلاة في أول الوقت أفضل إلا العشاء والظهر في شدة الحر والمحافظة في التعجيل  ليأمن من الفوت والنسيان والشغل (وقال) : أكثر أهل العلم يستحبون تعجيل الصلوات في أول الوقت إذا أخر الإمام ولا يترك أول الوقت لأجل الجماعة ثم يصلى مع الإمام والأولى هي المكتوبة عند أكثر أهل العلم والثانية نافلة .

وقال الصنعاني : فالمحافظة منه – صلي الله عليه وسلم – على الصلاة أول الوقت داله على أفضليته (ثم ساق حديث ابن عمر بلفظ (أفضل الأعمال الصلاة في أول الوقت) .

وقول رسول الله – صلي الله عليه وسلم – لأبي ذر كيف أنت إذا كان عليك أمراء يميتون الصلاة أو يؤخرون الصلاة عن وقتها قلت فما تأمرني قال : صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة) رواه مسلم وأحمد والنسائي في الحديث دليل على فضيلة أول الوقت وترك ما عليه أئمة الجور .

قال الشوكاني : وفي الحديث استحباب الصلاة معهم – أي بعد صلاتها في أول الوقت – لأن الترك من دواعي الفرقة ومواقيت الصلاة على التفضيل .

أولًا الظهر : أن الفضيلة في أول الوقت إلا أن يشتد الحر فالإبراد أفضل وأن وقت الاختيار حتى يصير ظل كل شيء مثله أي ينتهي عن صلاة العصر .

قال النووي : واعلم أن الابراد إنما يشرع في الظهر ولا يشرع في صلاة الجمعة عند الجمهور أما وقت العذر للظهر فهو وقت العذر لمن جمع لسفر أو مطر أو غيره .

ثانيًا : العصر أوقاته خمسة الفضيلة أوله ووقت اختيار وهو حتى يصير ظل كل شيء مثليه ووقت جواز بلا كراهه هو إلى إصفرار الشمس ووقت جواز مع الكراهه حال الإصفرار حتى تغرب الشمس ووقت العذر وقت الظهر لمن بسفر أو مطر .  

ثالثًا : المغرب وقته الفضيلة والاختيار وقت واحد هو أول الوقت وأما تأخيرها إلى تشابك النجوم فقد جاء النهي عنه في حديث أبي هريرة – والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه لا تزال أمتي بخير – أو قال على الفطرة – ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم (قال النووي) والشيعة لا يعتبر بخلافهم ويستدل للشيعة بحديث أن النبي- صلي الله عليه وسلم – صلى المغرب عند اشتباك النجوم (قال النووي) وأما الحديث الذي يحتج به الشيعة فباطل لا يعرف ولا يصح – فتأمل هذا لتعرف أن فرق الضلال خاصة الشيعة يكذبون في الحديث ليلبسوا على الناس أمر دينهم واختاروا المغرب الذي جاءت الأحاديث أن وقت الفضيلة والاختيار واحد ليوقعوا الناس في الكراهة بل وليجعلوا من يتبعهم يحرم فضيلة تعجيل الفطر للصوم ولكن الضلال كذلك يفعل بأهله – أما وقت العذر بالنسبه للمغرب فهو وقت العشاء للجمع عند العذر .

رابعًا : العشاء قال النووي للعشاء أربعة أوقات ، اختيار وجواز وعذر فالفضيلة أول الوقت والاختيار بعده إلي ثلث الليل في الأصح وفي قوله نصفه والجواز إلى طلوع الفجر الثاني والعذر ووقت المغرب لمن جمع بسفر أو مطر (انتهي) .

وللعشاء وقت خامس وهو تأخيرها إلي ثلث الليل لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم – : (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلي ثلث الليل أو نصفه) (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه) لكن ذلك محمول على من أدها في نشاط بغير أن يدركه الخمول وأن يصليها في جماعة لحديث عائشة رضي الله عنها قالت أعتم النبي- صلي الله عليه وسلم – ذات ليلة حتى ذهب الليل حتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى فقال: (إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي ) (رواه مسلم والنسائي) .

وعن أنس قال : أخر النبي – صلي الله عليه وسلم – صلاة العشاء إلي نصف الليل ثم صلى ثم قال: (قد صلى الناس وناموا أما أنكم في صلاة ما انتظرتموها ) (متفق عليه) .

وعن أبي سعيد قال : انتظرنا رسول الله – صلي الله عليه وسلم – ليلة لصلاة العشاء حتى ذهب نحو من شطر الليل قال : فجاء فصلى بنا ثم قال : (خذوا مقاعدكم فإن الناس قد أخذوا مضاجعهم وإنكم لم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم وحاجة ذي الحاجة لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل ) (رواه أحمد وأبو داود) .

خامسًا :وأما الصبح فوقت الفضيلة أوله مع مراعاة أن الناس يقومون إليها من نوم فيتأنى بهم حتى يذهب للخلاء من احتاج لذلك ويغتسل من كان على جنابة ثم وقت الاختيار حتى الإسفار لصلاة جبريل بالنبي- صلي الله عليه وسلم – حين طلع الفجر ثم صلى في اليوم الثاني حين أسفر والوقت الثالث وقت الجواز وهو حتى طلوع الشمس ووقت الاضطرار من أدرك ركعة قبل شروق الشمس أما وقت القضاء فهو ما بعد طلوع الشمس .

هذا ووقت كل صلاة يمتد إلى دخول وقت الصلاة الأخرى إلا صلاة الفجر فإن وقتها لا يمتد إلى وقت الظهر بالإجماع وتعمد ترك الصلاة إلى ما بعد الوقت معصية بإجماع أهل الإسلام ومن تركها ذاكرًا لها حتى يخرج وقتها فأنه فاسق بخروج الشهادة مستحق للضرب تعزيرًا أو للنكال بلا خلاف من أحد من علماء الأمة ومن صلى قبل الوقت لم يجزئه صلاته سواء فعل ذلك عمدًا أو خطًأ كل الصلاة أو بعضها .

الأوقات المكروهة : قال ابن رشد اتفق العلماء على ثلاثة من الأوقات منهى عن الصلاة فيها وهي وقت طلوع الشمس ووقت غروبها ومن لدن تصلى الصبح حتى تطلع الشمس واختلفوا في وقت الزوال وفي الصلاة بعد العصر وذهب الشافعي إلى هذه الأوقات الخمسة إلا وقت الزوال من يوم الجمعة فأجاز فيه الصلاة .