أمين الأمة: أبو عبيدة رضي الله عنه
الحمد لله رب العالمين، نحمده حمد الشاكرين، ونشكره شكر العارفين، ونصلي ونسلم على خير خلق الله أجمعين من أرسله ربه رحمة للعالمين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعناه، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فوالله لئن كان نبيًا فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا. قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلاً أمينًا، ولا تبعث معنا إلا أمينًا، فقال صلى الله عليه وسلم: (لأبَعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ). فاستشرق له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاح). فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هَذَا أمينُ هَذِهِ الأُمَّةِ).
هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه بثلاثة مواضع أولها في كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باب (مناقب أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه) برقم (3745)، وثانيها في كتاب المغازي باب (قصة أهل نجران) برقمي (4380- 4381)، والثالث في كتاب أخبار الآحاد باب (إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام) برقم (424)، كما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة باب (فضائل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه) برقم (2420).
أولاً: ترجمة أبي عبيدة رضي الله عنه:
هو: عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة، أبو عبيدة، اشتهر بكنيته ونسبه إلى جده، فيقال: أبو عبيدة بن الجراح الفهري.
قال ابن كثير رحمه الله: أبو عبيدة بن الجراح الفهري، أمين هذه الأمة، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الخمسة الذين أسلموا في يوم واحد، وهم: عثمان بن مظعون وعبيدة بن الحارث، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وأبو عبيدة بن الجراح، أسلموا على يد الصديق رضي الله عنهم أجمعين، ولما هاجر آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن معاذ. وقيل: بينه وبين محمد بن مسلمة، وقال ابن الأثير: وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وشهد بدرًا وأُحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من السابقين إلى الإسلام، وهاجر إلى الحبشة وإلى المدينة أيضًا، وكان يدعى القوي الأمين، وقال الذهبي في السِّير: قال ابن سعد في الطبقات:... عن مالك بن يَخَامِر أنه وصف أبا عبيدة فقال: كان رجلاً نحيفًا معروف الوجه (قليل اللحم) خفيف اللحية طُوَالاً، أحنى أثرم الثنيتين (مكسورهما)، وقال أيضًا: وقد شهد أبو عبيدة بدرًا فقتل يومئذٍ أباه، وأبلى يوم أُحد بلاءً حسنًا، ونزع يومئذ الحلقتين اللتين دخلتا من المغفر في وجنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضربة أصابته فانقلعت نيتاه، فحسن ثغره بذهابهما، حتى قيل: ما رؤي هَتْمٌ قَطُّ أحسن من هَتْمِ أبي عبيدة، قال ابن كثير: وذلك أنه خاف أن يؤلم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم السقيفة: قد رضيت لكم أَحَدَ هذين الرجلين: عمر، وأبا عبيدة، أي ليبايعوه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لاستخلفته وما شاورت، فإن سُئلتُ عنه قلتُ: استخلفتُ أمينَ اللهِ وأمينَ رسولِه. قال محقق السير: أخرجه ابن سعد والحاكم.
وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: أخلائي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: أبو بكر وعمر وأبو عبيدة.
ولقد كان أبو عبيدة رضي الله عنه من قادة الجيوش في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقد استعمله النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة، منها المرة التي جاع فيها عسكره، وكانوا ثلاثمائة، فألقى لهم البحر الحوت الذي يقال له الخبر، فقال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا، نحن رسل رسول الله، وفي سبيل الله فكلوا، وذكر الحديث وهو في الصحيحين والموطأ والمسند والترمذي والنسائي وابن ماجه.
ولما تفرغ الصديق رضي الله عنه من حرب الردة، وحرب مسليمة الكذاب جهز أمراء الأجناد لفتح الشام، فبعث أبا عبيدة ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشُرَحْبِيلُ بن حسنة، فتمت وقعة أجنادين بقرب الرملة، ونصر الله المؤمنين فجاءت البشرى والصديق في مرض الموت، ثم لما توفي أبو بكر وتولى عمر الخلافة عزل خالد بن الوليد وولى قيادة الجيوش التي بالشام أبا عبيدة رضي الله عنه، ثم لما كان طاعون عمواس توفي فيه أبو عبيدة رضي الله عنه، وكانت وفاته سنة ثماني عشرة، وله ثمان وخمسون سنة، قاله أبو حفص الفلاس، وقال: وكان يخضب بالحناء المكتم، وكان له عقيصتان كما نقله الإمام الذهبي في السير، وقال: وقال كذلك في وفاته جماعة، وانفرد ابن عائذ عن أبي مسهر أنه قرأ في كتاب يزيد بن أبي عبيدة أن أبا عبيدة توفي سنة سبع عشرة.
ثانيًا: شرح الحديث:
قوله: (جاء السيد العاقب صاحبا نجران) قال الحافظ: أما السيد فكان اسمه الأَيْهَمَ، ويقال: شُرَحبيل، وكان صاحب رحالهم ومجتمعهم ورئيسهم في ذلك، وأما العاقب فاسمه عبد المسيح، وكان صاحب مشروتهم، وكان معهم أيضًا أبو الحارث علقمة، وكان أسقفهم وحبرهم وصاحب مدارسهم، ونجران: بلد كبير على سبع مراحل من مكة إلى جهة اليمن، وذكر أن ابن سعد قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليهم فخرج إليه وفدهم في أربعة عشر رجلاً من أشرافهم، وعند ابن إسحاق أيضًا من حديث كرز بن علقمة أنهم كانوا أربعة وعشرين رجلاًن وسرد أسماءهم.
ونقل الحافظ في الفتح قول ابن سعد: دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وتلا عليهم القرآن فامتنعوا، فقال صلى الله عليه وسلم: إن أنكرتم ما أقول فهَلُمَّ أباهلكم، فانصرفوا على ذلك.
قوله: (يريدان أن يلاعناه) أي يباهلاه، وذكر ابن إسحاق بإسناد مرسل أن ثمانين آية من أول سورة آل عمران نزلت في ذلك، يشير إلى قوله تعالى: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ}الآية.
قوله: (فقال أحدهما لصاحبه) ذكر أبو نعيم في الصحابة بإسناد له أن القائل ذلك هو السيد، وقال غيره: بل الذي قال ذلك هو العاقب لأنه كان صاحب رأيهم، وفي زيادات يونس بن بكير في المغازي بإسناد له أن الذي قال ذلك شرحبيل أبو مريم.
قوله: (فوالله لئن كان نبيا فلاعنَّا): في رواية الكشمهني: فلاعننا بإظهار النون.
وقوله: (لا تفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا). زاد في رواية ابن مسعود: (أبدًا)، وفي مرسل الشعبي عند ابن أبي شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران لوتموا على الملاعنة، ولما غَدَا عليهم أخذ بيد حسن وحسين، وفاطمة تمشي خلفه للملاعنة).
قوله: (قالا: إنا نعطيك ما سألتنا)، ذكر ابن سعد أن السيد والعاقب رجعا بعد ذلك فأسلما، زاد في رواية ابن مسعود: (فأتياه فقالا: لا نلاعنك، ولكن نعطيك ما سألت).
قوله: (رجلاً أمينًا حق أمين). قال الإمام النووي: أما الأمين فهو الثقة المرضي، قال العلماء: والأماة صفة مشتركة بينه وبين غيره من الصحابة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم خص بعضهم بصفات غلبت عليهم وكانوا بها أخص، وقد أورد الترمذي وابن حسان حديث أنس: (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرأهم لكتاب الله أُبيُّ، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، ألا وإن لكل أمة أمينًا، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة).
وقال الحافظ ابن حجر: والأمين هو الثقة الرضي، وهذه الصفة وإن كانت مشتركة بينه وبين غيره لكن السياق يشعر بأن له مزيدًا في ذلك، لكن خص النبي صلى الله عليه وسلم كل واحد من الكبار بفضيلة ووصفه بها، فأشعر بقدر زائد فيها على غيره، كالحياء لعثمان، والقضاء لعلي، ونحو ذلك.
قوله: (فاستشرف له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية الإسماعيلي: (فاستشرف لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وعند المصنف في مناقب أبي عبيدة: (فأشرف أصحابه)، وعند مسلم: (فاستشرف لها الناس). قال الحافظ: أي تطلعوا للولاية ورغبوا فيها حرصًا على تحصيل الصفة المذكورة، وهي الأمانة، لا على الولاية من حيث هي، وقال النووي: حرصًا على أن يكون هو الأمين الموعود، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قوله: (قم يا أبا عبيدة بن الجراح)، وعند المصنف في مناقب أبي عبيدة: (فبعث أبا عبيدة)، وفي رواية أبي يعلى: (قم يا أبا عبيدة، فأرسله معهم)، قال الحافظ في الفتح: ووقع في رواية لأبي يعلى من طريق سالم عن أبيه سمعت عمر يقول: ما أحببت الإمارة قط إلا مرة واحدة، فذكر القصة، وقال في الحديث فتعرضت أن تصيبني، فقال: قم يا أبا عبيدة).
من فوائد الحديث (قصة أهل نجران):
قال الحافظ في الفتح: وفي قصة أهل نجران من الفوائد:
1- أن إقرار الكافر بالنبوة لا يدخله في الإسلام حتى يلتزم أحكام الإسلام.
2- جواز مجادلة أهل الكتاب، وقد تجب إذا تعينت مصلحته.
3- مشروعية مباهلة المخالف إذا أصَرَّ بعد ظهور الحجة، وقد دعا ابن عباس إلى ذلك ثم الأوزاعي، ووقع ذلك لجماعة من العلماء.
4- مصالحة أهل الذمة على ما يراه الإمام من أصناف المال.
5- بعث الإمام الرجل العالم الأمين إلى أهل الهدنة في مصلحة الإسلام.
6- في القصة منقبة ظاهرة لأبي عبيدة رضي الله عنه.
ثالثًا: مناقب أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه:
لقد ورد في مناقب أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه من المناقب الكثير مما يخصه بعد دخوله فيما ورد في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمومًا، من قول الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100]، ولا شك في أن أبا عبيدة من السابقين الأولين، وكذلك قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} الآية [الفتح: 29]، وأيضًا قوله تعالى: {لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: 10]، وقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} [الفتح: 18]. إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، وفي السنة أحاديث في فضل الصحابة عمومًا، كقوله صلى الله عليه وسلم منها: حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم). [متفق عليه]. ومنها حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس خير ؟ قال: القرن الذي أنا فيه، ثم الثاني، ثم الثالث). [أخرجه مسلم].
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: صلينا المغرب مع رضي الله عنه ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء، قال: فجلسنا فخرج علينا فقال: (مازلتم هاهنا). قلنا: يا رسول الله، صلينا معك المغرب ثم قلنا نجلس حتى نصلي معك العشاء، قال: أحسنتم أو أصبتم. قال: فرفع رأسه إلى السماء، وكان كثيرًا مما يرفع رأسه إلى السماء. فقال: (النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون). [أخرجه مسلم].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس، فيقولون: فيكم من صَاحَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم. ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: فيكم من صَاحَبَ أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس فيُقال: هل فيكم من صَاحَبَ من صَاحَبَ أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيُفتح لهم). [أخرجه البخاري ومسلم]. إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة والتي تدل على فضيلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة.
وأما ما يخص أبا عبيدة رضي الله عنه فبالإضافة إلى الحديث الذي ذكرناه في بداية حديثنا نكتفي ببعض ما ورد في فضائله ومناقبه رضوان الله تعالى عليه، فمن ذلك:
1- أبو عبيدة أمين هذه الأمة:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ لكل أمة مينًا وإن أميننا أيتها الأُمَّةُ أبو عبيدة بن الجراح). [أخرجه البخاري ومسلم وأحمد].
2- أبو عبيدة بن الجراح في الجنة:
عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي في الجنة، وعثمان في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة). أخرجه الإمام أحمد في المسند وفي فضائل الصحابة والترمذي، ورواه الترمذي من حديث سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عشرة في الجنة...) فذكره، وقال: وسمعت محمدًا يقول: هو أصح من الحديث الأول، أي أن الإمام البخاري رحمه الله يرى أن الطريق إلى سعيد بن زيد أصح من الطريق إلى عبد الرحمن.
3- ثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على أبي عبيدة رضي الله عنه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل معاذ، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح). [أخرجه الترمذي، وأحمد في المسند، وغيرهما، وصححه الألباني].
4- أبو عبيدة من أحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إليه:
عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: أيذُ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه ؟ قالت: أبو بكر، قلت: ثم مَن ؟ قالت: ثم عمر، قلت: ثم من ؟ قالت: ثم أبو عبيدة بن الجراح، قلت: ثم من ؟ فسكتت. [أخرجه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني].
هذا، وقد ورد في فضائله من أقوال الصحابة، بل كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، فلقد أثنى عليه أبو بكر، وعمر، وعلي، وعائشة، رضي الله عنهم أجمعين.
فهؤلاء الصحابة قد حملوا الدين، وجاهدوا في الله حق جهاده، ونصروا الله ورسوله، فحفظ الله بهم الملة، فلا يجوز بعد ذلك لمسلم أن يتنقص أحدًا منهم، ولا سيما هؤلاء الجهابذة، الذين باعوا أنفسهم وأمواللهم لله عز وجل ليحصلوا على الجنة.
نسأل الله تعالى أن يُلحقنا بهم في دار كرامته، وأن يجمعنا بهم ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى، وأن يحشرنا تحت لوائه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.