الخطب المهمة لدعاة الأمة : صلاة الجماعة

2015-01-09

اللجنة العلمية

العنوان :صلاة الجماعة

كاتب المقال: اللجنة العلمية

عدد ربيع الأول 1436هـ من الخطب المهمة لدعاة الأمة


صلاة الجماعة

عناصر الخطبة:

حكم صلاة الجماعة والأدلة على وجوبها

فضل صلاة الجماعة

الأعذار التي تبيح ترك الجماعة

مسائل متعلقة بصلاة الجماعة.

التفصيل

مقدمة: لقد عني الإسلام بالصلاة أعظم عناية، فأمر بها وحذر من تركها، وشرع لها الاجتماع في أوقات معلومة، ففي كل يوم وليلة، يجتمع المسلمون لأدائها خمس مرات، فصلاة الجماعة، تربية اجتماعية رشيدة، تهدف إلى تحقيق مصالح ومنافع للمسلمين، بما يحصل من التعارف والتواد بين الناس، لأن ملاقاة الناس ومصافحتهم تبعث المودة والمحبة في النفس، وتكون سبباً في التواصل بما يحقق الإحسان والعطف والرعاية، ومعرفة بعضهم أحوال بعض، فيقومون بعيادة المرضى والتخفيف عنهم، وتشييع الموتى، وإغاثة الملهوفين. وفي صلاة الجماعة إظهار لشعيرة من شعائر الإسلام، بل من أعظم شعائره، وهي الصلاة وفيها إظهار عز المسلمين وترابطهم بدخولهم المساجد جميعاً ثم خروجهم جميعاً، فيكون ذلك سبباً في غيظ الأعداء من الكفار والمنافقين. (1)

- حكم صلاة الجماعة:

اتفق علماء الإسلام على أن إقامة الصلوات الخمس في المساجد هي من أعظم العبادات، وأجل القربات، ولكن تنازع العلماء بعد ذلك في كونها، واجبة على الأعيان، أو على الكفاية، أو سنة مؤكدة، فمنهم من قال: إنها فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، ومنهم من قال: إنها سنة مؤكدة، ومنهم من قال: إنها شرط لصحة الصلاة. والصحيح ما ذهب إليه القائلون بالوجوب، لقوة أدلتهم وصراحتها من القرآن والسنة النبوية وأقوال الصحابة.

- الأدلة على وجوب صلاة الجماعة:

1 - أمر الله تعالى حال الخوف بالصلاة جماعة:

قال تعالى{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102) فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 102، 103]

قال ابن المنذر رحمه الله: فَفِي أَمْرِ اللهِ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِي حَالِ الْخَوْفِ دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي حَالِ الْأَمْنِ أَوْجَبِ. (2)

قال ابن كثير رحمه الله: وَمَا أَحْسَنَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ ذَهَبَ إِلَى وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، حَيْثُ اغْتُفِرَتْ أَفْعَالٌ كَثِيرَةٌ لِأَجْلِ الْجَمَاعَةِ، فَلَوْلَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ لَمَا سَاغَ ذَلِكَ. (3)

2 - أمر الله - عز وجل - بالصلاة مع المصلين فقال: { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43]، فقد أمر الله - عز وجل - بالصلاة مع جماعة المصلين، والأمر يقتضي الوجوب.

قال ابن كثير رحمه الله: وَقَدِ اسْتَدَلَّ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ. (4)

3 - عاقب الله من لم يُجب المؤذن فيصلي مع الجماعة بأن حال بينهم وبين السجود يوم القيامة، قال عز وجل {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ }[القلم: 42- 43]

عَنْ ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ } [القلم: 43] قَالَ: الرَّجُلُ يَسْمَعُ الْأذَانَ فَلَا يُجِيبُ الصَّلَاةَ ". (5)

4 - أمر النبي صلى الله عليه وسلمبالصلاة مع الجماعة، فعَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا، قَالَ: ((ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ، وَصَلُّوا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ)). (6) فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بصلاة الجماعة، والأمر يقتضي الوجوب إلا لقرينة صارفة.

5 - همّ النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق البيوت على المتخلفين عن صلاة الجماعة:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ)). (7)

قال الحافظ رحمه الله: هذا الحديث ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَمْ يُهَدَّدْ تَارِكُهَا بِالتَّحْرِيقِ وَلَوْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ لَكَانَتْ قَائِمَةً بِالرَّسُولِ وَمَنْ مَعَهُ. . . . وَإِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ ذَهَبَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّةِ كَأَبِي ثَوْر وابن خُزَيْمَة وابن الْمُنْذر وابن حِبَّانَ. (8)

6 - لم يرخّص النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى بعيد الدار في التخلف عن الجماعة:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ أَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ، فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقَالَ: ((هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟ )) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ((فَأَجِبْ)). (9)

وفي لفظٍ: عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ شَاسِعُ الدَّارِ، وَلِي قَائِدٌ لَا يُلَائِمُنِي فَهَلْ لِي رُخْصَةٌ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي؟ قَالَ: ((هَلْ تَسْمَعُ

النِّدَاءَ))، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ((لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً)). (10)

وفي لفظ ٍ: عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ رضي الله عنه، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْمَدِينَةَ كَثِيرَةُ الْهَوَامِّ وَالسِّبَاعِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ((أَتَسْمَعُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ؟ فَحَيَّ هَلًا)) وَلَمْ يُرَخَّصْ لَهُ.(11)

قال شيخ الإسلام رحمه الله: وَهَذَا نَصٌّ فِي الْإِيجَابِ لِلْجَمَاعَةِ مَعَ كَوْنِ الرَّجُلِ مُؤْمِنًا. (12)

قَالَ ابن المنذر رحمه الله: فَإِذَا كَانَ الْأَعْمَى كَذَلِكَ، لَا رُخْصَةَ لَهُ، فَالْبَصِيرُ أَوْلَى بِأَنْ لَا تَكُونَ لَهُ رُخْصَةٌ. (13)

7 - بيَّن النبيصلى الله عليه وسلم أن من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له:

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: ((مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ، إِلَّا مِنْ عُذْرٍ)).(14)

معنى لا صلاة له: أي لا صلاة كاملة بل ناقصة، والجمهور على الإجزاء.

قال ابن رجب رحمه الله: وأكثرهم عَلَى أَنَّهُ لَوْ ترك الجماعة لغير عذرٍ وصلى منفرداً أَنَّهُ لا يجب عَلِيهِ الإعادة، ونص عَلِيهِ الإمام أحمد. (15)

8 - تركُ صلاة الجماعة من علامات المنافقين ومن أسباب الضلال:

عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلمسُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مَنْ سُنَنَ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ. (16)

قال شيخ الإسلام رحمه الله: فَقَدْ أَخْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِقْرَارِ وُجُوبِهَا عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يَعْلَمُوا ذَلِكَ إلَّا مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمإذْ لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُمْ مُسْتَحَبَّةً كَقِيَامِ اللَّيْلِ وَالتَّطَوُّعَاتِ الَّتِي مَعَ الْفَرَائِضِ وَصَلَاةِ الضُّحَى وَنَحْوِ ذَلِكَ. كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَفْعَلُهَا وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَفْعَلُهَا مَعَ إيمَانِهِ كَمَا {قَالَ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ: وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ. فَقَالَ: أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ} وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ كَانَ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ إلَّا مُنَافِقٌ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْأَعْيَانِ كَخُرُوجِهِمْ إلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ.(17)

قال ابن القيم رحمه الله: جعل التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم نفاقهم؛ وعلامات النفاق لا تكون بترك مستحب ولا بفعل مكروه؛ ومن استقرأ علامات النفاق في السنة وجدها إما ترك فريضة أو فعل محرم، وقد أكد هذا المعنى بقوله: من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن. (18)

9 - تارك صلاة الجماعة متوعد بالختم على قلبه

فعن ابْن عَبَّاسٍ، وَابْن عُمَرَ رضي الله عنهماأَنَّهُمَا سَمِعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلميَقُولُ: عَلَى أَعْوَادِهِ ((لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجَمَاعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ)). (19)

10 - استحواذ الشيطان على قوم لا تقام فيهم الجماعة

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلميَقُولُ: ((مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ)) قَالَ زَائِدَةُ: قَالَ السَّائِبُ: يَعْنِي بِالْجَمَاعَةِ: الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ. (20)

قال ابن القيم رحمه الله: فقد أخبر صلى الله عليه وسلم باستحواذ الشيطان عليهم بترك الجماعة التي شعارها الأذان وإقامة الصلاة، ولو كانت الجماعة ندبا يخير الرجل بين فعلها وتركها لما استحوذ الشيطان على تاركها وتارك شعارها. (21)

- الأدلة على وجوب صلاة الجماعة من أقوال العلماء:

عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ. فَقِيلَ لِعَلِيٍّ: وَمَنْ جَارُ الْمَسْجِدِ؟ ، قَالَ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ.

وقَال ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: كُنَّا مَنْ فَقَدْنَاهُ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَالْفَجْرِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ.

 وَقَال عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا، وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومٌ نِفَاقُهُ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ تَمْتَلِئَ أُذُنَا ابْنِ آدَمَ رَصَاصًا عَذَابًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ الْمُنَادِيَ، ثُمَّ لَا يُجِيبَهُ.

وَكَانَ عَطَاءٌ رحمه اللهيَقُولُ: لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ فِي الْحَضَرِ، وَالْقَرْيَةِ رُخْصَةٌ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ فِي أَنْ يَدَعَ الصَّلَاةَ.

وعَنِ الْحَسَنِ البصري رحمه الله: فِي رَجُلٍ تَنْهَاهُ أُمُّهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهَا هَذِهِ فَرِيضَةٌ. (22)

 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا طَاعَةَ لِلْوَالِدَيْنِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَاتِ، سَمِعَ النِّدَاءَ، أَوْ لَمْ يَسْمَعْ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أُرَخِّصُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الْجَمَاعَةِ فِي تَرْكِ إِتْيَانِهَا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ. (23)

وبوَّبَ البخاري رحمه الله: بَابُ وُجُوبِ صَلاَةِ الجَمَاعَةِ، وَقَالَ الحَسَنُ: إِنْ مَنَعَتْهُ أُمُّهُ عَنِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ شَفَقَةً لَمْ يُطِعْهَا.

قال الحافظ رحمه اللهفي الفتح: هَكَذَا بَتَّ {أي البخاري } الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَأَنَّ ذَلِكَ لِقُوَّةِ دَلِيلِهَا عِنْدَهُ. . . والْأَثَرُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنِ الْحَسَنِ يُشْعِرُ بِكَوْنِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ وُجُوبُ عَيْنٍ لِمَا عُرِفَ مِنْ عَادِتِهِ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ الْآثَارَ فِي التَّرَاجِمِ لِتَوْضِيحِهَا وَتَكْمِيلِهَا وَتَعْيِينِ أَحَدِ الِاحْتِمَالَاتِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ. (24)

وَقَالَ إِسْحَاق بْن راهويه رحمه الله: صلاة الجماعة فريضة. وَقَالَ الإمام أحمد فِي صلاة الجماعة: هِيَ فريضة. (25)

قال ابن القيم رحمه الله: فهذه نصوص الصحابة كما تراها صحةً وشهرةً وانتشاراً، ولم يجيء عن صحابي واحدٍ خلافُ ذلك، وكلٌّ من هذه الآثار دليلٌ مستقلٌ في المسألة لو كان وحده، فكيف إذا تعاضدت وتضافرت؟. (26)

- فوائد صلاة الجماعة:

صلاة الجماعة فيها فوائد كثيرة، ومصالح عظيمة، ومنافع متعددة شرعت من أجلها، وهذا يدل على أن الحكمة تقتضي أن صلاة الجماعة فرض عين، ومن هذه الفوائد والحكم التي شرعت من أجلها ما يأتي:

- فِي الصَّلَاة تدريبٌ للْمُسلمِ على النظام وتعويدٌ لَهُ على الطَّاعَة، وَيظْهر هَذَا وَاضحا فِي صَلَاة الْجَمَاعَة إِذْ يقف الْمُسلمُونَ فِي صُفُوف مُسْتَقِيمَة متلاصقة فَلَا عوج وَلَا فرج، الْمنْكب إِلَى الْمنْكب، والقدم إِلَى الْقدَم، فَإِذا كبّر الإِمَام كبّروا، وَإِذا قَرَأَ أَنْصتُوا، وَإِذا ركع ركَعُوا، وَإِذا سجد سجدوا، وَإِذا سلم سلمُوا، ومن خرج على هذا النظام فكأنما خرج على الإنسانية وانحط إلى مستوى الحيوان، فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمقَالَ: (( أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ، أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ)). (27)

- إظهار شعيرة من أعظم شعائر الإسلام؛ لأن الناس لو صلُّوا كلهم في بيوتهم ما عرف أن هنالك صلاة.

- إظهار عزّ المسلمين، وذلك إذا دخلوا المساجد ثم خرجوا جميعاً بأعدادٍ كبيرةٍ، وهذا فيه إغاظة لأهل النفاق والكافرين، وفيه البعد عن التشبه بهم والبعد عن سبيلهم.

- في صلاةِ الجماعةِ مظهرٌ من مظاهرِ المساواةِ الرائعةِ إذ يقف الأمير إلى جانب الفقير والغني في جوار المسكين، والسيد في محاذاة الخادم، فليس في المسجد لائحة تخصص الصف الأول للوزراء والصف الثاني للنواب، والصف الثالث للمدير وإنما الجميع سواسية كأسنان المشط فمن بكَّر في الذهاب إلى المسجد احتل مكانه في مقدمته أيّاً كانت منزلته وأيّاً كان عمله في الناس.

- في صلاة الجماعة دعمٌ لعاطفة الأخوة وتقويةٌ لروابط المحبة وإظهار للقوة، فبالاجتماع تذهب الضغائن وتزول الأحقاد، وتتآلف القلوب وتتحد الكلمة.

- في صلاة الجماعة تظهر عظمةُ ملكِ الملوك وربِّ الأرباب، ويعم الخير وتنتشر الرحمة لأن المسلمين إذا اجتمعوا في صعيد واحد وراء إمام واحد إلى قبلة واحدة يعبدون ربّاً واحدا خاشعين خاضعين خائفين عذابه طامعين في فضله غشيتهم رحمته وعمهم إحسانه {وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.(28)

- تفقد أحوال الفقراء، والمرضى، والمتهاونين بالصلاة؛ فإن الناس إذا رأوا الإنسان يلبس ثياباً بالية وتبدو عليه علامات الجوع رحموه، وأحسنوا إليه، وإذا تخلف بعضهم عن الجماعة عرفوا أنه كان مريضاً، أو عاصياً فينصحوه، فيحصل التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

- التعارف؛ لأن الناس إذا صلى بعضهم مع بعض حصل التعارف، وقد يحصل من التعارف معرفة بعض الأقرباء، فتحصل صلته بقدر قرابته، وقد يعرف الغريبعن بلده فيقوم الناس بحقه.

- اجتماع المسلمين في المسجد راغبين فيما عند الله من أسباب نزول البركات.

- يزيد نشاط المسلم فيزيد عمله عندما يشاهد أهل النشاط في العبادة، وهذا فيه فائدة عظيمة.

- الدعوة إلى الله - عز وجل - بالقول والعمل.

- اجتماع المسلمين في أوقات معينة يربيهم على المحافظة على الأوقات.

-فضل صلاة الجماعة:

الصلاة مع الجماعة لها فضائل كثيرة، منها ما يأتي:

- هي شعار أهل الإيمان:

قال تعالى{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ } [التوبة: 18]

وقال سبحانه{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ } [النور: 36 - 37]

- مضاعفة أجر الصلاة في جماعة عن صلاة المنفرد:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً)). (29)

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً)). (30)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا)). (31)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (( صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ، بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً)). (32)

قال النووي رحمه الله: وَالْجَمْعُ بَيْنَ الروايات مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

1- أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا فَذِكْرُ الْقَلِيلِ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ وَمَفْهُومُ الْعَدَدِ بَاطِلٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ.

2- وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِالْقَلِيلِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِزِيَادَةِ الْفَضْلِ فَأَخْبَرَ بِهَا.

3-الثَّالِثُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ وَالصَّلَاةُ فَيَكُونُ لِبَعْضِهِمْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَلِبَعْضِهِمْ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ بحسب كمال الصلاة ومحافظته على هيآتها وَخُشُوعِهَا وَكَثْرَةِ جَمَاعَتِهَا وَفَضْلِهِمْ وَشَرَفِ الْبُقْعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذِهِ هِيَ الْأَجْوِبَةُ الْمُعْتَمَدَةُ. (33)

- يزيد الأجر في الصلاة كلما زاد عدد المصلين:

عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((صَلَاةَ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى)). (34)

-صلاة الجماعة عصمة من شياطين الإنس والجن:

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلميَقُولُ: ((مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ)) قَالَ زَائِدَةُ: قَالَ السَّائِبُ: يَعْنِي بِالْجَمَاعَةِ: الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ. (35)

- يغفر الله بها الذنوب فيما بينها وبين الصلاة التي تليها:

عن عُثْمَانَ بْن عَفَّانَ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلميَقُولُ: (( لاَ يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ فَيُصَلِّي صَلاَةً إِلاَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاَةِ الَّتِي تَلِيهَا)). (36)

- تكفر ما قبلها من الذنوب:

 عن عُثْمَانَ بن عفان رضي الله عنه، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلميَقُولُ: ((مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ)). (37)

- تُصلِّي الملائكة على صاحبها ما دام في مُصلاّه، وهو في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((لاَ يَزَالُ العَبْدُ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَ فِي المَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ مَا لَمْ يُحْدِثْ)). (38)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمقَالَ: (( المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، لاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، لاَ يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلاَةُ )). (39)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلَاةِ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ هِيَ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، يَقُولُونَ: اللهُمَّ ارْحَمْهُ، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ)). (40)

- انتظارها رباط في سبيل الله:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلمقَالَ: ((أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ )) قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: ((إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ)). (41)

 

 

- أجر من خرج إليها كأجر الحاج المحرم:

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ)). (42)

- إذا تطهر وخرج إليها فهو في صلاة حتى يرجع:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ، فَلَا تَقُولُوا هَكَذَا)) يَعْنِي: يُشَبِّكُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. (43)

- هي رفعة للدرجات:

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (( مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مَنْ بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً)). (44)

وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: حَضَرَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ الْمَوْتُ، فَقَالَ: إِنِّي مُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا مَا أُحَدِّثُكُمُوهُ إِلَّا احْتِسَابًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمَهُ الْيُمْنَى إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ حَسَنَةً، وَلَمْ يَضَعْ قَدَمَهُ الْيُسْرَى إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ سَيِّئَةً فَلْيُقَرِّبْ أَحَدُكُمْ أَوْ لِيُبَعِّدْ فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ غُفِرَ لَهُ)). (45)

 

- تُعدُّ الضيافة في الجنة بها كلما غدا إليها المسلم أو راح:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ)). (46)

- هي نورٌ لصاحبها في الدنيا والأخرة:

عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (( وَالصَّلَاةُ نُورٌ)). (47)

وعَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلمقَالَ: ((بَشِّرِ المَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى المَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ القِيَامَةِ)). (48)

- براءة من النفاق وبراءة من النار لمن حافظ على الجماعة:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ)). (49)

قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: أَيْ: يُؤَمِّنُهُ فِي الدُّنْيَا أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَ الْمُنَافِقِ وَيُوَفِّقُهُ لِعِلْمِ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ، وَفِي الْآخِرَةِ يُؤَمِّنُهُ مِمَّا يُعَذَّبُ بِهِ الْمُنَافِقُ وَيَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافِقٍ يَعْنِي: بِأَنَّ الْمُنَافِقِينَ إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى، وَحَالُ هَذَا بِخِلَافِهِمْ. (50)

5 - من صلى الصبح في جماعة فهو في حفظ الله وأمانه حتى يمسي:

عن جُنْدَب بْن عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ{ فِي جَمَاعَةٍ } فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ)). (51)

قال ابن الجوزي رحمه الله: معنى الحَدِيث: أَن من صلى الْفجْر فقد أَخذ من الله ذماما فَلَا يَنْبَغِي لأحد أَن يُؤْذِيه بظُلْم، فَمن ظلمه فَإِن الله يُطَالِبهُ بِذِمَّتِهِ. (52)

وقال الهروي رحمه الله: وَالْمَعْنَى: لَا تَتَعَرَّضُوا لَهُ بِشَيْءٍ وَلَوْ يَسِيرًا، فَإِنَّكُمْ إِنْ تَعَرَّضْتُمْ لَهُ يُدْرِكْكُمُ اللَّهُ وَيُحِيطُ بِكُمْ وَيَكُبُّكُمْ فِي النَّارِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَإِنَّمَا خَصَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ لِمَا فِيهَا مِنَ الْكُلْفَةِ وَأَدَاؤُهَا مَظِنَّةُ خُلُوصِ الرَّجُلِ وَمُتْنَةُ إِيمَانِهِ أَيْ عَلَامَتُهُ، وَمَنْ كَانَ خَالِصًا كَانَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ. (53)

- عظم ثواب صلاة العشاء والصبح في جماعة:

فعن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي عَمْرَةَ، قَالَ: دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه، الْمَسْجِدَ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَقَعَدَ وَحْدَهُ، فَقَعَدْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ، يَا ابْنَ أَخِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: ((مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ)). (54)

- بعض الأعذار التي تبيح ترك الجماعة:

1- الخوف أو المرض:

فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ، إِلَّا مِنْ عُذْرٍ)). (55)

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِىَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنِ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلاَةُ الَّتِى صَلَّى )). قَالُوا: وَمَا الْعُذْرُ؟ قَالَ: (( خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ )).(56)

قَالَ أَبُو بَكْرٍ ابن المنذر رحمه الله: مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَخَلَّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَلَا اخْتِلَافَ أَعْلَمُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ مِنْ أَجْلِ الْمَرَضِ. (57)

- المطر الشديد:

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: " إِذَا قُلْتَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَلَا تَقُلْ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ "، قَالَ: فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ، فَقَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا، قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ. (58)

- الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة:

عن ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّه، أَذَّنَ بِالصَّلاَةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمكَانَ يَأْمُرُ المُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ بَرْدٍ وَمَطَرٍ، يَقُولُ: ((أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ)). (59)

- حضور الطعام ونفسه تتوق إليه:

عن عَائِشَةَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمأَنَّهُ قَالَ: ((إِذَا وُضِعَ العَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَابْدَءُوا بِالعَشَاءِ)). (60)

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَابْدَءُوا بِالعَشَاءِ وَلاَ يَعْجَلْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ)) وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: ((يُوضَعُ لَهُ الطَّعَامُ، وَتُقَامُ الصَّلاَةُ، فَلاَ يَأْتِيهَا حَتَّى يَفْرُغَ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإِمَامِ)). (61)

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ عَلَى الطَّعَامِ، فَلاَ يَعْجَلْ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ، وَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ)). (62)

-مدافعة الأخبثين [البول والغائط]

عنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلميَقُولُ: ((لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ)). (63)

وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: مِنْ فِقْهِ المَرْءِ إِقْبَالُهُ عَلَى حَاجَتِهِ حَتَّى يُقْبِلَ عَلَى صَلاَتِهِ وَقَلْبُهُ فَارِغٌ. (64)

- يكون له قريب يخاف موته ولا يحضره:

عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ذُكِرَ لَهُ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه، وَكَانَ بَدْرِيًّا، مَرِضَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ تَعَالَى النَّهَارُ، وَاقْتَرَبَتِ الجُمُعَةُ، وَتَرَكَ الجُمُعَةَ. (65)

أحكام تتعلق بصلاة الجماعة:

- لا يجوز للإنسان أن يؤم في مسجد له إمام راتب، إلا بإذن الإمام

 عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ)). (66)لما يؤدي ذلك إلى إشاعة الفوضى والتنازع والفرقة، والإساءة إلى الإمام الراتب والتنفير عنه. ولكن يبقى حكم صلاة من صلى بدون إذن الإمام، وفي ذلك قولان لأهل العلم:

الأول: أنهم آثمون ولا تصح صلاتهم وعليهم إعادتها. والثاني: صحة الصلاة مع الإثم وهذا هو الصواب.

لأن تحريم الإمامة في مسجد له إمام راتب بلا إذنه، لا يستلزم عدم صحة الصلاة لأن هذا التحريم يعود إلى معنى خارج عن الصلاة، يعود إلى الافتيات على الإمام، والتقدم على حقه، فلا ينبغي أن تبطل الصلاة، لأنها وقعت في جماعة وعلى الوجه المشروع، فالأصل الصحة لكن مع التحريم.

- يسن لمن صلى المفروضة، ثم حضر مسجد جماعة أن يصلي مع الجماعة، وتكون الأولى في حقه هي الفريضة، والثانية نافلة:

 لحديث جَابِر بْن يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، أنه قال للرجلين اللذين اعتزلا الصلاة معه لأنهما صليا في رحالهما(( إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ)). (67)

ولحديث أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ )) قَالَ: قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: ((صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ، فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ)). (68)

ولا يستثنى من ذلك صلاة دون صلاة، ولا يسن قصد المساجد للإعادة، لأن هذا ليس من عادة السلف، ولو كان من أمور الخير لسبقنا إليه الصحابة رضوان الله عليهم. وهكذا يحرص الإسلام على وحدة المسلمين في المظهر والمخبر، لما في ذلك من الخير والفضل.

- إذا شرع المؤذن في إقامة الصلاة، فلا يجوز الشروع في نفل مطلقاً

لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: ((إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ)). (69)

والحكمة من ذلك، هو أن لا يتشاغل الإنسان بنافلة يقيمها وحده والناس في فريضة، يؤدونها جماعة.

والحمد لله رب العالمين

---

(1) وصف مفصل للصلاة بمقدماتها، للطيار(ص: 390)

(2) الأوسط لابن المنذر (4/ 149)

(3) تفسير ابن كثير (2/ 400)

(4) تفسير ابن كثير (1/ 246)

(5) شعب الإيمان (4/ 367)

(6) رواه البخاري (628)

(7) رواه البخاري (657) ومسلم (651) واللفظ له

(8) فتح الباري لابن حجر (2/ 126)

(9) رواه مسلم (653)

(10) رواه أبو داود (552) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ص: 2)

(11) رواه أبو داود (553) والنسائي (926) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3/ 73)

(12) مجموع الفتاوى (23/ 232)

(13) الأوسط لابن المنذر (4/ 148)

(14) رواه ابن ماجه (793) والدارقطني (2/ 293) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 1080)

(15) فتح الباري لابن رجب (5/ 450)

(16) رواه مسلم (654)

(17) مجموع الفتاوى (23/ 230)

(18) الصلاة وأحكام تاركها (ص: 106)

(19) رواه ابن ماجة (794) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة (2/ 366)

(20) رواه أبو داود (547) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2/ 994)

(21) الصلاة وأحكام تاركها (ص: 110)

(22) فتح الباري لابن حجر (2/ 125)

(23) الأوسط لابن المنذر (4/150- 153)

(24) فتح الباري لابن حجر (2/ 125)

(25) فتح الباري لابن رجب (5/ 446)

(26) الصلاة وأحكام تاركها (ص: 111)

(27) رواه البخاري (691) ومسلم (427)

(28) العبادات في الإسلام وأثرها في إصلاح المجتمع (ص: 91)

(29) رواه البخاري (645) ومسلم (650)

(30) رواه البخاري (646)

(31) رواه مسلم(649)

(32) رواه البخاري (2119) ومسلم (649) واللفظ له

(33) شرح النووي على مسلم (5/ 151)

(34) رواه أبو داود (554) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1/ 446)

(35) رواه أبو داود (547) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2/ 994)

(36) رواه البخاري (160) ومسلم (227) واللفظ له

(37) رواه مسلم (228)

(38) رواه البخاري (176) ومسلم (649)

(39) رواه البخاري (659) ومسلم (649)

(40) رواه مسلم (649)

(41) رواه مسلم (251)

(42) رواه أبو داود (558) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2/ 1070)

(43) رواه الدارمي (1446) والحاكم (1/ 206) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 139)

(44) رواه مسلم (282)

(45) رواه أبو داود (563) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 138)

(46) رواه البخاري (662) ومسلم (669)

(47) رواه مسلم (223)

(48) رواه الترمذي (223) وصححه الألباني لغيره في صحيح الجامع (1/ 545)

(49) رواه الترمذي (241) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2/ 1089)

(50) مرقاة المفاتيح (3/ 880)

(51) رواه مسلم (657) وزيادة{ فِي جَمَاعَةٍ } أخرجها أبو نعيم في المستخرج (2/ 252)

(52) كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/ 49)

(53) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 542)

(54) رواه مسلم (656)

(55) رواه ابن ماجه (793) والدارقطني (2/ 293) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 1080)

(56) رواه البيهقي (3/ 75)

(57) الأوسط (4/ 139)

(58) رواه البخاري (901) ومسلم (699)

(59) رواه البخاري (666) ومسلم (697)

(60) رواه البخاري (671) ورواه مسلم (557) من حديث أنس رضي الله عنه.

(61) رواه البخاري (673) ومسلم (559)

(62) رواه البخاري (674)

(63) رواه مسلم (560)

(64) رواه البخاري(1/ 135)

(65) رواه البخاري (3990)

(66) رواه مسلم (673)

(67) رواه الترمذي (219) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 176)

(68) رواه مسلم (648)

(69) رواه مسلم (710)

عدد المشاهدات 10357