عناصر الخطبة:
فضل العلم والعلماء في القرآن والسنة
أسباب الخوض في أعراض العلماء
الآثار المترتبة على الوقيعة في العلماء
واجبنا نحو العلماء والدعاة
وإليكم التفصيل
فضل العلم والعلماء في القرآن والسنة:
أولًا: في القرآن
قال الله تعالى : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }([1]).
ويقول - سبحانه -: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }([2]).
ويقول الله - جل وعلا - : {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.([3])
ثانيا: في السنة
وعن معاوية بن أبى سفيان أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين)([4])
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»([5])
وروى أبو الدرداء رضي الله عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: ( فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة البدر. العلماء هم ورثة الأنبياء . إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به ؛ فقد أخذ بحظ وافر )([6]).
قال الحسن: كانوا يقولون : موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار .
وقال سفيان الثوري: لو أن فقيها على رأس جبل ؛ لكان هو الجماعة .
وحول هذه المعاني يقول الشاعر :
الناس من جهة التمثال أكفاء ....................... أبوهمُ آدم والأم حواء
فإن يكن لهم في أصلهم نسب ....................... يفاخرون به فالطين والماء
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهمُ .......................... على الهدى لم استهدى أذلاء
وقدر كل امرأ ما كان يحسنه ......................... والجاهلون لأهل العلم أعداء
ويقول- جل وعلا- : { ومن يعظم شعائر الله فإنها من تَقْوَى القلوب }.([7])
والشعيرة- كما قال العلماء - : كلُّ ما أذِنَ اللهُ وأشعَرَ بفضله وتعظيمه. العلماء - بلا ريب - يدخلون دخولاً أولياً فيما أذِن اللهُ وأشعر الله بفضله وتعظيمه ، بدلالة النصوص الكريمة السالفة الإِيراد
إذن ، فالنيل من العلماء وإيذاؤهم يُعدُّ إعراضاً أو تقصيراً في تعظيم شعيرة من شعائر الله
وما أبلغ قول بعض العلماء : أعراض العلماء على حفرة من حفر جهنم .
وإن مما يدل على خطورة إيذاء مصابيح الأمة ( العلماء )
ما ذكره أبوهريرة - رضي الله عنه- قال قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :"إن الله قال من "عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته".([8])
وقال- سبحانه -{ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً }([9]).
وعن أبي هريرة قال قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- * لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.([10])
وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "لما عرج بي ربي عز و جل مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم".([11])
فكيف بالذي يقع في أعراض العلماء؟ ! أنه انتهاك بشع.
ولابن القيم - رحمه الله- كلام نفيس في هذا المعنى ، خليقٌ أن يكتب بماء العيون ؛ لأنه ينطبق بدقة على حال كثير من طلاب العلم ، يقول : ( وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات ولا يبالي ما يقول ).
ورحم الله ابن عساكر حين قال : ( أعلم يا أخي - وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلني وإيّاك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته - أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ، بلاه الله قبل موته بموت القلب ).
أسباب الخوض في أعراض العلماء
1- الغَيرَة والغِيرة :أما الغَيرَة -بالفتح - فهي محمودة ، وهي أن يغار المرء وينفعل من أجل دين الله، وحرمات الله - جل وعلا- لكنها قد تجر صاحبها - إن لم يتحرز- شيئا فشيئاً حتى يقع في لحوم العلماء من حيث لا يشعر .
وأما الغِيرَة - بالكسر- فهي مذمومة وهي قرينة الحسد، والمقصود بها هو : كلام العلماء بعضهم في بعض من ( الأقران ) .
قال الذهبي:كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به،لاسيما إذا كان لحسدٍ أو مذهب أو هوى.
2- الحسد :والحسد يُعْمي ويُصمّ ، ومنه التنافس للحصول على جاه أو مال، فقد يطغى بعض الأقران على بعض ، ويطعن بعضهم في بعض ؛ من أجل القرب من سلطان ، أو الحصول على جاه أو مال.
3- الهوى: إن بعض الذين يأكلون لحوم العلماء لم يتجردوا لله - تعالى -وإنما دفعهم الهوى، للوقوع في أعراض علماء الأمة . و اتباع الهوى لا يؤدي إلى خير قال تعالى : { ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله }([12])
وقال - سبحانه - :{ فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم }([13])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( صاحب الهوى يُعْميه الهوى ويُصمه ).
وكان السلف يقولون: ( احذروا من الناس صنفين، صاحب هوى قد فتنه هواه ، وصاحب دنيا أعمته دنياه ).
4- التقليد: لقد نعى الله - تعالى - على المشركين تقليدهم آباءهم على الضلال.
{ إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون }([14])
والتقليد ليس كلُّه مذموماً ، بل فيه تفصيل ذكره العلماء .
قال ابن مسعود: ألا لا يقلدنا أحدكم دينه رجلاً إن آمنَ آمن ، وإن كفرَ كفر ، فإنه لا أسوة في الشر.
وقال أبو حنيفة: لا يحلُّ لمن يُفتي من كُتُبي أن يُفتي حتى يعلم من أين قلتُ .
وقال الإمام أحمد: من قِلة علم الرجل أن يقلِّد دينه الرجال .
5- التعصب: أن الذين يتحدثون في العلماء - وبخاصة طلاب العلم والدعاة – تجد أن التعصب من أبرز أسباب ذلك . والباعث على التعصب هو الحزبية ، الحزبية لمذهب أو جماعة أو قبيلة أو بلد ، الحزبية الضيقة التي فرقت المسلمين شيعاً.
حتى صدق على بعضهم قول الشاعر :
وهل أنا إلا من غُزية إن غوت ........... غويت وإن ترشد غزيةُ أرشد
6- التعالم: لقد كثر المتعالمون في عصرنا ، وأصبحت تجد شاباً حدَثًا يتصدر لنقد العلماء، ويتفرغ لتفنيد آرائهم وتقوية قوله ، وهذا أمر خطير ؛ فإن منْ أجهل الناس منْ يجهل قدر نفسه ، ويتعدى حدوده .
7- النفاق وكره الحق :قال الله تعالى عن المنافقين :{ في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا}([15])
إن العلمانيين الآن يتحدثون في علمائنا بكلام بذيء ، يعفُّ القلم عن تسطيره ، مما يدُلّ على ما في قلوبهم من الدغل ، ومعاداة ورثة الأنبياء ؛ بما يحملونه من الحق .
الآثار المترتبة على الوقيعة في العلماء :
1- إن جرح العالم سبب في رد ما يقوله من الحق :
إن جرح العالم ليس جرحا شخصياً، كأي جرح في رجل عامّي ، ولكنه جرح بليغ الأثر ، يتعدى الحدود الشخصية ، إلى رد ما يحمله العالم من الحق .
ولذلك استغل المشركون من قريش هذا الأمر ، فلم يطعنوا في الإسلام أولاً ، بل طعنوا في شخص الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ؛ لأنهم يعلمون - يقيناً - أنهم إذا استطاعوا أن يشوهوا صورة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أذهان الناس ؛ فلن يقبلوا ما يقوله من الحق، فقالوا : إنه ساحر، كاهن ، مجنون ولكن باء سعيهم بالخسران .
2- إن جرح العالم جرح للعلم الذي معه وهو ميراث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ؛ إذ العلماء ورثةُ الأنبياء، فجرح العالم جرحٌ للنبي عليه الصلاة والسلام ، وهذا هو معنى قول ابن عباس : أن من آذى فقيها فقد آذى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ومن آذى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد آذى الله - جل وعلا - .إذن فالذي يجرح العالم ؛ يجرح العلم الذي معه.
3- أن جرح العلماء سيؤدي إلى اجتناب طلاب العلم لعلماء الأمة، وحينئذ يسير الطلاب في طريقهم بدون معلمين ؛ فيتعرضون للأخطار والأخطاء ، ويقعون في الشطط والزلل ، وهذا ما نخشاه على شبابنا اليوم .
4- أن تجريح العلماء تقليل لهم في نظر العامة، وذهاب لهيبتهم ، وقيمتهم في صدورهم ، وهذا يسُرُّ أعداء الله ، ويفرحهم .
قال أبو سنان الأسدي : إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين يتعلم الوقيعة في الناس فمتى يفلح؟([16])
ورحم الله إبراهيم بن أدهم إذ يقول : "كنا إذا رأينا الشاب يتكلم مع المشايخ في المسجد أيسنا من كل خير عنده.
ولله در الإمام ابن جرير عندما يقول : "لو كان كل من ادعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ، ثبت عليه ما دعي به ، وسقطت عدالته ، وبطلت شهادته بذلك للزم ترك أكثر محدثي الأمصار ، لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه"
وقال الذهبي في ترجمة الإمام ابن خزيمة - رحمه الله - : " وَلَوْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ - مَعَ صِحَّةِ إِيْمَانِهِ، وَتَوَخِّيْهِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ - أَهْدَرْنَاهُ، وَبَدَّعنَاهُ، لَقَلَّ مَنْ يَسلَمُ مِنَ الأَئِمَّةِ مَعَنَا، رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ. "([17]).
واجبنا نحو العلماء والدعاة
1- توقيرهم وإجلالهم والتواضع لهم وإنزالهم المنزلة التي تليق بهم
وانظر كيف كان السلف يوقرون علماءهم:
• قال الشعبي: أخذ ابن عباس بركاب زيد بن ثابت، وقال: هكذا يصنع بالعلماء.
• وقال الربيع المرادي تلميذ الشافعي: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر هيبة له.
• وقال الشافعي: إذا رأيتَ رجلاً من أصحاب الحديث فكأنما رأيتَ رجلاً من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
• وقال الفضيل بن عياض: ارحموا عزيز قوم ذلَّ، وغني قوم افتقر، وعالماً بين جهال.
• وأخذ أحمد بركاب الشافعي ومشى راجلاً مودعاً له.
وقال طاووس بن كيسان : من السُّنة أن يُوقر العالمُ .
وقال عطاء بن أبي رباح : إن الرجل ليحدثني بالحديث، فأنُصت له كأني لم أسمعه أبداً . وقد سمعته قبل أن يولد .
وقال الشافعي: ( ما ناظرت أحداً قط إلا وتمنيت أن يجري الله الحق على لسانه).
وذكر أحد العلماء عند الإمام أحمد بن حنبل - وكان متكئاً من علة - فاستوى جالساً وقال لا ينبغي أن يذكر الصالحون فنتكئ .
2- أن نعلم أنه لا معصوم إلا من عصم الله ، وهم الأنبياء والملائكة.
وعلى ذلك فيجب أن ندرك أن العالم معرضٌ للخطأ ، فنعذره حين يجتهد فيخطئ ، ولا نذهب نتلمس أخطاء العلماء ونحصيها عليهم.
ولقد كان سلف الأمة - رحمهم الله - يستحضرون هذا الأمر ، ويفقهونه حقَّ الفقه .
قال الإمام سفيان الثوري: ليس يكاد يثْبُتُ من الغلط أحد .
وقال الإمام أحمد: ومن يعرى من الخطأ والتصحيف !!.
وقال الترمذي: ( لم يسلم من الخطأ والغلط كبيرُ أحدٍ من الأئمة مع حفظهم ).
وقال ابن حبان : ( وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت صحة عدالته بأوهام يهم في روايته، ولو سلكنا هذا المسلك تُرك حديث الزهري، وابن جُريج، والثوري ، وشعبة ، لأنهم أهل حفظ وإتقان، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في رواياتهم ).
3- أن ندرك أن الخلاف موجود منذ عهد الصحابة وإلى أن تقوم الساعة :
لا يكاد يختلف اثنان ممن يعملون الآن للإسلام أن العقبة الكئود التي تقف في طريق الدعوة، والتشرذم، والتهارج، فالخلاف شر وعذاب قال تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا }([18]) فالفشل قرين التنازع، { وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } فالتنازع يبدد القوى، التنازع يبدد الجهود ولو كانت جبارة.
{ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ }([19])
قال ابن عباس : تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف، وتسود وجوه أهل البدعة والاختلاف.
وقال الله تعالى: { وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}([20]) الخلاف شر.
4- أن نفوت الفرصة على الأعداء، و ننتبه إلى مقاصدهم وأغراضهم، وأن ندافع عن علمائنا، لا أن نكون من وسائل تمرير مخططات الأعداء من حيث لا يشعرون.
5-أن نحمل أقوال علمائنا على المحمل الحسن، و ألا نسيء الظن فيهم ، وإن لم نأخذ بأقوالهم.
ولقد كان الإمام الشافعي - رحمه الله - يقول: ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) ونُقل ذلك عن غير واحد من الأئمة ؛ فقد كانوا يُدركون أنه ليس أحد متعبداً بقول عالم ، فقد يكون قوله مخالفاً للدليل ، لأنه لم يبلغه - مثلاً - لكن تبقى حرمة العالم مصونةً من الطعن والوقيعة .
قال الحسن البصرى رحمه الله :لا تحملن كلمة لأخيك على الشر وأنت تجد لها في الخير محملا.
6- الانشغال بإصلاح النفس وتزكيتها بدلا من الخوض والتفكه بأعراض المسلمين عامة والعلماء خاصة.
7-التثبت من صحة ما ينسب إلى العلماء وما يشاع عنهم.
فقد تشاع عن العلماء أقوال ؛ لأغراض لا تخفي . فيجب التأكيد مما يُنقل عن العلماء ،فقد يكون غير صحيح ، ولا أساس له
8-الإنصاف والعدل والإخلاص والتجرد من الأهواء
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أهل السنة أعدل مع المبتدعة من المبتدعة بعضهم مع بعض .
وهذا يقتضي أمورًا منها:
1-عدم التجاوز في بيان الخطأ الذي وقع فيه العالم
2- سلوك المنهج العلمي في بيان الحق.
إن على منْ يتصدى لبيان الحق في مسألة أخطأ فيها أحد العلماء ، أن يسلك المنهج الدقيق المنصف الذي رسمهُ رجال الحديث - رحمهم الله – فإن هذا المنهج من أعدل المناهج في بيان الأخطاء وتجرد عن الهوى، أخلص في النصيحة، ولتكن بأدب وبحكمة وبرحمة
ورحم الله من قال:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ....................... لكن عين السخط تبدي المساويا
9- ثم لتعلم أننا لا ندعو إلى تقديس الأشخاص ، أو التغاضي عن الأخطاء ، أو السكوت عن الحق. بل ندعو إلى المنهج الصحيح في بيان الحق، بدون انتهاك لأعراض العلماء. فلا إفراط ولا تفريط ، ولا غلو ولا جفاء.
10- اعلم أن من أساء الأدب مع العلماء فسيلقى جزاءه عاجلاً أو آجلاً.
ويقول الحافظ ابن رجب: ( والواقع يشهد بذلك، فإن من سبر أخبار الناس ، وتواريخ العالم ؛ وقف على أخبار من مكر بأخيه ، فعاد مكره عليه، وكان ذلك سببا لنجاته وسلامته ) .