الجهمية
نشأة الجهمية :
الْجَهْمِيَّةُ:
هُمُ أتباعُ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ، الَّذِي أَظْهَرَ نَفْيَ الصِّفَاتِ(أي صفات
الله) وَقَد أَخَذَ جَهْمُ بْنِ صَفْوَانَ ذَلِكَ عَنِ الْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، الَّذِي
ضَحَّى بِهِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ(أميرُ العراق) بِوَاسِطَ(مدينة)،
فَإِنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فِي يَوْمِ عِيدِ الْأَضْحَى، وَقَالَ: أَيُّهَا
النَّاسُ، ضَحُّوا تَقَبَّلَ اللَّهُ ضَحَايَاكُمْ، فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالْجَعْدِ
بْنِ دِرْهَمٍ، إِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيمَ
خَلِيلًا وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ
الْجَعْدُ عُلُوًّا كَبِيرًا! ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ، في عَامِ 118 هـ. وَكَانَ
ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِفْتَاءِ عُلَمَاءِ زَمَانِهِ، وَهُمُ السَّلَفُ الصَّالِحُ
رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.وَكَانَ جَهْمُ بَعْدَهُ بِخُرَاسَانَ، فَأَظْهَرَ
مَقَالَتَهُ هُنَاكَ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهَا نَاسٌ، بَعْدَ أَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ
أَرْبَعِينَ يَوْمًا شَكًّا فِي رَبِّهِ! وَكَانَ ذَلِكَ لِمُنَاظَرَتِهِ قَوْمًا
مِنَ الْمُشْرِكِينَ، يُقَالُ لَهُمُ السُّمَنِيَّةُ، مِنْ فَلَاسِفَةِ الْهِنْدِ،
الَّذِينَ يُنْكِرُونَ مِنَ الْعِلْمِ مَا سِوَى الْحِسِّيَّاتِ، قَالُوا لَهُ:
هَذَا رَبُّكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ، هَلْ يُرَى أَوْ يُشَمُّ أَوْ يُذَاقُ أَوْ
يُلْمَسُ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالُوا: هُوَ مَعْدُومٌ! ! فَبَقِيَ أَرْبَعِينَ
يَوْمًا لَا يَعْبُدُ شَيْئًا، ثُمَّ لَمَّا خَلَا قَلْبُهُ مِنْ مَعْبُودٍ
يَأْلَهُهُ، نَقَشَ الشَّيْطَانُ اعْتِقَادًا نَحَتَهُ فِكْرُهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ
الْوُجُودُ الْمُطْلَقُ! ! وَنَفَى جَمِيعَ الصِّفَاتِ، وَاتَّصَلَ
بِالْجَعْدِ.وَقِيلَ: إِنَّ الْجَعْدَ كَانَ قَدِ اتَّصَلَ بِالصَّابِئَةِ(الذين
خرجوا مِن دِين أهل الكتاب) الْفَلَاسِفَةِ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ(مدينة بالعراق)، وَأَنَّهُ
أَيْضًا أَخَذَ شَيْئًا عَنْ بَعْضِ الْيَهُودِ الْمُحَرِّفِينَ لِدِينِهِمْ، الْمُتَّصِلِينَ
بِلَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ، السَّاحِرِ الَّذِي سَحَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُتِلَ جَهْمٌ بِخُرَاسَانَ، قَتَلَهُ سَلْمُ بْنُ أَحْوَزَ،
سنة 128هـ ، وَلَكِنْ كَانَتْ قَدْ فَشَتْ مَقَالَتُهُ فِي النَّاسِ، وَتَقَلَّدَهَا
بَعْدَهُ الْمُعْتَزِلَةُ. وَلَكِنْ كَانَ الْجَهْمُ أَشَدُّ فِي التَّعْطِيلِ
مِنْهُمْ، لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْأَسْمَاءَ حَقِيقَةً، وَهُمْ لَا يُنْكِرُونَ
الْأَسْمَاءَ بَلِ الصِّفَاتِ.
اشْتَهَرَتْ
مَقَالَةُ الْجَهْمِيَّةِ مِنْ حِينِ
مِحْنَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ،
فَإِنَّهُ مِنْ إِمَارَةِ الْمَأْمُونِ قَوُوا وَكَثُرُوا، فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ
أَقَامَ بِخُرَاسَانَ مُدَّةً وَاجْتَمَعَ بِهِمْ، ثُمَّ كَتَبَ بِالْمِحْنَةِ
مِنْ طَرَسُوسَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ وَفِيهَا مَاتَ، وَرَدُّوا
الْإِمَامَ أَحْمَدَ إِلَى الْحَبْسِ بِبَغْدَادَ إِلَى سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ
، وَفِيهَا كَانَتْ مِحْنَتُهُ مَعَ الخليفةِ الْمُعْتَصِمِ وَمُنَاظَرَتُهُ
لَهُمْ بِالْكَلَامِ، فَلَمَّا رَدَّ عَلَيْهِمْ مَا احْتَجُّوا بِهِ عَلَيْهِ، وَبَيَّنَ
أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّ طَلَبَهُمْ مِنَ
النَّاسِ أَنْ يُوَافِقُوهُمْ وَامْتِحَانَهُمْ إِيَّاهُمْ جَهْلٌ وَظُلْمٌ، وَأَرَادَ
الخليفةُ الْمُعْتَصِمُ إِطْلَاقَهُ، أَشَارَ عَلَيْهِ مَنْ أَشَارَ بِأَنَّ
الْمَصْلَحَةَ ضَرْبُهُ، لِئَلَّا تَنْكَسِرَ حُرْمَةُ الْخِلَافَةِ مَرَّةً
بَعْدَ مَرَّةٍ! فَلَمَّا ضَرَبُوهُ ، ظَهَرَ الغَضَبُ فِي عَامَّةِ النَّاسِ، وَخَافُوا،
فَأَطْلَقُوا سَرَاحَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. (شرح العقيدة الطحاوية
لابن أبي العز الحنفي جـ2صـ350:347)
معتقدات
الجهمية:
(1) يَعتقدُ الجهمية أَنَّ الْجَنَّةَ
وَالنَّارَ تَبِيدَانِ وتَفْنَيَانِ.
(2) يَعتقدُ الجهمية أَنَّ الْإِيمَانَ
هُوَ الْمَعْرِفَةُ بالله تعالى فَقَطْ، وَأَنَّ الْكُفْرَ هُوَ الْجَهْلُ بالله
تعالى فَقَطْ. (3) يَعتقدُ الجهمية أَنَّهُ لَا فِعْلَ لِأَحَدٍ، في الحَقِقَيةِ
إلاَّ الله تعالى وَحْدَهُ، وَأَنَّ الأعْمَالَ تُنْسَبُ إِلى النَّاسِ عَلَى
سَبِيلِ الْمَجَازِ فقط.
(4) يَعتقدُ الجهمية أنَّ عِلْمَ الله
تعالى حادثٌ. (مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري جـ1صـ338)(الفرق بين الفرق ـ
لعبد القاهر البغدادي صـ221)