فضائل مصر في القرآن و السُّنة

2013-03-30

صلاح الدق

فضائل مصر في القرآن و السُّنة


بسم الله الرحمن الرحيم

اسم مصر:

َسُمِّيَتْ مِصْرُ بذلك لأنَّ الذي بناها هُوَ مِصرُ بنُ بَيْصَرَ بنُ حَامِ بنِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السّلام، فسُمِّيت بِهِ.

(تاج العروس للزبيدي جـ14صـ126)

تعريف القبط:

القِبْطُ: أَهْلُ مِصْر، وهُمْ أَصلُها. وَيُنْسَبُ القِبْطُ إلى القِبْطِ بنِ حَامِ بنِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السّلامُ. (تاج العروس للزبيدي جـ20صـ5)

فائدة هامة:

القِبْطُ: اسمٌ يُطْلَقُ على كُلِّ مَنْ سَكَنَ مِصْرَ قَبِلَ الإسلام، بصرف النظر عن ديانته.

أسماء مصر:

 قَالَ أَبو الخَطَّاب بن دِحيةَ: مِصرُ أَخْصَبُ بِلَاد الله، وسمَّاها اللهُ تَعَالَى بمِصْرَ وَهِي هَذِه دون غَيرهَا، وَمن أَسمائها: أُمُّ الْبِلَاد، والأَرضُ المُباركةُ، وغَوْثُ العِبادِ، وأُمُّ خَنُّور، وَتَفْسِيره: النِّعمةُ الْكَثِيرَةُ، وَذَلِكَ لما فِيهَا من الْخيرَات الَّتِي لَا تُوجد فِي غَيرهَا، وساكِنُها لَا يَخْلُو من خَيرٍ يَدِرُّ عَلَيْهِ فِيهَا، فكأَنَّها الْبَقَرَة الحَلوبُ النافعة. (تاج العروس للزبيدي جـ14صـ126)

منزلة مصر في القرآن:

ذَكَرَ اللهُ تعالى مصرَ في أكثر من ثلاثين موضعاً في القرآن الكريم، منها ما هو صريح اللفظ، ومنها ما دل عليه القرآن وكتب التفسير. (حسن المحاضرة للسيوطي جـ1صـ14: 11)

سوف نذكر بعض الآيات التي جاء فيها ذِكْرُ مصرَ، وذلك على سبيل المثال:

(1) قال جَلَّ شأنه: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (يونس: 87)

قال الإمامُ ابنُ كثير(رحمه الله) : يَذْكُرُ تَعَالَى سَبَبَ إِنْجَائِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، وَكَيْفِيَّةِ خَلَاصِهِمْ مِنْهُمْ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ (أَنْ تَبَوَّءَا) أَيْ: يَتَّخِذَا لِقَوْمِهِمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا. (تفسير ابن كثير جـ7صـ392)

(2) وقال سبحانه: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ) (البقرة: 61)

قال الإمامُ ابنُ جرير الطبري: اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: (مِصْرًا) فَقَرَأَهُ عَامَّةُ الْقُرَّاءِ: (مِصْرًا) بِتَنْوِينِ الْمِصْرِ وَإِجْرَائِهِ؛ وَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ بِتَرْكِ التَّنْوِينِ وَحَذْفِ الْأَلْفِ مِنْهُ. فَأَمَّا الَّذِينَ نَوَّنُوهُ وَأَجْرُوهُ، فَإِنَّهُمْ عَنَوْا بِهِ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ لَا مِصْرًا بِعَيْنِهِ. وَأَمَّا الَّذِي لَمْ يُنَوِّنْ مِصْرَ فَإِنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ عَنَى مِصْرَ الَّتِي تُعْرَفُ بِهَذَا الِاسْمِ بِعَيْنِهَا دُونَ سَائِرِ الْبُلْدَانِ غَيْرِهَا. (تفسير الطبري جـ1صـ: 133: 132)

وروى الإمامُ ابنُ جرير الطبري عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: فِي قَوْلِهِ: (اهْبِطُوا مِصْرًا) قَالَ: يَعْنِي بِهِ مِصْرَ فِرْعَوْنَ. (تفسير الطبري جـ1صـ134)

(3) قال تعالى: (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (الزخرف: 51)

قال الإمامُ ابنُ كثير(رحمه الله) : يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ فِرْعَوْنَ وَتَمَرُّدِهِ وَعُتُوِّهِ وَكُفْرِهِ وَعِنَادِهِ: أَنَّهُ جَمَعَ قَوْمَهُ، فَنَادَى فِيهِمْ مُتَبَجِّحًا مُفْتَخِرًا بِمُلْكِ مِصْرَ وَتَصَرُّفِهِ فِيهَا: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) قَالَ قَتَادَةُ بنُ دعامة: قَدْ كَانَتْ لَهُمْ جِنَانٌ وَأَنْهَارُ مَاءٍ،

(أَفَلا تُبْصِرُونَ) ؟ أَيْ: أَفَلَا تَرَوْنَ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْعَظْمَةِ وَالْمُلْكِ، يَعْنِي: وَمُوسَى وَأَتْبَاعُهُ فُقَرَاءُ ضُعَفَاءُ. (تفسير ابن كثير جـ12صـ316)

(4) قال سبحانه: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (يوسف: 21)

قال الإمامُ ابنُ كثير(رحمه الله) : يُخْبِرُ تَعَالَى بِأَلْطَافِهِ بِيُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَيَّضَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ، حَتَّى اعْتَنَى بِهِ وَأَكْرَمَهُ، وَأَوْصَى أَهْلَهُ بِهِ، وَتَوَسَّمَ فِيهِ الْخَيْرَ وَالْفَلَاحَ، فَقَالَ لِاِمْرَأَتِهِ: (أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) وَكَانَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ عَزِيزُهَا، وَهُوَ

 الْوَزِيرُ بِهَا. يَقُولُ تَعَالَى: وَكَمَا أَنْقَذْنَا يُوسُفَ مِنْ إِخْوَتِهِ، (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ) يَعْنِي: بِلَادَ مِصْرَ، (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ) قَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: هُوَ تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا، (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) أَيْ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا فَلَا يُرَدُّ وَلَا يُمَانَعُ وَلَا يُخَالَفُ، بَلْ هُوَ الْغَالِبُ لِمَا سِوَاهُ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) أَيْ: فَعَّالٌ لِمَا يَشَاءُ. وَقَوْلُهُ: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) يَقُولُ: لَا يَدْرُونَ حِكْمَتَهُ فِي خَلْقِهِ، وَتَلَطُّفَهُ لِمَا يُرِيدُ. (تفسير ابن كثير جـ8صـ25: 24)

(5) قال سبحانه: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف: 56)

قال الإمامُ ابنُ كثير(رحمه الله) : يَقُولُ تَعَالَى: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ) أَيْ: أَرْضِ مِصْرَ.

قَوْلُهُ تعالى (يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ) قَالَ السُّدِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ يَشَاءُ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ بنُ جَبرٍ: إنَّ يُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَّاهُ مَلك مِصْرَ، الريانُ بْنُ الْوَلِيدِ، الْوَزَارَةَ فِي بِلَادِ مِصْرَ، مَكَانَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ زَوْجِ الَّتِي رَاوَدَتْهُ، وَأَسْلَمَ الْمَلِكُ عَلَى يَدَيْ يُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. (تفسير ابن كثير جـ8صـ52)

(6) قال جَلَّ شَأنه: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) (يوسف: 99)

قال الإمامُ ابنُ كثير(رحمه الله) : يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ وُرُودِ يَعْقُوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَى يُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقُدُومِهِ بِلَادَ مِصْرَ، لَمَّا كَانَ يُوسُفُ قَدْ تَقَدَّمَ إِلَى إِخْوَتِهِ أَنْ يَأْتُوهُ بِأَهْلِهِمْ أَجْمَعِينَ، فَتُحُمِّلُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَتَرَحَّلُوا مِنْ بِلَادِ كَنْعَانَ قَاصِدِينَ بِلَادَ مِصْرَ، فَلَمَّا أُخْبِرَ يُوسُفُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِاقْتِرَابِهِمْ خَرَجَ لِتَلَقِّيهِمْ، وَأَمَرَ الْمَلِكُ أُمَرَاءَهُ وَأَكَابِرَ النَّاسِ بِالْخُرُوجِ مَعَ يُوسُفَ لِتَلَقِّي نَبِيَّ اللَّهِ يَعْقُوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيُقَالُ: إِنَّ الْمَلِكَ خَرَجَ أَيْضًا لِتَلَقِّيهِ. (تفسير ابن كثير جـ8صـ72)

(7) قال جَلَّ شأنه: ( وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) (المؤمنون: 20)

قال الإمامُ ابنُ كثير(رحمه الله) : قَوْلُهُ تعالى (وَطُورُ سَيْنَاءَ) : هُوَ طُورُ سِينِينَ، وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي كَلَّم اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمَا حَوْلَهُ مِنَ الْجِبَالِ الَّتِي فِيهَا شَجَرُ الزَّيْتُونِ. (تفسير ابن كثير جـ10صـ118)

منزلة مصر في السُّنة:

نبينا -صلى الله عليه وسلم- يوصي بأهل مصر خيراً:

(1) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّه ِ-صلى الله عليه وسلم-: إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا. (مسلم حديث: 2543)

قال النووي (رحمه الله) : قَالَ الْعُلَمَاءُ الْقِيرَاطُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَغَيْرِهِمَا وَكَانَ أَهْلُ مِصْرَ يُكْثِرُونَ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ وَالتَّكَلُّمِ بِهِ وَأَمَّا الذِّمَّةُ فَهِيَ الْحُرْمَةُ وَالْحَقُّ وَهِيَ هُنَا بِمَعْنَى الذِّمَامُ وَأَمَّا الرَّحِمُ فَلِكَوْنِ هَاجَرَ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ مِنْهُمْ وَأَمَّا الصِّهْرُ فَلِكَوْنِ مَارِيَةَ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ مِنْهُمْ وَفِيهِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْهَا إِخْبَارُهُ بِأَنَّ الْأُمَّةَ تَكُونُ لَهُمْ قُوَّةٌ وَشَوْكَةٌ بَعْدَهُ بِحَيْثُ يَقْهَرُونَ الْعَجَمَ وَالْجَبَابِرَةَ وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يَفْتَحُونَ مِصْرَ. (مسلم بشرح النووي جـ8صـ338)

(2) روى الحاكمُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا افْتَتَحْتُمْ مِصْرًا فَاسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا» قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَالرَّحِمُ أَنَّ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ مِنْهُمْ. (حديث صحيح) (السلسلة الصحيحة للألباني حديث 1374)

(3) روى الطبرانيُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَوْصَى عِنْدَ وَفَاتِهِ فَقَالَ: «اللهَ اللهَ فِي قِبْطِ مِصْرَ فَإِنَّكُمْ سَتَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُونَ لَكُمْ عُدَّةً، وَأَعْوَانًا فِي سَبِيلِ اللهِ» (حديث صحيح) (السلسلة الصحيحة للألباني حديث: 3113)

النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو أهل مصر للإسلام:

كتبَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، في سنة سبع من الْهِجْرَة، إلى الْمُقَوْقِسِ، عَظِيم القبط، يَدعُوهُ إِلَى الْإِسْلَام، وبعثَ الرسالةَ مَعَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وهذا نصها: "بِسْمِ الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد اللَّهِ إِلَى الْمُقَوْقِسِ عَظِيمِ الْقِبْطِ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدَاعِيَةِ الإِسْلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ القِبطِ و(يَا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً، وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) ( آل عمران: 64) (عيون الأثرـ لابن سيد الناس ـ جـ2صـ332)

حوار حاطب مع المقوقس:

خَرَجَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ بكِتَابِ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى قَدِمَ عَلَى الْمُقَوْقِسِ بالإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَأعطَاه كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. وَقَالَ حَاطِبٌ لِلْمُقَوْقِسِ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ قَبْلَكَ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ الرَّبُّ الأَعْلَى، فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى، فَانْتَقَمَ بِهِ ثُمَّ انْتَقَمَ مِنْهُ، وَاعْتَبِرْ بِغَيْرِكَ وَلا يُعْتَبَرُ بِكَ. قَالَ: هَاتْ، قَالَ: إِنَّ لَنَا دِينًا لَنْ نَدَعَهُ إِلَّا لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَهُوَ الإِسْلامُ الْكَافِي بِهِ اللَّهُ، إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- دَعَا النَّاسَ فَكَانَ أَشَدَّهُمْ عَلَيْهِ قُرَيْشٌ، وَأَعْدَاهُمْ لَهُ يَهُودُ، وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ النَّصَارَى، وَلَعَمْرِي ما بشارة موسى بعيسى بن مَرْيَمَ إِلَّا كَبِشَارَةِ عِيسَى بِمُحَمَّدٍ، -صلى الله عليه وسلم- وَمَا دُعَاؤُنَا إِيَّاكَ إِلَى الْقُرْآنِ إِلَّا كَدُعَائِكَ أَهْلَ التَّوْرَاةِ إِلَى الإِنْجِيلِ، وَكُلُّ نَبِيٍّ أَدْرَكَ قَوْمًا فَهُمْ مِنْ أُمَّتِهِ، فَالْحَقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَأَنْتَ مِمَّنْ أَدْرَكَ هَذَا النَّبِيَّ، وَلَسْنَا نَنْهَاكَ عَنْ دِينِ الْمَسِيحِ، وَلَكِنَّا نأمرك به، فَقَالَ الْمُقَوْقِسُ: إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ هَذَا النَّبِيِّ فَوَجَدْتُهُ لا يَأْمُرُ بِمَزْهُودٍ فِيهِ، وَلا يَنْهَى إِلَّا عَنْ مَرْغُوبٍ عَنْهُ، وَلَمْ أَجِدْهُ بِالسَّاحِرِ الضَّالِّ، وَلا الْكَاهِنِ الْكَاذِبِ، وَوَجَدْتُ معه آلة النبوة بإخراج الخبيء، والأخبار بالنجوى، وسأنظر. وأخذ كتاب النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَجَعَلَهُ فِي حُقٍّ (وعاء صغير) مِنْ عَاجٍ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ، وَدَفَعَهُ إِلَى جاريةٍ له. (عيون الأثرـ لابن سيد الناس ـ جـ2صـ332)

رد المقوقس على رسالة النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-:

دَعَا الْمُقَوْقِسُ كَاتِبًا لَهُ يَكتبُ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَكتب إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- رسالةً، هذا نصها:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنَ الْمُقَوْقِسِ عَظِيمِ الْقِبْطِ، سَلامٌ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ، وَفَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ فِيهِ، وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ نَبِيًّا بَقِيَ، وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِالشَّامِ، وَقَدْ أَكْرَمْتُ رَسُولَكَ، وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِجَارِيَتَيْنِ، لَهُمَا مَكَانٌ فِي الْقِبْطِ عَظِيمٍ، وَبِكِسْوَةٍ، وَأَهْدَيْتُ لَكَ بَغْلَةً لِتَرْكَبَهَا، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ. (عيون الأثرـ لابن سيد الناس ـ جـ2صـ333)

أنبياء وُلِدوا في مصر:

 موسى وهارون و يُوشع بن نون، صلى اللهُ عليهم وسلم. (فضائل مصر ـ للحسن بن زولاق صـ13)

أنبياء سكنوا مصر:

إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف، وعيسى ابن مريم، صلى الله عليهم وسلم. (فضائل مصر ـ للحسن بن زولاق صـ13)

مصريون صالحون :

عَمُرَتْ مصرُ بالكثيرِ مِن أولياء الله الصالحين، ومنهم:

(1) ذو القرنين: قال الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) (الكهف84: 83)

(2) مؤمن آل فرعون:

قال سبحانه وتعالى: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ * يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا) (غافر29: 28)

(3) الخضر:

قال جَلَّ شأنه عن موسى -صلى الله عليه وسلم- وفتَاه: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا *قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا * قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا) (الكهف70: 65)

قال الإمامُ ابنُ كثير(رحمه الله) قَوْلُهُ تعالى (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) وَهَذَا هُوَ الْخَضِرُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِذَلِكَ. (تفسير ابن كثير جـ9صـ163)

(4) سحرة فرعون:

قال سبحانه عنهم: (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى * قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى * قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (طه73: 70) قَالَ كَعْبُ الأحْبَار: كَانَ سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا. (تفسير ابن أبي حاتم جـ8 ـ صـ2762)

مصريات صالحات:

عَمُرَتْ مصرُ بالكثيرِ مِن الصالحات، ومنهن:

(1) سارة زوجة إبراهيم وهاجر أم إسماعيل :

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَطُّ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ، ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللهِ، قَوْلُهُ: (إِنِّي سَقِيمٌ)، وَقَوْلُهُ: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا)، وَوَاحِدَةٌ فِي شَأْنِ سَارَةَ، فَإِنَّهُ قَدِمَ أَرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ، وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ، إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِي يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ، فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي، فَإِنَّكِ أُخْتِي فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ مُسْلِمًا غَيْرِي وَغَيْرَكِ، فَلَمَّا دَخَلَ أَرْضَهُ رَآهَا بَعْضُ أَهْلِ الْجَبَّارِ، أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ قَدِمَ أَرْضَكَ امْرَأَةٌ لَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَكُونَ إِلَّا لَكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأُتِيَ بِهَا فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَقُبِضَتْ يَدُهُ قَبْضَةً شَدِيدَةً، فَقَالَ لَهَا: ادْعِي اللهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِي وَلَا أَضُرُّكِ، فَفَعَلَتْ، فَعَادَ، فَقُبِضَتْ أَشَدَّ مِنَ الْقَبْضَةِ الْأُولَى، فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَفَعَلَتْ، فَعَادَ، فَقُبِضَتْ أَشَدَّ مِنَ الْقَبْضَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَقَالَ: ادْعِي اللهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِي، فَلَكِ اللهَ أَنْ لَا أَضُرَّكِ، فَفَعَلَتْ، وَأُطْلِقَتْ يَدُهُ، وَدَعَا الَّذِي جَاءَ بِهَا فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ إِنَّمَا أَتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ، وَلَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ، فَأَخْرِجْهَا مِنْ أَرْضِي، وَأَعْطِهَا هَاجَرَ. قَالَ: فَأَقْبَلَتْ تَمْشِي، فَلَمَّا رَآهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ انْصَرَفَ، فَقَالَ لَهَا: مَهْيَمْ (مَا الْخَبَرُ) ؟قَالَتْ: خَيْرًا، كَفَّ اللهُ يَدَ الْفَاجِرِ، وَأَخْدَمَ خَادِمًا " قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ. (البخاري حديث: 3358 /مسلم حديث: 2371)

(1) آسية بنت مزاحم (زوجة فرعون) :

قال تعالى(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (التحريم: 11)

(2) مريم بنت عمران:

 قال سبحانه: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران: 42)

وقال جلَّ شأنه: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) (التحريم: 12)

روى الترمذيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ: مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث: 3053)

(3) ماشطة بنت فرعون:

روى أبو يَعلى الموصِلي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِرَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذِهِ مَاشِطَةُ بِنْتِ فِرْعَوْنَ كَانَتْ تُمَشِّطُهَا فَوَقَعَ الْمُشْطُ مِنْ يَدِهَا فَقَالَتْ: بِسْمِ اللَّهِ. قَالَتِ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: أَبِي؟ قَالَتْ: رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ. قَالَتْ: أَقُولُ لَهُ إِذًا. قَالَتْ: قُولِي لَهُ. قَالَ لَهَا: أَوَلَكِ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَتْ: رَبِّي وَرَبُّكَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ. قَالَ: فَأُحْمِيَ لَهَا بَقَرَةٌ مِنْ نُحَاسٍ فَقَالَتْ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: وَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي. قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا لِمَا لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ، فَأَلْقَى وَلَدَهَا فِي الْبَقَرَةِ وَاحِدًا وَاحِدًا، فَكَانَ آخِرَهُمْ صَبِيٌّ فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّهِ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ. " (إسناده صحيح) (مسند أبي يعلى بتحقيق حسين أسد حديث: 2517)

(4) أم موسى:

 قال الله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ) (القصص: 8: 7)

(5) مارية المصرية وأختها سيرين:

أَهْدَى الْمُقَوْقِسُ، حاكِمُ مِصرَ، لِلنّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- أُمّ إبْرَاهِيمَ الْقِبْطِيّةَ وَاسْمُهَا : مَارِيَةُ بِنْتُ شَمْعُونَ وَأُخْتَهَا مَعَهَا، وَاسْمُهَا سِيرِينُ، وَهِيَ أُمّ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ حَسّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَغُلَامًا اسْمُهُ مَأْبُورُ وَبَغْلَةً اسْمهَا دُلْدُلُ وَكُسْوَةً وَقَدَحًا مِنْ قَوَارِيرَ كَانَ يَشْرَبُ فِيهِ النّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-. (الروض الأُنُف للسهيلي جـ4صـ390)

دخول أصحاب نبينا -صلى الله عليه وسلم- مصر:

عَدَدُ أصحاب نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذين دخلوا مصر، كانوا أكثر مِن ثلاث مائة صحابي، وقد ذَكرَ أسماءهم الإمامُ السيوطي . (حسن المحاضرة للسيوطي جـ1صـ209: 132)

خلفاء دخلوا مصر:

دخلَ مصرَ مِن الخلفاء: معاوية بن أبي سفيان، ومروان بن الحكم، وعبد الله بن الزبير، وعبد الملك بن مروان، وعمر بن عبد العزيز، ومروان بن محمد، وأبو العباس السفاح، وأبو جعفر المنصور، والمأمون، والمعتصم، والواثق. (فضائل مصر المحروسة ـ لمحمد بن يوسف الكندي صـ5)

مصر بلد الخير :

 أثبت التاريخُ أن أهلَ مصر، بعدَ دخولهم في الإسلام، يقفون بجوار كلِّ مَن يطلبُ منهم المساعدة، فَيُقَدِمُونَ لهم الطعام والشراب والكساء والدواء، والمسكن، وكل ما يحتاجون، وبدون مقابل.

في خلافة أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب، وَفِي عَامِ الرَّمَادَةِ، عَمَّ جَدْبٌ أَرْضَ الْحِجَازِ، وَجَاعَ النَّاسُ جُوعًا شَدِيدًا، فكتب أميرُ المؤمنين، عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص، وهو بمصر، يطلب منه المساعدة. فكتب إليه عمرو بن العاص: " لعبد الله عمر أمير المؤمنين: أما بعد، فيا لبيك ثم يا لبيك! قد بعثت إليك بعيرٍ(الإبل) أولها عندك وآخرها عندي. والسلام عليك ورحمة الله. " فبعث عمرو إليه بعيرٍ عظيمة، فكان أولها بالمدينة وآخرها بمصر، يتبع بعضها بعضًا، فلما قَدِمَتْ على أمير المؤمنين عمر وسَّعَ بها على الناس، فأعطى كلَّ أهل بيتٍ بالمدينة وما حولها بَعيراً بما عليه مِن الطعام. (حسن المحاضرة للسيوطي جـ1صـ124)

خليج أمير المؤمنين في مصر:

كتبَ أميرُ المؤمنين، عمر بن الخطاب، إلى عمرو بن العاص(أمير مصر) يَقْدُمُ عليه هو وجماعة مِن أهل مصر، فقدموا عليه. فقال أمير المؤمنين، عمر: يا عمرو؛ إن اللهَ قد فتحَ على المسلمينَ مصر، وهي كثيرةُ الخير والطعام، وقد أُلْقِيَ في نفسي ـ لما أحببت مِن الرفق بأهل الحرمين، والتوسعة عليهم ـ أن أحفرَ خليجًا مِن نيلها حتى يسيل في البحر(وهو البحر الأحمر)، فهو أسهل لما نريد مِن حمل الطعام إلى المدينة ومكة؛ فإن حمله على الظهر يَبْعدُ ولا نبلغ معه ما نريد؛ فانْطَلِقْ أنتَ وأصحابك فتشاوروا في ذلك حتى يعتدل فيه رأيكم. فقامَ عمرو بن العاص بحفر خليجٍ من النيل إلى البحر الأحمر؛ فلم يأت عَامٌ حتى فَرَغَ المصريونَ مِن حَفْره، وجرت فيه السفن، فحملَ فيه عمرو بن العاص ما أراد مِن الطعام إلى المدينة ومكة، فنفع اللهُ تعالى بذلك أهل الحرمين، وسُمي خليج أمير المؤمنين. ثم لم يَزَلْ يُحمل في هذا الخليج، الطعام، حتى حُملَ فيه بعد عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، ثم ضَيَّعَهُ الولاةُ بعد ذلك، فتُركَ وغَلَبَ عليه الرملُ، فانقطع، وصار منتهاه إلى بحيرة التمساح، التي أصبحت الآن جزءاً مِن قناة السويس. (حسن المحاضرة للسيوطي جـ1صـ125)

شهادة عمر بن الخطاب لجنود مصر:

قال الخليفة الراشد، عمر بن الخطاب، لعمرو بن العاص (أمير مصر) حين قدم عليه: قد عرفتَ الذي أصابَ العرب، وليس جندٌ مِن الأجناد أرجى عندي مِن أن يغيثَ اللهُ بهم أهل الحجاز مِن جُندك. (فتوح مصر والمغرب ـ لعبد الرحمن بن عبد الحكم صـ191)

مسجد عمرو بن العاص :

 يعتبرُ مسجد عمرو بن العاص هو أول مسجد بُنِي في قارة أفريقيا، بعد أن فتح المسلمون مصرَ، في عام عشرين مِن الهجرة، على يد عمرو بن العاص، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، في عهد الخليفة الراشد: عمر بن الخطاب، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. (حسن المحاضرة للسيوطي جـ1صـ107: 103)

وقد وقفَ على إقامة قبلة مسجد عمرو بن العاص ثمانون رجلاً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. منهم: الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعُبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وفَضَالة بن عُبَيْد، وعقبة بن عامر، وأبو ذر الغفاري، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وخارجة بن حُذافة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وأبو رافع مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومحمد بن مسلمة، وأبو أيوب الأنصاري، وعمار بن ياسر، وعمرو بن العاص، وأبو هريرة وغيرهم. (فضائل مصر المحروسة ـ لمحمد بن يوسف الكندي صـ5)

الجامع الأزهر: منارة العلم في مصر:

يعتبرُ الجامع الأزهر هو أول جامع بُنِي بالقاهرة، أنشأه القائد جَوْهَرُ الصِّقِلِّي، في عهد المعز لدين الله الفاطمي، وابتدأ بناءه في يوم السبت، الرابع والعشرين مِن جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة من الهجرة، وكَمُلَ بناؤه في السابع من رمضان سنة إحدى وستين وثلاثمائة مِن الهجرة. (حسن المحاضرة للسيوطي جـ1صـ221)

لقد أصبحَ الأزهرُ، بفضل الله تعالى، منارة مِن منارات العِلْمِ، وجامعة من أكبر الجامعات الإسلامية، على مستوى العالم، وقد خرجَ منه الكثيرُ من الدُّعاة إلى الله تعالى، ويأتي طلابُ العِلْمِ، من جميع دول العالم، إلى جامعة الأزهر، ليتعلموا أحكامَ الشريعة الإسلامية، وسائر العلوم الدنيوية، التي تنفع المسلمين في دينهم ودنياهم.

أقوال السلف الصالح عن مصر وأهلها:

(1) قال عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، : أهل مصر أكرم الأعاجم، وأسمحهم يداً، وأفضلهم عنصراً، وأقربهم رحماً بالعرب عامة وبقريش خاصة. (فضائل مصر ـ للحسن بن زولاق صـ9)

قال عبد الله بن عمرو بن العاص أيضاً: ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة. (فضائل مصر ـ للحسن بن زولاق صـ12)

(2) قال أَبُو بَصْرَةَ الْغِفَارِيُّ، رضي الله عنه، : مصرُ خزانة الأرض كلها، وسلطانها سلطان الأرض كلها، قال الله تعالى على لسان يوسف عليه السلام. (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) . ولم تكن تلك الخزائن بغير مصر، فأغاث الله بمصر وخزائنها كل حاضر وباد من جميع الأرض. (فضائل مصر المحروسة ـ لمحمد بن يوسف الكندي صـ5)

(3) قال كعبُ الأحبار: لولا رغبتي في بيت المقدس، لما سكنت إلا مصر؛ فقيل له: فلم ؟ فقال: لأنها معافاة من الفتن، ومن أرادها بسوءٍ كَبَّهُ اللهُ على وجهه، وهو بلدٌ مباركٌ لأهله فيه. (فضائل مصر ـ للحسن بن زولاق صـ11)

(4) قال هارون الرشيد: مصرُ موروثةُ يوسف -صلى الله عليه وسلم- . (فضائل مصر ـ للحسن بن زولاق صـ101)

(5) قال ابْن هرمز الأعرج: خيرُ سواحلكم رباطاً الإسكندرية. فخرج إليها منَ المدينة مرابطاً فمات بها سنة سبع عشرة ومائة. (فتوح البلدان لأحمد بن يحيى البَلَاذُري صـ220)

قال سفيان بن عُيينة: الإسكندرية كنانة الله يجعل فيها خير سهامه. (المسالك والممالك ـ لعبد الله البكري جـ2صـ643)

(6) قال تعالى: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ) (سورة الدخان: 25: 27)

قال الكندي: لا يُعلم بلدٌ في أقطار الأرض أثنى اللهُ عليه في القرآن بمثل هذا الثناء، ولا وصفه بمثل هذا الوصف، ولا شهد له بالكرم غير مصر. (حسن المحاضرة للسيوطي جـ1صـ8)

(7) قال أحمد بن المدبِّر: كشفت عن مصر فوجدت باطنها أضعاف ظاهرها، ولو عَمَّرَها السلطان، لوفت بخراج الدنيا. (فضائل مصر ـ للحسن بن زولاق صـ13)

(8) قال سعيد بن أبي هلال: مصر أم البلاد، وغَوث العباد. إن مصر مصورة في كتب الأوائل، وسائرُ المدن مادَّةٌ أيديها إليها تستطعمها. (فضائل مصر المحروسة ـ لمحمد بن يوسف الكندي صـ6)

(9) قال يحيى بن سعيد: تجولتُ في البلادِ فما رأيت الوَرَعَ ببلد من البلدان أعرفه إلا بالمدينة وبمصر. (فضائل مصر المحروسة ـ لمحمد بن يوسف الكندي صـ6)

(10) قال شُفَيُّ الأصبحي: لا يريدُ أحدٌ بأهل مصرَ سوءاً، إلا أهلكه الله. (فضائل مصر ـ للحسن بن زولاق صـ12)

(11) قال تاج الدين الفَزَّاري: إن الحكماءَ وأهل التجارب ذكروا أن مَن أقام بمصر سنة وَجَدَ في أخلاقه رِقةً وحُسْنًا. (حسن المحاضرة للسيوطي جـ2صـ336)

فقهاء مصريون:

كان بمصر كثيرٌ مِن الفقهاء والعلماء، منهم. إمامُ قُرَّاءِ القرآن الكريم، وَرْش، وهو عثمان بْن سَعِيد، ومحمد بن إدريس الشافعي، ويوسف بن يحيى البويطي، المفضل بن فضالة، ويزيد بن أبي حبيب، والليث بن سعد، وله مذهب انفرد به. ومنهم عبد الله بن وهب، ورِشْدين بن سعد، وعبد الله بن لهيعة، وأشهب بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن القاسم، وأصبغ بن الفرَج، وأيوب بن سليمان، وعبد الله بن عبد الحكم، وأسد بن موسى، ومحمد بن عبد الحكم، وسعيد بن عُفير، ويحيى بن عثمان، والربيع بن سليمان، ومحمد بن يوسف الكِنْدي، وابن أبي خيثمة، وعبد الملك بن هشام(صاحب السيرة النبوية) وابن النحاس، والقاضي عبد الوهاب المالكي، والشاطبي(صاحب الاعتصام) وعبد الغني المقدسي، وعبد العظيم المنذري(صاحب الترغيب والترهيب) وابن دقيق العيد، وابن حجر الهيتمي، والعز بن عبد السلام، وابن حجر العسقلاني، (صاحب فتح الباري) ومحمود العيني(صاحب عمدة القاري) وزكريا الأنصاري، والمقريزي، وجلال الدين السيوطي، وغيرهم كثيرٌ. كل واحد منهم قد فاق أهل عصره وبرز عليهم في الفقه والعلم والأخبار وأيام الناس و في سائر العلوم. (فضائل مصر ـ للحسن بن زولاق صـ32: 28) (حسن المحاضرة للسيوطي جـ2صـ420: 337)

دخول أئمة الحديث مصر:

(1) قَال َ الإمامُ البُخَارِيُّ دخلت إِلَى الشَّام ومصر والجزيرة مرَّتَيْنِ وَإِلَى الْبَصْرَة أَربع مَرَّات وأقمت بالحجاز سِتَّة أَعْوَام وَلَا أحصي كم دخلت إِلَى الْكُوفَة وبغداد مَعَ الْمُحدثين. (مقدمة فتح الباري لابن حجر العسقلاني 502)

(2) ذهبَ الإمامُ مسلمٌ بن الحجَّاج لسماع الحديث إلى مكة والكوفة والمدينة ومصر. (مقدمة صحيح مسلم صـ9: 8)

(3) رَحَلَ الإمامُ أبو داودَ في طلَبِ عِلْم الحديث إلى الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْجَزِيرَةِ العَربية، وَالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (البداية والنهاية لابن كثير جـ11صـ58)

(4) رَحَلَ الإمامُ النَّسَائِيُّ فِي طَلَبِ العِلْمِ إلى خُرَاسَانَ، وَالحِجَازِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَالشَّامِ، وَالثُّغُوْرِ، ثُمَّ اسْتَوْطَنَ مِصْرَ، وَرَحَلَ الحُفَّاظُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ نَظِيْرٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ. (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ14صـ127)

(5) رحل الإمامُ ابنُ ماجه(رحمه الله) في طلبِ العِلْم إلى العراق والبصرة والكوفة وبغداد ومكة والشام ومصر والرَّي. (وفيات الأعيان لابن خلكان جـ4صـ105)

(6) ذهبَ الإمامُ ابنُ خُزيمة لسماع الحديث إلى الشام والجزيرة ومصر، وبغداد والبصرة والكوفة. (مقدمة صحيح ابن خزيمة صـ8: 9)

مُحدثون مصريون:

كان في مصر كثيرٌ من المحدثين منهم: حرملة بن يحيى، ومحمد بن رُمح، ويونس بن عبد الأعلى، وعيسى بن إبراهيم، ويزيد بن سنان، وبحر بن نصر، وأبو جعفر الطحاوي، وغيرهم كثير. (فضائل مصر ـ للحسن بن زولاق صـ34: 32)

المصريون يصنعون كسوة الكعبة:

كان سلاطين المماليك في مصر يحرصون على إرسال كسوة الكعبة كل عام مع قافلة الحجاج المصريين إلى بيت الله الحرام، لأن كسوة الكعبة شرفٌ يمثلُ أقوى الروابط الإسلامية في نظرهم، ولا يمكنهم التخلي عنه. (الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي ـ جـ5صـ114)

عجائب نهر النيل :

النيل من أنهار الجنة :

(1) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ، وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ. » (مسلم حديث: 2839)

قَالَ عَبدُ اللَّه بْنُ عَمْرو بنُ العَاص، رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُمَا: نِيل مِصْر سَيِّد الْأَنْهَار، سَخَّرَ اللَّه تَعَالَى لَهُ كُلّ نَهَر بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب، وَذَلَّلَ اللَّهُ لَهُ الْأَنْهَارَ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُجْرِي نِيل مِصْر أَمَرَ كُلّ نَهَر أَنْ يَمُدّهُ فَأَمَدَّتْهُ الْأَنْهَار بِمَائِهَا وَفَجَّرَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ الْأَرْض عُيُونًا فَإِذَا اِنْتَهَى جَرْيه إِلَى مَا أَرَادَ اللَّه جَلَّ وَعَلَا أَوْحَى اللَّه تَعَالَى إِلَى كُلّ مَاء أَنْ يَرْجِع إِلَى عُنْصُره. (تفسير ابن كثير جـ12صـ342)

(2) قَالَ عَبدُ اللَّه بْنُ عَمْرو بنُ العَاص، رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُمَا: في قولِهِ تَعَالَى: (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ) قَالَ: كَانَتِ الْجِنَانُ بِحَافَّتَيْ هَذَا النِّيلِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فِي الشِّقَّيْنِ جَمِيعًا، مَا بَيْنَ أَسْوَانَ إِلَى رَشِيدٍ، وَكَانَ لَهُ تِسْعَةُ خُلُجٍ: خَلِيجُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَخَلِيجُ دِمْيَاطَ، وَخَلِيجُ سَرْدُوسَ، وَخَلِيجُ مَنْفٍ، وَخَلِيجُ الْفَيُّومِ، وَخَلِيجُ الْمَنْهَى، مُتَّصِلَةٌ لَا يَنْقَطِعُ مِنْهَا شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ. (تفسير ابن كثير جـ12صـ342)

ماء النيل يجري بإذن الله:

قَالَ قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ : لَمَّا فُتِحَتْ مِصْرُ أَتَى أَهْلَهَا إِلَى عَمْرِو بن العاص حين دخل بؤونة مِنْ أَشْهُرِ الْعَجَمِ، فَقَالُوا لَهُ: أَيُّهَا الأَمِيرُ، إِنَّ لِنِيلِنَا هَذَا سُنَّةً لا يَجْرِي إِلا بِهَا. فَقَالَ لَهُمْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: إِذَا دَخَلَتْ ثِنْتَا عَشَرَةَ لَيْلَةً مِنْ هَذَا الشَّهْرِ عَمَدْنَا إِلَى جَارِيَةٍ بَكْرٍ بَيْنَ أَبَوَيْهَا، فَأَرْضَيْنَا أَبَاهَا، وَحَمَلْنَا عَلَيْهَا مِنَ الْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ أَفْضَلَ مَا يَكُونُ، ثُمَّ أَلْقَيْنَاهَا فِي النِّيلِ. قَالَ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا لا يَكُونُ فِي الإِسْلامِ، إن الإسلام يهدم ما كان قبله. فأقاموا بؤونة، وَأَبِيبَ، وَمَسْرَى لا يَجْرِي قَلِيلاً وَلا كَثِيرًا، حتى هموا بالجلاء عنها، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ إليه عمر: «إنك قد أَصَبْتَ، لأَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ» وَكَتَبَ بِطَاقَةً دَاخِلَ كِتَابِهِ، وَكَتَبَ إِلَى عَمْرٍو: «إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِبَطَاقَةٍ دَاخِلِ كِتَابِي، فَأَلْقِهَا فِي النِّيلِ» فَلَمَّا قَدِمَ كِتَابُ عُمَرَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخَذَ الْبِطَاقَةَ، فَإِذَا فِيهَا: «مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أمير الْمُؤْمِنيِنَ إِلَى نِيلِ مِصْرَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنْ كُنْتَ تَجْرِي مِنْ قِبَلِكَ فَلا تَجْرِ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ هُوَ الَّذِي يُجْرِيكَ فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْوَاحِدَ الْقَهَّارَ أَنْ يُجْرِيكَ» فَأَلْقَى الْبِطَاقَةَ فِي النِّيلِ، وَقَدْ تَهَيَّأَ أَهْلُ مِصْرَ لِلْجَلاءِ وَالْخُرُوجِ، لأَنَّهُ لا تَقُومُ مَصْلَحَتُهُمْ فِيهَا إِلا بِالنِّيلِ، فَأَصْبَحُوا، وَقَدْ أَجْرَاهُ اللَّهُ سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَطَعَ اللَّهُ تِلْكَ السُّنَّةَ السُّوءَ عَنْ أَهْلِ مِصْرَ إِلَى الْيَوْمِ. (المنتظم لابن الجوزي جـ4صـ294)

فرعون يلجأ إلى الله ليُجريَ النيل :

روى البيهقيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بنِ العَاص، قَالَ: " غَارَ النِّيلُ (قَلَّ ماؤه) عَلَى عَهْدِ فِرْعَوْنَ فَأَتَاهُ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ، فَقَالُوا: أَيُّهَا الْمَلِكُ أَجْرِ لَنَا النِّيلَ. قَالَ: إِنِّي لَمْ أَرْضَ عَنْكُمْ، ثُمَّ ذَهَبُوا، فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا: أَيُّهَا الْمَلِكُ أَجْرِ لَنَا النِّيلَ. قَالَ: إِنِّي لَمْ أَرْضَ عَنْكُمْ فَذَهَبُوا، ثُمَّ أَتَوْهُ فَقَالُوا: أَيُّهَا الْمَلِكُ مَاتَتِ الْبَهَائِمُ، وَهَلَكَتِ الْأَبْكَارُ لَئِنْ لَمْ تُجْرِ لَنَا النِّيلَ، لَنَتَّخِذَنَّ إِلَهًا غَيْرَكَ. قَالَ: اخْرُجُوا إِلَى الصَّعِيدِ، فَخَرَجُوا فَتَنَحَّى عَنْهُمْ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ، وَلَا يَسْمَعُونَ كَلَامَهُ، فَأَلْصَقَ خَدَّهُ بِالْأَرْضِ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ. قَالَ: اللهُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ إِلَيْكَ مَخْرَجَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ إِلَى سَيِّدِهِ، وَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِجْرَائِهِ غَيْرُكَ فَأَجْرِهِ، قَالَ: فَجَرَى النِّيلُ جَرْيًا لَمْ يَجْرِ قَبْلَهُ مِثْلَهُ فَأَتَاهُمْ. فَقَالَ: إِنِّي قَدْ أَجْرَيْتُ لَكُمُ النِّيلَ فَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا، وَعَرَضَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ أَعِزَّنِي عَلَى عَبْدٍ لِي. قَالَ: وَمَا قِصَّتُهُ. قَالَ: عَبْدٌ لِي مَلَّكْتُهُ عَلَى عَبِيدِي وَخَوَّلْتُهُ مَفَاتِيحِي فَعَادَانِي فَأَحَبَّ مَنْ عَادَيْتُ وَعَادَى مَنْ أَحْبَبْتُ. قَالَ: بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدُكَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ سَبِيلٌ لَغَرَّقْتُهُ فِي بَحْرِ الْقَلْزَمِ(البحر الأحمر) . قَالَ: يا أَيُّهَا الْمَلِكُ اكْتُبْ لِي كِتَابًا. قَالَ: فَدَعَا بِكِتَابٍ، وَدَوَاةٍ فَكَتَبَ مَا جَزَاءُ الْعَبْدِ الَّذِي خَالَفَ سَيِّدَهُ فَأَحَبَّ مَنْ عَادَى، وَعَادَى مَنْ أَحَبَّ إِلَّا أَنْ يُغَرَّقَ فِي بَحْرِ الْقَلْزَمِ قَالَ: يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ اخْتِمْهُ لِي فَخَتَمَهُ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْبَحْرِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِالْكِتَابِ. فَقَالَ: خُذْ هَذَا مَا حَكَمْتَ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ. " (شعب الإيمان للبيهقي جـ6 صـ309)

خصائص نهر النيل :

(1) لا يُعلم نهرٌ مِن الأنهار يَسقي من الأرض ما يسقيه نهرُ النيل.

(2) ماءُ النيل أصح المياه وأعدلها وأعذبها وأفضلها.

(3) يأتي النيلُ أرضَ مصر في وقت شدة الحر، ويبس الهواء، وجفاف الأرض، فيبل الأرض، ويُرطِّبُ الهواء.

(4) نهرُ النيل هو أطول أنهار العالم.

(5) ليس في الدنيا نهرٌ يصبُ مِن الجنوب إلى الشمال إلا نهر النيل.

(6) كل الأنهار يُوقف على منبعه وأصله، والنيل لا يُوقف له على أصلِ مَنبعٍ.

(7) ليس في الدنيا نهر يُزرعُ عليه ما يُزرعُ على النيل، ولا يجيء مِن خَراج غَلَّةِ زرعه ما يجيء مِن خَراج غَلَّةِ زرع النيل.

(8) توجد في النيل، سمكة تُسمى الرَّعَادة، مَن مَسَّها بيده، أو بعود مُتصلٍ بيده أو جذب شبكةً هي فيها، أو قصبة أو سنارة وقعت فيها، رعدت يده ما دامت فيها.

(9) كُلُّ نهر من الأنهار العظام، وإن كان فيه منافعٌ، فلا بد أن يتبعها مضار في أوان طغيانه بإفساد ما يليه ونقص ما يجاوره، والنيل موزون على ديار مصر بوزن معلوم، وتقدير مرسوم، لا يزيد عليه، ولا يخرج عن حَده، وهذا مِن فضل الله تعالى على أهل مصر.

قال سبحانه: (ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (الأنعام: 96) (حسن المحاضرة للسيوطي جـ2صـ 303: 301)

أسألُ الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يجعل هذا العمل خالصاًَ لوجهه الكريم وأن ينفع به طلاب العلم. وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله رَبِّ العالمين . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. 

عدد المشاهدات 11022