أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعــد:
عن طارق بن شهاب قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، فقام إليه رجل فقال: الصلاة قبل الخطبة. فقال: تُرِك ما هنالك، فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يقول: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيْمانِ).
هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان باب بيان كون النهي عن المنكر النهي عن المنكر من الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، برقم (49).
كما أخرجه الإمام أبو داود في سننه في باب الخطبة يوم العيد برقم (2140)، وكذا الإمام الترمذي في جامعه باب ما جاء في تغيير المنكر باليد واللسان والقلب برقم (2172)، وأخرجه أيضًا الإمام النسائي في كتاب الإيمان باب تفاضل أهل الإيمان برقمي (5011-5012). وكذلك الإمام ابن ماجه في السنن في باب ما جاء في صلاة العيدين برقم (1275). كما أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/10، 20، 49، 52، 53، 54، 92).
شرح الحديث
في هذا الحديث بيان أن أول من بدأ في صلاة العيد من الأمراء بالخطبة قبل الصلاة هو مروان بن الحكم، لكن قال القاضي عياض رحمه الله- كما نقله عنه النووي في شرحه لصحيح مسلم: اختلف في هذا، فوقع هاهنا ما تراه. وقيل: أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقيل: عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما رأى الناس يذهبون عند تمام الصلاة ولا ينتظرون الخطبة، وقيل: بل ليدرك الصلاة من تأخر وبَعُدَ منزله. وقيل: أول من فعله معاوية رضي الله عنه، وقيل فعله ابن الزبير رضي الله عنه.
والذي ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-وأبي بكر وعمرو عثمان وعلي رضي الله عنهم تقديم الصلاة وعليه جماعة فقهاء الأمصار، وقد عده بعضهم إجماعًا، قال النووي: يعني: والله أعلم بعد الخلاف، أو لم يلتفت إلى خلاف بني أمية بعد إجماع الخلفاء والصدر الأول، واستنبط النووي رحمه الله تعالى من قول أبي سعيد رضي الله عنه في الرجل الذي نصح لمروان: أما هذا فقد قضى ما عليه، بمحضر من ذلك الجمع العظيم دليلاً وحجة على استقرار السنة عندهم على خلاف ما فعله مروان، وكذلك يعضد هذا احتجاج أبي سعيد رضي الله عنه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرًا فليغيره). ولا يسمى منكرًا لو اعتقده هو ومن حضر، أو سبق به عمل، أو مضت به سنة. قال النووي: وفي هذا دليل على أنه لم يعمل به خليفة قبل مروان، وأن ما حكي عن عمر وعثمان ومعاوية رضي الله عنهم لا يصح، والله أعلم.
وقد أورد النووي تساؤلاً حول تأخر أبي سعيد عن إنكار المنكر حتى سبقه إليه ذاك الرجل.
وأجاب بقوله: أنه يحتمل أن أبا سعيد رضي الله عنه لم يكن حاضرًا أول ما شرع مروان في أسباب تقديم الخطبة فأنكر عليه الرجل فدخل أبو سعيد وهما في الكلام، ويحتمل أن أبا سعيد كان حاضرًا من أول ما شرع مروان ولكنه خاف على نفسه أو غيره حصول فتنة بسبب إنكاره فسقط عنه الإنكار، ولم يخف ذلك الرجل شيئًا لاعتضاده بظهور عشيرته، أو غير ذلك، ويحتمل أن أبا سعيد هَمَّ بالإنكار فبدره الرجل فعضده أبو سعيد، والله أعلم.
ثم قال النووي: ثم إنه جاء في الحديث الآخر الذي اتفق عليه الشيخان على إخراجه في صلاة العيد أن أبا سعيد هو الذي جذب بيد مروان حين رآه يصعد المنبر، وكانا جاءا معًا، فرد عليه مروان بمثل ما رد هنا على الرجل، فيحتمل أنهما قضيتان؛ إحداهما لأبي سعيد والأخرى للرجل بحضرة أبي سعيد والله أعلم. وقول أبي سعيد: (فقد قضى ما عليه) فيه تصريح بإنكار أبي سعيد رضي الله عنه.
حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال الإمام النووي: فأما قوله: (فليغيره) فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهو أيضًا من النصيحة التي هي الدين، ولم يخالف في ذلك إلا بعض الرافضة، ولا يعتد بخلافهم، كما قال الإمام أبو المعالي إمام الحرمين: لا يكترث بخلافهم في هذا، فقد أجمع المسلمون عليه قبل أن ينبغ هؤلاء، ووجوبه بالشرع لا بالعقل خلافًا للمعتزلة.
وأما قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، فليس مخالفًا لما ذكرناه ؛ لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية: إنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم، مثل قوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 1]، وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب عليه بعد ذلك لكونه أدى ما عليه، فإنما عليه الأمر والنهي لا القبول، والله أعلم.
ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية، إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، وإذا تركه الجمع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف ؛ وذلك لقول الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]، ثم إنه قد يتعين ؛ كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف.
ضوابط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
أولاً: لا يسقط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن المكلف لكونه لا يفيد حسب ظنه، بل يجب عليه فعله، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وقد تقدم أن الذي على المكلف إنما هو الأمر والنهي لا القبول، كما قال الله تعالى: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ} [المائدة: 99]، وقد مثل العلماء لهذا بمن يرى إنسانًا في الحمام أو غيره مكشوف بعض العورة، ونحو ذلك.
ثانيًا: لا يشترط في الآمر الناهي أن يكون كامل الحال ممتثلاً ما يأمر به مجتنبًا ما ينهى عنه، بل عليه الأمر ولو كان مخلاً بما يأمر به، والنهي ولو كان متلبسًا بما ينهى عنه، فإنه يجب عليه شيئان ؛ أن يأمر نفسه وينهاها، ويأمر غيره وينهاه، فإذا أحلّ بأحدهما فكيف يباح له الإخلال بالآخر ؟
ثالثًا: لا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الولايات، بل ذلك جائز لآحاد المسلمين، قال إمام الحرمين: الدليل عليه إجماع المسلمين، فإن غير الولاة في الصدر الأول والعصر الذي يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف وينهونهم عن المنكر، مع تقرير المسلمين إياهم، وترك توبيخهم على التشاغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير ولاية.
رابعًا: إنما يأمر وينهى من كان عالمًا بما يأمر به وينهى عنه، وذلك يختلف باختلاف الشيء فإن كان من الواجبات الظاهرة كالصلاة والصيام، أو المحرمات المشهورة كالزنا وشرب الخمر ونحوها فعامة المسلمين علماء بها، وإن كان من دقائق الأقوال والأفعال ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخل فيه ولا لهم إنكاره، بل ذلك للعلماء.
خامسًا: العلماء إنما ينكرون ما أجمع عليه، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه، لأن على أحد المذهبين: كل مجتهد مصيب، قال النووي: وهذا هو المختار عند كثيرين من المحققين أو أكثرهم، وعلى المذهب الآخر: المصيب واحد، والمخطئ غير متعين لنا والإثم مرفوع عنه، قال: لكن إن ندبه- على جهة النصيحة- إلى الخروج من الخلاف فهو حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق، فإن العلماء متفقون على الحث على الخروج من الخلاف، إذا لم يلزم منه إخلال بسنة أو وقوع في خلاف آخر.
هذا، وقد ذكر أبو الحسن الماوردي في كتابه (الأحكام السلطانية) خلافًا بين العلماء في أن من قلده السلطان الحسبة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) هل له أن يحمل الناس على مذهبه فيما اختلف فيه الفقهاء إذا كان المحتسب من أهل الاجتهاد، أم لا يغير ما كان على مذهب غيره؟. والأصح أنه لا يغير، لما سبق ذكره، ولم يزل الخلاف في الفروع بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وكذا بين التابعين فمن بعدهم، ولا ينكر محتسب منهم ولا غيره على غيره، وكذلك قالوا: ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه ما لم يخالف نصًا صريحًا أو إجماعًا أو قياسًا جليًا. والله أعلم.
سادسًا: ينبغي للآمر الناهي ألا يترك ذلك بسبب صداقة أو مودة أو طلب وجاهة أو مداهنة أو دوام المنزلة عنده، فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقًا، ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته وينقذه من مضارها، وصديق الإنسان ومحبه هو من يسعى في إعمار آخرته وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه، وعدوه من يسعى في ذهاب آخرته أو نقصها وإن حصل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه، وإنما كان إبليس عدوًا لنا لهذا، وكانت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح آخرتهم وهدايتهم إليها.
سابعًا: يجب على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يرفق بمن يأمره وينهاه، ليكون أقرب إلى تحصيل المطلوب، وقد أثر عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال: من وعظ أخاه سرًا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه.
* فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-أنه قال: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه). (أخرجه مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة برقم 2594).
وصح عنه أيضًا صلوات الله عليه قوله: (يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه). [مسلم: 2593 عن عائشة].
وصح عنه صلوات الله وسلامه عليه قوله: (من يحرم الرفق يحرم الخير). [مسلم: 2592 عن جرير].
ثامنًا: قال إمام الحرمين: ويسوغ لآحاد الرعية أن يصدر مرتكب الكبيرة أن لم يندفع عنها بالقول، ما لم ينته الأمر إلى نصب قتال أو شهر سلاح، فإن انتهى الأمر إلى ذلك ربط الأمر بالسلطان. اهـ.
ومعلوم أن دفع المنكر إذا أدى إلى مفسده مثله أو أعظم منه فإنه حينئذ لا يجوز تغييره، وقد استدل العلماء على ذلك بقوله تعالى: {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108].
تاسعًا: قال الماوردي في الأحكام السلطانية: ليس للمحتسب أن يبحث عن المنكرات غير الظاهرة، فإن غلب على الظن استسرار قوم بها لأمارة وآثار ظهرت، فذلك ضربان ؛ أحدهما: أن يكون ذلك في انتهاك حرمة يفوت استدراكها، مثل أن يخبره من يثق بصدقه أن رجلاً خلا برجل ليقتله أو بامرأة ليزني بها، فيجوز له في مثل هذه الحال أن يتجسس ويقدم على الكشف والبحث حذرًا من فوات ما لا يستدرك، الضرب الثاني ما قصر عن هذه الرتبة، فلا يجوز التجسس عليه ولا كشف الأستار عنه، فإن سمع أصوات الملاهي المنكرة من دار أنكرها خارج الدار، ولم يهجم عليها بالدخول لأن المنكر ظاهر فليس عليه أن يكشف عن الباطن، والله أعلم.
عاشرًا: قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: هذا الحديث أصل في صفة التغيير، فحق المغير أن يغيره بكل وجه أمكنه زواله به قولاً كان أو فعلاً، فيكسر آلات الباطل ويريق المسكر بنفسه أو يأمر من يفعله، وينزع الغصُوب، ويردها إلى أصحابها بنفسه أو بأمره إن أمكنه، ويرفق في التغيير جهده بالجاهل وبذي العزة الظالم المخوف شره إذ ذلك أدعى إلى قبول قوله، كما يستحب أن يكون متولي ذلك من أهل الصلاح والفضل لهذا المعنى، ويغلظ على المتمادي في غيه والمسرف في بطالته إذا أمن أن يؤثر إغلاظه منكرًا أشد مما غيره، لكون جانبه محميًا من سطوة الظالم، فإن غلب على ظنه أن تغييره بيده يسبب منكرًا أشد منه من قتله أو قتل غيره بسببه، كف يده واقتصر على القول باللسان والوعظ والتخويف، فإن خاف أن يسبب قوله مثل ذلك غير بقلبه وكان في وسعه، وهذا هو المراد بالحديث إن شاء الله تعالى، وإن وجد من يستعين به على ذلك استعان به ما لم يؤد ذلك إلى إظهار سلاح وحرب، وليرفع ذلك إلى من له الأمر إن كان المنكر من غيره، أو يقتصر على تغييره بقلبه، هذا هو فقه المسألة وصواب العمل فيها عند العلماء المحققين، خلافًا لمن رأَى الإنكار بالتصريح بكل حال وإن قتل ونيل منه كل أذى. اهـ.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: واعلم أن هذا الباب- أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- قد ضُيِّعَ أكثرُهُ من أزمان متطاولة، ولم يبق منه إلا رسوم قليلة جدًا، وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه، وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده، قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]، فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب، فإن نفعه عظيم، لا سيما وقد ذهب معظمه، ويخلص النية، ولا يهاب من ينكر عليه لارتفاع مرتبته، فإن الله تعالى قال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: 40]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101]، قال: واعلم أن الأجر على قدر النصب، ونسأل الله الكريم توفيقنا وأحبابنا وسائر المسلمين لمرضاته، وأن يعمنا بجوده ورحمته.
قال المباركفوري في (التحفة) في قوله صلى الله عليه وسلم: (... فإن لم يستطع فبقلبه): بأن لا يرضى به وينكر في باطنه على متعاطيه فيكون تغييرًا معنويًا إذ ليس في وسعه إلا هذا التغيير، وقيل التقدير فلينكره بقلبه لأن التغيير لا يتصور بالقلب. (وذلك) أي: الإنكار بالقلب وهو الكراهية، (أضعف الإيمان) أي: أضعف شعبة من شعب الإيمان، أو أضعف خصال أهل الإيمان، والمعنى أنه أقلها ثمرة، فمن غَيَّرَ المراتب مع القدرة كان عاصيًا، ومن تركها بلا قدرة أو يرى المفسدة أكبر ويكون منكرًا بقلبه فهو من المؤمنين.
وقيل معناه: وذلك أضعف زمن الإيمان ؛ إذ لو كان إيمان أهل زمانه قويًا لقدر على الإنكار القولي أو الفعلي، ولما احتاج إلى الاقتصار على الإنكار القلبي.
نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يقوي إيماننا وإيمان أهل زماننا، وأن يعيننا وإخواننا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يصلح أحوال المسلمين ويؤلف بين قلوبهم، وأن يصلح ذات بينهم، وأن يوحد صفوفهم تحت راية التوحيد، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.