عقيدة أهل السنة في الصحابة
من هو الصحابي ؟
الصحابي هو كل من لقي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مؤمناً به ومات على الإسلام، فيدخل في ذلك كل من لقي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طالت مجالسته له أو قصرت ومن روى عن النبي ومن لم يرو عنه ومن غزا معه ومن لم يغزو، من رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافراً ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى . ( الإصابة لابن حجر العسقلاني جـ 1 صـ 10 ).
عدد الصحابة :
لقد صحب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عدد كبير من الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً، يقول أبو زُرعة الرازي - رحمة الله " توفي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة، كلهم قد روى عنه سماعاً أو رؤية ( البداية والنهاية لابن كثير جـ5 صـ 309)
عدالة الصحابة :
أتفق أهل السنة والجماعة على عدالة جميع أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، وعدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم و إخباره عن طهارتهم في كتابه العزيز واختياره لهم، وكذلك زكاهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين فضلهم على من بعدهم، إن كثرة الآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة تقتضي القطع بتعديلهم، ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله له إلى تعديل أحد من الخلق .
روى أحمد عن عبد الله بن مسعود أنه قال :" إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ" ( حديث حسن ) (مسند أحمد جـ 6 صـ 84 )
أولاً :ثبوت عدالة الصحابة في القرآن الكريم : يقول الله تعالي :
(1) ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (الأنفال:74)
(2) ) ( لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة : 89:88)
(3) ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة :100)
قال ابن كثير:- أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فيا ويل من أبغضهم أو سبَّهم، أو أبغض أو سب بعضهم، ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم، أعنى الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبى قحافة رضي الله عنه، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضهم ويسبونهم، عياذاً بالله من ذلك وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة، وقلوبهم منكوسة، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن، إذ يسبون من رضي الله عنهم ؟ وأما أهل السنة فإنهم يترضون عن من رضي الله عنهم، ويسبون من سبه الله ورسوله، ويوالون من يوالي الله ويعادون من يعادي الله، وهم متبعون لا مبتدعون ( تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ 7 صـ 271:270)
(4) )( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) ( التوبة : 118:117)
(5) ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:18)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : الرضا من الله صفة قديمة، فلا يرضى إلا عن عبد علم أنه يوافيه على موجبات الرضا، ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً ( الصارم المسلول لابن تيمية صـ 572)
(6) )(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (الفتح:26)
(7) ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الفتح:29)
قال الإمام مالك بن أنس في قوله تعالى( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار): من أصبح وفى قلبه غيظ على أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد أصابته هذه الآية .
وقال ابن إدريس : لا آمن أن يكونوا ضارعوا الكفار، يعنى الرافضة، لأن الله تعالى يقول ( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار) ( زاد الميسر لابن الجوزي جـ 7 صـ 446 )
الرافضة : فرقة من غلاة الشيعة وسموا بذلك لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وهم يسبون معظم الصحابة .
وقال ابن الجوزي :- في قول الله عز وجل ( تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً ) هذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور .( زاد الميسر جـ 8 صـ 449 )
(8) ( وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) (الحجرات:7)
(9) ) ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (الحديد :10)
(10) ( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر10:8 )
قال ابن كثير:- ما أحسن ما استنبط الإمام مالك من هذه الآية الكريمة : أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء في قولهم (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ) ( تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ 13 صـ 494,493) .
روى مسلم من حديث عروة بن الزبير قال " قَالَتْ لِي عَائِشَةُ يَا ابْنَ أُخْتِي أُمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَبُّوهُمْ " ( مسلم حديث 3022)
ثانياً: ثبوت عدالة الصحابة في السنة :
لقد ثبتت عدالة الصحابة في كثير من أحاديث نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، وسوف نذكر بعضاً منها :
(1) روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال :" خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " ( البخاري حديث 3651/ مسلم حديث 2533)
(2) روى الشيخان عن أبى سعيد الخدري أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال " لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ " ( البخاري حديث 3673 / مسلم حديث 2541).
(3) روى مسلم عن أبى موسى الأشعري قال : " صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قُلْنَا لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ الْعِشَاءَ قَالَ فَجَلَسْنَا فَخَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ مَا زِلْتُمْ هَاهُنَا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ ثُمَّ قُلْنَا نَجْلِسُ حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَكَ الْعِشَاءَ قَالَ أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَكَانَ كَثِيرًا مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ " ( مسلم حديث 2531)
(4) روى البخاري عن البراء بن عازب أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : " الْأَنْصَارِ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ " (البخاري حديث 3783)
(5) روى الشيخان عن أبى سعيد الخدري أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : " يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيَقُولُونَ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ " ( البخاري حديث 3649 / مسلم حديث 2532)
(6) روى البخاري عن أنس بن مالك أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال " الْأَنْصَارُ كَرِشِي وَعَيْبَتِي وَالنَّاسُ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ " (البخاري حديث 3801)
كَرِشِي وَعَيْبَتِي: أي بطانتي وخاصتي
(7) روى البخاري عن أنس بن مالك قال " جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَكَلَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ مَرَّتَيْنِ " ( البخاري حديث 3786)
(8) روى البخاري عن أنس بن مالك أنس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال " آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ " ( البخاري حديث 3784)
(9) روى مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال " لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا " ( مسلم حديث 2496)
(10) روى مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَلِأَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ وَأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ " ( مسلم حديث 2506)
(11) روى مسلم عن على بن أبي طالب – وذلك في قصة حاطب بن أبي بلتعة – أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ " (مسلم حديث 2195)
(12) روى الشيخان عن سهل بن سعد قال : جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ " ( البخاري حديث 3797 / مسلم حديث 1804)
(13) روى البخاري عن أبى هريرة أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال " لَوْ أَنَّ الْأَنْصَارَ سَلَكُوا وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ فِي وَادِي الْأَنْصَارِ وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ "(البخاري حديث 3779)
(14) روى الترمذي عن ابن عباس أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال " لَا يَبْغَضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ." (حديث صحيح )( صحيح الترمذي للألباني حديث 3066)
(15) روى الطبراني في معجمه الكبير عَنْ ثَوْبَانَ أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال " إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا ، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا ، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا " ( حديث صحيح ) ( صحيح الجامع للألباني حديث 545)
(16) روى الطبراني في معجمه الكبير عن ابن عباس قال أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال " مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " ( حديث حسن) (صحيح الجامع للألباني رقم 6285)
(17) روى ابن ماجه عن عبد الله بن عمر قال : " لَا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمُقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمْرَهُ. " ( حديث حسن ) ( صحيح أبن ماجه للألباني حديث 133)
عقيدتنا في أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :
أخي الكريم : اعلم أن عقيدتنا هي عقيدة أهل السنة والجماعة ، ومن أصول عقيدة أهل السنة والجماعة : سلامة قلوبهم وألسنتهم في جميع أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، ونحن بحمد الله تعالى نقبل ما جاء به كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، وإجماع العلماء من فضائل الصحابة ومراتبهم .
فنحن نقدم من أنفق من قبل الفتح، وهو صلح الحديبية، وقاتل في سبيل الله على من أنفق من بعد وقاتل وكلاً وعد الله الحسنى .
ونقدم المهاجرين على الأنصار، ونؤمن بأن الله تعالى قال لأهل بدر ، وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر :" اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " (مسلم حديث 2195)، ونؤمن بأنه لن يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ، وأن الله رضى عنهم جميعاً وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة .
فقد روى مسلم من حديث جابر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال :" لا يدخل الجنة أحد من بايع تحت الشجرة ". (مسلم حديث 2496).
ونشهد بالجنة لمن شهد لهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كالعشرة المبشرين بالجنة وغيرهم ممن عينهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .
ونؤمن بأن خير هذه الأمة بعد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم على بن أبي طالب رضى الله عنهم جميعاً.
التوقف عما شجر بين الصحابة :
أخي الكريم : ومن عقيدتنا أيضا ، وجوب السكوت وعدم الخوض في الفتن التي جرت بين الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً, وذلك بعد مقتل عثمان بن عفان، ونعتقد أن فتنة الجمل قد تمت من غير اختيار من علي بن أبي طالب، ولا من طلحة بن عبيد الله، ولا من الزبير بن العوام رضي الله عنهم، وأن عائشة رضي الله عنها خرجت للإصلاح بين المسلمين، مع العلم بأنهم جميعاً من الذين بشرهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالجنة، فيما أخرجه الترمذي من حديث عبد الرحمن بن عوف . ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2946)
ومن عقيدتنا :أننا نحب جميع أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، ولا نُفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بالخير، وحبهم دين وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان . روى البخاري من حديث أنس بن مالك أن رجلاً سأل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :" مَتَى السَّاعَةُ قَالَ وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا قَالَ لَا شَيْءَ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ قَالَ أَنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ قَالَ أَنَسٌ فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ" ( البخاري حديث 3688)
نسأل الله تعالى أن يجمعنا بهم في الفردوس الأعلى من الجنة بحبنا لهم وإن لم نعمل بمثل أعمالهم .
ومن عقيدتنا أيضاً أن نتوقف عما شجر بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن سفيان رضي الله عنهما مع اعتقادنا أن الحق كان مع علي بن أبي طالب وأصحابه، وأن معاوية كان متأولاً في قتاله لعلي بن أبي طالب .
(1) فضائل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه:
وردت أحاديث في فضل معاوية بن أبي سفيان نذكر منها ما يلي : روى مسلم من حديث ابن عباس أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال له : " اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ هُوَ يَأْكُلُ فَقَالَ لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ " ( مسلم حديث 2604)
قال أهل العلم : هذا الحديث من مناقب معاوية بن أبي سفيان وذلك لما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال :" اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ شَتَمْتُهُ لَعَنْتُهُ جَلَدْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" ( مسلم حديث 2601).
وروى الترمذي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَيْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ" ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 3018)
ونعتقد أن القتال الذي حصل بين الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن على الإمامة فإن أهل موقعة الجمل وصفين، لم يقاتلوا على نصب إمام غير علي بن أبي طالب، ولا كان معاوية يقول إنه الإمام دون علي وكذلك طلحة والزبير.
أسباب الفتنة بين علي ومعاوية :
اعلم أخي الكريم أن الفتنة قد حدثت عندما طلب معاوية ومن معه من علي بن أبي طالب تسليم قتلة عثمان بن عفان، إليهم، وذلك لكون معاوية ابن عمه، فامتنع علي ظناً منه أن تسليم قتلة عثمان إليهم على الفور, مع كثرة عشائرهم واختلاطهم بعسكر علي ، يؤدي إلى اضطراب في أمر الخلافة، التي بها انتظام كلمة أهل الإسلام خاصة وهي في بدايتها، فرأى علي بن أبي طالب أن تأخير تسليم قتلة عثمان رضي الله عنه أصوب إلي أن يرسخ قدمه في الخلافة، ويتحقق التمكن من الأمور فيها، ويتم اتفاق كلمة المسلمين، ثم بعد ذلك يلتقطهم واحداً فواحداً ويسلمهم إليهم، ويدل على ذلك أن بعض قتلة عثمان رضي الله عنه عزم على الخروج على علي بن أبي طالب ومقاتلته لما نادى يوم الجمل بأن يخرج عنه قتلة عثمان رضي الله عنه . ( الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي صـ325)
وأعلم أخي الكريم أيضا :- أن أكثر الصحابة قد اعتزلوا القتال واتبعوا النصوص الثابتة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قتال الفتنة .
قال ابن كثير:- روى الإمام أحمد عن إسماعيل بن عُلية عن أيوب عن محمد بن سرين قال: هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عشرات الألوف فلم يحضرها منهم مائة، بل لم يبلغوا ثلاثين .( البداية والنهاية لابن كثير جـ7 صـ264)
ومن عقيدتنا أن نستغفر للقتلى من كلا الفريقين ونترحم عليهم، ونحفظ فضائلهم ونعترف لهم بسبقهم وننشر مناقبهم عملاً بقول الله تعالى (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر:10)
قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية عن عقيدة أهل السنة والجماعة في أصحاب الرسول :
إن أهل السنة والجماعة لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة،. ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى إنهم يُغفر لهم من السيئات مالا يغفر لمن بعدهم، وقد ثبت بقول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنهم خير القرون، وأن الـمُد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهباً، ثم إذا كان قد صدر عن أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه، أو أتي بحسنة تمحوه، أو غُفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كُفر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة، فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور، ثم القدر الذي يُنكر من فعل بعضهم قليل، نذر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة، والعلم النافع والعمل الصالح، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل، علم يقيناً أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، إنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها . انتهى كلامه رحمه الله .( مجموع فتاوى ابن تيميه جـ3 صـ155: 156)
كُتاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الصحابة :
1- أبو بكر الصديق 2- عمر بن الخطاب 3- وعثمان بن عفان 4- علي بن أبي طالب 5- طلحة بن عبيد الله 6- الزبير بن العوام 7- أبو سفيان بن حرب 8- عمرو بن العاص 9- يزيد بن أبي سفيان 10- خالد بن الوليد 11- أبان بن سعيد بن العاص 12- أبي بن كعب 13- الأرقم بن أبي الأرقم 14- بريدة بن الحصيب 15- ثابت بن قيس بن شماس 16- جهيم بن الصلت 17- جهيم بن سعد 18- حنظلة بن الربيع 19- حويطب بن عبد العزى 20- الحصين بن عمير 21- حاطب بن عمرو 22- حذيفة بن اليمان 23- خالد بن زيد 24- خالد بن سعيد بن العاص 25- زيد بن ثابت 26- سعيد بن العاص 27- شرحبيل بن حسنة 28- عامر بن فهيرة 29- عبد الله بن الأرقم 30- عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول 31- عبد الله بن رواحة 32- عبد الله بن زيد 33- عبد الله بن سعد بن أبي السرح 34- عبد الله بن أسد 35- العلاء بن الحضرمي 36- العلاء بن عقبة 37- محمد بن مسلمة 38- معاوية بن أبي سفيان 39- معيقيب بن أبي فاطمة 40- المغيرة بن شعبة ( البداية والنهاية لابن كثير جـ5 من صـ295: صـ308)
أكثر الصحابة رواية للحديث :
1- أبو هريرة 2- عائشة بنت أبي بكر الصديق 3- أنس بن مالك 4- عبد الله بن عمر بن الخطاب 5 - عبد الله بن عباس 6 - جابر بن عبد الله 7- أبو سعيد الخدري 8- عبد الله بن مسعود 9- عبد الله بن عمرو بن العاص . (الباعث الحثيث لابن كثير صـ157: صـ160)
أكثر الصحابة فتوى :
قال ابن حجر العسقلاني _ رحمه الله _: أكثر الصحابة فتوى مطلقا سبعة وهم : 1- عمر بن الخطاب 2- علي بن أبي طالب 3- عبد الله بن مسعود 4- عبد الله بن عمر 5 - عبد الله بن عباس 6 - زيد بن ثابت 7 - عائشة بنت أبي بكر الصديق . رضوان الله عليهم جميعاً.
ثم قال ابن حجر أيضاً :- وقال ابن حزم : يمكن أن يُجمع من فتيا كل واحد من هؤلاء السبعة مجلد ضخم، ثم قال ابن حزم : ويلي هؤلاء عشرون وهم : أبو بكر الصديق، عثمان بن عفان، أبو موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل، سعد بن أبي وقاص، أبو هريرة، أنس بن مالك، عبدالله بن عمرو بن العاص، جابر بن عبدالله، سلمان الفارسي، أبو سعيد الخدري، طلحة بن عبيدالله، الزبير بن العوام، عبدالرحمن بن عوف، عمران بن حصين، أبو بكرة، عبادة بن الصامت، معاوية بن أبي سفيان، عبدالله ن الزبير، أم سلمة . (الإصابة لابن حجر العسقلاني جـ1 صـ18.)
منزلة الصحابة عند السلف الصالح :
سوف نذكر بعضاً من أقوال سلفنا الصالح في أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :
(1) عمر بن الخطاب :
روى اللالكائي بسنده عن البهي قال : سَبَّ عبيدالله بن عمر بن خطاب، المقداد بن الأسود فهم عمر رضي الله عنه بقطع لسانه، فكلمه فيه أصحاب محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال : ذروني اقطع لسان ابني حتى لايجترئ أحد بعده بسب أحدٍ من أصحاب محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبداً . ( شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي جـ4 رقم 2377.
(2) عمار بن ياسر :
قال عمار بن ياسر : من فضل على أبي بكر وعمر أحدا من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أزرى على اثني عشر ألفاً من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- . ( شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي جـ7 صـ1449 رقم 2610)
(3) عبدالله بن عباس :
روى اللالكائي بسنده عن مجاهد عن ابن عباس قال : لا تسبوا أصحاب محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإن الله عز وجل قد أمر بالاستغفار لهم وهو يعلم أنهم سيقتتلون . (اعتقاد أهل السنة لللالكائي جـ4 رقم 2339)
(4) جعفر بن محمد :
روى اللالكائي بسنده عن عمرو بن قيس قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : برئ الله ممن تبرأ من أبى بكر وعمر رضي الله عنهما . ( شرح أصول اعتقاد أهل السنة جـ4 رقم 2393)
(5) أيوب السختياني :-
قال أيوب السختياني : من أحب أبا بكر فقد أقام منار الدين، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان بن عفان فقد استنار بنور الله، ومن أحب علياً فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن قال الخير في أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد برئ من النفاق . (الكبائر للذهبي صـ295)
(6) عبدالله بن المبارك :
قال عبدالله بن المبارك : السيف الذي وقع بين الصحابة فتنة، ولا أقول لأحد منهم هو مفتون. ( سير أعلام النبلاء للذهبي جـ8 صـ405)
(7) أبو نعيم :
قال: أبو نعيم الواجب على المسلمين في أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إظهار ما مدحهم الله تعالى به وشكرهم عليه من جميل أفعالهم وجميل سوابقهم وأن يغضوا عما كان منهم في حال الغضب والإغفال عما فرط منهم عند استذلال الشيطان إياهم ونأخذ في ذكرهم بما أخبر الله تعالى به فقال تعالى ( (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر:10) فإن الهفوة والزلل والغضب والحدة والإفراط لا يخلو منه أحد وهو لهم مغفور . ( اعتقاد أهل السنة لللالكائي جـ7 صـ1477)
(8) أحمد بن حنبل :
قيل لأحمد بن حنبل : يا أبا عبدالله ما تقول فيما كان من علي ومعاوية رحمهما الله ؟ فقال أبو عبدالله ما أقول فيهما إلا الحسنى رحمهم الله أجمعين . (السنة للخلال صـ460 رقم 713.)
*قال الخلال : قال أبو بكر المروذي : قلت لأبي عبدالله أيما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال معاوية أفضل، لسنا نقيس بأصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحداً . قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خير الناس قرني الذي بعثت فيهم " ( السنة للخلال صـ434 رقم 660)
وقال الإمام أحمد أيضاً: إذا رأيت أحداً يذكر أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسوء فاتهمه على الإسلام . ( اعتقاد أهل السنة لللالكائي جـ4 رقم 2358 )
(9) أبو زُرعة الرازي :
قال أبو زُرعة الرزاي :إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة. ( الكفاية في علم الرواية صـ49)
(10) القاضي عياض :
قال القاضي عياض:- عند ذكر الصحابة رضي الله عنهم وفضائلهم - أما الحروب التي جرت فكانت لكل طائفة شبهة اعتقدت تصويب نفسها بسببها، وكلهم عدول، رضي الله عنهم، ومتأولون في حروبهم وغيرها، ولم يخرج شيء من ذلك أحداً منهم عن العدالة لأنهم مجتهدون، اختلفوا في مسائل من محل الاجتهاد كما يختلف المجتهدون بعدهم في مسائل من الدماء وغيرها، ولا يلزم من ذلك نقص أحد منهم . ( معارج القبول جـ2 صـ505 :صـ 506)
(11) أبو عمر بن عبد البر :
قال ابن عبد البر : في الحديث عن سنن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن أوكد آلات السنن المعينة عليها والمؤدية إلى حفظها، معرفة الذين نقلوها عن نبيهم رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلي الناس كافة، وحفظوها عليه وبلغوها عنه، وهم صحابته الذين وعوها وأدوها محتسبين حتى كمل بما نقلوه الدين، وثبت بهم حجة الله عز وجل على المسلمين، فهم خير القرون وخير أمة أخرجت . ثبت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم وثناء رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونصرته ولا تزكية أفضل من ذلك ولا تعديل أكمل منه . (1) الاستيعاب جـ1 صـ117:صـ118.
(12) أبو محمد بن حزم :
قال أبو محمد بن حزم : الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعا، قال الله تعالى( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) (الحديد:10)
وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ) (الأنبياء:101)
فثبت أن الجميع من أهل الجنة، وأنه لا يدخل أحد منهم النار لأنهم المخاطبون بالآية السابقة. (الإصابة لابن حجر العسقلاني جـ1 صـ 19)
(13) الإمام النووي :
روى مسلم عن أبي بكرة أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ قَالَ فَقُلْتُ أَوْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ قَدْ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ . ( مسلم حديث 2888)
قال الإمام النووي :- اعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم ليست داخلة في هذا الوعيد، ومذهب أهل السنة والجماعة والحق : إحسان الظن بهم، والإمساك عما شجر بينهم، وتأويل قتالهم، وأنهم مجتهدون متأولون، لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا، بل أعتقد كل فريق أنه على الحق، ومخالفه باغ، فوجب عليه قتاله، ليرجع إلى أمر الله، وكان بعضهم مصيباً، وبعضهم مخطئاً معذوراً في الخطأ، لأنه اجتهاد والمجتهد إذا اخطأ لا إثم عليه، وكان علي رضي الله عنه هو المحق المصيب في تلك الحروب، هذا مذهب أهل السنة، وكانت القضايا مشتبهة حتى إن جماعة من الصحابة تحيروا فيها، فاعتزلوا الطائفتين ولم يقاتلوا ولم يتيقنوا الصواب، ثم تأخروا عن مساعدة أي منهم (مسلم بشرح النووي جـ9 صـ 239)
(14) أحمد بن تيمية :
قال ابن تيمية : أن القدح في خير القرون الذين صحبوا الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدح في الرسول علية السلام، كما قال مالك وغيره من أئمة العلم : هؤلاء طعنوا في أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليقول قائل : رجل سوء كان له أصحاب سوء، ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين . وأيضاً فهؤلاء الذين نقلوا القرآن والإسلام وشرائع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هم الذين نقلوا فضائل علي وغيره، فالقدح فيهم يوجب أن لا يوثق بما نقلوه من الدين وحينئذ فلا تثبت فضيلة لا لعلي ولا لغيره ( مجموع فتاوى ابن تيمية جـ4 صـ429)
(15) شمس الدين الذهبي :
قال الذهبي : يَعرف فضائل الصحابة رضي الله عنهم من تدبر أحوالهم وسيرهم وآثارهم في حياة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبعد موته من المسابقة إلى الإيمان والمجاهدة للكفار ونشر الدين وإظهار شعائر الإسلام وإعلاء كلمة الله ورسوله، وتعليم فرائضه وسننه، ولولاهم ما وصل إلينا من الدين أصل ولا فرع، ولا علمنا من الفرائض والسنن سنة ولا فرضاً، ولا علمنا من الأحاديث والأخبار شيئاً، فمن طعن فيهم أو سبهم فقد خرج من الدين ومرق من ملة المسلمين، لأن الطعن لا يكون إلا من اعتقاد مساويهم و إضمار الحقد فيهم وإنكار ما ذكره الله تعالى في كتابه من ثنائه عليهم، وبيان فضائلهم ومناقبهم وحبهم، ولأنهم أرضى الوسائل من المأثور والوسائط من المنقول، والطعن في الوسائط طعن في الأصل و الإزدراء بالناقل، ازدراء بالمنقول وهذا ظاهر لمن تدبره وسلم من الزندقة والإلحاد في عقيدته ( الكبائر للذهبي صـ294:293)
(16) ابن كثير
قال ابن كثير – في ترجمة معاوية بن أبي سفيان – ثم كان ما كان بينه وبين على بعد مقتل عثمان على سبيل الاجتهاد والرأي، فجرى بينهما قتال عظيم، وكان الحق والصواب مع علي، ومعاوية معذور عند جمهور العلماء سلفاً وخلفاً، وقد شهدت الأحاديث الصحيحة بالإسلام للفريقين من الطرفيين - أهل العراق وأهل الشام – كما ثبت في الحديث الصحيح " تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين إلى الحق " فكانت المارقة الخوارج، وقتلهم علي وأصحابه ( البداية والنهاية لابن كثير جـ8 صـ129)
(17) ابن حجر العسقلاني :
روى البخاري عن أبي بكرة أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- " إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلَاهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ قِيلَ فَهَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ " (البخاري حديث 7083)
قال ابن حجر العسقلاني:- اتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذك، ولو عُرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد، وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد، بل ثبت أنه يُؤجر أجراً واحداً وأن المصيب يُؤجر أجرين . (فتح الباري صـ37)
(18) محمد بن صالح بن عثيمين :
قال ابن عثيمين:- في الحقيقة إن سب الصحابة رضي الله عنهم ليس جرحاً في الصحابة رضي الله عنهم فقط، بل هو قدح في الصحابة، وفي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي شريعته الله وفي ذات الله عز وجل :
أما كونه قدحاً في الصحابة، فواضح .
وأما كونه قدحا في رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، فحيث كان أصحابه وأمناؤه وخلفاؤه علي أمته من شرار الخلق، وفيه قدح في رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من وجه آخر، وهو تكذيبه فيما أخبر به من فضائلهم ومناقبهم .
وأما كونه قدحاً في شريعة الله ، فلأن الواسطة بيننا وبين رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في نقل الشريعة هم الصحابة، فإذا سقطت عدالتهم لم يبق ثقة فيما نقلوه من الشريعة .
وأما كونه قدحاً في الله سبحانه، فحيث بعث نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في شرار الخلق، واختارهم لصحبته وحمل شريعة ونقلها لأمته !! فانظر ماذا يترتب من الطوام الكبرى على سب الصحابة رضي الله عنهم . ( شرح العقيدة الواسطية جـ2 صـ283 :صـ284)
* من هم أعداء الصحابة ؟
يجب على كل مسلم أن يعرف من هم أعداء الصحابة لكي يحذرهم ويتصدى لأقوالهم الباطلة دفاعاً عن أصحاب النبي، لأن الدفاع عن الصحابة الكرام إنما هو في حقيقة الأمر دفاع عن القرآن الكريم والسنة المطهرة .
و أعداء الصحابة هم الخوارج والشيعة وهم من الفرق الضالة .
أولاً الخوارج : (هم الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد قبوله التحكيم مع معاوية، وهم فرق متعددة ضالة وأشدهم بغضاً لعلي هم النواصب )
أجمعت الخوارج على تكفير علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ومن معهم من الصحابة بعد أن رضي علي بالتحكيم، وقاتلوهم واستحلوا دماءهم وأموالهم . ( مقالات الإسلاميين جـ1 صـ167)
الرافضة : وتسمى بالشيعة الإمامية أو الاثنا عشرية .
قال أبو الحسن الأشعري : وإنما سموا الرافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر، وهم مجمعون على أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نص على استخلاف علي بن أبي طالب باسمه و أظهر ذلك وأعلنه و أن أكثر الصحابة ضلوا بتركهم الاقتداء به بعد وفاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- . (مقالات الإسلاميين جـ1 صـ89) .
يعتقد الرافضة أن كل الصحابة قد ارتدوا بعد موت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا ثلاثة وهم : المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي . ( الشيعة والسنة صـ49) .
يقول الروافض : إن كبار أهل السنة وأئمتهم كأبي بكر وعمر وعثمان حرفوا القرآن وأسقطوا كثيراً من الآيات والسور التي نزلت في فضائل أهل البيت، والأمر باتباعهم، والنهي عن مخالفتهم، وإيجاب محبتهم، و أسماء أعدائهم، والطعن فيهم، واللعنة عليهم ( مختصر التحفة الإثنا عشرية صـ30: صـ31)
يعتقد الروافض أن القرآن الكريم لم يجمعه ولم يحفظه أحد كما أنزل على الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا علي بن أبي طالب والأئمة من آل البيت فقط، ويكذبون من ادعى حفظه من باقي الصحابة . ( الخطوط العريضة صـ17)
الروافض يلعنون ويسبون أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر وذلك في دعاء صنمي قريش المشهور في كتبهم . ( حقيقة الشيعة – لعبد الله الموصلي صـ116:صـ117)
* حكم من سب أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ينقسم سب الصحابة إلي قسمين ولكل منهما حكم يخصه كما يلي :
القسم الأول : من سب الصحابة سباً يقدح في عدالتهم بالكفر أو الردة أو الفسق : فهذا كافر ومرتد عن الإسلام، وذك لأن السب بهذه الطريقة يعني أن الذين نقلوا القرآن و السنة كفاراً أو مرتدين أو فساقاً، وبذلك يقع الشك في القرآن والسنة، لأن الطعن في النقلة طعن في المنقول وهذا القول - أيضاً – تكذيب لعدالتهم والرضا عنهم في القرآن الكريم .
القسم الثاني : من سب الصحابة سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم – مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد – فهذا السب حرام ويستحق صاحبه التعزير والتأديب ( الصارم المسلول لابن تيمية صـ567:صـ587) .
وختاماً نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم .
سبحانك اللهم بحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، استغفرك وأتوب إليك .
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين .