إمام أهل الحديث : البخاري

2011-12-09

صلاح الدق

إمام أهل الحديث:البخاري

الاسم والنسب :

هو: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه ( الزارع ) الجعفي البخاري .

أسلم المغيرة على يدي اليمان الجعفي  والي بخارى، وكان المغيرة مجوسيا . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ391 : صـ392 )

كنية البخاري : أبو عبد الله .

لقب البخاري : إمام المحدثين , أو أمير المؤمنين في الحديث .

مَوْلدُ البخاري : وُلِدَ البخاري في بُخارى , وهي مدينة معروفة , عام 194 هـ في شوال بعد صلاة الجمعة .

والد البخاري : إسماعيل بن إبراهيم , وكنيته ( أبو الحسن ) كان من تلاميذ الإمام مالك , وحماد بن زيد , وصافح عبد الله بن المبارك بكلتا يديه . ( الثقات لابن حبان جـ9 صـ98 )

وَرَعُ والد البخاري :

قال أُحيد بن حفص : دخلت على إسماعيل، والد البخاري، عند موته فقال لا أعلم من مالي درهما من حرام ولا درهما من شبهة , وترك للبخاري مالاً كثيراً . قال ابن حفص : فتصاغرت إليَّ نفسي عند ذلك . ( مقدمة فتح الباري لابن حجر العسقلاني صـ503 )

والدة البخاري :

كانت امرأة عابدة , صاحبة كرامات . كان البخاري قد فقد بصره وهو طفل , وعجز الأطباء عن علاجه , فتوسلت إلى الله تعالى بالدعاء حتى رأت الخليل إبراهيم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المنام يقول لها : يا هذه : قد رَدَّ الله على ابنك بصره بكثرة دعائك , فأصبحت وقد رد الله على البخاري بصره . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ393 )

بداية طلب البخاري للعلم :

قال محمد بن أبي حاتم: قلت لأبي عبد الله: كيف كان بدء أمرك ؟ قال: ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكُتَّاب.فقلت: كم كان سنك ؟ فقال: عشر سنين، أو أقل.ثم خرجت من الكُتَّاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره.

فقال يوما فيما كان يقرأ للناس: سفيان، عن أبي الزبير، عن إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم.فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل.فدخل فنظر فيه، ثم خرج، فقال لي: كيف هو يا غلام ؟ قلت: هو الزبير بن عدي، عن إبراهيم، فأخذ القلم مني، وأحكم كتابه، وقال: صدقت.فقيل للبخاري: ابن كم كنت حين رددت عليه ؟ قال ابن إحدى عشرة سنة.فلما طعنت في ست عشرة سنة، كنت قد حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء ، ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة، فلما حججت رجع أخي بها ! وتخلفت في طلب الحديث . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ393 )

عدد شيوخ البخاري :

قال محمد بن أبي حاتم سمعت البخاري  قبل موته بشهر يقول: كتبت عن ألفٍ وثمانينَ رجلاً، ليس فيهم إلا صاحب حديث، كانوا يقولون: الإيمان قولٌ وعملٌ، يَزيدُ ويَنقصُ . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ395 )

رحلة البخاري في طلب العلم :

رحل البخاري إلي مكة , وبلخ , ومرو , وينسابور , والرَّي , وبغداد , والبصرة , والكوفة , والمدينة , ومصر , والشام . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ394 : صـ395 )

بداية تأليف البخاري للكتب :

قال البخاري : لما طعنت في ثماني عشرة  صنفت كتاب قضايا الصحابة والتابعين , ثم صنفت التاريخ في المدينة  عند قبر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الليالي المقمرة.وقل اسم في التاريخ إلا وله قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ400 )

قوة حافظة البخاري :

قال محمد بن أبي حاتم: سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان: كان أبو عبد الله البخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام، فلا يكتب، حتى أتى على ذلك أيام، فكنا نقول له: إنك تختلف معنا ولا تكتب، فما تصنع ؟ فقال لنا يوما بعد ستة عشر يوما: إنكما قد أكثرتما علي وألححتما، فأعرضا عَليَّ ما كتبتما. فأخرجنا إليه ما كان عندنا، فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها عن ظهر قلب، حتى جعلنا نُحْكِمُ  كتبنا من حفظه. ثم قال: أترون أني أختلف هدرا ، وأضيع أيامي ؟ ! فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ408)

اختبار حفظ البخاري :

قال أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ: سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد، فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا وعمدوا إلى مئة حديث، فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد هذا، وإسناد هذا المتن هذا، ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس، فاجتمع الناس، وانتدب أحدهم، فسأل البخاري عن حديث من عشرته، فقال: لا أعرفه. وسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه.وكذلك حتى فرغ من عشرته.فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض، ويقولون: الرجل فهم.ومن كان لا يدري قضى على البخاري بالعجز، ثم انتدب آخر، ففعل كما فعل الأول.والبخاري يقول: لا أعرفه.ثم الثالث وإلى تمام العشرة أنفس، وهو لا يزيدهم على: لا أعرفه.فلما علم أنهم قد فرغوا، التفت إلى الأول منهم، فقال: أما حديثك الأول فكذا، والثاني كذا، والثالث كذا إلى العشرة، فرد كل متن إلى إسناده.وفعل بالآخرين مثل ذلك.فأقر له الناس بالحفظ.. ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ408 : صـ409 )

اختبار سمر قند :

قال أبو الأزهر : كان بسمرقند أربع مئة ممن يطلبون الحديث، فاجتمعوا سبعة أيام، وأحبوا مغالطة محمد بن إسماعيل، فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق، وإسناد اليمن في إسناد الحرمين، فما تعلقوا منه بسقطة لا في الإسناد، ولا في المتن .( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ411 )

قال البخاري : رُبَّ حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر.( سير أعلام النبلاء جـ12صـ411 )

* قال البخاري : أحفظ مائة ألف حديث صحيح , ومائتي ألف حديث غير صحيح . ( سير أعلام النبلاء جـ12صـ415 )

* قال أبو بكر الكلو اذاني : ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل، كان يأخذ الكتاب من العلماء، فيطلع عليه اطلاعة، فيحفظ عامة أطراف الأحاديث بمرة . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ416 )

عِبادةُ البخاري وورعه :

* كان البخاري يختمُ في رمضان في النهار كُلَّ يوم ختمه , ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمه .

* قال البخاري : أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ439 )

* كان البخاري يُصلي في وقت السَّحر ثلاث عشرة ركعة.

* كان البخاري يُصلي ذات ليلة , فلسعه الزُّبنور سبع عشرة مرة , فلما قضى الصلاة , قال : انظروا إيش آذاني .( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ441 )

قال الفِربري : رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في النوم، فقال لي: أين تريد ؟ فقلت: أريد محمد بن إسماعيل البخاري، فقال: اقرأه مني السلام . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ443)

* قال محمد بن أبي حاتم : أَمْلى البخاري عَليَّ يوما حديثاً كثيراً، فخاف ملالي، فقال: طب نفساً، فإن أهل الملاهي في ملاهيهم، وأهل الصناعات في صناعاتهم، والتجار في تجاراتهم.وأنت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه.فقلت: ليس شيء من هذا، يرحمك الله إلا وأنا أرى الحظ لنفسي فيه.( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ445)

* أُخبرَ السلطان بأن البخاري  خرج في طلب غريم له.فأراد السلطان التشديد على غريمه، وكره ذلك البخاري، وصالح غريمه على أن يعطيه كل سنة عشرة دراهم.وكان المال خمسة وعشرين ألفا. ولم يصل من ذلك المال إلى درهم، ولا إلى أكثر منه . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ446 )

* قال البخاري ما توليت شراء شيء ولا بيعه قط. فقلت له: كيف؟، وقد أحل الله البيع ؟ قال: لما فيه من الزيادة والنقصان والتخليط، فخشيت إن توليت أن أستوي بغيري.قلت فمن كان يتولى أمرك في أسفارك ومبايعتك ؟ قال: كنت أُكْفَى ذلك .( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ446 )

*  كان للبخاري تجارة فجاء بعض التجار فطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم.

فقال: انصرفوا الليلة.فجاءه من الغد تجار آخرون، فطلبوا منه البضاعة بربح عشرة آلاف.فقال: إني نويت بيعها للذين أتوا البارحة . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ448 )

* قال البخاري  خرجت إلى آدم ابن أبي إياس، فتخلفت عني نفقتي، حتى جعلت أتناول حشيش الأرض، ولا أخبر بذلك أحدا.فلما كان اليوم الثالث، أتاني آتٍ لم أعرفه، فناولني صرة دنانير، وقال: أنفق على نفسك . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ448 )

* قال الحسين بن محمد السمر قندي : كان محمد بن إسماعيل مخصوصا بثلاث خصال مع ما كان فيه من الخصال المحمودة: كان قليل الكلام، وكان لا يطمع فيما عند الناس،وكان لا يشتغل بأمور الناس، كل شغله كان في العلم. ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ448 )

كرم البخاري :

قال محمد بن أبي حاتم : كان البخاري يتصدق بالكثير، يأخذ بيده صاحب الحاجة من أهل الحديث، فيناوله ما بين العشرين إلى الثلاثين درهما، وأقل وأكثر، من غير أن يشعر بذلك أحد.وكان لا يفارقه كيسه.ورأيته ناول رجلاً مراراً صرة فيها ثلاث مئة درهم، - وذلك أن الرجل أخبرني بعدد ما كان فيها من بعد - فأراد أن يدعو، فقال له أبو عبد الله: أرفق ، واشتغل بحديث آخر كي لا بعلم بذلك أحد.( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ450 )

حِلْمُ البخاري :

قال عبد الله بن محمد الصارفي: كنت عند أبي عبد الله في منزله، فجاءته جاريته، وأرادت دخول المنزل، فعثرت على محبرة بين يديه، فقال لها: كيف تمشين ؟ قالت: إذا لم يكن طريق، كيف أمشي ؟ فبسط يديه، وقال لها: اذهبي فقد أعتقتك.

قال: فقيل له فيما بعد: يا أبا عبد الله، أغضبتك الجارية ؟ قال: إن كانت أغضبتني فإني أرضيت نفسي بما فعلت . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ452 )

أقوال العلماء في البخاري :

(1) محمد بن سلام البيكندي ( شيخ البخاري ) :

دخل البخاريُّ على البيكندي ثم خرج فقال البيكندي : كلما دخل علي هذا الصبي تحيرت، وألبس علي أمر الحديث وغيره.ولا أزال خائفا ما لم يخرج . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ417 )

(2) أبو إسحاق السُّرْماري :

دخل البخاري على السُّرماري ثم خرج فقال أبو إسحاق: من أراد أن ينظر إلى فقيه بحقه وصدقه، فلينظر إلى محمد بن إسماعيل . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ417 )

(3) يحي بن جعفر  :

قال يحي بن جعفر  : لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموته ذهاب العلم .

وقال أيضاً للبخاري : لولا أنت ما استطبت العيش ببخارى . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ418  )

(4) نُعَيْم بن حماد :

قال نعيم بن حماد: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ419)

(5) عبد الله بن يوسف ( شيخ البخاري ):

قال عبد الله بن يوسف للبخاري: يا أبا عبد الله، انظر في كتبي، وأخبرني بما فيه من السقط، قال: نعم . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ419  )

(6) علي بن المديني ( شيخ البخاري ):

قال  أحمد بن عبد السلام: ذكرنا قول البخاري لعلي بن المديني - يعني: ما استصغرت نفسي إلا بين يدي علي بن المديني - فقال ابن المديني: دعوا هذا، فإن محمد بن إسماعيل لم ير مثل نفسه . ( سير أعلام النبلاء جـ12صـ420 )

 (7) إسحاق بن راهويه ( شيخ البخاري ):

قال حاشد بن إسماعيل: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: اكتبوا عن هذا الشاب - يعني: البخاري - فلو كان في زمن الحسن البصري، لاحتاج إليه الناس لمعرفته بالحديث وفقهه. (سير أعلام النبلاء جـ12 صـ421 )

(8) أبو بكر بن أبي شيبة :

قال ابن أبي شيبة : ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ421)

(9) أحمد بن حنبل ( شيخ البخاري ):

قال أحمد بن حنبل : انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وعبد الله بن عبد الرحمن السمر قندي، والحسن بن شجاع البلخي . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ423 )

(10) محمود بن النضر الشافعي :

قال  محمود بن النضر الشافعي: دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة، ورأيت علماءها، كلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ422 )

 (11)عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي :

قال الدارمي : محمد أكيس خلق الله، إنه عقل عن الله ما أمره به، ونهى عنه في كتابه، وعلى لسان نبيه.إذا قرأ محمد القرآن، شغل قلبه وبصره وسمعه، وتفكر في أمثاله، وعرف حلاله وحرامه .

وقال أيضاً : عندما سُئل عن البخاري، فقال: محمد بن إسماعيل أعلمنا وأفقهنا , وأغوصُنا , وأكثر طلباً . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ426)

 (12) سُليم بن مُجاهد :

قال سليم بن مجاهد: لو أن وكيعا وابن عيينة وابن المبارك كانوا في الأحياء، لاحتاجوا إلى محمد بن إسماعيل.( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ429 )

 (13) قُتيبة بن سعيد :

قال قُتيبة بن سعيد : لو كان محمد بن إسماعيل في الصحابة لكان آية . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ431 )

(14) أبو حاتم الرازي :

قال أبو حاتم : محمد بن إسماعيل أعلمُ من دخل العراق . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ431 )

(15) أبو عبد الله الحاكم :

قال الحاكم : محمد بن إسماعيل إمام أهل الحديث . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ431 )

(16) محمد بن إسحاق بن خزيمة :

قال ابن خزيمة : ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحفظ له من محمد بن إسماعيل . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ431 )

(17) أحمد بن حمدون :

قال أحمد بن حمدون : رأيت محمد بن إسماعيل في جنازة سعيد بن مروان، ومحمد بن يحيى الذهلي يسأله عن الأسامي والكنى والعلل، ومحمد بن إسماعيل يمر فيه مثل السهم ، كأنه يقرأ: * ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ432 )

(18) مسلم بن الحجاج :

جاء مسلم بن الحجاج إلى البخاري فقال: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ432 )

( 19 ) أبو عيسى الترمذي :

قال الترمذي: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ432 )

(20) موسى بن هارون :

قال موسى بن هارون: لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن ينصبوا آخر مثل محمد بن إسماعيل ما قدروا عليه.(سير أعلام النبلاء جـ12 صـ434 )

 (21) أبو زيد المروزي :

قال أبو زيد المروزي : : كنت نائما بين الركن والمقام، فرأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، فقال لي: يا أبا زيد، إلى متى تدرس كتاب الشافعي، ولا تدرس كتابي ؟ فقلت: يا رسول الله، وما كتابك ؟ قال: " جامع " محمد بن إسماعيل . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ438 )

ابتلاء البخاري :

بعث الأمير خالد ابن أحمد الذهلي، والي بخارى إلى محمد بن إسماعيل: أن أحمل إليَّ كتاب" الجامع " و " التاريخ " وغيرهما لأسمع منك.فقال لرسوله: أنا لا أذل العلم، ولا أحمله إلى أبواب الناس.فإن كانت لك إلى شيء منه حاجة، فاحضر في مسجدي، أو في داري.وإن لم يعجبك هذا فإنك سلطان، فامنعني من المجلس، ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة، لأني لا أكتم العلم فكان سبب الوحشة بينهما.

فاستعان الولي خالد بن أحمد الذهلي  بحريث بن أبي الورقاء وغيره، حتى تكلموا في مذهب البخاري ،فنفاه عن بخارى , فدعا عليهم البخاري ، فلم يأت على هذا الحادث شهراً، حتى جاء الأمر من الخليفة ، بأن يُنادى على خالد بن أحمد في البلد، وبيع على أنه عبد .وأما حُريث بن أبي الورقاء, فقد ابتُلي في أهله، فرأى في زوجه ما يَجلُّ عن الوصف.وأما الآخر فابتلي بأولاده، وأراه الله فيهم البلايا . ( سير أعلام النبلاء جـ464 : صـ465 )

صحيح البخاري :

سبب تأليف صحيح البخاري :

* قال البخاري : كنا عند إسحاق بن راهويه، فقال بعض أصحابنا: لو جمعتم كتابا مختصرا لسنن النبي صلى الله عليه وسلم، قال البخاري  فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع هذا الكتاب . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ401 )

*وقال أيضاً : أخرجت هذا الكتاب من زهاء ست مئة ألف حديث.

* وقال أيضاً : ما وضعت في كتابي " الصحيح " حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك، وصليت ركعتين .

* وقال أيضاً : ما أدخلت في هذا الكتاب إلا ما صح، وتركت من الصحاح كي لا يطول الكتاب .

* قال محمد بن أبي حاتم : قلت لأبي عبد الله : تحفظ جميع ما أدخلت في المصنف ؟ : فقال: لا يخفى عَليَّ جميع ما فيه . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ403 )

كتب البخاري تراجم صحيحه بين قبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومنبره , وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ404 )

مدة تصنيف صحيح البخاري :

قال البخاري :صنفت الصحيح في ست عشرة سنة , وجعلته حجة بيني وبين الله تعالى .(سير أعلام النبلاء جـ12 صـ405 )

البخاري يتبع خطوات الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :

قال محمد بن أبي حاتم : سمعت النَّجم بن الفضيل يقول : رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في النوم، كأنه يمشي، ومحمد بن إسماعيل يمشي خلفه، فكلما رفع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدمه، وضع محمد بن إسماعيل قدمه في المكان الذي رفع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدمه . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ405 )

عدد من سمع صحيح البخاري :

* قال محمد بن يوسف الفربري: سمع كتاب " الصحيح " لمحمد بن إسماعيل تسعون  ألف رجل، فما بقي أحد يرويه غيري . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ398 )

* قال البخاري : كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه وكنيته ونسبته وحمله الحديث، إن كان الرجل فهما. فإن لم يكن سألته أن يخرج إلي أصله ونسخته. ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ406 )

* قال البخاري : رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكأنني واقف بين يديه , وبيدي مروحة أذب بها عنه , فسألت بعض المعبرين فقال لي : أنت تذب عنه الكذب , فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح . ( فتح الباري لابن حجر السعقلاني جـ9 )

* قال محمد بن أبي حاتم : رأيت محمد بن إسماعيل البخاري في المنام يمشي خلف النبي   -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمشي فكلما رفع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدمه وضع البخاري قدمه في ذلك الموضع . ( فتح الباري لابن حجر السعقلاني جـ9)

شهادة العلماء على صحيح البخاري :

* قال أبو جعفر محمود بن عمرو العقيلي لما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلى بن المديني وغيرهم فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث. قال العقيلي والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة . ( فتح الباري لابن حجر السعقلاني جـ9 )

قال أحد الشعراء يصف صحيح البخاري :

 

صَحِيحُ البُخَاِريِّ لَوْ أَنْصَفُوهُ

 

 

لمَا خُطَّ إلا بِماءِ الذَّهَبْ

هُوَ الفَرْقُ بَيْنَ الهُدىَ والعَمَى

 

 

هو السَّدُّ بين الفَتَى والعَطَبْ

أسانيدُ مِثْلُ نُجومِ السَّماء

 

 

أمام مُتُونٍ كَمِثْلِ الشُّهُبْ

بهِ قامَ ميزانُ دِينِ الرَّسولِ

 

 

ودانَ به العُجْم بعدَ العَرَبْ

حِجابٌ من النار لا شكَّ فِيهِ

 

 

تَمَيَّزَ بينَ الرَّضى والغَضَبْ

وسِتْرٌ رقيقٌ إلى المُصْطَفى

 

 

وَنَصٌّ مبينٌ لكَشْفِ الرِّيَبْ

فيا عالِماً أجمعَ العالمون

 

 

على فَضْل رُتْبَتِه في الرِّيَبْ

سَبَقْتَ الأئِمة فيما جَمَعْتَ

 

 

وفُزْتَ على رغمهم بالقَصَبْ

نَفَيْتَ الضَّعِيفَ مِنَ النَّاقِلين

 

 

وَمَنْ كان مُتَّهَماً بالكَذِبْ

وَأَبْرَزْتَ في حُسْن تَرتيبه

 

 

وتبويبه عَجباً للِعَجَبْ

فأَعْطاكَ مولاكَ ما تَشْتَهِيهِ

 

 

وأجْزَل حَظَّك فيما وَهَبْ

 ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ471 )

وفاة البخاري :

جاء البخاري إلى خَرْتَنْك (قرية قريبة من سمرقند) , وعندما فرغ من صلاة الليل:قال: اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك، فما تم الشهر حتى مات.وقبره خَرْتَنْك.

قال أبو منصور غالب بن جبريل :( وهو الذي نزل عليه البخاري ضيفاً): أقام البخاري عندنا أياماً، فمرض،واشتد به المرض , حتى جاء رسول من سمرقند يطلب خروج محمد بن إسماعيل إليهم فلما تهيأ للركوب , ولبس خفيه ومشى قدر عشرين خطوة , قال لمن كانوا يساعدوه  اتركوني فقد ضعفت , فدعا بدعوات ثم اضطجع فمات رحمه الله تعالى رحمة واسعة , فسال منه عَرَقٌ كثيرٌ، ثم أوصى أن يُكفن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة , قال أبو منصور : فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك، فدام ذلك أياماً ، حتى تحدث أهل البلدة وتعجبوا من ذلك , وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته , وخرج بعض مخالفيه إلى قبره , وأظهروا التوبة والندامة مما كانوا قد تكلموا به في مذهب البخاري . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ466 : صـ467 )

* قال عبد الواحد بن آدم: رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في النوم، ومعه جماعة من أصحابه، وهو واقف في موضع، فسلمت عليه، فرد عليَّ السلام، فقلت: ما وقوفك يا رسول الله ؟ قال: أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري.

فلما كان بعد أيام.بلغني موته، فنظرت فإذا قد مات في الساعة التي رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيها . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ468 )

  تُوفي البخاري ليلة السبت، ليلة عيد الفطر، عند صلاة العشاء، ودُفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر سنة ست وخمسين ومئتين هجرية.

وعاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما . ( سير أعلام النبلاء جـ12 صـ468 )

 رحم اللهُ الإمام البخاري وجمعنا معه في الفردوس الأعلى من الجنة ،مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.

وآخرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ,

وصلى اللهُ وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آلهِ، وصحبهِ، والتابعينَ لهم بإحسان إلى يوم الدين .

عدد المشاهدات 12068