الزبير بن العوام : حواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ ، الذي أرسله ربه هادياً ومبشراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.أما بعد: فإن الزبير بن العوام،هو حواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ،وأحد العشرة الذين بشرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجنة،من أجل ذلك أحببت أن أُذَكِرَ نفسي وإخواني الكرام بشيء من سيرته العطرة،وتاريخه المشرق المجيد،لعلنا نسير على ضوئه فنسعد في الدنيا و الآخرة .
أسألُ اللَه تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعَ به طلاب العِلْم.ِ
وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين .
وصلى اللهُ وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله، وصحبه، والتابعينَ لهم بإحسان إلى يوم الدين.
بسم الله الرحمن الرحيم
اسم الزبير ونسبه:
الزبير بن العوام بن خُويلد بن أسد بن عبد العُزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الأسدي. كنيته: أبو عبد الله.
أمه صفية بنت عبد المطلب، عمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو ابن عمة رسول الله، وابن أخي خديجة بنت خويلد زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-.
(أسد الغابة لابن الأثيرجـ2صـ 102)
قال عروة بن الزبير: كان الزبير طويلاً تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، وكانت أمه صفية تضربه ضرباً شديداً وهو يتيم، فقيل لها: قَتَلْتِه، أَهْلَكْتِه، فقالت: إنما أضْرِبُه لكي يَدِبَّ * ويـَجُـرَّ الجيشَ ذا الجَلَبْ .
(سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 1صـ45)
إسلام الزبير بن العوام:
أسلم الزبير بن العوام وهوابن ست عشرة سنة.كان عم الزبير يعلق الزبير ويدخن عليه النار، وهو يقول له: ارجع إلى دين الآباء والأجداد، فيقول الزبير: لا أكفر أبدا.
(الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ 75) (حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني جـ 1صـ 89)
زوجات الزبير وأولاده:
تزوج الزبير ست نسوة ،ورزقه الله تعالى من الأولاد عشرين :من الذكور:أحد عشر ،ومن الإناث :تسع وهم:
عبد الله وعروة والمنذر وعاصم والمهاجر وخديجة الكبرى وأم الحسن وعائشة وأمهم أسماء بنت أبي بكر الصديق وخالد وعمرو وحبيبة وسَوْدة وهند وأمهم أم خالد وهي أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص بن أمية ومصعب وحمزة ورملة وأمهم الرباب بنت أنيف بن عبيد بن مصاد بن كعب بن عليم بن جناب من كلب وعبيدة وجعفر وأمهما زينب وهي أم جعفر بنت مرثد بن عمرو بن عبد عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة وزينب وأمها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وخديجة الصغرى وأمها الحلال بنت قيس بن نوفل بن جابر بن شجنة بن أسامة بن مالك بن نصر بن قعين من بني أسد.
(الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ 74)
قال عروة بن الزبير:قال الزبير بن العوام: إن طلحة بن عبيد الله التيمي يُسمي بنيه بأسماء الأنبياء وقد علم أن لا نبي بعد محمد ،وإني أُسمي بَنِيَّ بأسماء الشهداء لعلمهم أن يستشهدوا. فسمى عبد الله بعبد الله بن جحش والمنذر بالمنذر بن عمرو وعروة بعروة بن مسعود وحمزة بحمزة بن عبد المطلب وجعفراً بجعفر بن أبي طالب ومصعباً بمصعب بن عمير وعبيدة بعبيدة بن الحارث وخالداً بخالد بن سعيد وعمراً بعمرو بن سعيد بن العاص قتل يوم اليرموك.
(الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ 74)
علم الزبير بن العوام:
روى الزبير ثمانية وثلاثون حديثا، منها في " الصحيحين " حديثان، وانفرد البخاري بسبعة أحاديث.
(سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 1صـ 67)
قال عبد الله بن الزبير :قلت للزبير ما لي لا أسمعك تحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كما يحدث فلان وفلان؟ قال أما إني لم أفارقه أسلمت ولكني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول من كذب علي فليتبوأ مقعدا من النار.
(الطبقات الكبرى لابن سعد جـ 3صـ 79)
مناقب الزبير بن العوام:
(1) روى البخاريُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ: مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ: فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا. ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا. ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيَّ وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ. (البخاري حديث:4113)
* الحواريُّ:المؤيد ـ الناصر ـ المخلص في كل شيء.
(2) روى ابنُ سعدٍ عن هشام بن عروة أن غلاماً مر بعبد الله بن عمر فسئل من هو؟ فقال: ابن حواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .فقال ابن عمر إن كنت من ولد الزبير، وإلا فلا. قال: فسُئِلَ: هل كان أحدٌ يُقالُ له حواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير الزبير؟ قال: لا أعلمه. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ 78)
(3) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى حِرَاءٍ(اسم جبل) هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَتَحَرَّكَتْ الصَّخْرَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ.(مسلم حديث:2418)
(4)روى البخاري عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) قَالَتْ لِعُرْوَةَ يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمْ الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا قَالَ مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا قَالَ كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ. (البخاري حديث:4077)
(5) روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِ فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ أَسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ )(البخاري حديث:2359/مسلم حديث:2357)
* شِرَاجِ الْحَرَّةِ : مسايل الماء .
*الْحَرَّةِ : الأرض الملسة فيها حجارة سوداء .
*أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ: أي فعلت ذلك لكونه ابن عمتك .
* تَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أي تغير من الغضب لانتهاك حرمات النبوة وقبح كلام هذا الرجل .
(6) روى الترمذيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ.
(حديث صحيح)(صحيح سنن الترمذي للألباني حديث 2946)
(7) روى أبو نعيم عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير عن جدتها أسماء ابنة أبي بكر قالت:مَرَّ الزبير بن العوام بمجلس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وحسان بن ثابت ينشدهم، فمدح حسان بن ثابت الزبير فقال في مديحه للزبير:
فكم كُربة ذَبَّ الزبير بسيفه * عن المصطفى واللهُ يعطي ويجزل .
فما مثله فيهم ولا كان قبله * وليس يكون الدهر ما دام يذبل .
ثناؤك خير من فِعال معاشر * وفعلك يا ابن الهاشمية أفضل.
(حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني جـ 1صـ 90)
(8)كان الزبير بن العوام أحد الستة ،أصحاب الشورى،الذين تُوفي عنهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ،وهو عنهم راضٍ. قال عمر بن الخطاب: والله لودت أني خرجت منها كفافاً،لا عليَّ، ولا لي وأن صحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سلمت لي ، ولو أن لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من هَوْل المطلع، وقد جعلتها شورى في عثمان وعلي وطلحة و الزبير و عبد الرحمن بن عوف و سعد . (تاريخ الخلفاء للسيوطي صـ 126)
رغبة عثمان بن عفان في استخلاف الزبير :
روى البخاريُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَخْبَرَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ: أَصَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رُعَافٌ شَدِيدٌ سَنَةَ الرُّعَافِ حَتَّى حَبَسَهُ عَنْ الْحَجِّ وَأَوْصَى فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ اسْتَخْلِفْ قَالَ وَقَالُوهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَمَنْ فَسَكَتَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ أَحْسِبُهُ الْحَارِثَ فَقَالَ اسْتَخْلِفْ فَقَالَ عُثْمَانُ وَقَالُوا فَقَالَ نَعَمْ قَالَ وَمَنْ هُوَ فَسَكَتَ قَالَ فَلَعَلَّهُمْ قَالُوا الزُّبَيْرَ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَخَيْرُهُمْ مَا عَلِمْتُ وَإِنْ كَانَ لَأَحَبَّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (البخاري حديث:3717)
بر الزبير بن العوام بأبناء الصحابة:
قال هشام بن عروة : أوصى إلى الزبير سبعةٌ من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم : عثمان وعبد الرحمن بن عوف والمقداد وابن مسعود وغيرهم . وكان يحفظ على أولادهم مالهم وينفق عليهم من ماله.
(أسد الغابة لابن الأثيرجـ2صـ 105)
زهد الزبير بن العوام:
(1) قال سعيد بن عبد العزيز :كان للزبير بن العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج فكان يقسمه كل ليلة ثم يقوم إلى منزله وليس معه منه شيء
(حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني جـ 1صـ 90)
(2) باع الزبير دارا له بستمائة ألف، فقيل له يا أبا عبد الله غبنت(خسرت) قال: كلا. والله لتعلمن أني لم أغبن(أخسر) هي في سبيل الله.
(صفة الصفوة لابن الجوزي جـ1صـ 344:343)
جهاد الزبير بن العوام:
هاجر الزبير بن العوام إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعاً ،ثم إلى المدينة،ولم يتخلف عن غزوة غزاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال عروة بن الزبير:كانت على الزبير عمامة صفراء معتجراً بها يوم بدر فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الملائكة نزلت على سيماء(علامة) الزبير.
(الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ 76)
(1) روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ:كُنْتُ يَوْمَ الْأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي النِّسَاءِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ يَخْتَلِفُ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَلَمَّا رَجَعْتُ، قُلْتُ: يَا أَبَتِ رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ. قَالَ: أَوَ هَلْ رَأَيْتَنِي يَا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ؟ فَانْطَلَقْتُ فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ فَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي.
(البخاري حديث:3730/مسلم حديث:2416)
(2) روى البخاريُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ: أَلَا تَشُدُّ(تهجم على العدو) فَنَشُدَّ مَعَكَ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ(على جيش الروم) فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ عُرْوَةُ فَكُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ.
(البخاري حديث:3721)
(3) روى البخاريُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ:لَقِيتُ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ مُدَجَّجٌ(مُغطى بالسلاح) لَا يُرَى مِنْهُ إِلَّا عَيْنَاهُ وَهُوَ يُكْنَى أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ فَقَالَ أَنَا أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالْعَنَزَةِ (وَهِيَ الْحَرْبَةُ)فَطَعَنْتُهُ فِي عَيْنِهِ فَمَاتَ قَالَ هِشَامٌ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي عَلَيْهِ ثُمَّ تَمَطَّأْتُ فَكَانَ الْجَهْدَ أَنْ نَزَعْتُهَا وَقَدْ انْثَنَى طَرَفَاهَا قَالَ عُرْوَةُ فَسَأَلَهُ إِيَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا ثُمَّ طَلَبَهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَعْطَاهُ فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ سَأَلَهَا إِيَّاهُ عُمَرُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا قُبِضَ عُمَرُ أَخَذَهَا ثُمَّ طَلَبَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَقَعَتْ عِنْدَ آلِ عَلِيٍّ فَطَلَبَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى قُتِلَ.
(البخاري حديث:3998)
قال سعيد بن المسيب: أول مَن سَلَّ سيفاً في سبيل الله الزبير بن العوام(وكان عمره اثنتا عشرة سنة)، بينما هو بمكة إذ سمع صوتاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قُتل، فخرج و في يده السيف صلتا فتلقاه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: مالك يا زبير ؟قال: سمعت أنك قد قُتلت. قال: فما كنت صانعاً؟ قال: أردت والله أن أستعرض أهل مكة. قال فدعا له النبي -صلى الله عليه وسلم-.
(صفة الصفوة لابن الجوزي جـ1صـ 346)
قال عمرو بن مصعب بن الزبير: قاتل الزبير مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ابن اثنتي عشرة سنة فكان يحمل على القوم .
(صفة الصفوة لابن الجوزي جـ1صـ 346)
موقف الزبير في حروب الفتنة:
قال عبد الرحمن بن أبي ليلى:انصرف الزبير يوم الجمل عن عليٍّ بن أبي طالب، فلقيه ابنه عبد الله فقال: جُبْنا جبنا قال: يا بني قد علم الناس أني لست بجبان ولكن ذكرني علي شيئاً سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحلفت أن لا أقاتله. فقال: دونك غلامك فلانا فقد أعطيت به عشرين ألفا كفارة عن يمينك. قال: فولى الزبير وهو يقول :
تَرْكُ الأمورِ التي أخشى عَواقِبَها * في الله أحْسَنُ في الدنيا وفي الدِّين.
(حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني جـ 1صـ 91)
استشهاد الزبير بن العوام:
روى ابنُ سعدٍ عن عِكرمة عن ابن عباس أنه أتى الزبير فقال: أين صفية بنت عبد المطلب حيث تقاتل بسيفك علي بن أبي طالب بن عبد المطلب؟ قال: فرجع الزبير فلقيه عمرو بن جرموز فقتله ، واجتز رأسه وذهب به إلى علي بن أبي طالب ورأى أن ذلك يحصل له به حظوة عنده فاستأذن فقال علي: لا تأذنوا له، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " بشر قاتل ابن صفية بالنار "
وأخذ عليٌّ بن أبي طالب سيف الزبير وقال: سيفٌ والله طالما جلا به عن وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكرب. وقال عليٌّ بن أبي طالب: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله في حقهم(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) (الحجر:47)
قال موسى بن طلحة قال: كان علي، والزبير، وطلحة، وسعد، عذار عام واحد.( يعني ولدوا في سنة واحدة).
(سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 1صـ44)
دُفنَ الزبيرـ رحمه الله ـ بوادي السباع. وجلس عليٌّ بن أبي طالب يبكي عليه هو وأصحابه .تُوفي الزبير سنة ست وثلاثين من الهجرة ،وكان عمره سبعة وستون عاما.
(الطبقات الكبرى لابن سعد جـ 3صـ :84:81) (البداية والنهاية لابن كثير جـ261:260)
قضاء دين الزبير بن العوام:
روى البخاريُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ:لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ يَا بُنَيِّ إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلَّا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ وَإِنِّي لَا أُرَانِي إِلَّا سَأُقْتَلُ الْيَوْمَ مَظْلُومًا وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي أَفَتُرَى يُبْقِي دَيْنُنَا مِنْ مَالِنَا شَيْئًا فَقَالَ يَا بُنَيِّ بِعْ مَالَنَا فَاقْضِ دَيْنِي وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ يَعْنِي بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ثُلُثُ الثُّلُثِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ قَالَ هِشَامٌ وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ وَيَقُولُ يَا بُنَيِّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلَايَ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ يَا أَبَةِ مَنْ مَوْلَاكَ قَالَ اللَّهُ قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلَّا قُلْتُ يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ فَيَقْضِيهِ فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِلَّا أَرَضِينَ مِنْهَا الْغَابَةُ وَإِحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ وَدَارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ وَدَارًا بِالْكُوفَةِ وَدَارًا بِمِصْرَ قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ لَا وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ وَمَا وَلِيَ إِمَارَةً قَطُّ وَلَا جِبَايَةَ خَرَاجٍ وَلَا شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ قَالَ فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي كَمْ عَلَى أَخِي مِنْ الدَّيْنِ فَكَتَمَهُ فَقَالَ مِائَةُ أَلْفٍ فَقَالَ حَكِيمٌ وَاللَّهِ مَا أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ قَالَ مَا أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِي قَالَ وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُ مِائَةِ أَلْفٍ فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا قَالَ فَإِنْ شِئْتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إِنْ أَخَّرْتُمْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا قَالَ قَالَ فَاقْطَعُوا لِي قِطْعَةً فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَكَ مِنْ هَاهُنَا إِلَى هَاهُنَا قَالَ فَبَاعَ مِنْهَا فَقَضَى دَيْنَهُ فَأَوْفَاهُ وَبَقِيَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ كَمْ قُوِّمَتْ الْغَابَةُ قَالَ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ أَلْفٍ قَالَ كَمْ بَقِيَ قَالَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ قَالَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ وَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كَمْ بَقِيَ فَقَالَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ قَالَ قَدْ أَخَذْتُهُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ قَالَ وَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ قَالَ بَنُو الزُّبَيْرِ اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا قَالَ لَا وَاللَّهِ لَا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِيَ بِالْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ قَالَ: فَجَعَلَ كُلَّ سَنَةٍ يُنَادِي بِالْمَوْسِمِ، فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ قَالَ فَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَرَفَعَ الثُّلُثَ فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ.(البخاري حديث:3129)
رَحِمَ اللهُ الزبير بن العوام رحمةً واسعةً، وجزاه الله عن الإسلام خير الجزاء.
ونسأل الله تعالى أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى من الجنة،بحبنا له، وإن لم نعمل بمثل عمله.
وصلى اللهُ وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله، وصحبه، والتابعينَ لهم بإحسان إلى يوم الدين .