أحكام الصيام

2011-07-24

إدارة الموقع

أحكام الصيام

      معنى الصوم :

الصَّوْمُ في اللغة: الإمساكُ عن الشيء والتَّرْكُ له وقيل للصائم صائمٌ لإمْساكِه عن المَطْعَمِ والمَشْرَبِ والجِماعِ، وقيل للصامت صائم لإمساكه عن الكلام. قال الله تعالى إخباراً عن مريم عليها السلام : ( إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً ) (مريم:  26) أي إمساكاً عن الكلام .

(لسان العرب لابن منظور جـ 4 صـ 2530)

والصوم في الشرع : الإمساك عن الطعام والشراب، وجماع النساء، وسائر الـمُفَطِّرَات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التعبد لله تعالى .( الفقه على المذاهب الأربعة جـ1 صـ453 )

فضائل الصيام

قال اللهُ تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)   (البقرة:183)

قال ابن كثير (رحمه الله) يقول تعالى مخاطبًا للمؤمنين من هذه الأمة وآمرًا لهم بالصيام، وهو: الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع بنية خالصة لله عز وجل، لما فيه من زكاة النفس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة. وذكر أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على من كان قبلهم، فلهم فيه أسوة، وَليَجتهد هؤلاء في أداء هذا الفرض أكمل مما فعله أولئك، كما قال تعالى: ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ) (المائدة: 48) ؛ ولهذا قال هاهنا: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) لأن الصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان.     

    (تفسير ابن كثير جـ 2 صـ 173)

(1) روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ .

     ( البخاري حديث 1904 / مسلم – كتاب الصيام حديث 163 )

فائدة هامة :سُئِلَ سُفيان بن عُيَينة عن قوله : " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ) فقال رحمه الله : إذا كان يوم القيامة , يحاسبُ الله عز وجل عبده , ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى إلا الصوم , فيتحمل الله ما بقي عليه من المظالم , ويدخله بالصوم الجنة .      ( شرح السنة للبغوي جـ6 صـ224  )

ويُحكى عن سفيان بن عُيَينة أيضاً في قوله : " الصوم لي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ) قال : لأن الصوم هو الصبر , يصبر الإنسان عن المطعم والمشرب والنكاح , وثواب الصبر ليس له حساب , ثم قرأ : " ) إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)(الزمر: 10)

 

     ( شرح السنة للبغوي جـ6 صـ244 )

(2) روى الشيخانِ عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ .

  ( البخاري حديث 1897 / مسلم حديث 1152 )

(3) روى الشيخانِ  عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا . ( البخاري حديث 2840 / مسلم حديث 1153 )

(4) روى النسائيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ قَالَ عَلَيْكَ بِالصِّيَامِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ .

     ( حديث صحيح ) ( صحيح سنن النسائي للألباني حديث 2098 )

(5) روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .

( البخاري حديث 1901 / مسلم حديث 760 )

(6) روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. ( البخاري حديث 2014 / مسلم حديث 759 )

(7) ) روى الشيخانِ عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ

     ( البخاري حديث 1905 / مسلم حديث 1400 )

(8)روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ .     ( مسلم جـ1 – كتاب الطهارة حديث 16 )

(9) روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ .( البخاري حديث 1899 )

(10) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي أَيُّوب الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ.     ( مسلم حديث 1164 )

(11) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ .    (مسلم حديث 1162)

(12) روى ابن ماجه عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا .    ( حديث صحيح ) ( صحيح ابن ماجه للألباني حديث 1417 )

(13) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ . ( حديث صحيح ) (صحيح الترمذي للألباني حديث 596 )

فوائد ترك الشهوات

 قال ابن رجب الحنبلي (رحمه الله): إن الصائم يتقرب إلى الله بترك ما تشتهيه نفسه من الطعام و الشراب و النكاح و هذه أعظم شهوات النفس و في التقرب بترك هذه الشهوات بالصيام فوائد :

 (1) كسر النفس فإن الشبع و الري و مباشرة النساء تحمل النفس على الأشر و البطر و الغفلة .

(2)تخلي القلب للفكر و الذكر فإن تناول هذه الشهوات قد تقسي القلب و تعميه و تحول بين العبد و بين الذكر و الفكر و تستدعي الغفلة و خلو الباطن من الطعام و الشراب ينور القلب و يوجب رقته و يزيل قسوته و يخليه للذكر و الفكر .

(3) أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بإقداره له على ما منعه كثيرا من الفقراء من فضول الطعام و الشراب و النكاح فإنه بامتناعه من ذلك في وقت مخصوص و حصول المشقة له بذلك يتذكر به من منع من ذلك على الإطلاق فيوجب له ذلك شكر نعمة الله عليه بالغنى و يدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج و مواساته بما يمكن من ذلك .

(4) أن الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فتسكن بالصيام وساوس الشيطان و تنكسر ثورة الشهوة و الغضب و لهذا جعل النبي صلى الله عليه و سلم [ الصوم وجاء ] لقطعه عن شهوة النكاح

 و اعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرم الله في كل حال من الكذب و الظلم و العدوان على الناس في دمائهم و أموالهم و أعراضهم و لهذا قال النبي    ( من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه ) خرجه البخاري. قال بعض السلف : أهون الصيام ترك الشراب و الطعام. وقال جابر بن عبد الله : إذا صمت فليصم سمعك و بصرك و لسانك عن الكذب و المحارم و دع أذى الجار و ليكن عليك وقار و سكينة يوم صومك و لا تجعل يوم صومك و يوم فطرك سواء .     (لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي صـ 291:290)    

أنواع الصيام

ينقسم الصيام إلى قسمين هما : صيام واجب ، وصيام تطوع و سوف نتحدث عنهما :

أولاً: الصيام الواجب يشتمل على  ثلاثة أنواع هي:

   (1) صيام شهر رمضان (2) صيام النذر (3) صيام  الكفارات .

أولاً : صيام شهر رمضان

لـماذا سُّمي رمضان بهذا الاسم ؟ 

  سُّمي رمضان بهذا الاسم لأن العرب لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة ، سَموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق رمضان أيام شدة الحر وَرَمَضه، فسمي به.  (النهاية لابن الأثير جـ2 صـ264)

حكم صيام شهر رمضان :

صَوْمُ رَمَضَانَ وَاجِبٌ ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ الْكِتَابُ ، وَالسُّنَّةُ ، وَالْإِجْمَاعُ ؛ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ *      (البقرة 185:183)

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقد روى الشيخانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ.     (البخاري حديث 8  /مسلم حديث16)

روى الشيخانِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا فَقَالَ أَخْبِرْنِي مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الصِّيَامِ فَقَالَ شَهْرَ رَمَضَانَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا فَقَالَ أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الزَّكَاةِ فَقَالَ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَالَ وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ.

   (البخاري حديث 1891 /مسلم حديث11)

وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ . (المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 324:323)

على من يجب صيام شهر رمضان ؟

أجمع العلماءُ على أنه يجب صيام شهر رمضان على المسلم , البالغ , العاقل , الصحيح , المقيم , ويجب أن تكون المرأة طاهرة من الحيض والنفاس .

    ( بداية المجتهد لابن رشد جـ1 صـ422 )

    حكم صيام من لا يصلي

يجب على كل مسلم، بالغ ، عاقل، أن يؤدي جميع الفرائض التي فرضها الله عليه حتى يصل إلى تمام الرضا من الله تبارك وتعالى , فمن صام ولم يصلِّ , سقط عنه فرض الصوم وبقى عليه إثم ترك الصلاة يحاسبه الله عليها يوم القيامة . فليحذر الذين يتهاونون في الصلاة من عذاب الله تعالى يوم الدين , وربما يؤدي ترك الصلاة إلى حبوط الأعمال وعدم قبولها جميعاً .

  ( فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ 5 رقم 753 صـ 1726 )

 

صيام الأطفال

إذا بلغ الأطفال سبع سنين وكانوا يقدرون على الصوم يُستحب لآبائهم أو ولاة أمورهم أن يأمروهم بالصلاة وصوم رمضان , ليتمرنوا على ذلك ويعتادوه من الصغر . روى الشيخان عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ قَالَتْ فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا وَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنْ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ.  (البخاري حديث1960  /مسلم حديث 1136 )   

     ( نيل الأوطار للشوكاني جـ2 صـ259 )

أحوال صيام شهر رمضان :

قَدِمَ النبيُّ r إلى المدينة فكان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر , وصام عاشوراء حتى فرض الله تعالى الصيام في العام الثاني من الهجرة , فصام رسول الله r تسع سنين .وكان صوم رمضان على ثلاثة أحوال :

الحالة الأولى : التخيير بين الصيام وبين الإفطار مع الإطعام :

قال اللهُ تعالى : ( أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:184)

عندما نزلت هذه الآية المباركة كان المسلم مخيراً بين صوم رمضان أو الإفطار مع إطعام مسكين عن كل يوم , والصوم أفضل .

الحالة الثانية : تعيين صيام رمضان بدون تخيير : قال الله تعالى : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )

   (البقرة: 185)

عندما نزلت هذه الآية الكريمة , أثبت الله تعالى صوم شهر رمضان على كل مسلم بالغ عاقل مقيم صحيح البدن , ورخص الله للمريض والمسافر في الفطر وأثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم .

الحالة الثالثة :

كان المسلمون يأكلون ويشربون ويأتون أزواجهم ما لم يناموا , فإذا نام أحدهم , حرم عليه الأكل والشرب وإتيان النساء حتى غروب شمس اليوم التالي فشق ذلك على أصحاب النبي r  فأنزل الله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)(البقرة: 187)

وبنزول هذه الآية الكريمة أباح الله تعالى للمسلم أن يأكل ويشرب ويأتي زوجته وذلك في الفترة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر .

 ( تفسير ابن كثير جـ2 صـ176 ) ( فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ8 صـ30 : صـ31 )

ثبوت دخول شهر رمضان وخروجه

يثبت دخول شهر رمضان برؤية الهلال ولو من عدل واحد , سليم البصر أو إكمال عدة شهر شعبان ثلاثين يوماً , ولا يثبت هلال شهر شوال إلا برؤية عدلين .( المغني لابن قدامة جـ4 صـ416 : صـ420 )

اختلاف مطالع شهر رمضان :

إذا ظهر هلال شهر رمضان في بلد مسلم , هل يجب الصيام بهذه الرؤية على جميع البلاد الإسلامية أم أن لكل بلد رؤيته ؟

اختلف العلماءُ في مسألة اختلاف مطالع شهر رمضان على قولين معتبرين ولكل منهما دليله من القرآن والسنة الصحيحة .

يرى أصحاب القول الأول : أنه إذا ظهر هلال رمضان في بلد إسلامي , وجب على جميع بلاد المسلمين بدء الصوم .

ويرى أصحاب القول الثاني : بأن لكل بلد رؤيته الخاصة به , وهذا خلاف مشهور معلوم منذ عهد أصحاب النبي r.

ولا يجوز شرعاً أن يختلف أهل البلد الواحد في هذه المسألة , فيصوم بعضهم ويفطر آخرون , لأن هذا يترتب عليه مفسدة عظيمة , ولقد مرَّ على ظهور الإسلام أكثر من أربعة عشرا قرناً من الزمان ولا يُعلم أن جميع المسلمين بدءوا صوم رمضان في يوم واحد , وعلى ذلك يجوز لعلماء كل دولة إسلامية أن يأخذوا بأحد هذين القولين المعتبرين , ويجب على كل مسلم أن يتبع دار الإفتاء في الدولة التي يصوم فيها ولا يخالفها .     ( فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ5 صـ1747 : صـ1748 ) ( فتاوى اللجنة الدائمة جـ1 صـ102 )

حكم من رأى هلال رمضان أو هلال شوال وحده :

من كان في صحراء أو بعيداً عن العمران وتأكد من رؤية هلال شهر رمضان وجب عليه الصوم , سواء قُبلت شهادته أم لا , ومن رأى هلال شوال وحده لا يفطر إلا مع الناس احتياطياً .  ( المغني لابن قدامة جـ4 صـ416 : صـ421 ) ( فتاوى ابن تيمية جـ25 صـ458 )

حكم من ترك صيام رمضان منكراً لوجوبه أو تركه تهاوناً :

من ترك صوم شهر رمضان منكراً لوجوبه فهو كافر ومرتد عن الإسلام وذلك بإجماع علماء المسلمين , وأما من ترك صوم شهر رمضان عمداً أو كسلاً أو تهاوناً , فلا يُكْفرُ , ولكنه فاسق وعلى خطر كبير بتركه ركناً من أركان الإسلام مجمعاً على وجوبه , ويستحق العقوبة والتأديب من ولاة الأمور بما يردعه وأمثاله .     ( فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ8 صـ2793 )

الصيام في البلاد التي يطول فيها النهار ويقصر الليل

المسلمون المقيمون في البلاد التي يطول فيها النهار جداً ويقصر الليل , يتبعون أقرب البلاد المعتدلة لهم , وهي البلاد التي يتسع فيها كل من الليل والنهار لما فرضه الله تعالى من صلاة وصوم على الوجه الذي يؤدي به التكليف , وتتحقق حكمته دون مشقة أو إرهاق .

    ( فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ8 رقم 1139 صـ2799 )

صيام المسلمين الذين يعيشون في بلاد غير إسلامية

 يمكن للمسلمين الذين يعيشون في بلاد غير إسلامية أن يتراءوا هلال شهر رمضان , وإن لم يتمكنوا من ذلك , فإنهم يتبعون أقرب البلاد الإسلامية إليهم .

أركان الصيام :للصوم ركنان :

أولاً النية :الصيام عبادة لله تعالى فلا يصح إلا بنية كسائر العبادات .قال الله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)  (البينة :5)

النية : وهي عَزْمٌ بالقلب على فعل طاعة لله تعالى ولرسوله .

روى البخاريُّ عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى .

    (البخاري: حديث 1)

والنيةُ محلها القلب , ولا علاقة للسان بها , والتلفظ بالنية غير مشروع في جميع العبادات، ولأن التلفظ بالنية لم يثبت عن نبينا .

فالله تعالى يعلم نية كل إنسان وما يفكر فيه .

قال تعالى : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) .(  الملك : 14 )

وقال سبحانه : (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) ( غافر : 19 )

ثانياً: الإمساك عن الطعام والشراب، وجماع النساء، وسائر الـمُفَطِّرَاتِ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

كيف ينوي المسلم صيام شهر رمضان ؟

يجب على المسلم أن ينوي صيام رمضان أو أي صوم واجب قبل طلوع الفجر , والنية محلها القلب ولا دخل للسان بها، وتكفي نية واحدة من أول رمضان , ولكن لو قطع الصوم في أثناء الشهر بسفر أو مرض , وجب عليه أن ينوي من جديد , لأنه قطع النية بترك الصيام للسفر والمرض ونحوهما .

   وأما بالنسبة لصبام التطوع فلا يُشترط فيه أن تكون النية قبل طلوع الفجر , وتجوز أن تكون نية الصوم نهاراً إذا لم يتناول شيئاً من المفطِّرَات .      ( المغني لابن قدامة جـ4 صـ333 : صـ343 ) ( فتاوى ابن تيمية جـ25 صـ215 )

حكم خروج المذي أثناء الصيام

المذي : ماء أبيض رقيق لزج يكون من الرجل والمرأة , يخرج نتيجة التفكير في الشهوة , ولكن من غير تدفق ولا يعقبه فتور , وربما لا يشعر به الإنسان , وخروج المذي بشهوة لا يبطل الصوم , سواء كان ذلك بسبب تقبيل الزوجة أو غير ذلك مما يثير الشهوة .

قال الإمام النووي :

      عند بيان سبب عدم فساد الصوم بخروج المذي أنه خارج لا يوجب الغسل , فأشبه البول ويجب غسل ما أصاب البدن والثوب منه , والوضوء لأداء الصلاة .( المجموع للنووي جـ 6 صـ 323 )

 

كيف تصوم المرأة المستحاضة؟

الاستحاضة :دم يخرج من المرأة في غير أوقات الحيض أو النفا أو تتصلاً بهما.

المرأة المستحاضة إن كان لحيضها أيام معلومة قبل استحاضتها , فإنها تفطر هذه الأيام وقت حيضها , وأما إن لم يكن لها أيام حيض معلومة فإنها تفطر في الأيام التي يكون فيها دم حيض بعلامته المعروفة وتصوم ما عدا ذلك , وأما إن لم يكن للمرأة أيام حيض معلومة ولم تستطع أن تميز بين دم الحيض وغيره  فإنها تعمل بعادة  غالب النساء فيكون حيضها ستة أو سبعة أيام

   من كل شهر , فتترك الصلاة ولصيام هذه المدة عندما ترى أول نزول الدم , وتصلي وتصوم ما عدا ذلك ثم تقضي هذه الأيام مع مراعاة أن تغسل مكان الدم وتتحفظ لنزوله وتتوضأ بعد دخول وقت كل صلاة مفروضة  .

      ( بحوث وفتاوى جاد الحق شيخ الأزهر جـ 1 صـ 124 : صـ 129 )

سنن وآداب الصيام

إن للصيام سنناً وآداباً يمكن أن نوجزها فيا يلي:

(1)    السحور: روى الشيخانِ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ  بَرَكَةً.

     (البخاري حديث 1923/مسلم حديث 1059)

و من السُّنة تأخير تناول السحور :روى الشيخانِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالسَّحُورِ قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً. (البخاري حديث 1921/مسلم حديث 1097)

  *  وتتجلى بَرَكَةُ السَّحُور في الدعاء في الثلث الأخير من الليل حيث ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ، نزولاً يليق بجلاله وعظمته ، فيقول : هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟هل من داع فأستجيب له؟حتى يطلع الفجر.    (البخاري حديث 7494)

* وتتجلى بَرَكَةُ السَّحُور في إدراك صلاة الفجر جماعة في المسجد.

* وتتجلى بَرَكَةُ السَّحُور في كونه يقوي المسلم على الصوم.

* ويكفي في بركة السحور اتباع سنة الرسول وما يترتب على ذلك من عظيم الأجر من الله تعالى يوم القيامة .

(فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ4 صـ166)

(2)    تعجيل الإفطار :

روى الشيخانِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ

(البخاري حديث 1957/مسلم حديث 1098)

(3)    الإفطار على رطبات أو تمرات أو شربة ماء:

روى أبو داودَ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَعَلَى تَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ.    (حديث حسن صحيح )(صحيح أبي داود لألباني حديث 2065) 

(4)    الدعاء أثناء الصيام وعند الإفطار:

روى البيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله قال:" ثلاث دعوات مستجابات : دعوة الصائم  ودعوة الـمظلوم  ودعوة المسافر.

(حديث صحيح )( صحيح الجامع للألباني حديث 3030)

 روى أبو داودَ عن عبد الله بن عمر قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ :ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.  (حديث حسن)(صحيح أبي داود لألباني حديث 2066)

(5) الإكثار من الجود وقراءة القرآن :

 الجود هو سعة العطاء وكثرته ، والله تعالى يوصف بالجود ، وكان النبي جواداً كريماً ، يؤثر المحتاجين من الصحابة على نفسه وآل بيته ، وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر .

 روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.    (البخاري حديث 1904/مسلم حديث 1151)

(6)حفظ اللسان و الجوارح عن جميع المعاصي :

روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَه.(البخاري حديث 1903)

روى الشيخانِ عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ .    (البخاري حديث 1904/مسلم حديث 1151)

  صيام الوصال

 الوصال: هو أن يصومَ المسلمُ يومين أو أكثر مواصلاً الصيام دون أن يفطر بينهما ليلاً , وهذا النوع من الصيام نهى عنه النبي r .

روى الشيخانِ عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ مَرَّتَيْنِ قِيلَ إِنَّكَ تُوَاصِلُ قَالَ: إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ فَاكْلَفُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ .( البخاري حديث 1966 / مسلم – الصيام حديث 58 )

أمور مباحة أثناء الصيام

(1)    المضمضة والاستنشاق من غير مبالغة :

روى أبو داودَ عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ قَالَ :قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الْوُضُوءِ قَالَ أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا.(حديث صحيح )(صحيح أبي داود لألباني حديث 129)

(2)    الحجامة و التبرع بالدم:

 يجوز للصائم أن يحتجم وأن يتبرع بالدم بشرط ألا يؤدي ذلك إلى ضعف الجسم .

روى البخاريُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ.      (البخاري حديث 1939)

   ( فتح الباري جـ 4 صـ 205 : صـ 210 )  ( الاعتبار للحازمي صـ 211 : صـ 216 )

(3)    وضع الطيب واستخدام السواك وقطرة العين ، ووضع الكحل وتذوق الطعام و معجون الأسنان:بشرط ألا يدخل شيء إلى جوف الصائم .

روى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عباس قال: لا بأس أن يذوق الخل أو الشيء ما لم يدخل حلقه وهو صائم.  

 (حسن لغيره)(مصنف ابن أبي شيبة جـ 4 صـ 462 رقم 9367)  

روى ابن أبي شيبة عن ابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه لم يكن يرى بأسا بالسواك للصائم.

      (إسناده صحيح)(مصنف ابن أبي شيبة جـ 4 صـ 54رقم 9239)  

    ( مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 25 صـ 266 : صـ 267 )

(4)    الاغتسال :

روى الشيخانِ عن عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُوم.

( البخاري حديث 1926 / مسلم حديث 1109 )

روى أبو داود َ عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر وقال تقووا لعدوكم وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر قال الذي حدثني لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أومن الحر .

     (حديث صحيح )(صحيح أبي داود لألباني حديث 2072)

(5) القبلة ومباشرة  الزوجة لمن يتحكم في نفسه :

روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ

( البخاري حديث 1927 / مسلم حديث 1106 )

المباشرة:مس بشرة الرجل لبشرة زوجته من غير جماع .

روى مسلمٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلْ هَذِهِ لِأُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ.     (مسلم حديث 1108)

روى عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن مسروق قال : سألت عائشة ما يحل للرجل من امرأته صائماً ؟ قالت : كل شيء إلا الجماع. (إسناده صحيح)(مصنف عبد الرزاق جـ 4 صـ 190رقم 8439 )

(6)وصال الصيام إلى السحر :

روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تُوَاصِلُوا فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ.   

(البخاري حديث 1967)

(7)ابتلاع النخامة والريق وغبار الطريق:

يباح للصائم ابتلاع ما لا يمكن التحرز منه مثل الريق وغبار الطريق وغربلة الدقيق والنخامة، بشرط ألا تصل هذه النخامة إلى

الفم، ثم يبتلعها      (روضة الطالبين للنووي جـ 2 صـ 360 )   ( المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 354 : صـ 356 )

(8) القيء غير المتعمد : روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ.    (حديث صحيح )(صحيح الترمذي لألباني حديث 577)

حكم من أصبح جنباً :

        من جامع زوته ليلاً او أصابته الجنابة فليتم صومه ، و لا شيء عليه . روى الشيخانِ عن عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. (البخاري حديث 1926/مسلم حديث 1109)

مبطلات الصيام

ننقسم مبطلات الصيام إلى قسمين : : مبطلات توجب القضاء فقط ، و مبطلات توجب القضاء والكفارة معاً.

أولاً: مبطلات توجب القضاء فقط وهي :

(1)    الأكل والشرب عمداً : فإذا أكل الصائم أو شرب ناسياً فلا شيء عليه.

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ. (مسلم حديث 1155)

(2)    القيء عمداً :فإن غلب الصائمَ القيءُ فلا شيء عليه .

روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ.

 (حديث صحيح )(صحيح الترمذي لألباني حديث 577)

(3) الحيض والنفاس بالنسبة للنساء:

      روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ فَذَلِكَ نُقْصَانُ دِينِهَا     (البخاري حديث 1951)

(4)الاستمناء :و هو تعمد إخراج المني بأي طريقة بغيرجماع:

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.     (البخاري حديث 1936/مسلم حديث 1111)

و الاستمناء شهوة .ومما يؤكد أن المني يطلق عليه شهوة ما رواه مسلمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الغفاري أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا.      (مسلم حديث 1006)

 فائدة هامة : من خرج منه المني نتيجة الاحتلام فلا شيء عليه .

(5) نية الإفطار :إذا نوى أحد فطر يوم في شهر رمضان، و عزم على الإفطار بإرادته ،بطل صومه، إن امتنع عن الطعام والشراب وجميع الـمُفَطِّرَات طوال اليوم، وذلك لأن النية ركن من أركان الصيام الواجب ،التي لا يصح إلا بها .

روى البخاريُّ عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى .

    (البخاري: حديث 1)

قال ابن حزم (رحمه الله) :ومن نوى وهو صائم إبطال صومه بطل، إذا تعمد ذلك ذاكراً لأنه في صوم ،و إن لم يأكل ولا شرب ولا وطيء

(المحلى لابن حزم جـ 6 صـ 175:174 مسألة 732)

(6)الردة عن الإسلام :

قال الله تعالى(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)      (الزمر: 65)

ثانياً : مبطلات توجب القضاء والكفارة معاً وهي الجماع فقط:

إذا جامع الرجل زوجته عمداً وهي راضية في نهار رمضان وكانا صائمين , فسد صومهما ، ووجب على كل منهما قضاء ذلك

اليوم مع الكفارة وهي:عتق رقبة مؤمنة , فإن لم يستطيعا  فعلى كل منهما صيام شهرين متتابعين، , فإن لم يستطيعا فعلى كل منهما إطعام  ستين مسكيناً, فإن لم يستطيعا بقيت الكفارة في ذمتيهما لحين ميسرة . وأما إن كانت الزوجة مُكرهةٌ على ذلك فيجب أولاً أن تجتهد في دفع زوجها عنها . فإن جامعها بعد ذلك فلا كفارة عليها ،ولكن وجب عليها قضاء ذلك اليوم فقط , وكذلك إن جامعها زوجها نهاراً وهي نائمة . ومن جامع زوجته أكثر من مرة في نهارٍ واحدٍ , وجب عليه القضاء وكفارة واحدة فقط .

    ( المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 273 : صـ 376 , صـ 385 : صـ 386 )

روى الشيخانِ عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ مَا لَكَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا فَقَالَ فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا قَالَ فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ فَقَالَ أَنَا قَالَ خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ.

(البخاري حديث 1936/مسلم حديث 1111)

أحكام  المفطرين في رمضان

سوف نتحدث عن أحوال المفطرين في رمضان، فنقول وبالله تعالى التوفيق :  

(1) من يجب عليهم الفطر والقضاء:

    يجب على المرأة الحائض  والنفساء الفطر والقضاء .

روى مسلمٌ عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ(مدينة في العراق ظهر فيها الخوارج ) قُلْتُ لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ قَالَتْ كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ.  

     (مسلم حديث 335)

(2)من يباح لهم الفطر ويجب عليهم القضاء فقط :

   الذين يجب عليهم القضاء فقط هم : المسافر (مسافة تقصر فيها الصلاة)،والمريض الذي يرجى شفاؤه من هذا المرض ، قال اللهُ تعالى : ( أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى َفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:184)

(3) من يباح لهم الفطر ويجب عليهم الفدية فقط:

الذين يباح الفطر في رمضان هم الشيخ الكبير، والمرأة العجوز والمريض الذي لا يرجى شفاؤه ، ويجب عليهم إطعام مسكين عن كل يوم . روى البخاري عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)(البقرة 184)فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. (البخاري حديث 4505)

   ( المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 395 : صـ 396 )

(4) إذا كان  إفطار الرجل متعمداً بجماع زوجته , فعليه القضاء والكفارة مع التوبة إلى الله تعالى سبحانه , والكفارة  هي على الترتبب:

عتق رقبة مؤمنة , فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين , فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً , وعلى المرأة مثل ذلك إذا كانت راضية .

( المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 372 : صـ 381 )

(5) وإن كان الإفطار عمداً بأكل أو شرب ونحوهما , فعلى المفطر القضاء والتوبة ولا كفارة عليه .

      (المحلى لابن حزم جـ 6 صـ    185مسألة 737   )   (المجموع للنووي جـ 6 صـ 328)

 (6) المرأة الحامل التي تخاف ضرراً على نفسها أو جنينها من صوم رمضان , وكذلك المرأة المرضع التي تخشى ضرراً على نفسها أو رضيعها من الصوم , يجب عليهما فقط قضاء ما أفطرتا من الأيام , كالمريض الذي لا يقوى على الصوم أو يخشى منه على نفسه مضرة .

قال الله تعالى : ( ومَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )   ( البقرة : 18 )

      (فتاوى اللجنة الدائمة جـ 10 صـ 220 ) ( شرح زاد المستنقع لابن عثيمين جـ6 صـ220 )

قضاء رمضان :

قضاء رمضان لا يشترط فيه أن يكون عقب رمضان مباشرة ، و إنما هو على التراخي .روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت :

كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ.  (البخاري حديث 1950/مسلم حديث 1146)

ولا شك أن عائشة كانت تصوم أياماً تطوعاً أثناء العام، وكان هذا بعِلْمِ نبينا وإقراره .

قال ابن حجر العسقلاني: وَفِي الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى جَوَاز تَأْخِير قَضَاء رَمَضَان مُطْلَقًا سَوَاء كَانَ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْر ، لِأَنَّ الظَّاهِر اِطِّلَاع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ تَوَفُّر دَوَاعِي أَزْوَاجه عَلَى السُّؤَال مِنْهُ عَنْ أَمْر الشَّرْع فَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا لَمْ تُوَاظِبْ عَائِشَة عَلَيْهِ ، وَيُؤْخَذ مِنْ حِرْصهَا عَلَى ذَلِكَ فِي شَعْبَان أَنَّهُ لَا يَجُوز تَأْخِير الْقَضَاء حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَان آخَرُ.

    (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ  225) 

و يستحب المبادرة بقضاء رمضان ،لأن الإنسان لا يدري متى يصيبه المرض أو متى ينتهي أجله .

قضاء رمضان متتابعاً أو متفرقاً

 قال البخاري :َقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ(عن قضاء رمضان) لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )  (البخاري ـ كتاب الصوم ـ بَاب مَتَى يُقْضَى قَضَاءُ رَمَضَانَ)

روى ابن أبي شيبة عن أنس بن مالك قال: إن شئت فاقض رمضان متتابعاً وإن شئت متفرقاً.

      (إسناده صحيح)  (مصنف ابن أبي شيبة جـ 4صـ 50رقم 9206)

حكم من مات وعليه قضاء صيام أيام من رمضان :

من مات وعليه قضاء صوم أيام من رمضان , ولم يتمكن من القضاء إما لضيق الوقت أو لعذر شرعي كمرض أو سفر أو عجز عن الصوم , فهذا لا شيء عليه , وأما من كان في قدرته قضاء هذه الأيام ولكنه فرَّط في قضائها وجب أن يُطعم عنه لكل يوم مسكين .

     ( المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 398 : صـ 399 )

حكم من أخر قضاء أيام رمضان بغير عذر حتى دخل عليه رمضان التالي

من أخرَّ قضاءَ أيام رمضان بغير عذر حتى رمضان التالي , وجبت عليه الكفارة وهي , إطعام مسكين عن كل يوم , سواء كان ذلك لجماعة مرة واحدة أم لواحد عدة مرات , ولا يجزئ دفع النقود عن الإطعام .

 ( بداية المجتهد لابن رشد جـ 1 صـ 444 )  (المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 398 : صـ 400 )

ثانياً: صيام النذر

معنى النذر :

أن توجب على نفسك ما ليس بواجب لحدوث أمر. (المفردات للراغب الأصبهاني ص742 )

مشروعية النذر :

النذر مشروع بالكتاب والسنة والإجماع .

أما الكتاب : فيقول الله تعالى : ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة : 270] ، ويقول سبحانه : ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29] ، ويقول جل شأنه : ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ [الإنسان: 7] .

وأما السنة : فقد روى البخاريِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ.(البخاري حديث 6696 )

وروى الشيخانِ عن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ عِمْرَانُ لَا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ.  (البخاري حديث 2651، ومسلم حديث 2535 )

وأما الإجماع : فقد أجمع المسلمون على صحة النذر في الجملة ولزوم الوفاء به.(المغني لابن قدامة جـ13 صـ 621 )

حكم من نذر صياماً ثم مات قبل الوفاء بنذره

من نذر أن يصوم ثم مات قبل الوفاء بنذره , صام عنه وليه .      ( عون المعبود جـ 7 صـ 32 )

روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ .

( البخاري حديث 1952 / مسلم حديث 1147 ) 

روى أبو داودَ  عَنْ عبدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتْ الْبَحْرَ فَنَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا فَنَجَّاهَا اللَّهُ فَلَمْ تَصُمْ حَتَّى مَاتَتْ فَجَاءَتْ ابْنَتُهَا أَوْ أُخْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَصُومَ عَنْهَا. (حديث صحيح )(صحيح أبي داود لألباني حديث 2829 )

حكم من نذر صياماً ًثم عجز عن الوفاء به

من نذر صيام أيام مشروعة ثم عجز عن صومها , وجبت عليه كفارة يمين , وهي عتق رقبة مسلمة، أو إطعام عشرة مساكين ،أو كسوتهم، فإن لم يستطع، صام ثلاثة أيام .   ( البخاري حديث 1985 / مسلم حديث 1144 ) 

 ثالثاً : صيام الكفَّـــارات

 معنى الكفَّارة :

      سُميت الكَفَّارة بذلك لأنها تُكَفِّرُ الذنوب ، أي تسترها ، مثل كفارة الأيمان وكفارة الظهار ، والقتل الخطأ ، وقد بينها الله في كتابه وأمر بها .   (لسان العرب لابن منظور جـ 5 صـ 3900)

أنواع الصيام في الكفارات :

أولاً :الصيام في كفارة الظِّهار :

الظهار : هو أن يقول الرجل لزوجته : أنتِ عليَّ كظهر أمي ، ولا يختص الظهار بلفظ الأم فقط ، بل يمكن أن يكون بتشبيه الزوجة بكل امرأة محرمة عليه تحريمًا مؤبدًا كابنته أو جدته أو أخته أو عمته أو خالته أو ابنة أخيه أو ابنة أخته ، إذ كل هؤلاء في حُكْم الأم في الحرمة المؤبدة. ( المغني لابن قدامة جـ11 صـ57ـ: 58 )

كفارة الظهار :

   قال الله تعالى : ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾(المجادلة: 3:4)

من هذه الآيات المباركة يتضح أن كفارة الظهار هي واحدة من ثلاث حسب ترتيبها كما يلي:

أولاً: عتق رقبة مسلمة.

ثانيًا: صيام شهرين متتابعين.

ثالثًا: إطعام ستين مسكينًا من أوسط ما يأكله الزوج ،ولا يجوز دفع قيمة الطعام نقودًا.   (المغني لابن قدامة جـ11 صـ101 )

قال ابن قدامة : أجمع أهل العلم على وجوب التتابع في الصيام في كفارة الظهار، وأجمعوا على أن من صام بعض الشهر ثم قطعه لغير عذر وأفطر، أن عليه استئناف الشهرين.      ( المغني لابن قدامة  جـ 11 صـ 808)

ثانيًا : الصيام في كفارة القتل شِبْه العَمْد ،والقتل الخطأ:

معنى القتل شبه العمد:

المقصود بالقتل شبه العَمْد هو أن يقصد المسلم المكلف ضرب إنسان آخر بما لا يقتل غالبًا، إما لقصد العدوان عليه ، أو لقصد التأديب له ، فيسرف فيه ، كالضرب بالسوط ، والعصا ، والحجر الصغير ، والوكز باليد ، وسائر ما لا يقتل غالبًا فيؤدي ذلك إلى القتل. 

  (المغني لابن قدامة جـ 11 صـ 462) 

معنى القتل الخطأ :

القتل الخطأ هو أن يفعل المسلم ، البالغ العاقل ، فعلاً لا يريد به إصابة المقتول ، فيصيبه ويقتله ، مثل أن يرمي صيدًا أو هدفًا فيصيب إنسانًا فيقتله .    (المغني لابن قدامة جـ11ـ صـ 464)

قال الله تعالى : ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾   (النساء: 92) (المغني لابن قدامة جـ11 صـ 462 : 465)

ثالثًا :الصيام في كفَّارة الجماع في نهار رمضان :

إذا جامع الرجل زوجته عمدًا وهي راضية في نهار رمضان وكانا صائمين ، فسد صومهما ووجب على كل منهما قضاء ذلك اليوم مع الكفارة وهي عتق رقبة مسلمة ، فإن لم يستطيعا، فعلى كل منهما صوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطيعا، أطعم كل منهما ستين مسكينًا ، فإن لم يستطيعا بقيت الكفارة في ذميتهما لحين ميسرة ، وأما إذا كانت الزوجة مكرهة ، فلا كفارة عليها ولكن وجب عليها قضاء ذلك اليوم فقط.    ( المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 372: 382 )

رابعًا :الصيام في كفارة اليمين المنعقدة :

قال الله تعالى : ﴿لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة : 89].

يتضح من هذه الآية الكريمة أن كفارة اليمين المنعقدة هي :

إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، أو تحرير رقبة مسلمة ، والمسلم مخير بين هذه الثلاث، فله أن يكفرِّ بأيها شاء ، فإن عجز ولم يستطع أن يفعل واحدًا منها فإنه ينتقل إلى الصوم ، فيصوم ثلاثة أيام متتابعات أو متفرقات ، ولا يجزئ الصوم إلا بعد العجز عن الإطعام أو الكسوة أو عتق رقبة مسلمة .(  بداية المجتهد لابن رشد جـ 1 صـ 628 )

صيام التطوع

معنى التطوع:فعل الطاعة لمرضاة الله تعالى ، والمقصود بصيام التطوع هو كل ما زاد على الواجب .

لقدسَنَّ لنا نبينا  صيام أيامٍ تطوعاً لكي يزيد المسلم رصيده من الحسنات عند الله تعالى يوم القيامة،وهذه الأيام هي:

 (1) صيام الاثنين و الخميس :

روى أبو داودَ عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ.      (حديث صحيح )(صحيح أبي داود لألباني حديث 2128)

 (2)صبام ستة أيام من شهر شوال :

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ.     (مسلم حديث 1164)

 (3) الإكثار من الصيام في شهر المحرم خاصة يوم عاشوراء :

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ. (مسلم حديث 1163)

روى مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ.

    (مسلم حديث 1162)

(4) صِيامُ يَوْمِ عَرَفَةَ لغير الحاج :

روى مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ (مسلم حديث 1162)

(5) الإكثار من الصيام في شهر شعبان :

روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّهْرِ مِنْ السَّنَةِ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ وَكَانَ يَقُولُ خُذُوا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا وَكَانَ يَقُولُ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلَّ

      (البخاري حديث 1969 /مسلم حديث 1156)

 (6) صيام ثلاثة أيام من كل شهر هجري :

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ. (البخاري حديث 1981 /مسلم حديث 721)

يستحب أن تكون هذه الأيام هي الثلاثة البيض من كل شهر هجري .روى الترمذيُّ عن أَبي ذَرٍّ قال:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا صُمْتَ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصُمْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ.

(حديث حسن صحيح )(صحيح الترمذي لألباني حديث  608)

(7) صيام الأيام التسع الأول من شهر ذي الحجة :

روى أبو داودَ عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ امْرَأَتِهِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنْ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ.

   (حديث صحيح )(صحيح أبي داود لألباني حديث 2129)

(8) صيام يَوْم وَفْطِر يَوْم :

 روى الشيخانِ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو بن العاص قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ.

(البخاري حديث 1131 / مسلم حديث 1159)

أحكام صيام التطوع

(1)النية في صيام التطوع:لا يشترط في صيام التطوع أن تكون النية قبل الفجر، فيجوز للمسلم في صوم التطوع أن ينوي الصيام بالنهار .

روى مسلمٌ  عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ يَا عَائِشَةُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ قَالَ فَإِنِّي صَائِمٌ .( مسلم حديث 1154 )

ولكن ينبغي أن يكون من المعلوم أن من نوى صوم التطوع بالنهار لا يحصل على الثواب كاملاً وإنما يكون ثوابه منذ أن نوى الصوم .

      ( المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 342 )

(2) الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ .

روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ يَا عَائِشَةُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ قَالَ فَإِنِّي صَائِمٌ. قَالَتْ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ قَالَتْ فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ شَيْئًا قَالَ مَا هُوَ قُلْتُ حَيْسٌ قَالَ هَاتِيهِ فَجِئْتُ بِهِ فَأَكَلَ ثُمَّ قَالَ: قَدْ كُنْتُ أَصْبَحْتُ صَائِمًا.      ( مسلم حديث 1154 )

(3)يجب على المرأة أن تستأذن زوجها في صيام التطوع.

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ.

     (البخاري حديث 5192 / مسلم حديث 1026)

(4)يجوز للمسلم أن يتطوع بالصيام قبل قضاء رمضان .

روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت :كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ.

(البخاري حديث 1950/مسلم حديث 1146)

ولا شك أن عائشة كانت تصوم أياماً تطوعاً أثناء العام، وكان هذا بعِلْمِ نبينا وإقراره .

الأيام المنهي عن صيامها

لقد نهانا نبينا  عن صيام أيام محددة ، وهي :

(1) صيام يومي العيدين :

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَالْيَوْمُ الْآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ   (البخاري حديث 1990 / مسلم حديث 1137)

(2)صيام أيام التشريق الثلاثة :

وهي أيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة .

روى أبو داودَ عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا فَقَالَ كُلْ فَقَالَ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ عَمْرٌو كُلْ فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا

قَالَ مَالِكٌ(أحد رواة الحديث) وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ.  (حديث صحيح )(صحيح أبي داود لألباني حديث 2113)

روى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَا :لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ.

(البخاري حديث 1997)

(3)صيام يوم الشك :وهو يوم الثلاثين من شهر شعبان :

روى الترمذي عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَأُتِيَ بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ فَقَالَ كُلُوا فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ فَقَالَ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ عَمَّارٌ مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.   (حديث صحيح )(صحيح الترمذي لألباني حديث  553 )

(4)    صيام النصف الثاني من شهر شعبان لمن لم تكن له عادة :

روى أبو داودَ  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا.

  (حديث صحيح )(صحيح أبي داود لألباني حديث 2049 )

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ.(البخاري حديث 1914 / مسلم حديث 1082)

(5)    صيام يوم الجمعة منفرداً :

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ    (البخاري حديث 1985 / مسلم حديث 1144)

روى الشيخانِ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ فَقَالَ أَصُمْتِ أَمْسِ قَالَتْ لَا قَالَ تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا قَالَتْ لَا قَالَ فَأَفْطِرِي.(البخاري حديث 1984 / مسلم حديث 1143)

فائدة هامة  : يُشرعُ صوم يوم عرفة إذا وافق يوم جمعة ولو بدون صوم يوم قبله وكذلك إذا وافق يوم السبت لما ثبت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  مِن الحث على صومه وبيان فضله وعظيم ثوابه .

وأما النهي فيكون محمولاً على إفراد يوم الجمعة بالصوم , لكونه يوم جمعة , أما من صامه لأمر آخر رغِّبَ فيه الشرعُ وحث عليه , فليس بممنوع , بل مشروع ولو أفرده بالصوم .( زاد المعاد لابن القيم جـ 2 صـ86 ) ( فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 275 )

(6)    صيام يوم السبت منفرداً :

روى الترمذي عَنْ الصماء (أخت عبد الله بن بسر) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ.  (حديث صحيح )(صحيح الترمذي لألباني حديث 594 )

قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَمَعْنَى كَرَاهَتِهِ فِي هَذَا أَنْ يَخُصَّ الرَّجُلُ يَوْمَ السَّبْتِ بِصِيَامٍ لِأَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ يَوْمَ السَّبْتِ.

(7)    صيام الدهر :

روى مسلمٌ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو بن العاص إِنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ وَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَهَكَتْ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ صَوْمُ الشَّهْرِ كُلِّهِ قُلْتُ فَإِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى.

   (مسلم حديث 1159)

(8) صيام المرأة و زوجها حاضر إلا بإذنه :

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ.

     (البخاري حديث 5192 / مسلم حديث 1026)

 وختاماً: أسأل الله الكريم  ,  رب العرش العظيم , أن يتقبل مني هذا العمل ويجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعني به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من آتي الله بقلبٍ سليمٍ , كما أسأله سبحانه أن ينفع بهذه  الرسالة طلاب العلم في كل مكان .

وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين .

  وصلى الله وسلم عل نبينا محمد , وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين .

عدد المشاهدات 11769