الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد اعتاد الناس أن يذهبوا إلى الأطباء لعلاج أبدانهم من الأمراض التي أصابتهم، وذلك لأنهم يشاهدون آثار تلك الأمراض، ومع ذلك يغفل الكثير منهم عن نوعٍ آخر من الأمراض، التي هي أكثر ضررًا من أمراض الأبدان، وهي أمراض القلوب، وهل التأثير حقيقة إلا على الروح والقلب ! فما البدن إلا تابع لهما. ومن هذه الأمراض: الحَسَدُ، وهو من الأمراض الخطيرة، وهو سبب لضياع الدين والدنيا معًا، من أجل ذلك أحببت أن أُذَكر نفسي وإخواني الكرام بأسباب الحسد وعلاجه، فأقول وبالله التوفيق:
معنى الحَسَدُ: الحسد هو أن يرى الرجلُ لأخيه نعمة، فيتمنى أن تزول عنه، وتكون له دونه.
[النهاية لابن الأثير جـ1 ص383]
كلمة الحسد في القرآن: جاءت كلمة الحسد في القرآن الكريم بمشتقاتها المختلفة خمس مرات.
[المعجم المفرس لألفاظ القرآن ص201]
الرد على من ينكر الحسد:
قال الإمام ابن القيم رحمه اللَّه: لا ريب أن اللَّه سبحانه خَلَقَ في الأجسام والأرواح قوى وطبائع مختلفة، وجعل في كثير منها خواص، وكيفيات مُؤَثرة، ولا يمكن لعاقل إنكار تأثير الأرواح في الأجسام، فإنه أمرٌ مُشَاهَد محسوس. فأنت ترى الوجه كيف يَحْمرُّ حُمْرة شديدة إذا نظر إليه من يستحي منه ويصْفر صُفْرة شديدة عند نظر من يخافه إليه. وقد شاهد الناس من يَسْقم من النظر وتضعف قواه، وهذا كله بواسطة تأثير الأرواح ولشدة ارتباطها بالعين يُنسبُ الفعل إليها وليست هي الفاعلة، وإنما التأثير للروح. والأرواح مختلفة طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها، فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذًى بَيْنًا، ولهذا أمر اللَّه سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ به من شره، وتأثير الحسد في أذى المحسود أمرٌ لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية، وهو أصل الإصابة بالعين، فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة، وتقابلُ المحسود، فتؤثر فيه بتلك الخاصية، وأشبه الأشياء بذلك الأفعى، فإن السُّمَّ كامن فيها بالقوة، فإذا قابلت عدوها انبعثت منها قوة غضبية وتكيفت بكيفية خبيثة مؤذية، فمنها ما تشتد كيفيتها وتقوى حتى تؤثر في إسقاط الجنين، ومنها ما تؤثر في طَمْس البصر.
روى الشيخان عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )اقتلوا الحيَّات، واقتلوا ذا الطفيتين (خطان أبيضان على ظهر الحية) والأبتر (قصير الذنب أو مقطوع الذَنَب)، فإنهما يطمسان البصر ويُسقطان الحَبَلَ(الجنينُ في بطن أمه))
[البخاري حديث 3297، ومسلم 2233، زاد المعاد لابن القيم جـ4 ص166]
أنواع الحسد:
الحسد نوعان: حسد مذموم، وحسد محمود، وسوف نتحدث عنهما بإيجاز.
أولاً: الحسد المذموم:
المقصود بالحسد المذموم هو أن يرى الإنسان نعمة على إنسان آخر فيكره ذلك ويتمنى زوالها عنه وانتقالها إليه. وهذا النوع من الحسد ذَمَّه اللَّه وحَرَّمه في كتابه وحذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة. قال تعالى: [ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير] .
[البقرة: 109]
قال ابن كثير رحمه اللَّه: يحذر اللَّه تعالى عباده المؤمنين من سلوك الكفار من أهل الكتاب، ويُعْلِمُهم بعداوتهم لهم في الظاهر والباطن، وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين.
[تفسير ابن كثير جـ2 ص18]
وقال سبحانه: [أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما] .
[النساء: 54]
قال القرطبي: قوله تعالى: [أم يحسدون] . يعني: اليهود، وقوله تعالى: [الناس] . يعني النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: حسدوه على النبوة، وأصحابه على الإيمان به.
[تفسير القرطبي جـ5 ص252]
وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الحسد المذموم لما يترتب عليه من مفاسد في الدين والدنيا، وذلك من خلال أحاديثه الشريفة، والتي سوف نذكر بعضًا منها:روى الشيخان عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تباغضوا، ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد اللَّه إخوانًا).
[البخاري حديث 6076، ومسلم حديث 2559]
روى الترمذي عن الزبير بن العوام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )دَبَّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد، والبغضاء هي الحالقة، لا أقول تَحْلِقُ الشعر ولكن تحلق الدين ( .
[صحيح الترمذي 2038]
روى النسائي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )لا يجتمعان في قلب عبدٍ: الإيمان والحسد ( .
[صحيح النسائي 2912]
مراتب الحسد المذموم: ذكر أهل العلم مراتب للحسد المحرم، سوف نذكرها فيما يلي:
المرتبة الأولى: أن يحب الإنسان زوال النعمة عن الغير، وأن تنتقل إليه، ولذا يسعى بكافة السُّبُل المحرَّمة إلى الإساءة إليه ليحصل على مقصوده، كأن يحصل على داره، أو يجعله يطلِّق امرأته ليتزوجها، أو يكون صاحب منصب، فيحب أن يحصل عليه بدلاً من ذلك الغير. وهذه المرتبة هي الغالبة بين الحُساد.
المرتبة الثانية: أن يحب الإنسان زوال النِعْمة عن الغير، وإن كانت هذه النعمة لا تنتقل إليه، وهذه المرتبة في غاية الخُبْث ولكنها دون المرتبة الأولى.
المرتبة الثالثة: أن لا يحب الإنسان نفس هذه النعمة لنفسه، ولكنه يشتهي أن يكون لديه مثلها، فإن عجز عن الحصول على مثلها، أحب زوال هذه النعمة عن الغير كي لا يظهر التفاوت بينهما.
[الإحياء للغزالي جـ3 ص298]
ثانيًا: الحسدُ المحمودُ:
المقصود بالحسد المحمود هو أن يرى الإنسان نعمة على غيره، فيتمنى أن يكون له مثلها دون أن يكرهها أو يتمنَّى زوالها عن ذلك الغير.
[النهاية لابن الأثير جـ1 ص383]
ويُسمى هذا النوع من الحسد المحمود بالغِبْطة أو المنافسة، ومن المعلوم أن المنافسة في عمل الخيرات وطلب الآخرة أمر حثنا عليه الله في كتابه والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة. قال تعالى: [سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم] .
[الحديد: 21]
وقال سبحانه: [وفي ذلك فليتنافس المتنافسون] .
[المطففين: 26]
روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )لا حسد إلا في اثنتين: رجل عَلَّمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جارٌ له فقال: ليتني أوتيتُ مثلما أُوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالاً فهو يُهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أُوتيتُ مثل ما أُوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ( .
[البخاري حديث 5026]
عمر ينافس أبا بكر الصديق رضي الله عنهما. روى أبو داود عن عمر بن الخطاب قال: )أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبقُ أبا بكر إن سبقته يومًا. قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله. وأتى أبو بكر بكل ما عنده. فقال: يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلتُ: والله لا أسابقك إلى شيء أبدًا ( .
[صحيح أبي داود للألباني حديث 1472]
المؤمن حقًا لا يحسد أحدًا: من صفات عباد الرحمن أنهم لا يحسدون أحدًا على نعمة أَنْعَمَ الله بها عليه.قال تعالى: [والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون] .
[الحشر: 9]
قال ابن كثير- رحمه الله -: قوله تعالى: [ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا]. أي: ولا يجدون في أنفسهم حسدًا للمهاجرين فيما فَضَّلَهم الله به من المنزلة والشرف والتقدير في الذِّكر والرتبة.
[تفسير ابن كثير جـ13 ص489]
العين حق: إن الحسد بالعين ثابت بالكتاب والسنة ولا ينكره إلا جاحدٍ. معنى العين: نظرٌ باستحسان مشوبٌ بحسد من خُبْث الطبع يحصلُ للمنظور ليه ضرر منه.
[فتح الباري لابن حجر جـ10 ص210]
قال تعالى: [وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون (51) وما هو إلا ذكر للعالمين] .
[القلم: 51، 52]
قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: ليزلقونك بأبصارهم معنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم. وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل.
[تفسير ابن كثير جـ14 ص102]
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )العين حق، ولو كان شيء سابق القَدَر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا ( .
[مسلم حديث 2188]
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: )كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوِّذ الحسن والحسين يقول: أُعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، ويقول: كان أبوكم إبراهيم يعوِّذ بهما إسماعيل وإسحاق ( .
[البخاري حديث 3371]
عن عائشة قالت: )أَمَر النبي صلى الله عليه وسلم أن نسترقي من العين ( .
[البخاري حديث 5738، ومسلم حديث 2195]
عن أسماء بنت عُمَيْس قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ما لي أرى أجسام بني أخي (أبناء جعفر بن أبي طالب) ضارعة (نحيفة) تُصيبهم الحاجة (الجوع). قالت:لا، ولكن العين تسرعُ إليهم. قال: ارقيهم ( .
[مسلم حديث 2198]
مقارنة بين الحاسد والعائن: الحاسد والعائن يشتركان في الأثر، وهو أن كل منهما يقع منه الضرر، ويختلفان في الوسيلة، فالعائن مصدر حسده العين، والحاسد مصدر حسده القلب حيث يتمنى زوال النعمة عن الغير.
[بدائع الفوائد لابن القيم جـ2 ص231]
كيف تؤثر العين في المحسود ؟ قال ابن القيم رحمه الله: قالت طائفة: إن العائن إذا تكيفت نفسه بالكيفية الرديئة، انبعث من عينيه قوة سُمْيَّة تصل المَعِين (المحسود) فيتضرر. قالوا: ولا يُستنكر هذا، كما لا يُستنكر انبعاث قوة سُميَّة من الأفعى تتصل بالإنسان فيهلك، وهذا أمر قد اشتهر عن نوع من الأفاعي أنها إذا وقع بصرها على الإنسان هلك، فكذلك العائن. وقالت فرقة أخرى: لا يُستبعدُ أن ينبعث من عيون بعض الناس، جواهر لطيفة، غير مرئية فتصل المَعِين وتتخلل مسام جسمه فيحصل له الضرر.
[زاد المعاد جـ4 ص165، 166]
الوقاية من حسد العين: يجب على المسلم الذي يريد أن يتجنب الحسد عن طريق العين أن يبتعد عن مواجهة الإنسان المعروف بداء حسد العين وسَتْر محاسن الشيء الذي يخاف عليه الحسد.
[زاد المعاد لابن القيم جـ4 ص173]
علاج حسد العين: إذا تأكدنا أن أحد الناس حسد آخر بالعين، فإننا نطلب من الحاسد أن يتوضأ في إناء ثم نأخذ هذا الماء ونصبه على رأس وظهر المحسود من خَلْفه، فيبرأ بإذن الله تعالى.
[التمهيد لابن عبد البر جـ9 ص352، ومسلم بشرح النووي جـ7 ص427]
عن سهل بن حنيف - وذلك عندما نظر عامر بن ربيعة إلى سهل فحسده - قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرًا فتغيظ عليه، وقال: )عَلاَمَ يقتلُ أحدُكُم أخاه ! هلا إذا رأيت ما يعجبك بَرَّكت ( أي قلت: اللهم بارك له). ثم قال له: اغتسل له. فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب ذلك الماء عليه. يَصُبه رَجُلٌ على رأسه وظهره من خَلْفه، ثم يكفئ القدح وراءه، ففعل ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس ( .
[حديث صحيح: مسند أحمد جـ2 ص486]
عن عائشة رضي الله عنها قالت: )كان يُؤمر بالعائن، فيتوضأ، ثم يغتسل منه المَعِين ( .
[صحيح أبي داود للألباني حديث 3286]
الوقاية من الحسد:
ذكر الإمام ابن القيم عشرة أسباب للوقاية من الحسد، يمكن أن نوجزها فيما يلي:
الأول: التعوذ بالله وحده من شر الحسد: فإن الله تعالى سميع لمن استعاذ به وعليم بما يستعيذ العبد منه.
الثاني: تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه: فمن اتقى الله، تولى الله حفظه ولم يكله إلى غيره. قال تعالى: [وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا] .
[آل عمران: 120]
الثالث: الصبر على عدوه: فلا يقاتله ولا يشكوه ولا يُحَدِّث نفسه بأذاه أصلاً، فما نُصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه.
الرابع: التوكل على الله: فإنه من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد عن نفسه ما لا يطيق من أذى الخَلْق وظلمهم وعداوتهم. قال تعالى: [ومن يتوكل على الله فهو حسبه].
[الطلاق: 3]
أي: كافيه، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه.
الخامس: فراغ القلب من الاشتغال بالحسد: يجب على المسلم أن يمحو الحسد من قلبه كلما خَطَرَ له، ولا يلتفت إليه ولا يخافه ولا يملأ قلبه بالفكر فيه.
السادس: الإقبال على الله وإخلاص العمل له: [فالإخلاص هو سبب انتصار العبد على الشيطان الرجيم، قال تعالى حكاية عن الشيطان: قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين (82) إلا عبادك منهم المخلصين].
[ص: 82، 83]
فمن دخل في حصن الإخلاص، لم يخْلُص إليه أحد من الجن والإنس.
السابع: تجريد التوبة إلى الله من الذنوب: وليعلم العبد أن ما يصيبه إنما هو من ذنوبه، قال تعالى: [وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم].
[الشورى: 30]
وقال سبحانه لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم: [أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم].
[آل عمران: 165]
فكلما تاب العبد من ذنوبه، كلما كان ذلك سببًا لتجنبه الحسد من الناس.
الثامن: الصدقة والإحسان إلى الناس: لكي يتجنب المسلم الحسد ينبغي له أن يكثر من الصدقات في السر والعلانية، ويحسن إلى الناس، فإن لذلك تأثيرًا عجيبًا في دفع البلاء عن المؤمن ودفع الحسد كذلك.وهذا واقع ملموس فمن النادر أن يتسلط الأذى والحسد على صاحب صدقة خالصة لله تعالى وإن أصابه شيء من الحاسد فإن الله يَلْطف به جزاء ما قدَّم لله وحده.
التاسع: الإحسان إلى الحاسد: إن من أعظم الأسباب لدفع الحسد، والتي لا يوفق إليها إلا من وفقه الله، إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه، قال تعالى: [ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم (34) وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم] .
[فصلت: 34، 35 ]
العاشر: تجريد التوحيد: يجب على العبد أن يشغل فكره دائمًا بالله تعالى فهو وحده مسبب الأسباب، ولا يحدث شيئ في هذا الكون إلا بإرادته ومشيئته، قال تعالى: [وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله] .
[يونس: 107]
فإذا جرد العبد التوحيد لله تعالى فقد خرج من قلبه خوف ما سواه، وكان عدوه أهون عليه من أن يخافه مع الله؛ فالتوحيد حصن الله الأعظم من دخله كان من الآمنين.
[بدائع الفوائد لابن القيم جـ2 ص238، 245]
علاج الحسد
إذا وقع الحسد لأحد المسلمين، فإنه يمكن أن يعالج نفسه أو يعالجه آخر بالرُّقْية الشرعية الثابتة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويجب على المسلم أن يعتقد أن هذه الرقية الشرعية لا تأثير لها إلا بإذن الله وحده، وعلى المسلم أن يعلم كذلك أنه لا علاج للحسد الذي أصابه إلا بالقرآن والسنة.ويمكن أن نوجز علاج الحسد فيما يلي:
1 - قراءة المعوذات: وهما سورة قل أعوذ برب الفلق سورة قل أعوذ برب الناس، هذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[صحيح ابن ماجه حديث 2830]
2 - يقول المعالج للمحسود: (باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك).
[مسلم 2186]
3 - الإكثار من الدعاء: وخاصة عند السجود وفي ثلث الليل الآخر، وبين الأذان والإقامة ويوم الجمعة ويوم عرفة وعند إفطار الصائم وغير ذلك من الأوقات الفاضلة. وعلى المسلم أن يوقن بأن الله سيجيب دعاءه، قال تعالى: [وقال ربكم ادعوني أستجب لكم] .
[غافر: 60]
قال تعالى: [وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون] .
[البقرة: 186]
وقال سبحانه: [أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون] .
[النمل: 62]
4- المحافظة على الصلوات المفروضة: جماعة في المساجد والإكثار من الاستغفار وتلاوة القرآن ونوافل الصلوات والصيام والصدقات والأذكار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا كله من الأدوية النافعة بإذن الله تعالى لعلاج الحسد.