(الطلاق في فترة الحيض طلاق بدعي )
يقول الشيخ عبد العظيم الحميلي عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف … : إن الطلاق في الحيض يُوصَف بأنه طلاق بِدْعِي ليس من السنة .. وإنما طلاق السنة أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه .
ولكن طلاق الحائض مع كونه بدعي فإنه يقع من المطلق ، وعليه أن يراجع زوجته .
وهذا ما حدث بالنسبة لابن عمر حيث إن سيدنا عمر سأل لابنه رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له عليه الصلاة والسلام : ( مره أن يراجعها ) فمراجعتها أثناء الحيض ليس فيها أي شيء يمنع الرجل أن يراجع زوجته ما دامت في العدة .. وعدة المرأة بالنسبة للمتزوجة تكون ثلاث حيضات أو ثلاثة أطهار .. وعلى خلاف في ذلك ، هل القروء هي الحيض أو هي الطهر .. فإن كانت من غير ذوات الحيض (الآيسة والصغيرة ) فعدتها ثلاثة أشهر إن لم تكن حاملاً فإن كانت حاملاً فعدتها هي وضع الحمل .
(الطلاق في الحيض ممنوع)
ينبغي أن نعلم أن الطلاق في الحيض ممنوع ، فلا يجوز لمسلم عاقل أن يعمد إلى طلاق امرأته في حال الحيض ، لأن الله تعالى يقول : (إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ )[الطلاق :1] وقد غضب النبي -صلى الله عليه وسلم- لما طلق ابن عمر امرأته وهي حائض ، وقال لعمر : ( مُرْهُ فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعدُ وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء )
والحديث هنا على لسان الدكتور جمال المراكبي رئيس لجنة الفتوى بمركز أنصار السنة المحمدية .
ويواصل الدكتور جمال المراكبي حديثه قائلاً : إنه ينبغي على الزوج إذا إراد أن يطلق امرأته أن يطلقها كما أمر الله .
وكما بَيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أن يطلقها وهي طاهر دون أن يمسها في هذا الطهر .
قال البخاري : وطلاق السنة أن يطلقها طاهرًا من غير جماع ، ويُشْهدُ شاهدين .
أما الطلاق في حال الحيض أو في طهر جامعها فيه فهو مخالف لما أمر الله به .
(ولكن هل يقع هذا الطلاق وتترتب عليه آثاره ؟؟)
يقول الدكتور جمال المراكبي : إن العلماء قد اختلفوا في ذلك :
فالجمهور على أنه طلاق واقع .
وعلى ذلك بوّب البخاري في صحيحه فقال : (باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق) .
وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال حُسبتْ عليَّ بتطليقة .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا الطلاق لا يقع ؛ لأنه طلاق غير مأذون فيه .
وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أي : مردود عليه.
قالوا : وقد ورد عن ابن عمر أنها لم تحسب شيئًا كما في مسند الإمام أحمد ( حديث رقم 5524 ) قال عبد الله : فردها عليه ولم تحسب شيئًا .
وفي رواية : (ليراجعها فإنها امرأته) .
وهذا ما رجحه ابن حزم في المحلى ، وكذلك ابن تيمية وابن القيم فيما نقل عنهما من الفقه .
وقد تساهل بعض علماء السنة في هذا العصر في هذه المسألة ، وردوا قول الجمهور ، وأيدُّوا القول الآخر بعدم الوقوع .
وقد صنف أحد كبار علماء أنصار السنة الشيخ المحدث أحمد شاكر القاضي بالمحاكم الشرعية في هذه المسألة رسالة حري بمن يتعلق بأمر الفتوى أن يطالعها .
ويواصل الدكتور جمال المراكبي حديثه قائلاً : إن لجنة الفتوى بجماعة أنصار السنة المحمدية تتردد في هذه المسألة ولا تحسمها ، مع أن غالب أعضائها يميلون إلى القول بعدم الوقوع ، ويحيلون السائل في مثل هذه المسألة إلى لجان الفتوى بالأزهر الشريف .
وذلك حتى لا يفتح على المسلمين بابًا من أبواب الشر .
وأتمنى أن تحسم لجان الفتوى هذه المسألة ، ولو عن طريق إعداد أبحاث خاصة بها .
والحق أن تعليم المسلمين كيف يكون الطلاق للسنة ، وزجرهم عن إيقاع الطلاق في الحيض ، وبيان أنه معصية هو واجب الدعاة المخلصين .
والاهتمام بتثقيف الناس في هذه المسألة .
أولى من الحديث عن هل يقع الطلاق فيها أم لا .
جمهور الفقهاء يفتون بأن الطلاق يقع في الحيض
يقول الدكتور عبد العزيز عزت عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف : بأن جمهور الفقهاء يفتون بأن الطلاق يقع في حالة الحيض - ولكن الشيخ سيد سابق في فقه السنة وربما الإمام ابن تيمية لم يقولا به باعتبار أن هذا الطلاق طلاق بدعي - ويقع الطلاق .
ويجوز مراجعة المطلق في الحيض من غير أن يباشرها .
(الطلاق المعلق على شرط)
يقول الشيخ عبد العظيم الحميلي عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف : إنه يقع إذا ما وقع الشرط .
فإذا طلق الرجل زوجته مشروطًا بوقوع شرط أو عدم وقوعه ، فإن ذلك يترتب عليه الطلاق ما دام المطلق الذي اشترط طلاق زوجته وعلقه على شرط يقصد تطليقها إذا ما وقع الشرط ، يتحقق جوابه إذا ما تحقق جواب ذلك الشرط .
هذا إذا قصد تطليقها عند وقوع الجواب .
ولكن كما ذهب إلى ذلك متأخرو العلماء إذا لم يكن قاصدًا تطليقها بالطلاق المعلق ، وإنما قصد زجرها وتهديدها ومنعها وتخويفها ؛ فإنه والحالة هذه لا يقع طلاقًا .
وقد رأى بعض العلماء إلى أنه يتحول إلى أن يكون يمينًا مثل يمين بالله ، فعليه أن يكَفِّر عنه بإطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم هو وأهله ، فإذا لم يجد فصيام ثلاثة أيام .
(إذا كان القصد منه الحمل على فعل شيء أو ترك شيء لا يقع طلاقًا ) .
يقول الدكتور جمال المراكبي : إن جمهور العلماء على وقوع الطلاق المعلق على شرط إذا تحقق هذا الشرط ، وقالوا : إذا كان الزوج يملك إيقاع الطلاق منجزًا فإنه أيضًا يملك تأجيله ويملك تعليقه .
وذهب بعض العلماء إلى أن الطلاق المعلق على شرط يقع إذا نوى به الزوج الطلاق ، ولا يقع إذا نوى به التهديد .
وقد مال قانون الطلاق في مصر إلى هذا القول .
فنص على أن الطلاق المعلق إذا كان القصد منه الحمل على فعل شيء أو ترك شيء لا يقع طلاقًا .
وهذا القول هو الراجح لأنه يكون أقرب للأيمان منه للطلاق ، ولهذا نقول : إن فيه كفارة يمين ، وهذا قول ابن تيمية ومن وافقه .
والحقيقة - والكلام ما زال للدكتور جمال المراكبي - إن شيوع هذا النوع من الطلاق ، وكذلك الحلف بالطلاق ، يؤرِّق كل مسلم غيور ، لما فيه من التشديد على المسلمين ، وتنكيد حياتهم ، ولهذا ينبغي على الدعاة تحذير المسلمين من التورط في هذه الأيمان خاصة ، وأنهم غالبًا لا يريدون إيقاع الطلاق بها .
وأكثر ما يعرض على لجان الفتوى في الطلاق يتعلق بهذه المسائل .
وأنا لا أعلم لهذا الطلاق دليلاً من السنة ، اللهم إلا تخيير النبي -صلى الله عليه وسلم- لأزواجه كما في سورة الأحزاب ، وهو لم يعلق طلاقهن ، ولهذا أميل إلى اعتباره من البدع والضلالات لترهيب الناس من الإقدام عليه .
(من يملك إيقاع الطلاق)
يقول الدكتور جمال المراكبي : جعل الله الطلاق بيد الزوج ، يملك إيقاعه بإرادته وحده ، دون أن يتوقف ذلك على رضاء أو موافقة طرف آخر كالزوجة وغيرها .
والسبب في ذلك أن الشرع الحكيم يفترض في الرجل أنه أقدر من غيره على حسم هذه القضية بتحكيم العقل دون تحكيم للهوى والغرض والانفعال المؤقت .
والزوج يتحمل أعباء الزواج ، وكذلك الأعباء المترتبة على الطلاق من نفقة ومؤخر صداق ، ومن ثم فإنه لن يتسرع في إيقاع الطلاق بغير حاجة ، بل سيفكر كثيرًا قبل الإقدام عليه .
هل يجوز للمرأة أن تطلق زوجها ؟؟
يقول الدكتور عبد العزيز عزت : إن الطلاق معتبر بالرجال ولا عبرة بقول النساء في الطلاق .
إلا إذا اشترطت المرأة عند العقد أن يكون إيقاع الطلاق بيدها .
ويضيف الدكتور جمال المراكبي قائلاً : إن الأصل - كما أسلفنا - أن الطلاق بيد الزوج وحده وأن الزوجة لا تملك إيقاعه بنفسها ، بل لها الحق عند وجود ضرر محقق أن تطلب التطليق من الزوج أو حتى من القاضي ، ولها الحق في طلب الفسخ في أحوال مخصوصة ، ويجوز لها إذا لم تَرْضَ عشرة الزوج ، ولم تثبت الضرر أن تختلع منه على النحو المعروف والمبسوط عند الفقهاء .
ولكن يجوز للمرأة عند بعض أهل العلم أن تشترط في عقد الزواج بعض الشروط التي لا تخالف شرع الله تعالى ، وقد توسع بعضهم في هذه الشروط ، وضيق البعض الآخر منها حتى أجاز لها البعض أن تشترط ألا يتزوج عليها ، أو لا يخرجها من بلدتها ، أو أن يكون لها الحق في إيقاع طلاقها واستندوا في ذلك لما جاء في السنة من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خير نساءه بين البقاء معه على الوضع المعروف لهن وما فيه من قلة النفقة ، وبين الطلاق ، فاخترن جميعًا الله ورسوله والدار الآخرة .
تقول عائشة : ولو اخترن غير ذلك لوقع الطلاق .
قالوا : ويجوز للمرأة أن تشترط لنفسها عند عقد الزواج أن يكون لها هذا الخيار .
ولا يعني هذا أن سلطة إيقاع الطلاق تنتقل من الرجل للمرأة ، ولكن يظل هذا الأمر بيد الرجل ، ويجوز للمرأة أن تختار نفسها فتطلق نفسها في فترة الخيار ، أو في أي وقت طالما اشترطت ذلك في العقد ووافق الزوج ، والمؤمنون عند شروطهم إلا شرطًا أحلَّ حرامًا أو حرم حلالاً .
قال البغوي : وإذا فَوَّض الرجل طلاق زوجته إليها فقال لها : طلقي نفسك أو خيرها ، أو قال لها : أمرك بيدك وأراد به تفويض الطلاق ، فطلقت نفسها في المجلس يقع ، ولو فارقت المجلس قبل أن تطلق نفسها ، فذهب أكثر الفقهاء إلى أن الأمر خرج من يدها بمفارقة المجلس .
وذهب قوم إلى أن خيارها لا يبطل بمفارقة المجلس ولها تطليق نفسها بعده ، وهذا قول قتادة والحسن والزهري شرح السنة ج9ص218.
ومن باب أولى فلو اشترطت ذلك في العقد أو أعطاها الزوج ذلك يقع طلاقها به (*) .
(حكم طلاق الغضبان)
يقول فضيلة الشيخ صالح حتحوت - رحمه الله - عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقًا : إن الغضب العادي الذي يحدث بعد المناقشة يقع به الطلاق ، أما الغضب الشديد وهو الذي يفقد الإنسان عنده الوعي والإدراك حتى إنك إذا قلت له بعد ذلك إنك قلت كذا .. ، أو إنك قلت لزوجتك : أنت طالق … فيقول : لا لم أقل ذلك ، فيغلق عليه ويثور ولا يدري ماذا يقول ، وهذا هو الغضب الشديد .
وهو طلاق الغضبان ، .
والغضب له ثلاث مراحل ، حالة هادئة ، وحالة متوسطة ، وحالة ثائرة ، وهي التي يغضب فيها غضبًا شديدًا يفقد وعيه ولا يعي ما يقول ، فلا يقع فيها الطلاق .
ويضيف الدكتور عبد العزيز عزت : إن طلاق الغاضب لا يقع إلا أن الإمام الشافعي - رضي الله عنه - فسر الطلاق في الغضب قائلاً : بأن الغضب إذا وصل إلى درجة الإغلاق عند ذلك لا يقع الطلاق .
وفسر الإغلاق بأنه الحالة التي يصل إليها الشخص بحيث إذا ذهبت تلك الحالة وسئل ماذا قال لا يعي ما ذكره .
(لا يخلو طلاق من غضب)
يقول الدكتور جمال المراكبي : إنه يُشْترط في الزوج لإيقاع طلاقه أن يكون مسلمًا بالغًا عاقلًا غير مُكْره ، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) .
وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (لا طلاق في إغلاق) (رواه أبو داود) .
وقد اختلف العلماء حول تفسير (معنى) كلمة إغلاق .
فذهب بعضهم إلى أنه الإكراه ، وبهذا فسرها ابن حجر في شرح البخاري (1) ، وذكر قولاً آخر مرويّ عن بعض متأخري الحنابلة من أن الإغلاق هو الغضب .
والواقع أنه لا يخلو طلاق من غضب ، فلو قلنا : لا يقع طلاق الغضبان لرددنا أكثر حالات الطلاق .
ولكننا نرى أن الغضب إذا بلغ حدًّا يذهب معه العقل وسيطرة الإنسان على نفسه ، فلا يدري ماذا قال ولا ماذا صنع فهنا يكون الإغلاق للعقل مانعًا من إيقاع الطلاق
وهذا الذي عليه الإفتاء في لجان الفتوى والله أعلم بالصواب .
أما الغضب الطبيعي الذي يملك معه الإنسان نفسه وعقله وإرادته فليس بمانع من إيقاع الطلاق .
ولا تنس وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- (لا تغضب) فإن الغضب مركب من مراكب الشيطان .
إذا أصبح الرجل وزوجته لا يستطيعان حفظ شرع الله بينهما وجب الطلاق
يقول الشيخ عبد العظيم الحميلي : إن للغضب أنواعًا ثلاث ، غضب يخرج الإنسان عن أن يعي ما يقول ، فإذا ما سئل يا فلان هل أنت طلقت زوجتك ، وأنت غاضب ؟ يقول : ما طلقت وما وعى شيئًا من ذلك .
فإن هذا بالتأكيد لا يقع .
لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- : (لا طلاق في إغلاق) فإنه قد انغلق عليه الأمر ولم يَعِ ما يقول وهذه هي المرحلة الأولى وهي أشدها .
والمرحلة الثانية - وهي الوسطى : أن الرجل يناله من الغضب ما يخرجه عن طبيعته ، وأنه بالغضب يحدث عنده خلل في أقواله وفي أفعاله ، فيكون مدهوشًا أو مدووشًا ، ومع ذلك يعي أنه طلق فقال بعض العلماء في هذه الحالة الثانية : إنها تلحق بالأولى والقائل بهذا ابن القيم - رضي الله عنه وأرضاه - وتبعه في ذلك ابن عابدين الحنفي فقالوا : إن طلاق المدووش والمدهوش لا يقع .
أما المرحلة الثالثة ، وهي أخف المراحل فهي الغضب العادي والمناقشات العادية بين الرجل وزوجته ، وعندما يطلق الرجل زوجته نتيجة المناقشة العادية فإنه تحسب عليه ، ويحاسب به ويقع طلاقه ؛ لأنه ما وصل للدرجة الأولى ، ولا الثانية .
وإننا ننصح الإخوة المؤمنين دائمًا أن لا يجعلوا الطلاق هو الحل لمشاكل الأسرة … وإنما يكون الطلاق هو الحل في حالة واحدة وهي إذا اختلفت الطبائع وتنافرت ، وأصبح الرجل والزوجة لا يستطيعان أن يحفظا شرع الله بينهما فإنه عند ذلك يتعين الطلاق ، ومع ذلك فهو أبغض الحلال عند الله عز وجل (ضعيف) .
وعن استعمال بعض الناس وخاصة التجار الذين يستغلون كلمة الطلاق في بيعهم وشرائهم ، والذين يحلفون عند الخروج من بيوتهم على أن كل الأيمان التي يحلفونها في سوقهم لا تقع.
يقول الدكتور / جمال المراكبي : بأن هذا تصرف أهل الجهل وهو تصرف معيب ، بمعنى أن حلفه في الأول وحلفه في الآخر كله معيب . ، وخاصة أننا قلنا إن الحلف بالطلاق بدعة لم تكن معروفة على عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- .
وللعلم هي مسألة محرمة يُعاقب عليها بين يدي الله عز وجل لأنها تجرؤ وتعدٍ لحدود الله وقد قال الله في آيات الطلاق : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) . وهذا تعد لحدود الله تعالى في إيقاع الطلاق .
وما علاقة الزوجة بأيمان الرجل في بيعه وشرائه . وسواء حلف قبل أن يخرج أو لم يحلف فيمينه عند خروجه وأيمانه في سوقه وتجارته كلها إيمان محرمة .
ولكن العلماء اختلفوا . هل يقع الطلاق أم لا ؟ والذي نرجحه أنه لا يقع به الطلاق لأننا رجحنا هذا في الطلاق العلق على ما إذا كان القصد به الحلف على فعل شيء أو ترك شيء ، وكذلك الحلف بالطلاق لا يقع به طلاقًا حملاً له على نفس هذا المعنى . ولكن يقال له كفِّر كفارة يمين واحدة ويزجر عن هذا الفعل لئلا يفعله أو يقدم عليه ويستمرئه بعد ذلك .
الآثار المترتبة على إيقاع الطلاق يقول الدكتور / جمال المراكبي إنه إذا كان الطلاق رجعيًا وهذا هو الأصل فقد أعطى الله سبحانه وتعالى الزوج مهلة ليراجع نفسه وهذه المهلة هي فترة العدة التي شرعها الله ولا يصبح الطلاق نافذًا إلا بمضي هذه المدة ، دون مراجعة من الزوج للزوجة باستنفاذ مرات الطلاق ، وهنا تنقضي العلاقة الزوجية تمامًا ، ولا يجوز مراجعتها ولو بهذا العقد إذا كان الطلاق متممًا للثلاث إلا إذا تزوجت من غيره زواجًا صحيحًا ثم انقضى هذا الزواج بموت أو طلاق .
وقد رتب الشرع للزوجة حقوقًا على زوجها .. من هذه الحقوق : - مؤخر الصداق الذي يحل بالموت أو بالطلاق ، ومنها نفقة المتعة لفترة العدة ، ومنها أجرة الرضاع إن كانت ترضع طفلاً ، وجعل حضانة الصغير لأمه ونفقته على أبيه .
وهذا هو السَّراح الجميل الذي أشار إليه المولى تبارك وتعالى في كتابه العزيز حين قال : ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) وفي قوله تعالى : ( فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ) .
وبعد ذلك يكون للزوجة الحق في أن تتزوج بمن شاءت من الرجال بعد فراقها لهذا الزوج وفي هذا يقول الله تعالى : ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ) .
فإن كل واحد منهما إن كان لم يوفق في هذه العلاقة فنهاها بالمعروف كما أمر الله فإنه يُرجى له أن يوفقه الله في زواج جديد .
(الطلاق كظاهرة اجتماعية أصبحت تهدد الكثير من البيوت)
وعن هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة التي أصبحت مسار تهديد لكثير من البيوت التي يقع فيها الطلاق ويكون الأطفال ضحية لهذا الطلاق . ونتاج لمرارة الخلافات بين الزوجين وبُعدهما عن الله ورسوله .
يقول الشيخ عبد العظيم الحميلي : حقًا إن استعمال لفظ الطلاق على ألسنة العامة والذين لا يفهمون ولا يفقهون أضرار الطلاق هم يذهبون إلى مذاهب الشيطان ويسلكون مسالكه ، فإنه بكثرة استعمال الطلاق وتكراره تطلق منه زوجته ولا يعي فيعيش معها في الحرام .
ولا ينبغي للمسلم أن يجعل كلمة الطلاق على لسانه إطلاقًا ، وننصحه دائمًا أن يعرف أولاً ما هي حدود الطلاق وكم طلقة يجوز للرجل أن يراجع زوجته ؟ . إن الله عز وجل جعل الطلاق الرجعي طلقتين . الطلقة الأولى تراجع وذلك إن كانت في العدة فإنها تراجع من غير إذنها ولا رضاها ما دامت في العدة ، وكذلك الطلقة الثانية فإنها تراجع من غير إذنها ولا رضاها ، أما إذا انتهت عدة المرأة التي بيّناها ولم يراجعها الزوج فإن الأمر لا يكون بيده وإنما يحتاج إلى عقد جديد ومهر جديد .
وإذا إستنفذ الرجل طلاق زوجته مرتين فإنه لا يجوز له أن يطلقها الثالثة . فإنه والحالة هذه إذا نسي أو تعمد أن يطلقها الطلقة الثالثة لا يستطيع أن يراجعها لا بعقد ومهر جديدين ولا بإذنها ولا بغير إذنها ، ولا برضاها ولا بغير رضاها ، لأن الأمر قد خرج من يده ، وأصبح الأمر أمر الشرع يقول الله تعالى : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا (أي المرة الثالثة) فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) .
( ينبغي أن يتعلم المسلم كيف يطلق )
ينبغي أن نتعلم كيف نطلق أو كيف يطلق المسلم والله سبحانه وتعالى أنزل سورة كالمة يصدق أن نصفها أو نسميها بهذا العنوان ألا وهي سورة الطلاق وهي التي سماها ابن مسعود سورة النساء الصغرى .
والآيات فيها تشير إلى أن الطلاق جائز والطلاق مباح . ولكن إذا أردتم أن تطلقوا فكيف تطلقوا ؟ . طلقوا المرأة لعدتها أي مستقبلة لعدتها أي في طهر لم يجامعها فيه - والكلام هنا ما زال على لسان الدكتور/ جمال المراكبي - فلا يجوز أن تطلقها في حيض . ولا ننسى عندما غضب الرسول --صلى الله عليه وسلم- - على ابن عمر و رفضه لهذا الطلاق . ثم قال إن شاء طلقها وإن شاء أمسك .
وإذا غضب الرجل على امرأته وتذكر أن الطلاق في هذه الحالة محرَّم وسيعاقبه الله عليه فإنه سيتلبث وسينتظر حتى إن كانت نيته الطلاق وكانت همته الطلاق فربما كانت هذه النية وهذه الهمة تتغير بين لحظة وأخرى . فإذا أراد أن يطلق وقال أنتظر فليس هذا وقت إيقاع الطلاق وإنما سيكون وقت إيقاع الطلاق في الطهر القادم فينتظر شهرًا كاملاً أو دون الشهر لكي يوقع الطلاق . فإذا مازال الغضب في هذه الحالة إذًا لن يقع الطلاق .
إذن إذا تعلم المسلم كيف يطلق كما شرع الله فسوف تقل حالات الطلاق . ولن تكثر لأنه سيتريث ويتمهل وسيحاسب نفسه قبل إيقاع الطلاق ولن يقع إلا الطلاق الصحيح الذي ينبغي إيقاعه وهو الذي سيصبر عليه الزوج على زوجته حتى يوقع الطلاق .
أمر الله الزوج أن تظل زوجته في بيته بعد الطلاق
وأمر الله الزوج ألا يخرج زوجته بعد الطلاق وإنما تظل في بيتها لا تخرج منه ولا يخرجها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة ، والأصل ألا تخرج لأنها بعد الطلاق ما زالت زوجته حتى تنقضي العدة وربما راجع الرجل زوجته بعد إيقاع الطلاق ، فإذا أراد أن يراجعها فسوف يجد المراجعة أمرًا سهلاً ميسورًا ولينًا لأن امرأته ما زالت في بيته وما عليه إلا أن يقول راجعت زوجتي ويشهد ، والإشهاد مستحب . فإذا بالطلاق أصبح ميسورًا ومشروعًا موافقًا لأمر الله ، وإذا بالرجعة أصبحت سهلة وميسورة وموافقة لأمر الله .
ولو استطعنا نشر هذه الثقافة بين عوام المسلمين لقلت كثيرًا حالات الطلاق . ويسأل عنها الناس ويطلبون فيها المخرج . لأنه لو تعلم المسلم كيف يطلق ومتى يطلق ومتى لا يجوز له أن يطلق فلن يقع من الطلاق إلا ما فيه المصلحة وستقل بالتالي حالات ومنازعات الطلاق .
أجرى التحقيق :
جمال سعد حاتم