الزواج سنة من سنن الله في خلقه عامة: في الإنسان والحيوان والنبات.
قال تعالى: ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )الذاريات 49.
وقال سبحانه: ( سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ) يس 36.
وقال جل ذكره: ( وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون ) الروم21. بل فالزواج سنة في المرسلين من قبل. قال تعالى: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّة ) الرعد 38.
والإسلام يحث على الزواج ويعد الفقير بالغنى، ومن يطلب العفاف بالمعونة من الله.
قال تعالى: ( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم )النور 32.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث حق على الله عونهم المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف).
هذا ولقد وضع الإسلام ضوابط دقيقة في أمر الزواج نختصرها في عجالة سريعة فيما يلي:
أولاً: من مقاصد الزواج في الإسلام:
1- بناء لبنات المجتمع المسلم بتكوين الأسرة، وإنجاب الأولاد وبقاء الإنسان وعمارة الكون. ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير ) الحجرات ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ). النحل 72.
2- أن يحيا المسلم اجتماعيًا يعمل لينتفع غيره فيرعى زوجه وأولادًا ويكد لينفق عليهم فعن أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة) البخاري.
3- الأنس وترويح النفس وقضاء الوطر لحديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة).
4- الشعور بما للزواج من تبعات هو أصل عمارة الكون ورواج التجارة والصناعة فالزوج يتحرك للكسب ليجمع المال لبنية
وزوجه فينتفع الناس بنتاجه ويكثر الإنتاج وتنمو الثروات.
5- البعد عن الفحشاء (الزنى ومقدماته) لحديث عبد الله مرفوعًا (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) متفق عليه.
وحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه مرفوعًا (إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما في نفسه).
6- الثواب واستمراره بعد الموت والنفع يوم القيامة.
لحديث أنس مرفوعًا (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو)وضم أصابعه.
وحديث أبي هريرة مرفوعًا (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له).
ثانيًا: من آداب الخطبة:
1- ينبغي أن يكون أصل الاختيار صلاح المرأة في أمر دينها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبه ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك).
2- فإذا اجتمع مع الدين جمال ترتاح له النفس فهذا خير وبركة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير نسائكم من إذا نظر إليها زوجها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله).
3- يفضل الأبكار من النساء ولكن قد تفضل الثيب لأسباب أخرى لحديث جابر بن عبد الله قال (إن عبد الله- أي أباه_ هلك وترك تسع بنات فتزوجت امرأة ثيبًا فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جابر: تزوجت ؟ قلت نعم. قال فبكر أم ثيب؟ قال قلت بل ثيب يا رسول الله. قال فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك؟ قال قلت له إن عبد الله هلك وترك تسع بنات وإني كرهت أن آتيهن بمثلهن فأحببت أن أجيء بامرأة تقوم عليهن وتصلحهن. قال فبارك الله لك).
4- لا تزوج المرأة إلا بإذنها لمن ترضاه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال أن تسكت)وفي رواية رضاها صمتها. ولحديث بريدة قال: (جاءت فتاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته. قال فجعل الأمر إليها-فقالت قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء).
5- يحرم لبس الذهب للرجال لحديث علي رضي الله عنه قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرًا فجعله في يمينه وأخذ ذهبًا فجعله في شماله ثم قال: (إن هذين حرام على ذكور أمتي).
6- ألا يخطب امرأة مخطوبة لغيره لحديث عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن أخو المؤمن فلا يحل له أن يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر) يعني حتى يعرض عن هذه الخطبة فيجوز له عندئذ أن يتقدم لخطبتها.
7- يسن النظر إلى المخطوبة لحديث المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظرت إليها؟ قال لا. قال (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) أي يدوم الوفاق.
8- لا يجوز الخلوة بالمخطوبة لحديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم فإن ثالثهما الشيطان).
ثالثًا: من آداب النكاح:
1. موافقة ولي الزوجة. لحديث عائشة عند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل فإن أصابها فلها الصداق بما استحل من فرجها فإن اختلفوا فالسلطان ولي من ولي له).
2. من السنة القصد في الصداق لحديث (أقلهن مهرًا أكثرهن بركة).
3. الإعلان بالنكاح وإظهار الفرح والسرور لحديث البخاري عن عائشة أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال: النبي صلى الله عليه وسلم يا عائشة (ما كان معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو).
4. الخطبة للعقد لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كثيرًا في أحاديث متعددة.
5. الإيجاب والقبول في مجلس واحد بأن يطلب أحد الطرفين الزواج ويوافق الطرف الآخر بألفاظ صريحة بصوت يسمعه شهود العقد لعموم أفعاله صلى الله عليه وسلم.
رابعا: ما يسن ليلة البناء:
1. ملاطفة الزوجة عند البناء بها لحديث أسماء بنت يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس إلى جنب عائشة رضي الله عنها ثم شرب اللبن وناولها.
2 الدعاء لها ووضع اليد على مقدم الرأس لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادمًا فليأخذ بناصيتها وليسم الله عز وجل وليدع بالبركة وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه).
3. يسن للزوج أن يصلي ركعتين بعروسه لقول ابن مسعود يعظ شابًا (إن الألف من الله والفرك من الشيطان، يريد أن يكره إليكم ما أحل الله لكم فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين وقل: اللهم بارك لي في أهلي وبارك لهم في ، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير وفرق بيننا إذا فرقت إلى خير).
4. أن يقول إذا أراد منها ما أحل الله عز وجل للرجل من زوجته: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا قال صلى الله عليه وسلم (فإن قضى الله بينهما ولدًا لم يضره الشيطان أبدًا).