النبي
-صلى الله عليه وسلم- يعلمنا التربية بالقدوة
في صلح
الحديبية لما فرغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من
قضية الصلح (صلح
الحديبية) قال
لأصحابه: (قُومُوا
فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا)، فمَا
قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ
يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ
مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ،
اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ
بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا
مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ،
فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ
بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا.(1)
الدرس
الأول: القدوة بالفعل أبلغ من
آلاف المواعظ
يقول
الرافعي: لو أقام الناسُ عشر سنين يتناظرون في
معاني الفضائل ووسائلها، ووضعوا في ذلك مائةَ كتاب، ثم رَأوا رجلًا فاضلًا بأصدق
معاني الفضيلة، وخالطوه وصحِبوه لكان الرجلُ وحده أكبرَ فائدة من تلك المناظرة
وأجدى على الناس منها، وأدلّ على الفضيلة من مائة كتاب ومن ألف كتاب؛ ولهذا يرسل
اللهُ النبيَّ مع كل كتاب مُنزل؛ ليعطي الكلمة قوةَ وجودها، ويُخرج الحالة النفسية
من المعنى المعقول، وينشئ الفضائل الإنسانية بصورة واقعية.(2)
مشى
الطاووس يومًا باختيال...فقلَّدَ
شكل مشيته بَنُوه
فقال:
علامَ تختالون؟ قالوا:...بدأتَ
به ونحن مقلِّدوه
أما
تَدري أبانا كلّ فرخٍ...يُحاكي
في الخُطى مَن أدَّبوه
فقوِّم
خطوك المعوجَّ واعدل...فإنَّا
إن عدَلت معدِّلوه
وينشأ
ناشئُ الفتيان منِّا...على ما
كان عوَّدَه أبوه
إن رؤية
المُربي وهو يمارس الفعل يعتبر المرحلة الحاسمة والأخيرة التي تـُبرز قيمة ما
سبقها من توجيهات ومواعظ وتخرج ما أحدثه من مشاعر نفسية على أرض الواقع في صورة
عملية..وبدونها
تظل القيم التي تعلَّمها المتربي حبيسة النفس..مما
يعرضها للنسيان..ومن نظر
في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- يجدها
مليئة بالمواقف التي تُبرهنُ فيها أفعالُه على صدق أقواله، يقول الشاطبي:
إذا وقع القولُ بيانا؛ فالفعلُ شاهدٌ له ومُصدقٌ.(3)
ولقد
كان -صلى الله عليه وسلم- قدوةً
عملية للمسلمين؛ فما نهى عن شيء إلا كان أبعد الناس عنه، وما أمَر بشيء إلا وكان
أسرعَ الناس إلى القيام به، لذلك أَسَرَ القلوب بلحظهِ قبل لفظه، وهذا
الْجُلَنْدِيّ مَلِك عَمَّانَ - يشهد بذلك - لمَّا بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، قَالَ الْجُلَنْديُّ: وَاللَّهِ لَقَدْ دَلَّنِي
عَلَى هَذَا النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ أَنَّهُ:
- لَا
يَأْمُرُ بِخَيْرٍ إِلَّا كَانَ أَوَّلَ آخِذٍ بِهِ
- وَلَا
يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ إِلَّا كَانَ أَوَّلَ تَارِكٍ لَهُ
-
وَأَنَّهُ يَغْلِبُ فلا يبطر، ويُغلب فلا يَضْجَرُ
-
وَيَفِي بِالْعَهْدِ وَيُنْجِزُ الْمَوْعُودَ..وَأَشْهَدُ
أَنَّهُ نَبِيٌّ.(4)
فانظر
إلى الصفات التي ذكرها الرجل لتعلم ما الذي يؤثر في الناس؛ وها هي بعض النماذج من
سيرته -صلى الله عليه وسلم- بين
يديك لتعلم أثر القدوة الفعلية فيمن تربيهم:
- في
غزوة حنين، وجنود المسلمين يفرون أمام
جيش الأعداء وهم
يرشقونهم بالنبل.....هل كان قائدهم
ومربيهم يكتفي بوعظهم بالثبات في مثل هذا الموقف؟.....إن مئات
الكلمات والمواعظ والخطب الرنانة في الثبات لا تفعل فعلَه -صلى الله
عليه وسلم- لا سيما والجنود في حالة من الخوف
والهلع؛ إنهم في حاجة في مثل هذا الموقف إلي القائد المربي القدوة الذي يرجعهم إلي
الجادة، فهذا هو العباس بن عبد المطلب -رضى
الله عنه- شاهد عيان يروي ماذا فعل القائد القدوة
المربي في ذلك الموقف الحرج قال: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله
عليه وسلم- يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَلَزِمْتُ أَنَا
وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَسُولَ اللهِ -صلى الله
عليه وسلم- فَلَمْ نُفَارِقْهُ، وَرَسُولُ اللهِ -صلى الله
عليه وسلم- عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ،
فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ
مُدْبِرِينَ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-
يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الْكُفَّارِ، قَالَ العَبَّاسٌ: وَأَنَا آخِذٌ
بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-
أَكُفُّهَا حتى لَا تُسْرِعَ، وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله
عليه وسلم- فَلَمَّا
غَشِيَهُ المُشْرِكُونَ نَزَلَ وَدَعَا وَاسْتَنْصَرَ، وَهُوَ يَقُولُ: (أَنَا
النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ، اللهُمَّ نَزِّلْ
نَصْرَكَ).ثم
قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (أَيْ
عَبَّاسُ، نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ)،
فَقَالَ العَبَّاسٌ: وَكَانَ رَجُلًا صَيِّتًا، فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي:
أَيْنَ أَصْحَابُ السَّمُرَةِ؟ فماذا كانت نتيجة هذا الموقف من النبي -صلى الله
عليه وسلم- القائد
المربي؟
يقول
العباس: فَوَاللهِ، لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ
حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلَادِهَا، فَقَالُوا: يَا
لَبَّيْكَ، يَا لَبَّيْكَ.(5)
- وفي ساعات الفزع كان هو أسرعَ الناس إلى
النَّجدة والتصدي وإغاثة الملهوف: فلقد كان -صلى الله
عليه وسلم- أشجع الناس سباقا في شدائد الأمور، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضى الله عنه-، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَحْسَنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ،
وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ.وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ،
فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، رَاجِعًا، وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ
عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ، وفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ: (لَمْ
تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا).(6)
إن
المرء ليقف مندهشا لهذه الشجاعة النادرة، ينطلق الناس قبل الصوت مجرد سماعهم له،
فيجدون القدوة المربي قد سبقهم بل وقد رجع وهم في بداية الانطلاق، يقول الْبَرَاءُ بن عازب -رضى الله عنه-: كُنَّا وَاللهِ إِذَا اشتدّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ،
وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي بِهِ، يَعْنِي النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-.(7)
وعَنْ عَلِيّ بن أبي طالب -رضى الله عنه- قَالَ: كُنَّا إِذَا حَمِيَ الْبَأْسُ، وَلَقِيَ الْقَوْمُ
الْقَوْمَ {يعني في الحرب}، اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ مِنَّا أَدْنَى إِلَى الْقَوْمِ
مِنْهُ -صلى الله عليه
وسلم-.(8)
- وفي غزوة
الخندق كان النبي -صلى الله عليه
وسلم- يحفر معهم
ويحمل التراب بنفسه -صلى الله عليه
وسلم-، عن
الْبَرَاء بن عازب -رضى الله عنه-، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ الْأَحْزَابِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ،
وَلَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ.(9)
وفي الجانب العبادي كان -صلى الله
عليه وسلم- يأمر الناس بالأمر ثم يكون أول مؤتمر به
ليتم بذلك البيان بقوله وفعله، فقد كَانَ -صلى الله
عليه وسلم- يَأْمر الصَّحَابَة بالاقتداء بِهِ
فَيَقُول: (صَلُّوا
كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي).(10) وَيَقُول:
(لِتَأْخُذُوا عني مَنَاسِكَكُمْ).(11)
قصة في
أهمية القدوة في
التربية
يقول
أحد علماء الشام: التقيت بسبعة إخوة حفظة كتاب الله،
وكان أكبرهم على مشيخة القراء، فلما مات استلم المشيخة الثاني ثم الثالث وهكذا..فقلت
لأحدهم يوماً: كيف حفظتم بهذا الإتقان والإجادة وأبوكم يعمل في صبغ الثياب من
الصباح إلى المساء؟! فقال: أُمُّنا حافظة لكتاب الله وهي التي تشجعنا...، لقد
كانت أمهم أسوة تتردد في جنبات البيت، تبني قناعات في نفوس أبنائها، وترسل رسائل
خفية حسنة مفادها: (أن
بالإمكان فعل ما كان وأفضل مما كان..).(12)
زلة
عالم يَزلُّ بها
عالَم، وثباته تثبيت لهم
قال عمر
بن الخطاب: إذا زَلَّ العالِمُ زَلَّ بزَلَتِه
عالَمٌ مِن الخَلْق.
وقال معاذ بن جبل: احذروا
زَلَّةَ العالِم لأنَّ قدْرَه عند الخَلْق عظيمٌ، فيَتَّبِعُونه على زَلَّتِه.(13)
ها هو
أبو جعفر الأنباري صاحب الإمام أحمد عندما أُخبر
بحمل الإمام أحمد للمأمون في الأيام الأولى للفتنة؛ فعبرَ الفرات فإذا هو جالسٌ في
الخان، فسلَّم عليه وقال: يا هذا، أنت اليوم رأس والناس يقتدون بك، فوالله لئن
أجبتَ إلي خلق القرآن ليجيبنَّ بإجابتك خلقٌ كثير
مِن خلق الله، وإن أنت لم تجب ليمتنعنَّ خلقٌ من الناس كثير، ومع هذا فإن الرجل -
يعني المأمون – إنْ لم يقتلك فأنت تموت، ولابد
من الموت فاتقِ اللهَ ولا تجبهم إلي شيء.فجعل
أحمد يبكي ويقول: ما قلتَ فأعاد عليه فجعل يقول: ما شاء الله، ما شاء الله.(14)
وتمرُّ
الأيام عصيبة على الإمام أحمد، ويمتحن فيها أشدَّ الامتحان ولم يَنْسَ نصيحة
الأنباري فها هو (المروزي) أحد
أصحابه يدخل عليه أيام المحنة ويقول له: يا أستاذ، قال الله تعالى {وَلَا
تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} فقال أحمد: يا مروزي اخرج، وانظر أيّ شيء ترى؟ قال:
فخرجتُ إلي رحبةِ دارِ الخليفة فرأيتُ خَلْقًا من الناس لا يُحصي عددَهم إلا الله
والصحفُ في أيديهم والأقلام والمحابر في أذرعهم فقال لهم المروزي: أيّ شيء
تعملون؟ فقالوا: ننظر ما يقول أحمد فنكتبه، قال المروزي: مكانكم، فدخل إلي
أحمد بن حنبل فقال له: رأيتُ قوما بأيديهم الصحف والأقلام ينتظرون ما تقول
فيكتبونه فقال: يا مروزي أُضلُّ هؤلاء كلهم؟! بل أَقتلُ نفسي ولا أُضلُّ هؤلاء.(15)
يَقُول
مَالك بن دِينَار: إنَّ العالمَ إذا لم يعمل بعلمه
زلَّت موعظتُه عن القلوب كما يزل القطرُ عن الصفا.(16)
قال عبد
الله بن مبارك: قيل لحمدون بن أحمد: ما بالُ كلام السلف
أنفعُ من كلامنا؟
قال:
لأنهم تكلموا لعزِّ الإسلام، ونجاةِ النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعزِّ
النفوس، وطلب الدنيا، ورضا الخلق.(17)
-
ما يهدم القيم وتزول به
الأمم
ليس
هناك أعظم وأسرع في ضياع القيم وزوال الأمم من الانفصام
بين أقوال الدعاة وأحوالهم؛ والاختلاف بين توجيهات المربين وأفعالهم؛ إنها الطامة
الكبرى وقاصمة الظهر حقا!، وهذا هو الذي نعاه الله تعالى على علماء أهل الكتاب وكل
مَن يحمل العلم ويتصدر لدعوة الناس، فقال تعالى: { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ
بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا
تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44]
وكم
أخفقت دعواتٌ لأن دُعاتها لم يكونوا للناس أسوةً وقدوة، فكانوا كبني إسرائيل؛
أمَروا الناس بالبِرِّ ونسُوا أنفسَهم.
لذلك كان الجزاء المروع والمآل المخزي يوم
القيامة، عن أسامةَ بن زيد -رضى
الله عنهما- قال: سمعت رَسُول اللَّهِ -صلى الله
عليه وسلم- يقول: (يُجَاءُ
بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ
فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ
النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلاَنُ مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ
تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ المُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ
آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَآتِيهِ).(18)
وقد
أفاضَ علماء التربية فِي دور الْتِزَام المربي بتطبيق نصائحه على نَفسه أَمَام
تلاميذه وَمن يوجههم، وَقد تنبه لأهمية ذَلِك الشَّاعِر الْقَائِل:
يَا
أَيهَا الرجل الْمعلم غَيره...هلا
لنَفسك كَانَ ذَا التَّعْلِيم
ابدأ
بِنَفْسِك فانهها عَن غيها...فَإِذا
انْتَهَت عَنهُ فَأَنت حَكِيم
فهناك
يسمع مَا تَقول ويشتفى...بالْقَوْل
مِنْك وينفع التَّعْلِيم
لَا تنه
عَن خلق وَتَأْتِي مثله...عَار
عَلَيْك إِذا فعلت عَظِيم
الدرس
الثاني: المرأة والشورى
ففي هذه القصة تبين لنا أن مشاورة المرأة في الأمور الخاصة بها أو بزوجها
أو بنظام حياتهما أمر شرعي لا كراهة فيه، ولا يتقص من قدر الرجل، وقدوتنا في ذلك
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فلا
تتكبر - أيها الزوج - على زوجتك واستشرها في أمورك الخاصة، واستمع إلى آرائها
ومقترحاتها
قال ابن
حجر: في الحديث: جواز مشاورة المرأة الفاضلة
وفضل أم سلمة ووفور عقلها.(19)
ومن الأمثلة أيضا: ابنة الرجل الصالح حيث أشارت
على أبيها أن يستأجر القوي الأمين: { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا
أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}
[القصص: 26]
فأخذ
العبد الصالح برأي ابنته
- ومن ذلك أيضا حديث أُمِّ
عَطِيَّةَ ’ قَالَتْ: تُوُفِّيَتْ إِحْدَى
بَنَاتِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-
فَأَتَانَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-
فَقَالَ: (اغْسِلْنَهَا
ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ،
بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ
كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي).(20)
ولا تسمع لمن يقول
"شاوروهن وخالفوهن" فهو قول غير صحيح.(21)
وكذلك: (من أطاع
امرأته، كبّه الله عز وجل في النار على وجهه).(22)
---
(1) رواه
البخاري (2731) من حديث المسور بن مخرمة
(2) وحي
القلم (3/ 38)
(3)
الموافقات (4/ 85)
(4) الشفا
بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض (1/ 484)
(5) رواه
البخاري (3042) ومسلم (1776) من حديث البراء، ومسلم (1775) من حديث العباس
(6) رواه
مسلم.
(7) رواه
مسلم.
(8) مسند
أحمد(1/ 156)
(9) رواه
البخاري (2837) ومسلم(1803)
(10) رواه
البخاري (6008) من حديث مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ -رضي الله عنه-
(11) رواه
مسلم (1297) من حديث جابر
(12) مجلة
البيان (202/ 6)
(13) إحياء
علوم الدين (1/ 64)
(14) مناقب
الإمام أحمد / لابن الجوزي (ص: 424)
(15) مناقب
الإمام أحمد (ص: 445)
(16) الزهد
لأحمد بن حنبل (ص: 262)
(17) صفة
الصفوة (2/ 314)
(18) رواه
البخاري (3267) ومسلم (2989)
(19) فتح
الباري لابن حجر (5/ 347)
(20) رواه
البخاري (1253) ومسلم (939)
(21) قال
الألباني: لا أصل له / سلسلة الأحاديث الضعيفة (1/ 627)
(22) قال
الألباني: موضوع / سلسلة الأحاديث الضعيفة (14/ 939)