الفتنة بالنساء
المبحث الأول: المرأة درة ثمينة
الثاني: الفتنة بالنساء الأسباب والعلاج
الثالث: تحذير الإسلام من خطر الفتنة بالنساء.
الرابع: مظاهر فتنة النساء.
الخامس: فضل الصبر على فتن النساء.
السادس: وسائل الوقاية من فتنة النساء.
المبحث الأول: المرأة درة ثمينة
الإسلامُ دين شامل وتشريع
كامل، يُرَاعِي الفطرة الإنسانية، ويحقق التوازن بين مصالح الفرد والأسرة
والمجتمع، دين العدل والإنصاف، دين الطهر والعفاف، دينٌ يعلن عن نفسه من خلال
دعوته الصادقة، وعقيدته الخالصة، وشريعتِه الغرَّاء، وأخلاقه الكريمة وآدابه
الطيبة، ومصدره الوافي: كتاب الله وسنة نبيِّه -صلى الله عليه وسلم-.
المرأة ومكانتها في الإسلام
للمرأة في رحاب الإسلام:
مكانةٌ عظيمةٌ، ومنزلةٌ كريمةٌ، فهي المعلمةُ الأولى في مدرسة الأجيال، وهي
الدعامةُ الأساسية في بناء المجتمعات، وهى حصنٌ ركينٌ، وركنٌ حصينٌ لهذا الدين، هي
الأم العاطفة، والبنت الحانيةُ، والزوجةُ الصالحةُ، والأخت الناصحةُ، ينبوعُ
الحنان وحصنُ الأمان، ومصباحُ البيوت.
رفعَ الإسلام
شأن المرأة وحَسَّنَ حالها، ويوضح رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- في
جملة بلاغية أنَّ النساء يُماثِلن الرجال في القدر والمكانة، ولا ينتقص منهن
أبداً كونُهنَّ نساء، فيقول -صلى
الله عليه وسلم- "إِنَّما
النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ"(1)
كرمها أُمًّا: وذلك بأن أوصى الأبناء بحُسْن معاملة الآباء،
وخاصةً الأم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم-
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ:
"أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أُمُّكَ" قَالَ:
ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:
"ثُمَّ أَبُوكَ"(2)
كرمها زوجةً: كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، إذ أوصى
بالنساء، فقال: "اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ
أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ
اللَّهِ..."(3)
كرمها طفلةً: فإنَّ الرجل كان إذا بشَّره
أهله ببنتٍ إسودَّ وجهُهُ، كما قال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ
وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا
بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ
مَا يَحْكُمُونَ)
فكانوا يقتلون
البنات وهنَّ أحياء، ولمَّا جاء الإسلام كرَّم الطفلة، وجعل لها حقوقًا وعليها واجبات، وحذَّر
من قضية وأد البنات التي كانت منتشرةً في الجاهلية، قال تعالى(وَإِذَا
الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير: 8، 9]
بل أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بفضل من يقوم على خدمتها وتربيتها فَقَالَ:
"مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ
النَّارِ"(4)
كرمها أرملةً: فقد رفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدر الذي يرعى شئون الأرملة إلى درجة لا يتخيلها
أحد، ومن أفضل ما يمكن ذكره هنا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ،
كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ
النَّهَارَ"(5) فأيُّ فضلٍ وأيُّ عظمة هذه، ليس هذا إلا تكريمًا
وحفاظًا على المرأة، فهي كالجوهرة في الإسلام، حيث يدافعُ عنها بكل قوةٍ وشجاعةٍ.
ولهذا نقول:
• الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها فريضة
الجهاد.
• الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها فريضة الحج
إذا لم يكن معها محرم يحرسها ويخدمها حتى ترجع.
• الإسلام رحم المرأة فحَرَّم طلاقَها وهي
حائضٌ مراعاةً لحالها، وحتى لا تطول عليها العدة.
• الإسلام رحم المرأةَ فأوجب لها مهرًا
وحرَّمَ أخذ شيءٍ منه إلا بطيبِ نفسٍ منها.
• الإسلام رحم المرأة فحرَّم نكاحها بلا وليٍ
ولا شهودٍ، حتى لا تُتَّهَمَ في عِرضها ونسب أولادها.
• الإسلام رحم المرأة فأوجب على مَنْ
قَذَفَها في عِرْضِهَا جَلْدَ ثمانينَ جلدةً، ويُشَهَّر به في المجتمع ولا تُقبلُ
شهادته أبدًا.
• الإسلام رحم المرأة فجعل من يُقتل في
سبيلها ليحافظ على عرضه ويدافع عنها جعله شهيدًا.
المرأة ومكر الأعداء بها.
ومنذ بزوغ فجر الإسلام وأعداؤه يوجهون له الضربات
محاولين عبثًا القضاء عليه، لكن كل وسائلهم وأسلحتهم لطالما باءت بالفشل، ووقف
الإسلام في وجهها فذهب أعداؤه يبحثون عن أكثر منطقة حساسة فيه ليوجهوا إليه الضربة
القاضية.
لقد
وجد أعداء الإسلام المرأة المسلمة هي النبراس الذي يضيء الإسلام والحجر الأساس الذي
يرتكز عليه، فخرجوا بقناعة أن أفضل ضربة توجه للإسلام والتي تنعكس سلبياتها على
الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية هي أن يدفع بالمرأة إلى الهاوية
ويقذف بها إلى نار الشيطان مستخدمين بذلك شعارات براقة رقيقة لامعة في مظهرها
الخارجي ولكن ليس كل ما يلمع ذهبًا، فهي في داخلها سيف حاد.
فباسم التحضر: يريدون أن
يخلعوا عنها تاجَ كرامتها، وعُنوانَ طهرها، ويُلقون بها في مستنقعات الرذيلة.
وباسم مواكبة روح العصر:
يريدونها مقلدة تجعل من الغربية ومن تسير حذوها أسوةً لها في ملابسها ومجالسها
ومِشْيَتِهَا وأكلتها وطريقتها في الحياة.
وباسم المساواة: أشعلوا نار
الصراع بين الرجل والمرأة لتصيرَ الحياةُ معاركَ حامية الوطيس بين الرجال والنساء،
وتشهد تسابقًا محمومًا على المناصب والكراسي والحقائب.
وباسم الحرية: يسعون إلى
التحرر من الأخلاق والقيم النبيلة والتمرغ في أوحال الهوى ومستنقعات الرذيلة، إنهم
لا يريدون تحرير المرأة وإنما يريدون تحرير الوصول إليها والنيل منها!
لذا نقول إنَّ الضوابط التي فرَضها الإسلام عليها في
مَلبسها وزينتها، وعلاقتها بالرجال - لَم تكن إلاَّ لحِفظ مكانتها، وسدًّا لذريعة
الفساد، وتجفيفًا لمنابع الافتتان بها، وحفظًا للمجتمع من الشرور والرذائل.
وإذا كانوا يقولون: إنَّ المرأة نصف المجتمع، فنحن
نقول بل هي العمود الفقري للمجتمع كله؛ فهي قادرة على أن تكون عامل بناء لمجتمع
قائم على العفَّة والفضيلة، والتقدُّم والرقي؛ كما أنَّها قادرة على أن تكون
سِلاحًا للهدم ونشر الإباحية والفجور!
رسالة إلى المرأة المسلمة
المرأة العفيفة الشريفة لا
تقبل أنْ تكون نبعةَ إثارة أو مثاراً للفتنة والنظرات الوقحة
إنَّ آمالنا في المسلمة
المتعلمة والمعلمة أنْ تكون أقوى من التحديات، آمالنا أنْ تكون المسلمة في كل مكان
تعتز بدينها تتمسك بعقيدتها ومبادئها وأخلاقها، بل وتدعو إليها فذلك من دينها
فالمرأة على ثغرة عظيمة فاحذري أنْ تؤتى البيوت من قِبلكِ.
إنَّ الأمة تنتظر الكثير
والكثير منك، واعلمي أنَّ طريق الجنة صعبٌ وأنه محفوفٌ بالمكاره، ولكنْ آخره
السعادة الدائمة.
اعلمي أنَّ الله يراك وأنَّ
اللحظات معدودةٌ والأنفاسُ محسوبةٌ، والذي يذهب لا يرجع، ومطايا الليل والنهار بنا
تسرع؛ فماذا قدمت لحياتك؟
لا تنسي الدعاء بأن يثبتك
الله على طاعته فقد كان النبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ:
"يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ"(6)
عليك
برضا رب العالمين فوق كل شيء، واعلمي أن جوارحك موضع السؤال غدًا بين يدي الله
تعالى (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ
مَسْئُولًا) [الإسراء: 36]
جوارحك في النهاية هي
مفاتيحك، تفتحين بها أبواب الجنة أو تفتحين بها لهب النار.
أختاه البسي الثوب الصحيح
ومعه السلوك الصحيح، واحذري فضيحة الغد أمام الأولين والآخرين في ساحة العرض، واهجري
رفقة السوء الذين يقطعون عليك طريق الهداية والفوز والنجاة.
اعلمي أن الجمال لن يبقى،
والشباب سيبلى، ولن يبقى سوى سجلات الحسنات والسيئات، توزن عليك وتحصى والموت يأتي
بغتة.
تحية وبشرى إلى هذه القلعة
الشامخة أمام طوفان الباطل والكذب، إلى أختي الفاضلة التي تحتضن كتاب ربها وترفع
لواء نبيها، وهنيئًا لك يا صاحبة العفاف.
يا درة حفظت بالأمس غالية واليوم
يبغونها للهو واللعب
يا درة قد أرادوا جعلها أمة غريبة
العقل غريبة النسب
هل يستوي من رسول الله قائده
دوماً وآخر هاديه أبو لهب؟
وأين من كانت الزهراء أسوتها
ممن تقفت خطى حمالة الحطب؟
أختاه نفسك نبت لا جذور لها ولست
مقطوعة مجهولة النسب
أنت ابنة العرب والإسلام عشت
به في حضن أطهر أم من أعز أب
المبحث الثاني: الفتنة بالنساء الأسباب
والعلاج
إن البعد عن شريعة الله
تعالى انحراف وضلال، والمرأة إذا انحرفت عن الصراط السوي، وفقدت الرعاية والقوامة
وجرت وراء الشهوات، وانغمست في عالم الموضات، صارت معول هدم وفساد، كما أخبر بذلك
الصادق المصدوق عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام.
ونرى أن هناك أسبابًا للفتنة
بالنساء، نذكر بعضًا منها:
أولًا: ميل الرجل إلى المرأة.
إن الله تعالى قد خلق الذكر
والأنثى وجعل في كل منهما ميلًا إلى الآخر، وشهوة وغريزة تجذبه إليه، من أجل بقاء
الجنس البشري، إذ لو أن الرجل لا يميل إلى المرأة وهي لا تميل إلى الرجل لبقي
الرجل في جانب وبقيت المرأة في جانب، وانقرض الجنس البشري، وخلت الحياة من الناس،
وتعطلت الوظيفة التي من أجلها خلق الله الأرض وهي: العبادة، وقد جعل سبحانه الزواج
هو الوسيلة المشروعة والمباحة لإشباع هذه الرغبة وقضاء الحاجة من الطرف الآخر، قال
تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا
لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) [الروم: 21] وقال تعالى: (وَالَّذِينَ
هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31))[المعارج: 29 -31]
والفتنة
بالمرأة من أعظم الفتن التي يتعرض لها الإنسان، وأكثر الناس إنما يؤْتَون من قبل
الفتنة بالنساء، وانظر إلى تفسير بعض السلف للضعف البشري الوارد في قوله تعالى: (يُرِيدُ
اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) (سورة النساء:
28).فقد قال طاووس: أي ضعيفًا في أمر النساء، لا يكون الإنسان في شيء أضعف منه في
النساء.(7)
لكن عمل أعداء الإسلام على
أن يلتقي الرجل بالمرأة في غير النقاط الشريفة في نقاط الضلال، فتدمرت الأخلاق
والعياذ بالله!
ثانيًا: الشيطان.
لا يَخفَى على مؤمنٍ يَسيرُ إلى الله تَعَالَى،
وَيسعَى إلى مُوافَقَةِ مَحَابِّهِ ومُجَانَبَةِ مسَاخِطِهِ، أنَّ أخطَرَ قُطَّاع
الطَريقِ علَيهِ في ذلك السَّيرِ هُو ذَلكَ العَدُوُّ الألَدُّ والخَصمُ
الأَشَدُّ: الشَّيطَانُ الرَّجِيمُ، الذِي لَم يَزَل يُحَاوِلُ صَرفَ الإنسَانِ
عَن ذَلِكَ الطَّريقِ، بِكُلِّ مَا أُوتِيَ مِن أَسلِحَةِ الكَيدِ والإغواءِ
والإضلالِ، مُنفِذًَا وَعِيدَهُ القَدِيمَ: ( ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ
أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا
تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [ الأعراف: 17]
وَمِن تِلكَ الأسلِحَةِ الفَتَّاكَةِ التي
استَخَدَمَهَا ذَلِكَ الخَبيثُ في حَربِهِ مَعَ الإنسَانِ: فِتنَةُ النِّسَاءِ،
ولسانُ حاله: "سَهمِي الذِي إذَا رَمَيتُ بِهِ لَم أُخطِ: النِّسَاءُ"(8)
والشيطانُ يسلُكُ في كيدِهِ للإنسان لإيقاعِهِ في هذه
الفتنةِ مَسلَكَ الاستدراجِ، وتلك خُطُواتُه التي حذَّرَنَا الله تَعَالَى من
اتِّبَاعِهَا، ولذَا، فإنَّ الشَّيطانَ يطمَعُ في المرأةِ إذا خَرَجت من بيتِهَا،
كما أخبرَنَا بذلِكَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: " الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا
الشَّيْطَانُ"(9)
قال الطيبي: يعني ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها وفي
إغواء الناس بها، فإذا خرجت طمع وأطمع؛ لأنها حبائل الشيطان، فإذا خرجت جعلها
مصيدة يزينها في قلوب الرجال ويغريهم عليها فيورطهم في الزنى، كالصائد الذي
يضع
الشبكة ليصطاد ويغري الصيد إليها بما يوقعه فيها.(10)
ثالثًا: أعداء الفضيلة.لئن كانَ دورُ الشَّيطانِ في
هذه الفتنةِ دورًا كبيرًا ماكِرًا، فإنَّ دورَ جنودِه وأوليائه، لا يقلُّ مَكرًا
وتأثيرًا عنهم.
قد أخبرَنَا الله تعالى عن هدفِ هؤلاء، وغايتِهمُ
المنشودةِ، فقالَ: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء:
27]
لقد أدرَكَ أعداءُ هذا الدينِ عظيمَ أثر فتنةِ
النِّساءِ، ودورَهَا في سقوطِ الأُمَّةِ وانحلالها، فكانَت قضيَّةُ المرأة الخنجرَ
المسمومَ الذي طعنُوا به أُمَّةَ الإسلام.
فبينما سَمَّت الشريعةُ الفواحشَ قاذوراتٍ
وأوساخ، فقد سمَّاها هؤلاءِ علاقاتٍ عاطفيَّةً ليخفَّ وقعُها على الأسماعِ.
وبينما جعلتِ الشريعةُ الحجابَ علامةَ الإيمانِ
وسِمَةَ الطهارة وشعارَ العِفَّةِ والسترِ، وجعلتِ التبرُّجَ كبيرةً وفاحشةً من
أفعالِ الجاهليَّةِ، جعلَ هؤلاء الحجابَ علامةَ التخلُّف والجُمُود والرجعيَّةِ
ونعتُوه بأشنعِ الأوصاف، وجعلوا التبرُّجَ تحضُّرًا ورقيًا.
وبينما جاءتِ الشريعةُ بتحريم النَّظرِ إلى النساء
الأجنبياتِ ومُصافحتهنَّ والخلوةِ بهنَّ، وتحريمِ الاختلاط المستهترِ بين الرِّجال
والنساء، جاء هؤلاء بكسرِ كُلِّ حاجزٍ بين الرِّجالِ والنساءِ، فأشاعُوا الاختلاطَ
في كل النواحي.
وبينما حَرَصتِ الشريعةُ على خُمُود ذكرِ الفاحشة في
المُجتمع، وعُلُوِّ ذكر العفَّةِ والطهارةِ والفضيلةِ؛ جيَّشَ هؤلاء وسائلَ
الإعلام من فضائياتٍ ومواقعَ إلكترونيَّةٍ ومجلاتٍ لتزيين الفاحشَةِ وإشاعةِ
الرذيلةِ حتى يصيرَ ذكرُهَا بل النظرُ إليها أمرًا مألوفًا، فتلك أفلامٌ ومسلسلاتٌ
تدعُو إلى العلاقات الجنسيَّة المُحرَّمةِ، ، وهذه أغان العشقِ والغرام تخدِشُ
حياء العفيفاتِ.
ثمَّ إن هؤلاء يُدركُون أنَّ العمل على نشرِ الفواحش
والفسقِ هو الوسيلةُ السهلةُ التي يستطيعون بها قيادة الأمة نحو ما يشاؤونَ من
أهدافٍ، كما قال قائلهم: كأسٌ وغانيةٌ يفعلانِ بالأُمَّةِ المحمديَّةِ ما لا
يفعلُه ألفُ مدفع ودبابةٍ، فأغرِقُوها في حُبِّ المادة والشهوات
وقول آخر: لا تستقيم حالة الشرق الإسلامي لنا حتى
يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن، وحتى تؤتى الفواحش والمنكرات.(11)
وقول آخر: إن التأثير الغربي الذي يظهر في كل
المجالات ويقلب رأس على عقب المجتمع الإسلامي لا يبدو في جلاء أفضل مما يبدو في
تحرير المرأة.(12)
رابعًا: تأثر المرأة المسلمة بأهل الأهواء: وذلك عن طريق وسائل الإعلام
من إذاعة وصحافة وتلفاز ونحوها وكل وسائل التواصل الحديثة، حيث دأبت هذه الوسائل
في العالم الإسلامي على نقل صور كثيرة من حياة أهل الهواء إلى المرأة المسلمة،
فأصبحت تحس بالنقص والتأخر تأثراً ببريق حضارة زائفة لا تملك شيئاً من القيم
والأخلاق المستمدة من عقيدة صحيحة، ولكن المرأة ضعيفة وسريعة التأثر، فأصبحت تقتبس
بالتدريج تلك العادات الفاسدة، حتى صار الأمر إلى ما نشاهد.ولا أدل على هذا التأثر
من هذا القصور الذي لا تفيق منه نساؤنا في متابعة المستحدثات في عالم الأزياء
وأدوات التجميل مما يتغير بالأسابيع والشهور!
خامسًا: تقصير المسئول عن
المرأة: من أب أو زوج أو أخ ونحو ذلك من القيام بمسئوليته، لأن المرأة مهما بلغت
من العلم والعقل فهي بحاجة إلى قوامة ورعاية.ولابد لها من قيم يتعهدها بالرعاية.
إن كثير من أولياء النساء
ضيعوا هذه الأمانة، وفرطوا في هذه المسئولية، حتى إن بعضهم لا يعرف من أمر الحياة
الزوجية إلا أن له بيتاً يأوي إليه ليستريح ويأكل ويشرب وينام، ثم يخرج ثانية،
وهكذا يقضي حياته لا يدري ما عليه بيته وأسرته من خير أو شر! لا يعرف معروفًا! ولا
ينكر منكرًا! فأين الرعاية؟
إن الأمر جد خطير! يحتاج إلى
معالجة، ونرى من طرق العلاج ما يأتي:
أولًا: تقويم الجانب الديني عند
المرأة المسلمة وتقوية جانب الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله لا سيما في وقت الفتن.
ثانيًا: أن تُربّى المرأة المسلمة
تربية إسلامية حقيقية منذ الصغر، لتنشأ نشأة طيبة، وتربيتها بإبعادها عن كل ما
يأباه الدين الحنيف وتعليمها ما يجب عليها من أحكام دينها، وبيان الآثار السلبية
على تبرجها وتبذيرها، وإحاطتها علماً بما يريده أعداء الإسلام من خروجها والقضاء
على عفتها.
ثالثًا: أن يركز العلماء والخطباء
والمحاضرون على الأحكام المتعلقة بالمرأة.لتكون هناك وقفة جادة ضد الدعوات الهدامة
التي تظهر بين حين وآخر، تحاول جذب المرأة إلى صفها.
رابعًا: على ولي المرأة أن يقوم
بواجب الولاية والرعاية، وأن يعلم أنه مسئول عن أسرته من وزوجة وأولاد، قال تعالى:
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا )
[التحريم: 6].ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّكُمْ رَاعٍ،
وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ
رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ،
وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا.."(13)
المبحث الثالث: تحذير الإسلام من خطر الفتنة بالنساء
إن المرأة المسلمة لقيت عناية فائقة من الإسلام بما
يصون عفتها، ويجعلها عزيزة الجانب، سامية المكانة، وإن الضوابط التي فرضها عليها
في ملبسها، وزينتها وعلاقتها بالرجال لم تكن إلا لِسَدِّ ذريعة الفساد، وتجفيف
منابع الافتتان بها، فإذا هي تنكبت تلك المحجة، وانحرفت عن هذا السبيل، وحطمت تلك
الحواجز، وتعدت تلك الضوابط، فثارت على البيت والولد، وانكشفت في المجامع
والأندية، وانغمرت في اللهو واللعب، وراحت تعلن عن نفسها بشقاشق القول، وفضول
اللسان، فهنالك الويل والوبال، والفتنة والدمار، والداء العضال.
لقد كان الإشفاق من وبال ذلك الداء أشد ما خامر قلب
رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-،
وفي سبيله ألقى على السابقين الأولين من المسلمين كلمته الخالدة: " إِنَّمَا
الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ
هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ،
وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ
يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ"(14)
ليبين لنا كيف أن الافتتان بالمرأة قد يؤدي إلى إحباط
عمل مِن أفضل ما يتقرب به إلى الله عز وجل، وهو الهجرة إلى الله سبحانه
ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
بين لنا -صلى
الله عليه وسلم- في
هذا الحديث كيف أن الافتتان بالمرأة قد يؤدي إلى إحباط عمل من أفضل ما يتقرب به
إلى الله عز وجل، ألا وهو الهجرة إلى الله سبحانه، وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
وقد أشار القرآن الكريم إلى خطر الفتنة بالمرأة، فقال
سبحانه وتعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ
وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) [آل عمران: 14]
أخبر تعالى عما زين للناس في هذه الحياة الدنيا من
أنواع الملاذ من النساء والبنين، فبدأ بالنساء لأن الفتنة بهن أشد، فأما إذا كان
القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد، فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه، كما وردت
الأحاديث بالترغيب في التزويج والاستكثار منه.
ولِأَنَّهُنَّ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ وَفِتْنَةُ
الرِّجَالِ، فأكثر الرجال إنما دخل عليهم الخلل من قِبل هذه الشهوة، ولعله لأجل
ذلك أيضا قدم سبحانه وتعالى المرأة على الرجل في قوله جل وعلا: "الزَّانِيَةُ
وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ" [النور:
2].(15)
وحذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من فتنة المرأة، ونصح لأمته في هذا الباب أعظم
النصح.
فعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ -صلى
الله عليه وسلم-
قَالَ: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ"(16)
وذلك أن المرأة إذا لم تكن يمنعها الصلاح الذي من
جبلتها، كانت عين المفسدة، فلا تأمر زوجها إلا بشر ولا تحثه إلا علي فساد، وأقل
ذلك أن ترغبه في الدنيا كي يتهالك فيها، وأي فساد أضر من هذا! وقد سبق أنه تعالي
قدمها في آية ذكر الشهوات علي سائر الأنواع وجعلها نفس الشهوات، حيث بين الشهوات
بقوله: (مِنَ النِّسَاءِ) ثم عقبها بغيرها دلالة علي أنها أصلها ورأسها.(17)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ،
وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ،
فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي
إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ"(18)
قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فَاتَّقُوا
الدُّنْيَا" أَيْ: احْذَرُوا مِنَ الِاغْتِرَارِ بِمَا فِيهَا مِنَ الْجَاهِ
وَالْمَالِ، فَإِنَّهَا فِي وَشَكِ الزَّوَالِ، وَاقْنَعُوا فِيهَا بِمَا
يُعِينُكُمْ عَلَى حُسْنِ الْمَآلِ، فَإِنَّهُ لِحَلَالِهَا حِسَابٌ
وَلِحَرَامِهَا عَذَابٌ."وَاتَّقَوُا النِّسَاءَ" أَيْ:
احْذَرُوهُنَّ بِأَنْ تَمِيلُوا إِلَى الْمَنْهِيَّاتِ بِسَبَبِهِنَّ، وَتَقَعُوا
فِي فِتْنَةِ الدَّمِ لِأَجْلِ الِافْتِتَانِ بِهِنَّ "فَإِنَّ أَوَّلَ
فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ" أَيْ: فِي
شَأْنِهِنَّ وَأَمْرِهِنَّ.
أي احذروا من الاغترار بما في الدنيا؛ فإنه في وشك
الزوال، واحذروا أن تميلوا إلي النساء بالحرام.(19)
المبحث الرابع: مظاهر فتنة
النساء
أولًا: التبرج والسفور.
التبرج والسفور محرمان
شرعًا، والتبرج أعم من السفور، فالسفور خاص بكشف الغطاء عن الوجه، والتبرج: كشف
المرأة وإظهارها شيئًا من بدنها أو زينتها المكتسبة أمام الرجال الأجانب عنها مما
تستدعي به شهوة الرجل.(20)
وقد دلَّ الكتاب والسنة
والإجماع على تحريم تبرج وسفور المرأة، فهو محرم في الإسلام بوازع الإيمان، ونفوذ
سلطانه على قلوب أهل الإسلام طواعية لله تعالى ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: ( وَقَرْنَ فِي
بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) [الأحزاب:
33]
فالمرأة يجب أن تصان وتحفظ
بما لا يجب مثله في الرجل، ولهذا خُصَّت بالاحتجاب وترك إبداء الزينة، وترك
التبرج، فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت ما لا يجب في حق الرجل، لأن ظهورها
للرجال سبب الفتنة، والرجال قوامون عليهن، ولما أمرهن الله سبحانه بالقرار في
البيوت نهاهن تعالى عن تبرج الجاهلية بكثرة الخروج، وبالخروج متجملات متطيبات
سافرات الوجوه، حاسرات عن المحاسن والزينة التي أمر الله بسترها.
وإنما حرم التبرج لما فيه من
خطر على الدين والدنيا ومنها:
التبرج
يؤدي إلى الهلاك: عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-،
قَالَ: " ثَلَاثَةٌ لَا تسأل عَنْهُمْ: رَجُلٌ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ وَعَصَى
إِمَامَهُ وَمَاتَ عَاصِيًا، وَأَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ أَبَقَ مِنْ سَيِّدِهِ فَمَاتَ،
وَامْرَأَةٌ غَابَ عَنْهُا زَوْجُهَا وَقَدْ كَفَاهَا أَمْرَ الدُّنْيَا
فَتَبَرَّجَتْ بَعْدَهُ.."(21)
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاثة لا تسأل
عنهم" مبني للمعلوم أي لا تسأل عن كيفية عقوبتهم فهي من الفظاعة بحيث لا
يحتملها السمع أو لا تهتم بهم ولا تسأل عنهم فهم أحقر من أن تعتني بشأنهم وتشتغل
بالسؤال عنهم، أو لا تسأل الشفاعة فيهم فإنهم هالكون.(22)
التبرج من صفات أهل النار: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "صِنْفَانِ مِنْ
أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ
يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ
مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ
الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ
كَذَا وَكَذَا"(23)
فليحذر المسلم من بدايات
التبرج في محارمه، وذلك بالتساهل في لباس بناته الصغيرات بأزياء لو كانت على
بالغات لكانت فسقًا وفجورًا، مثل: إلباسها القصير، والضيق، والبنطال، والشفاف
الواصف لبشرتها، إلى غير ذلك، وفي هذا من الإلف للتبرج والسفور، وكسر حاجز النفرة،
وزوال الحياء، ما لا يخفى، فليتق الله من ولاّه الله الأمر.(24)
ثانيًا: مس المرأة الأجنبية
النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصافح النساء في البيعة
وهو نص صريح في ذلك، وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصافح النساء في البيعة
فمن باب
أولى أنه لم يصافح النساء في
غير البيعة.فعن عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَتْ: كَانَتِ
الْمُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى رَسُولِ اللهِ
-صلى الله
عليه وسلم- يُمْتَحَنَّ....وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ
-صلى
الله عليه وسلم- يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غَيْرَ أَنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ
بِالْكَلَامِ قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللهِ، مَا أَخَذَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى النِّسَاءِ قَطُّ
إِلَّا بِمَا أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى، وَمَا مَسَّتْ كَفُّ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ،
وَكَانَ يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ: «قَدْ بَايَعْتُكُنَّ»
كَلَامًا.(25)
وعن مَعْقِل بْنَ يَسَارٍ
رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَأَنْ يُطْعَنَ فِي
رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ
امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ"(26)
ولأن في هذا فتح باب زنا
اليد الذي بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله" إِنَّ اللَّهَ
كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ،
فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى
وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ"(27)
ثالثًا: الخلوة بالمرأة الأجنبية
حقيقة الخلوة أن ينفرد الرجل
بامرأة أجنبية عنه في غيبة عن أعين الناس، فهذه من أعظم الذرائع وأقرب الطرق إلى
وقوع الفاحشة الكبرى.
شدد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أمر الخلوة، حتى تسد
منافذ الفاحشة، وتجفف منابع الفتنة، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لاَ
يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ"(28)
وفي حديث عمر بن الخطاب رضي
الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال" أَلاَ لاَ
يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ"(29)
والمعنى يكون الشيطان معهما بالوسوسة وتهييج
الشهوة ورفع الحياء وتسهيل المعصية حتى يجمع بينهما، والنهي للتحريم.(30)
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ
عَامِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِيَّاكُمْ
وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ" فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: "الحَمْوُ المَوْتُ"(31)
قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الحمو الموت"(32) أي: دخوله على زوجة أخيه
يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة؛ أي: فهو مُحرَّم معلوم التحريم، وإنَّما بالغ
في الزجر عن ذلك، وشبهه بالموت لتسامح الناس في ذلك من جهة الزوج والزوجة، لإلفهم
لذلك، حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة عادة، وخرج هذا مخرج قول العرب: الأسد الموت،
والحرب الموت.أي: لقاؤه يفضي إلى الموت.وكذلك دخوله على المرأة يفضي إلى موت
الدِّين، أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج، أو برجمها إن زنت معه.(33)
رابعًا: خروج المرأة متعطرة.
فما يشمه الرجل من ريح
المرأة لا شك أنه من دواعي الفتنة، فعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ
النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " أَيُّمَا
امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ، فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا، فَهِيَ
زَانِيَةٌ، وَكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ".(34)
حتى في مسألة خروج المرأة للصلاة نهاها النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التطيب فما بالك بما دون
ذلك.
فعَنْ زَيْنَبَ، امْرَأَةِ
عَبْدِ اللهِ، قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا شَهِدَتْ
إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا"(35)
وعن أبي هريرة، أنَّ رسولَ
الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تمنعوا إماءَ
الله مساجدَ الله، ولكن لِيَخرُجْنَّ وهنَّ تَفِلاتٌ"(36)
قوله -صلى الله عليه وسلم-: "تفلات" أي: غير
متطيبات.فَأَلْحَقَ بِالطِّيبِ مَا فِي مَعْنَاهُ.فَإِنَّ الطِّيبَ إنَّمَا مُنِعَ
مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيكِ دَاعِيَةِ الرِّجَالِ وَشَهْوَتِهِمْ.وَرُبَّمَا
يَكُونُ سَبَبًا لِتَحْرِيكِ شَهْوَةِ الْمَرْأَةِ أَيْضًا.فَمَا أَوْجَبَ هَذَا
الْمَعْنَى الْتَحَقَ بِهِ.وَيَلْحَقُ بِهِ أَيْضًا: حُسْنُ الْمَلَابِسِ،
وَلُبْسُ الْحُلِيِّ الَّذِي يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الزِّينَةِ.(37)
فإذا كان ذلك حرامًا على
مريدة المسجد فماذا يكون الحكم على مريدة السوق والشوارع؟ لا شك أنه أشد حرمة
وأكبر إِثْمًا.
خامسًا: الخضوع بالقول
قال تعالى: ( يَانِسَاءَ
النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا
تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا
مَعْرُوفًا ) [الأحزاب: 32]
هذا خطاب من الله تعالى
لنساء النبي -صلى الله عليه وسلم- ونساء المؤمنين تبع لهن في
ذلك، وإنما خصَّ الله سبحانه نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالخطاب: لشرفهن، ومنزلتهن
من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولأنهن القدوة لنساء
المؤمنين، ، مع أنه لا يتوقع منهن الفاحشة - وحاشاهن - وهذا شأن كل خطاب في القرآن
والسنة، فإنه يراد به العموم، لعموم التشريع، ولأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص
السبب، ما لم يرد دليل يدل على الخصوصية فقال مخاطبًا لنساء النبي -صلى الله عليه وسلم- (فَلا تَخْضَعْنَ
بِالْقَوْلِ) أَيْ لَا تُلِنَّ الْقَوْلَ.أَمَرَهُنَّ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ
قَوْلُهُنَّ جَزْلًا وَكَلَامُهُنَّ فَصْلًا، وَلَا يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ يُظْهِرُ
فِي الْقَلْبِ عَلَاقَةً بِمَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ مِنَ اللِّينِ، كَمَا كَانَتِ
الْحَالُ عَلَيْهِ فِي نِسَاءِ الْعَرَبِ مِنْ مُكَالَمَةِ الرِّجَالِ بِتَرْخِيمِ
الصَّوْتِ وَلِينِهِ، مِثْلِ كَلَامِ الْمُرِيبَاتِ وَالْمُومِسَاتِ.
فَنَهَاهُنَّ عَنْ مِثْلِ هَذَا.(38)
وخضوع المرأة بالقول يفتح
باب زنا الأذن، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ
النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-" كُتِبَ عَلَى ابْنِ
آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ
زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ.."(39)
سادسًا: الاختلاط المحرم بين الرجال والنساء
الاختلاط هو: اجتماع الرجال
بالنساء غير المحارم في مكان واحد يمكنهم فيه الاتصال فيما بينهم بالنظر، أو
الإشارة أو الكلام أو البدن من غير حائل أو مانع يدفع الريبة والفساد.(40)
إن العِفَّة حجاب يُمَزِّقه
الاختلاط، ولهذا صار طريق الإسلام التفريق والمباعدة بين المرأة والرجل الأجنبي
عنها، فللرجال مجتمعاتهم، وللنساء مجتمعاتهن، ولا تخرج المرأة إلى مجتمع الرجال
إلا لضرورة أو حاجة بضوابط الخروج الشرعية.
كل هذا لحفظ الأعراض
والأنساب، وحراسة الفضائل، والبعد عن الرِّيب والرذائل، وعدم إشغال المرأة عن
وظائفها الأساس في بيتها، ولذا حُرِّم الاختلاط، لما يترتب عليه من هتك الأعراض
ومرض القلوب، وخطرات النفس.(41)
ومن الأدلة على تحريم
الاختلاط بين الرجال والنساء
قال تعالى: (وَقَرْنَ فِي
بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) [الأحزاب:
33]
وجه الدلالة: أن الله أمر
أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الطاهرات المطهرات الطيبات
بلزوم بيوتهن، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين، لما تقرر في علم الأصول
أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصيصه، وليس هناك دليل يدل على
الخصوص، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن، فكيف يقال
بجواز الاختلاط.(42)
ولهذا حُرِّمَتْ الأسباب المفضية إلى الاختلاط،
ومنها:
تحريم الدخول على الأجنبية والخلوة بها، تحريم سفر
المرأة بلا محرم، تحريم النظر العمد من أي منهما إلى الآخر بدون ضرورة، تحريم مسّ
الرجل بدن الأجنبية، حتى المصافحة للسلام، تحريم تَشَبُّه أحدهما بالآخر.
وشرع لها صلاتها في بيتها، فهي من شعائر البيوت
الإسلامية، وصلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في مسجد قومها.
وأُذن لها بالخروج للمسجد وفق الأحكام التالية:
1 - أن تؤمن
الفتنة بها وعليها.
2 - أن لا
يترتب على حضورها محذور شرعي.
3 - أن لا
تزاحم الرجال في الطريق ولا في الجامع.
4 - أن تخرج
تَفِلةً غير متطيبة.
5 - أن تخرج
متحجبة غير متبرجة بزينة.
6 - إفراد
باب خاص للنساء في المساجد، يكون دخولها وخروجها معه.
7 - أن يكون
الخروج بإذن الزوج، فلا يجوز لها الخروج إلا بإذنه.
8 - تخرج النساء
من المسجد قبل الرجال، وعلى الرجال الانتظار حتى انصرافهن.
إلى غير ذلك من الأحكام التي
تمنع الاختلاط بين النساء والرجال، والله أعلم.(43)
المبحث الخامس: فضل الصبر على فتن النساء
الصابر على فتن النساء من السبعة الذين يظلهم اللَّه
في ظله
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي
ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ
فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ
تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ
طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ،
وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ
يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ
خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ "(44)
وقدوة هذا الصابر على فتنة
النساء: نبي اللَّه يوسف بن يعقوب
قال ابن القيم: وقد ذكر اللَّه سبحانه
وتعالى عن يوسف الصِّدِّيق -صلى الله عليه وسلم- من العفاف أعظم ما يكون،
فإن الداعي الذي اجتمع في حقه لم يجتمع في حق غيره، فإنه -صلى الله عليه وسلم- كان شابًّا والشباب مركب
الشهوة، وكان عزبًا ليس عنده ما يعوضه، وكان غريبًا عن أهله ووطنه والمقيم بين
أهله وأصحابه، يستحي منهم أن يعلموا به فيسقط من عيونهم، فإذا تغرب زال هذا
المانع، وكان في صورة المملوك، والعبد لا يأنف مما يأنف منه الحر، وكانت المرأة
ذات منصب وجمال؛ والداعي مع ذلك أقوى من داعي من ليس كذلك، وكانت هي المطالبة
فيزول بذلك كلفة تعرض الرجل وطلبه وخوفه من عدم الإجابة، وزادت مع الطلب الرغبة
التامة والمراودة التي يزول معها ظن الامتحان والاختبار لتعلم عفافه من فجوره،
وكانت في محل سلطانها وبيتها بحيث تعرف وقت الإمكان ومكانه الذي لا تناله العيون،
وزادت مع ذلك تغليق الأبواب لتأمن هجوم الداخل على بغتة، وأتته بالرغبة والرهبة،
ومع هذا كله عفَّ للَّه ولم يطعها، وقدَّم حق اللَّه وحق سيدها على ذلك كله، وهذا
أمر لو ابتلي به سواه لم يعلم كيف تكون حاله؟(45).
الصابر على فتن النساء وإيثار رضا اللَّه على هوى
النفس من أفضل الأعمال التي تقرب العبد إلى ربه
كما في حديث أصحاب الغار
والشاهد منه: " قَالَ أَحَدُهُمْ:....اللَّهُمَّ إِنَّهَا كَانَتْ لِي بِنْتُ
عَمٍّ أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ
مِنْهَا، فَأَبَتْ عَلَيَّ حَتَّى أَتَيْتُهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَبَغَيْتُ
حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، قَالَتْ: يَا عَبْدَ
اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفْتَحِ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ،
فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا
فَرْجَةً، فَفَرَجَ.."(46)
فشهوة الفرج أغلب الشهوات
على الإنسان وأعصاها عند الهيجان على العقل.فمن ترك الزنا خوفًا من الله تعالى مع
القدرة، وارتفاع الموانع وتيسر الأسباب لاسيما عند صدق الشهوة، نال درجة الصديقين.(47)
المبحث السادس: وسائل الوقاية من فتنة النساء
لا شك أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وهو أعلم
به، قال عز وجل: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
[الملك: 14]، فمن حكمة الله سبحانه وتعالى أنه ركب في الإنسان شهوة الفرج تركيبا
قويًا، وجعل لها عليه سلطانًا شديدًا، فإذا ثارت فإنها تكون أشد الشهوات عصيانًا،
فإن لم يكن عند الإنسان تقوى وورع وخوف من الله، فإنه لا يمنعه من المعصية شيء.
فالله سبحانه وتعالى خلق
الرجل والمرأة والشيطان، وقد بين الله أن هدف الشيطان الأساسي في موضوع المرأة أن
يوقع العبد في حضيض الفاحشة الكبرى والعياذ بالله والشيطان عنده خبرة بهذه
الأساليب، فيسلك مسالك الاستدراج وإغراء الإنسان بالشهوات عن طريق خطوات بعضها
يقود إلى بعض.قال تعالى: (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) [البقرة:
168]، سماها خطوات؛ لأنه يستدرج الإنسان خطوة خطوة.
وحتى لا تقع الفتنة بالنساء اتخذ الشارع كثيرًا من
الوسائل الكفيلة بحماية الرجل من الوقوع في الفتنة بالنساء ومنها: -
الوسيلة الأولى: تعمير القلوب بالتقوى والخوف من الله
تعالى.
أول ما اهتم به الإسلام لمنع
الفتنة بالنساء أن جعل الإيمان وتعمير القلب بمراقبة الله سبحانه وتعالى والخوف
منه أعظم رادع عن المعاصي، يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "...أَلاَ إِنَّ
حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً:
إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ
كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ "(48)
إن الإيمان بالله والخوف من الله صمام الأمان والعاصم
للعبد من مواقعة الحرام والانسياق وراء شهوة عارضة.
فالمؤمن إذا تربى على مراقبة الله، أثمر ذلك خوفًا
منه سبحانه في السر والعلن، وانتهاءً عن معصية الله، وصدودًا عن داعي الشهوة الذي
يؤز كثيرًا من العباد إلى الحرام أزًّا.
الوسيلة الثانية: قرار المرأة في بيتها هو الأصل
وخروجها منه رخصة تُقَدَّر بقدرها
قال تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا
تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) (الأحزاب: 33).
فقوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) في هَذِهِ
الْآيَةِ الْأَمْرُ بِلُزُومِ الْبَيْتِ، وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِنِسَاءِ
النَّبِيِّ -صلى
الله عليه وسلم-
فَقَدْ دَخَلَ غَيْرُهُنَّ فِيهِ بِالْمَعْنَى.هَذَا لَوْ لَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ
يَخُصُّ جَمِيعَ النِّسَاءِ، كَيْفَ وَالشَّرِيعَةُ طَافِحَةٌ بِلُزُومِ
النِّسَاءِ بُيُوتَهَنَّ، وَالِانْكِفَافِ عَنِ الْخُرُوجِ مِنْهَا إِلَّا
لِضَرُورَةٍ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى
نِسَاءَ النَّبِيِّ -صلى
الله عليه وسلم-
بِمُلَازَمَةِ بُيُوتِهِنَّ، وَخَاطَبَهُنَّ بِذَلِكَ تَشْرِيفًا لَهُنَّ.(49)
ومع ذلك قد تقتضي الحاجة خروج النساء، وعندها فلا حرج
في خروجهن إذا أُمِنَتْ الفتنة، وكان خروجها منضبطًا بضوابط الشريعة، فلا تخرج
متطيبة ولا متزينة، أو متبرجة ولا سافرة، ولا تزاحم الرجال في وسط الطرقات، بل
تلتزم حافتها، وإذا احتاجت إلى الكلام مع الأجانب فلا تخضع بالقول فيطمع الذي في
قلبه مرض، فمتى انقضت الحاجة أو ارتفعت الضرورة عاد كل إلى أصله.(50)
الوسيلة الثالثة: تحريم الزنا، وبيان أنه خراب للدين
والدنيا
فقد أجمعت كل الشرائع على تحريم هذه الفاحشة،
واعتبرت هذا الفعل من أكبر الآثام وأعظم الجرائم التي تدنس النفس البشرية، وتحول
بينها وبين سعادتها وكمالها، ووضعت له أشنع عقوبة في الحدود الشرعية، وهي الرجم
بالحجارة حتى الموت للزاني المحصن، وتوعدت فاعليها بالعقوبات الآجلة والعذاب
الأليم في العاجلة، قال الله عز وجل: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ
فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) [الإسراء: 32].
ليس هذا فحسب، بل قرن الله
سبحانه وتعالى الزنا بأكبر الكبائر فقال عز وجل في صفات عباد الرحمن: (وَالَّذِينَ
لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي
حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ
أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ
مُهَانًا) [الفرقان: 68 - 69] إلى آخر الآيات.
ولقد جعل الله سبحانه وتعالى
التعفف عن الزنا، والتصون منه من صفات المؤمنين المفلحين، قال تعالى: (قَدْ
أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)
وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ
فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)
فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)) [المؤمنون: 1 -
8]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «لاَ يَزْنِي الزَّانِي
حِينَ يَزْنِي وَهُوَ
مُؤْمِنٌ."(51)
الوسيلة الرابعة: الأمر بغض البصر
قال تعالى: (قُلْ
لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ
لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ).[النور:
30 - 31]
أي: أرشد المؤمنين، وقل لهم:
الذين معهم إيمان، يمنعهم من وقوع ما يخل بالإيمان: (يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)
عن النظر إلى العورات وإلى النساء الأجنبيات، وإلى المردان، الذين يخاف بالنظر
إليهم الفتنة، وإلى زينة الدنيا التي تفتن، وتوقع في المحذور.(52)
وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ، قَالَ: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ
فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي"(53)
وسبب
الأمر بغض البصر لأنه ذريعة إلى الوقوع في الفاحشة، ومفتاح الوقوع في المنكرات،
وشغل القلب بالهواجس، وتحريك النفس بالوساوس، ومنشأ الفساد والفجور.
كلُّ الحوادثِ مبدأها من
النظرِ...ومعظمُ النارِ من مستصْغَرِ الشرَرِ
والمرءُ ما دام ذا عين
يُقلبُهَا...فِي أعين الغيد موقوفٌ على الخَطَرِ
كم نظرةٍ فتكتْ في قلب
صاحبِها...فَتْكَ السهام بلا قَوْسٍ ولا وَتَرِ
يسُرُّ ناظرُه ما ضرَّ
خاطرَه...لا مرحبًا بسرور عاد بالضرر
وكثرة النظر إلى النساء فيه
فتح باب زنا العين الذي بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله" فَزِنَا العَيْنِ
النَّظَرُ، "(54)
الوسيلة الخامسة: عدم وصف المرأة المرأة لزوجها
وصف المرأة المرأة لزوجها
حتى كأنه ينظر إليها، من الأمور التي نهى عنها الشرع فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تُبَاشِرُ
المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ
إِلَيْهَا"(55)
وهذا أصلٌ في سد الذرائع، فإن الحكمة في هذا
النهي خشية أن يعجب الزوج الوصف المذكور فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة أو الافتتان
بالموصوفة.(56)
الوسيلة السادسة: النهي عن سفر المرأة بغير محرم
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ
أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ"(57)
ولا
فرق بين الشابة والكبيرة لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَظِنَّةُ الطَّمَعِ فِيهَا
وَمَظِنَّةُ الشَّهْوَةِ وَلَوْ كانت كَبِيرَةً وَقَدْ قَالُوا لِكُلِّ سَاقِطَةٍ
لَاقِطَةٌ وَيَجْتَمِعُ فِي الْأَسْفَارِ مِنْ سُفَهَاءِ النَّاسِ وَسَقَطِهِمْ
مَنْ لَا يَرْتَفِعُ عَنِ الْفَاحِشَةِ بِالْعَجُوزِ وَغَيْرِهَا لِغَلَبَةِ
شَهْوَتِهِ وَقِلَّةِ دِينِهِ وَمُرُوءَتِهِ وَخِيَانَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.(58)
الوسيلة السابعة: الترغيب في النكاح وتيسير أمره
فتح الإسلام أبواب الحلال
على مصارعها، وقضى على أي عقبة تعترض النكاح بكل قوة، فرغب الإسلام في الزواج
المشروع وحث عليه، وبين أنه من سنن الهدى، وجادة الإسلام، ونهت الشريعة عن التبتل
والرهبانية، وأنها مولود مبتدع في الملة النصرانية، وشدد الله النكير على فعلتها،
فليست العزوبة من أمر الإسلام في شيء، ولا يحل لأي إنسان أن يستحسن العزوبة بأي
عذر، فإنه يقع حينئذ تحت قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فَمَنْ رَغِبَ عَنْ
سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي"(59)
وقال -صلى الله عليه وسلم- "يَا مَعْشَرَ
الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ
لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ
فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ"(60)
وأمر
الله عز وجل من لم يجد النكاح بالاستعفاف، ولم يفتح أي ثغرة إلى ما حرم الله،
فهكذا نظم الإسلام الحياة الاجتماعية للناس تنظيمًا دقيقًا، ووضع لهم التشريعات
التي تكفل سعادتهم واستقامتهم، وقد تبين لنا من هذا الباب كيف أن الشريعة الإلهية
عندما تحرم شيئا فإنها لا تكتفي بتحريمه فحسب، بل إنها تنادي في الوقت ذاته بتحريم
كل ما يرغب الناس في إتيانه، أو يهيئ لهم فرصه، أو ما يكرههم عليه من الأسباب
والدواعي.
الوسيلة الثامنة: فرض الحجاب على النساء
تعبَّد اللهُ نساء المؤمنين
بفرض الحجاب عليهن، الساتر لأبدانهن وزينتهن، أمام الرجال الأجانب عنهن، تعبدًا
يثاب على فعله ويعاقب على تركه، فعلى نساء المؤمنين الاستجابة إلى الالتزام بما
افترضه الله عليهن من الحجاب والستر والعفة والحياء طاعةً لله تعالى، وطاعة لرسوله
-صلى
الله عليه وسلم-
قال تعالى: (يأَيُّهَا
النَّبِىُّ قُل لاَِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).(الأحزاب: 59).
هذه الآية، التي تسمى آية
الحجاب، فأمر الله نبيه، أن يأمر النساء عمومًا، ويبدأ بزوجاته وبناته، لأنهن آكد
من غيرهن، ولأن الآمر لغيره ينبغي أن يبدأ بأهله، قبل غيرهم كما قال تعالى: (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)
أن (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ
مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) وهن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة وخمار ورداء ونحوه، أي:
يغطين بها، وجوههن وصدورهن.ثم ذكر حكمة ذلك، فقال: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ
يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) دل على وجود أذية، إن لم يحتجبن، وذلك، لأنهن إذا لم
يحتجبن، ربما ظن أنهن غير عفيفات، فيتعرض لهن من في قلبه مرض، فيؤذيهن، وربما
استهين بهن، وظن أنهن إماء، فتهاون بهن من يريد الشر.فالاحتجاب حاسم لمطامع
الطامعين فيهن.(61)
والأدلة على ذلك كثيرة من
القرآن والسنة.(62)
وشروط الحجاب الشرعي
الأول: استيعاب جميع بدن المرأة
(على الراجح).
الثاني: أن لا يكون زينة في نفسه.
الثالث: أن يكون صفيقًا لا يشف.
الرابع: أن يكون فضفاضًا غير ضيق
فيصف شيئًا من جسمها.
الخامس: أن لا يكون مبخرًا مطيبًا.
السادس: أن لا يشبه لباس الرجل.
السابع: أن لا يشبه لباس الكافرات.
الثامن: أن لا يكون لباس شهرة.(63)
---
(1) أبو داود (236) من حديث أنس رضي الله عنه، وصححه الألباني بشواهده في صحيح
أبي داود (95)
(2) البخاري(5971)، مسلم (2548)
(3) أبو داود (1905) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1663)
(4) البخاري(1418)، مسلم (2629) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(5) البخاري(5353)، مسلم (2982) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(6) الترمذي(2140) من حديث أنس رضي الله عنه. وصححه الألباني في صحيح الجامع
(7987)
(7) تفسير الطبري (8/ 216)، تفسير عبدالرزاق (553)، تفسير ابن أبي حاتم(5177)
(8) ذم الهوى (ص: 166)
(9) الترمذي(1173)، والطبراني(9481)، وابن حبان(5598) من حديث عبدالله بن
مسعود رضي الله عنه. وصححه الألباني في الإرواء(273)
(10) شرح المشكاة للطيبي (7/ 2272)
(11) المرأة ومكانتها للحصين ص (12)
(12) الإسلام في الغرب: جان بول رو، ص (178 - 189) ترجمة:
نجدة هاجر
(13) البخاري(893)، مسلم (1829) من حديث ابن عمر رضي الله
عنهما.
(14) البخاري(6689)، مسلم (1907) من حديث عمر بن الخطاب رضي
الله عنه.
(15) تفسير القرطبي (4/ 29)، تفسير ابن كثير (2/ 19)
(16) البخاري(5096)، مسلم (2740)
(17) شرح المشكاة للطيبي (7/ 2260)
(18) مسلم (2742)
(19) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 2044)، شرح
المشكاة للطيبي (7/ 2260)، شرح النووي على مسلم (17/ 55)
(20) حراسة الفضيلة (ص: 70)، فتح البيان في مقاصد القرآن
(11/ 83)
(21) أحمد ( 23943)،
البخاري في "الأدب المفرد" (590). السلسلة الصحيحة (542)
(22) التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 215)
(23) مسلم (2128)
(24) حراسة الفضيلة (ص: 73)
(25) البخاري(5288)، مسلم (1866)
(26) الطبراني في
المعجم(486)، انظر السلسلة الصحيحة (226)
(27) البخاري(6612)، مسلم (2657) من حديث أبي هريرة رضي الله
عنه.
(28) البخاري(5233)، مسلم (1341)
(29) الحميدي (32)، أحمد (177)، الترمذي (2165)، النسائي
(9175) وصححه الألباني في الصحيحة (430)
(30) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 2056)، التنوير
شرح الجامع الصغير (4/ 318)
(31) البخاري(5232)، مسلم (2172)
(32) والمراد بالحمو أَقَارِبُ الزَّوْجِ غَيْرُ آبَائِهِ
وَأَبْنَائِهِ فَأَمَّا الْآبَاءُ والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها ولا
يوصفون بالموت وانما المراد الأخ وبن الْأَخِ وَالْعَمُّ وَابْنُهُ وَنَحْوُهُمْ
مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ وَعَادَةُ النَّاسِ الْمُسَاهَلَةُ فِيهِ وَيَخْلُو
بِامْرَأَةِ أَخِيهِ فَهَذَا هُوَ الْمَوْتُ. شرح النووي على مسلم (14/ 154)
(33) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (18/ 8)
(34) أحمد (19711)، وأبو داود(4173 )، والترمذي (2786 )،
والنسائي(5126) وحسن إسناده الألباني في جلباب المرأة ص 137
(35) مسلم (443)
(36) أبو داود (565) وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي
داود(574)
(37) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (1/ 197)
(38) تفسير القرطبي (14/ 177)، تفسير ابن كثير (6/ 408)
(39) البخاري(6612)، مسلم (2657) واللفظ له من حديث أبي
هريرة رضي الله عنه.
(40) الاختلاط بين الرجال والنساء: سعيد بن علي القحطاني(ص:
6)، الاختلاط بين الرجال والنساء: شحاته محمد صقر(1/ 63)
(41) حراسة الفضيلة (ص: 65)
(42) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد
اللطيف آل الشيخ (10/ 38)
(43) حراسة الفضيلة (ص: 67)
(44) البخاري(660)، مسلم (1031)
(45) روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 318)
(46) البخاري(2333)، مسلم (2743) من حديث عبد الله بن عمر
رضي الله عنهما.
(47) شرح المشكاة للطيبي (10/ 3170).
(48) البخاري(52)، مسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير رضي
الله عنهما.
(49) تفسير القرطبي (14/ 179)
(50) الاختلاط بين الرجال والنساء (1/ 37)
(51) البخاري(2475)، مسلم (57)
(52) تيسير الكريم الرحمن (ص: 566)
(53) مسلم (2159)
(54) البخاري(6612)، مسلم (2657) من حديث أبي هريرة رضي الله
عنه.
(55) البخاري(5240)، مسلم (2156)
(56) فتح الباري لابن حجر (9/ 338)
(57) البخاري(1088)، مسلم (1339)
(58) شرح النووي على مسلم (9/ 104)
(59) البخاري(5063)، مسلم (1401) من حديث أنس بن مالك رضي
الله عنه.
(60) البخاري(5066)، مسلم (1400) من حديث عبدالله بن مسعود
رضي الله عنه
(61) تيسير الكريم الرحمن (ص: 672)
(62) انظر: رسالة الحجاب لابن العثيمين، حراسة الفضيلة: بكر
أبو زيد.
(63) انظر: جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة للشيخ
الألباني(ص: 137)