ختم المواعظ من كتاب الواعظ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- وبعد،
فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
والحمد لله على إنعامه وتيسيره ونشكره على منّه وفضله وتوفيقه.
على مدار السنوات الماضية وفقنا الله تعالى في اللجنة العلمية وأخرجنا أعدادًا وفيرة من كتاب الواعظ(1) وكان بمثابة المرشد للخطيب والواعظ لما يحتوي من خطب مرتبة مذللة ميسرة محققة مقتضبة، فنفع الله به الكثير ويسر على كثير من الخطباء البحث والتنقيح
ثم لما رأينا هذا الإثراء من المواعظ خشينا من تكرار الموضوعات والزهد عن القراءات وقلة الانتفاع بالموضوعات،
وحتى تستمر مسيرة العطاء ولا تنقطع الفائدة عن الدعاة والخطباء فقد بدأنا في مشروع كنا قد طرحناه منذ زمان، لكن تأخر ظهوره لعلل ومشاغل أحاطت بنا لكن قد آن الأوان.
ألا وهو إخراج كتاب علمي يشمل مسائل بحثية محققة ومقالات طويلة مبتكرة ومقدمات لعلوم الشريعة في قوالب سهلة مختصرة ليكون هذا الكتاب بمثابة زاد الطالب ومنتهى الباحث يشمل بين دفتيه الفقهيات والعقائد والحديث والفوائد وينهل منه الطالب في كل فن رائد.
ولا شك أن كل خطيب وواعظ لا بد أن يرتقي بعلمه كل عام فلا يكتفي بالوعظ دون التحرير والبيان فكلما نما علمه كلما نضج وعظه لهذا قال تعالى : {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]
أطلق الحكمة ولم يقيدها بوصف الحسنة، إذ كلها حسنة، ووصف الحسن لها ذاتي.
وأما الموعظة فقيدها بوصف الإحسان، إذ ليس كل موعظة حسنة.
وكذلك الجدل قد يكون بالتي هي أحسن، وقد يكون بغير ذلك، وهذا يحتمل أن يرجع إلى حال المجادل وغلظته، ولينه وحدته ورفقه، فيكون مأمورًا بمجادلتهم بالحال التي هي أحسن. (2)
ونحن إن شاء الله بصدد الإعداد لهذا الكتاب العلمي المبارك وسيخرج تباعا كما كان كتاب الواعظ ليدوم العطاء وتستمر مسيرة العلم والوفاء
فاللهم تقبل منا صالح القول والعمل ونسأله أن ييسر لنا كل عسير وأن يدلنا على صراطه المستقيم ويثبت قلوبنا على الحق وقد زاغت قلوب. آمين
كتبه
أحمد بن سليمان
---
(1) كان ذلك في شهر شعبان عام 1433هـ على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم ، أسميناه في مراحله الأولى بالخطب المهمة لدعاة الأمة، ثم كانت سلسلة الواعظ ، ثم في الأخير بكتاب الواعظ.
(2) مدارج السالكين (1/444).