ملف العدد
قواعد وفوائد في تزكية النفس
أركان الكمال الإنساني
قال ابن القيم -رحمه الله-: انحصر الكمال الإنساني في هذه المراتب الأربعة
أحدهما: العلم بما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
والثانية: العمل به.
والثالثة: نشره في الناس ودعوتهم إليه.
والرابعة: صبره وجهاده في أدائه وتنفيذه. الرسالة التبوكية لابن القيم (ص: 44)
ولما كان كمال الإنسان بالعلم النافع، والعمل الصالح، وهما الهُدى ودين الحق، وبتكميله لغيره في هذين الأمرين، كما قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3] أقسم سبحانه أن كلَّ أحد خاسر إلا من كمل قوته العلمية بالإيمان، وقوته العملية بالعمل الصالح، وكمَّل غيره بالتوصية بالحق والصبر عليه، فالحق هو الإيمان والعمل، ولا يتمان إلا بالصبر عليهما، والتواصي بهما. مدارج السالكين (1/ 30)
مدار العبودية على قاعدتين
العبودية مدارها على قاعدتين هما أصلها: حب كامل، وذل تام.
ومنشأ هذين القاعدتين على أصلين وهما:
- مشاهدة المنة: التي تورث المحبة والحمد والشكر لولي النعم والإحسان
ومطالعة عيب النفس والعمل: التي تورث الذل التام والانكسار والافتقار والتوبة في كل وقت. الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: 8) بتصرف
عنوان سعادة العبد، وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه
- من إذا أنعم عليه شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر.
العبد دائم التقلب بين هذه الأطباق الثلاث. الوابل الصيب من الكلم الطيب
على قدر استقامتك على الصراط في الدنيا تكون استقامتك على الصراط في الآخرة
قال ابن القيم -رحمه الله-: على قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم، وعلى قدر سيره على هذه الصراط يكون سيره على ذاك الصراط، فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط من سيره على هذا، حذو القذة بالقذة، جزاء وفاقا {هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} [النمل: 90]. مدارج السالكين (1/ 33)
منارات لسالكي طريق الحق
- عليك بطريق الحق، ولا تستوحش لقلة السالكين، وإياك وطريق الباطل، ولا تغتر بكثرة الهالكين. مدارج السالكين (1/ 46)
- كلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق، واحرص على اللحاق بهم، وغض الطرف عمن سواهم، فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم، فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك. مدارج السالكين (1/ 46)
- انفرادك في طريق طلبك دليل على صدق الطلب. مدارج السالكين (2/ 8)
- قيل للحسن البصري: سَبَقَنا القومُ على خيلٍ دُهمٍ ونحن على حُمُرٍ مُعقَّرة؟! فقال: إن كنت على طريقهم فما أسرع اللحاق بهم. الفوائد لابن القيم (ص: 43)
مجاهدة النفس
قال محمد بن المنكدر: كابدتُ نفسي أربعين سنة حتى استقامت. صفة الصفوة (1/ 378) وسير أعلام النبلاء (5/ 355)
التوفيق
قيل لحكيم: ما الذي لا يستغني عنه أحد في كل حال، فقال: التوفيق، وأنشد:
إذا لم يكن عون من اللَّه للفتى. . . فأكثر ما يجني عليه اجتهاده
- لا سبيل لأحد إلى شيء من الفضائل إلا بهداية اللَّه تعالى ورحمته، فهو مبدأ الخيرات ومنتهاها، كما قال تعالى: { أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }
وخاطب الناس فقال: { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. الذريعة الى مكارم الشريعة للراغب الأصفهاني (ص: 119)
إياك نعبد
- لا يكون العبد متحققا ب " {إياك نعبد}إلا بأصلين عظيمين:
أحدهما: متابعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
والثاني: الإخلاص للمعبود. مدارج السالكين (1/ 104)
متى استقام باطنك استقامت لك الأمور. صيد الخاطر (ص: 446)
الأبواب الثلاثة التي يدخل منها الشيطان على الإنسان
الغفلة - والشهوة - والغضب.
ولابد للإنسان من هذه الثلاثة إلا مَن عصم الله. الوابل الصيب (ص: 6)
رضا الرب
الشوق يحمل المحب على العجلة في رضا المحبوب والمبادرة إليها على الفور ولو كان فيها تلفه {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}. روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 437)
خير البر عاجله
قيل لأنوشروان: ما أعظم المصائب عندكم؟ فقال: أن تقدر على المعروف ولا تصطنعه حتى يفوت. أدب الدنيا والدين (ص: 202)
أعظم المصائب قساوة القلب. سير أعلام النبلاء (9/ 284)
شجرة المحبة
شجرة المحبة تحتاج إلى تربية في تربة طيبة تسقى بماء الخلوة من دولاب الفكرة. صيد الخاطر (ص: 53)
إذا غرست شجرة المحبة في القلب، وسقيت بماء الإخلاص، ومتابعة الحبيب، أثمرت أنواع الثمار. وآتت أكلها كل حين بإذن ربها. أصلها ثابت في قرار القلب. وفرعها متصل بسدرة المنتهى؛ لا يزال سعي المحب صاعدا إلى حبيبه لا يحجبه دونه شيء {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} [فاطر: 10]. مدارج السالكين (3/ 11)
مقامات
أنين المذنبين أحب إليه من زجل المسبحين
لأن زجل المسبحين ربما شابه العجب الافتخار، وأنين المذنبين يزينه الانكسار والافتقار. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 21)
- لو قام المذنبون في هذه الأسحار على أقدام الانكسار ورفعوا قصص الاعتذار مضمونها: {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} [يوسف: 88] لبرز لهم التوقيع عليها: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92]. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 205)
- مُدَّ إليه يد الاعتذار وقم على بابه بالذل والانكسار وارفع قصة ندمك مرقومة على صحيفة خدك بمداد الدموع الغزار وقل: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23]. لطائف المعارف (ص: 285)
- إِذا جن اللَّيْل فسيروا فِي بوادي الدجى وانيخوا بوادي الذل واجلسوا فِي كسر الانكسار فَإِذا فتح الباب للواصلين دونكم فاهجموا هجوم الْكَذَّابين وابسطوا كف {وَتصدق علينا} لَعَلَّ هَاتِف الْقبُول يقول {لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم}. المدهش (ص: 484)
- يَا نَادِمًا عَلَى الذُّنُوبِ أَيْنَ أَثَرُ نَدَمِكَ، أَيْنَ بُكَاؤُكَ عَلَى زَلَّةِ قَدَمِكَ، أَيْنَ حذرك من أليم الْعِقَابِ، أَيْنَ قَلَقُكَ مِنْ خَوْفِ الْعِتَابِ، أَتَعْتَقِدُ أَنَّ التَّوْبَةَ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ، إِنَّمَا التَّوْبَةُ نَارٌ تَحْرِقُ الإنسانَ. جَرِّدْ قَلْبَكَ مِنَ الأَقْذَارِ، ثُمَّ أَلْبِسْهُ الاعْتِذَارَ، ثُمَّ حَلِّهِ حُلَّةَ الانْكِسَارِ، ثُمَّ أَقِمْهُ عَلَى بَابِ الدَّارِ. التبصرة لابن الجوزي (1/ 371)
- إذا وضع الله عدله على عبد لم تبق له حسنة وإذا بسط فضله على عبد لم تبق له سيئة. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 60)
علامات
متى رأيت نفسك تهرب من الأنس به إلى الأنس بالخلق ومن الخلوة مع الله إلى الخلوة مع الأغيار فاعلم أنك لا تصلح له.
ومتى رأيته يستزيد غيرك وأنت لا تطلب ويستدني سواك وأنت لا تقرب. فإن تحركت لك قدم في الزيارة تخلف قلبك في المنزل فاعلم أنه الحجاب والعذاب. بدائع الفوائد (3/ 224)
أسسالإصلاح
أحدها: محاسبة النفس، حتى تعرف ما لها وما عليها. ولا يدعها تسترسل في الحقوق استرسالا، فيضيعها ويهملها.
فإن زكاتها وطهارتها موقوف على محاسبتها. فلا تزكو ولا تطهر ولا تصلح ألبتة إلا بمحاسبتها.
قال الحسن رضي الله عنه: إن المؤمن - والله - لا تراه إلا قائما على نفسه: ما أردت بكلمة كذا؟ ما أردت بأكلة؟ ما أردت بمدخل كذا ومخرج كذا؟ ما أردت بهذا؟ ما لي ولهذا؟ والله لا أعود إلى هذا.
فبمحاسبتها يطلع على عيوبها ونقائصها. فيمكنه السعي في إصلاحها.
الثاني: ملاطفة الخلق. وهي معاملتهم بما يحب أن يعاملوه به من اللطف. ولا يعاملهم بالعنف والشدة والغلظة. فإن ذلك ينفرهم عنه. ويغريهم به. ويفسد عليه قلبه وحاله مع الله ووقته، فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف. فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي. فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومودته. وإما عدو ومبغض. فتطفئ بلطفك جمرته. وتستكفي شره. ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به.
الثالث: مراقبة الحق سبحانه. وهي الموجبة لكل صلاح وخير عاجل وآجل. ولا تصح الدرجتان الأولتان إلا بهذه. وهي المقصود لذاته. وما قبله وسيلة إليه، وعون عليه. فمراقبة الحق سبحانه وتعالى: توجب إصلاح النفس، واللطف بالخلق. مدارج السالكين (2/ 477)
أنفع غذاء ودواء للقلب
أنفع الأغذية غذاء الإيمان، وأنفع الأدوية دواء القرآن. إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (1/ 70)
فلم ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أشجع في إزالة الداء من القرآن. الداء والدواء (ص: 8)
أرباب العزائم
أرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفارا عقيب الطاعات، لشهودهم تقصيرهم فيها، وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه، وأنه لولا الأمر لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبودية، ولا رضيها لسيده. مدارج السالكين (1/ 192)
أرباب العزائم في السير لا يقنعون برسوم الأعمال وظواهرها، ولا يعتدون إلا بأرواحها وحقائقها. مدارج السالكين (1/ 470)
المطلب الأعلى
المطلب الأعلى موقوف حصوله على: همة عالية، ونية صحيحة
فمن فقدهما تعذر عليه الوصول إليه فإن الهمة إذا كانت عالية تعلقت به وحده دون غيره وإذا كانت النية صحيحة سلك العبد الطريق الموصلة إليه فالنية تفرد له الطريق والهمة تفرد له المطلوب، فمدار الشأن على همة العبد ونيته وهما مطلوبة ولا يتم له إلا بترك ثلاثة أشياء، العوائد والرسوم والأوضاع التي أحدثها الناس
الثاني هجر العوائق التي تعوقه عن إفراد مطلوبة وطريقه وقطعها
الثالث قطع علائق القلب التي تحول بينه وبين تجريد التعلق بالمطلوب
والفرق بنيها أن العوائق هي الحوادث الخارجية والعلائق هي التعلقات القلبية بالمباحات ونحوها وأصل ذلك ترك الفضول التي تشغل عن المقصود من الطعام والشراب والمنام والخلطة فيأخذ من ذلك ما يعينه على طلبه ويرفض منه ما يقطعه عنه أو يضعف طلبه. الفوائد لابن القيم (ص: 145)
1: العوائد وهي اعتياد الناس لفعل اشياء معينة فزادت عن حدها مثل كثرة النوم وفضول الكلام وفضول الاستماع والواجب على الانسان قبل رمضانان يهجر هذه العوائد
2: العلائق التي تعلق القلب بها وهي حب القلب لأشياء دون الله ورسوله والله عز وجل يقول " قل ان كان آباؤكم وابناؤكم......... " الآية فالواجب على الانسان قطع هذه العلائق من قلبه وان يقدم حب الله على كل حب.
3: العوائق التي تعوق الطريق وهي شرك وعلاجه تجريد النفس للتوحيد وبدعة
مثقال ذرة من إيمان
مثقال ذرة من هذه اللذة لا يعدل بأمثال الجبال من لذات الدنيا ولذلك كان مثقال ذرة من إيمان بالله ورسوله يخلص من الخلود في دار الآلام. روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 165)
وذرة من ذل وانكسار أحب إليه سبحانه وتعالى وأنفع للعبد من الجبال الرواسي. روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 306)
وذرةٌ من هذا الذل وهذه الكسرة ونفسٌ منه أحب إلى الله من طاعات أمثال الجبال من المدلين المعجبين بأعمالهم وعلومهم وأحوالهم، وأحب القلوب إلى الله سبحانه قلب قد تمكنت منه هذه الكسرة، وملكته هذه الذلة، فهو ناكس الرأس بين يدي ربه، لا يرفع رأسه إليه حياء وخجلا من الله.
تعظيم الأمر والنهي
التعظيم: على ثلاث درجات. الأولى: تعظيم الأمر والنهي، وهو أن لا يعارضا بترخص جاف. ولا يعرضا لتشدد غال. ولا يحملا على علة توهن الانقياد.
هاهنا ثلاثة أشياء، تنافي تعظيم الأمر والنهي.
أحدها: الترخص الذي يجفو بصاحبه عن كمال الامتثال.
والثاني: الغلو الذي يتجاوز بصاحبه حدود الأمر والنهي.
فالأول: تفريط. والثاني: إفراط.
وما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريط وإضاعة، وإما إلى إفراط وغلو. ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه. كالوادي بين جبلين. والهدى بين ضلالتين. والوسط بين طرفين ذميمين. فكما أن الجافي عن الأمر مضيع له، فالغالي فيه: مضيع له. هذا بتقصيره عن الحد. وهذا بتجاوزه الحد.
وقد نهى الله عن الغلو بقوله: {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق} [المائدة: 77].
والغلو نوعان: نوع يخرجه عن كونه مطيعا. كمن زاد في الصلاة ركعة، أو صام الدهر مع أيام النهي، أو رمى الجمرات بالصخرات الكبار التي يرمى بها في المنجنيق، أو سعى بين الصفا والمروة عشرا، أو نحو ذلك عمدا.
وغلو يخاف منه الانقطاع والاستحسار. كقيام الليل كله. وسرد الصيام الدهر أجمع. بدون صوم أيام النهي. والجور على النفوس في العبادات والأوراد، الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه. فسددوا وقاربوا ويسروا. واستعينوا بالغدوة والروحة. وشيء من الدلجة) يعني استعينوا على طاعة الله بالأعمال في هذه الأوقات الثلاثة. فإن المسافر يستعين على قطع مسافة السفر بالسير فيها.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (ليصل أحدكم نشاطه. فإذا فتر فليرقد) رواهما البخاري.
وفي صحيح مسلم عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (هلك المتنطعون - قالها ثلاثا - وهم المتعمقون المتشددون).
وفي صحيح البخاري عنه -صلى الله عليه وسلم- (عليكم من الأعمال ما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا).
الثالث قوله: ولا يحملا على علة توهن الانقياد.
يريد: أن لا يتأول في الأمر والنهي علة تعود عليهما بالإبطال، كما تأول بعضهم تحريم الخمر بأنه معلل بإيقاع العداوة والبغضاء، والتعرض للفساد.
وقد بلغ هذا بأقوام إلى الانسلاخ من الدين جملة. وقد حمل طائفة من العلماء أن جعلوا تحريم ما عدا شراب خمر العنب معللا بالإسكار. فله أن يشرب منه ما شاء، ما لم يسكر.
ومن العلل التي توهن الانقياد: أن يعلل الحكم بعلة ضعيفة، لم تكن هي الباعثة عليه في نفس الأمر. فيضعف انقياد العبد إذا قام عنده أن هذه هي علة الحكم. ولهذا كانت طريقة القوم عدم التعرض لعلل التكاليف خشية هذا المحذور.
وأيضا فإنه إذا لم يمتثل الأمر حتى تظهر له علته، لم يكن منقادا للأمر. وأقل درجاته: أن يضعف انقياده له. مدارج السالكين (2/ 464)
رؤية العمل
من عجب أو رؤية نفسه فيه أو يمن به أو يطلب من العباد تعظيمه به أو يستشرف بقلبه لمن يعظمه عليه أو يعادي من لا يعظمه عليه ويرى أنه قد بخسه حقه وأنه قد استهان بحرمته ـ فهذا أي شيء يكفر؟ الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: 10)