خطورة الربا
عناصر الخطبة.
الربا من أكبر الكبائر أسباب الوقوع في الربا
آثار التعامل بالربا الربا من أكبر الكبائر
إنَّ المالَ عَصَبُ الحياةِ، وشِرْيانُ المعيشةِ، وهوَ في الإسلامِ وسيلةٌ لقضاءِ الحاجاتِ، وتَسْييرِ أُمورِ الحياةِ، وليس غايةً مِنَ الغايات؛ بحيثُ يُفْنِي المرءُ حياتَه في جَمْعِهِ وتَكْديسِهِ، والخوضِ فيه لمُتَعِهِ ولذَّاتِهِ، ولقدْ جعلَ الإسلامُ حِفْظَه مَقْصِداً مِنَ المقاصدِ الشرعيَّةِ الخمسةِ، ونهىَ عَنِ اكتسابِه بأيِّ سبيلٍ مِنْ سُبُلِ الحرامِ، ونهىَ عَنْ إضاعتِهِ وعَنْ أكْلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ، والإنسانُ مُؤْتَمنٌ عليه ومُستَخْلَفٌ فيه، قالَ تباركَ وتعالَى: (( وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ )) { الحديد: 7 }، ولأنَّ الرِّبا أحدُ وجوهِ الكسبِ الحرامِ فقدْ حرَّمَهُ الإسلامُ، وعَدَّهُ كبيرةً مِنْ كبائرِ الذنوبِ والآثامِ؛ فقَرَنَهُ بالشِّرْكِ والسحرِ وقتلِ النفسِ بغيرِ حقٍّ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَ-رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-قَالَ: ((اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ )) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: ((الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ))(1)
فاتقوا الله تعالى واحذروا أسباب سخطه وعقابه احذروا ما حذركم الله منه إن كنتم مؤمنين واحذروا الربا فإنه من أسباب لعنة الله تعالى ومقته.
إن الربا من أكبر الكبائر التي حذر الله تعالى عنها في كتابه وحذر رسول الله عنها في سنته وأجمع المسلمون على تحريمها (( وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)) [النساء: 161]
وَقَوْلُهُ: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ أَيْ: أَنَّ اللَّهَ قَدْ نَهَاهُمْ عَنِ الرِّبَا أي اليهود فَتَنَاوَلُوهُ وَأَخَذُوهُ، وَاحْتَالُوا عَلَيْهِ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْحِيَلِ وَصُنُوفٍ مِنَ الشُّبَهِ، وَأَكَلُوا أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ. قَالَ تَعَالَى: وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا. (2)
والربا قد نهى الله عَنهُ وتوعد بمحاربة من لم يتب مِنْهُ.
قال الله تعالى: (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ )) [البقرة: 278، 279]
والربا الوجه الآخر المقابل للصدقة الوجه الكالح الطالح لهذا عرضه السياق مباشرة بعد عرض الوجه الطيب السمح الطاهر الجميل الودود عرضه عرضاً منفراً، يكشف عما في عملية الربا من قبح وشناعة ومن جفاف في القلب وشر في المجتمع، وفساد في الأرض وهلاك للعباد ولم يبلغ من تفظيع أمر أراد الإسلام إبطاله من أمور الجاهلية ما بلغ من تفظيع الربا. (3)
قال الله تعالى ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )) [آل عمران: 130 - 132]
فنهاهم عن أكل الربا أضعافا مضاعفة، وذلك هو ما اعتاده أهل الجاهلية، ومن لا يبالي بالأوامر الشرعية من أنه إذا حل الدين، على المعسر ولم يحصل منه شيء، قالوا له: إما أن تقضي ما عليك من الدين، وإما أن نزيد في المدة، ويزيد ما في ذمتك، فيضطر الفقير ويستدفع غريمه ويلتزم ذلك، اغتناما لراحته الحاضرة، ، فيزداد بذلك ما في ذمته أضعافا مضاعفة. (4)
قال الله تعالى: ((الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ )) [البقرة: 275، 276].
لما حث الله على الصدقات وواعد عليها بعظيم الأجر ومضاعفة الثواب ذكر المرابين الذين يضاعفون مكاسبهم المالية بالربا وهم بذلك يسدُّون طرق البر، ويصدون عن سبيل المعروف فبدل أن ينموا أموالهم بالصدقات نموها بالربويات، فذكر تعالى حالهم عند القيام من قبورهم وهم يقومون، ويقعدون، ويغفون ويُصرعون، حالهم حال من يصرع في الدنيا بمس الجنون، علامة يعرفون بها يوم القيامة كما يعرفون بانتفاخ بطونهم وكأنها خيمة مضروبة بين أيديهم. (5)
قال كعب الأحبار -رحمه الله-في بعض الصحف المنزلة: إن الله تعالى يأذن بالقيام يوم القيامة للبر والفاجر إلا الآكل الربا فإنه لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس. (6)
عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ((لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ )) قَالَ: قُلْتُ: وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ )). (7)
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ -رضي الله عنه-قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (( رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبَ)). (8)
ولقد وضع النبي -صلى الله عليه وسلم-الربا تحت قدمه حيث قال: (( وَإِنَّ كُلَّ رِبًا مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ مَا أَبْدَأُ بِهِ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَضَى فِي الرِّبَا)). (9)
2- أسباب الوقوع في الربا:
1- ضَعْفُ إيمانِهِ باللهِ عزَّ وجلَّ، إذْ إنَّ الإيمانَ الصادِقَ يملأُ قلبَ صاحِبهِ قَناعَةً بما قَسَمَ اللهُ، وخوفاً مِنْ سُخْطِ اللهِ قالَ اللهُ سبحانَه: ((وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ )) {التغابن: 11 }، وإذا خَوَى قلبُ العبدِ مِنَ الإيمانِ اندفَعَ إلى طَرْقِ أبوابِ الحرامِ غَيْرَ آبهٍ بعظيمِ جُرْمِهِ، ولا مُكْتَرِثٍ بشناعَةِ فِعْلِهِ.
2- ضَعْفُ يَقينِهِ بالقِسْمَةِ الإلهيَّةِ العادِلَةِ، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ خلَقَ فسَوَّى وقدَّرَ فهدَى وقَسَمَ كلَّ شيءٍ بحِكَمةٍ ومِقْدارٍ، كما قالَ سبحانَه وتعالَى: (( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )) { الزخرف: 32 } ورِزْقُ اللهِ لا يَجْلِبُهُ حِرْصُ حريصٍ، ولا يَمْنعُهُ كُرْهُ كارِهٍ؛ بلْ قالَ اللهُ تعالىَ في كتابِهِ: (( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا ُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)) [الذاريات: 22، 23]
عن ابْنَ مَسْعُودٍ، -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبْعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ إِلاَّ قَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ النَّارِ وَيُبْعِدُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ وَإِنَّ الرُّوحَ الأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوْعِي، أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلاَ يَحْمِلْكُمَ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعَاصِي اللهِ فَإِنَّهُ لاَ يُنَالُ مَا عِنْدَ الله إِلاَّ بِطَاعَتِهِ)). (10)
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله)). (11)
3 - استعجالُ الرِّزْقِ وقِلَّةُ الصبرِ، ولهذا أرشَدَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-إلى الصبرِ واليقينِ بموعودِ ربِّ العالمَينَ فقالَ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: (( أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ)). (12)
4-حُبَّ التَّرفِ والبحْثَ عَنِ الكمالِيَّاتِ في المسْكنِ والمرْكَبِ والملْبَسِ ونحوِها دفَعَ كثيراً مِنَ الناسِ إلى أكْلِ الربا والتعاملِ بهِ، دونَ التفكُّرِ في سُوءِ العاقِبَةِ، أوِ الحذَرِ مِنْ عذابِ الآخرَةِ.
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-قَالَ: (( كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا مَخِيلَةٍ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ )). (13)
3- آثار التعامل بالربا.
الربا سَببٌ لبلايا كثيرةٍ، والتعامُلَ به جَلْبٌ لِشُرورٍ مستطيره:
1- أنَّ صاحِبَ الربا مَطْرودٌ مِنْ رحَمةِ اللهِ؛ محارَبٌ مِنَ اللهِ ورسولِهِ، وذلكَ صَريحُ قولِ اللهِ تعالَى: (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ ورسولهِ )) {البقرة: 278-279 }
2- أنَّ الربا يَمْحَقُ بركةَ المالِ ويَذْهَبُ بها؛ كما قالَ اللهُ تعالَى: ((يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ )) { البقرة: 276 }
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-قَالَ: (( مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبَا إِلَّا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ)). (14)
3- حُلولُ اللَّعْنَةِ علَى كلِّ مَنْ يتعاَملُ به.
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: (( لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ: هُمْ سَوَاء )). (15)
هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابي والشهادة عليهما وفيه تحريم الإعانة على الباطل. (16)
4 -الربا يَجُرُّ علَى الأُمَّةِ الضعفَ والذُّلَّ والهَوانَ، ويُهَوِّنُ مِنْ شأنِها في أعْيُنِ أعدائِها المتربِّصينَ بها، ويُسلِّطُهم عليْها.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ-رضي الله عنهما-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-يَقُولُ: (( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُم)). (17)
5-وكَفَى عقوبةً ونَكَالا ً لآكِلِ الربا أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ توعَّدَهُ بالخلودِ في النَّارِ إنْ لمْ ينْتَهِ عَنْه ويَتُبْ مِنْه، فقالَ عزَّ مِنْ قائلٍ: (( وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)){ البقرة: 275 }
6- انتشار البطالة وذلك لأن أصحاب الأموال لا يستعملونها في المشاريع مما يؤدي الي شيوع البطالة وقد حث الإسلام علي العمل.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ-رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا)). (18)
والمرابون قد استغلوا حوائج الناس فأقرضوهم بالربا وعطلوا منفعة هذا المال وَشَرُّ الْمَكَاسِبِ الرِّبَا وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.
7-انتشار الحسد والبغضاء لأن المرابي قد استغل حاجة الفقراء ولهذا يتمني الفقير الهلاك له والإسلام قد سد هذه الأبواب.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَ-رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-قَالَ: (( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا )). (19)
8- منع نزول المطر: عن عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ-رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ مُوسَى -صلى الله عليه وسلم-: (( يَا رَبِّ، هَذَا الْغَيْثُ لَا يَنْزِلُ، وَيَنْزِلُ فَلَا يَنْفَعُ، قَالَ: كَثْرَةُ الزِّنَا، وَظُهُورُ الرِّبَا )). (20)
قَالَ زُرَيْبُ بْنُ بَرْثَمْلاَ-رحمه الله-: (( يَا عُمَرُ إِذَا ظَهَرَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فَالْهَرَبَ الْهَرَبَ، إِذَا اسْتَغْنَى الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ، وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ، وَانْتَسَبُوا إِلَى غَيْرِ مَنَاسِبِهِمْ، وَانْتَمُوا إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِمْ، وَلَمْ يَرْحَمْ كَبِيرُهُمْ صَغِيرَهُمْ، وَلَمْ يُوَقِّرْ صَغِيرُهُمْ كَبِيرَهُمْ، وَتُرِكَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ فَلَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، وَتُرِكَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَتَعَلَّمَ عَالِمُهُمُ الْعِلْمَ لِيَجْلِبَ بِهِ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ، وَكَانَ الْمَطَرُ قَيْظًا، وَالْوَلَدُ غَيْظًا، وَطَوَّلُوا الْمَنَائِرَ، وَفَضَّضُوا الْمَصَاحِفَ، وَزَخْرَفُوا الْمَسَاجِدَ، وَأَظْهَرُوا الرُّشَا، وَشَيَّدُوا الْبِنَاءَ، وَاتَّبَعُوا الْهَوَى، وَبَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا، وَاسْتَخَفُّوا بِالدِّمَاءِ، وَتَقَطَّعَتِ الْأَرْحَامُ، وَبَيْعَ الْحُكْمُ، وَأُكِلَ الرِّبَا فَخْرًا، وَصَارَ الْغِنَى عِزًّا، وَخَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَرَكِبَتِ النِّسَاءُ السُّرُوجَ )). (21)
8-مسخ أكلة الربا إلي قردة وخنازير: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ-رضي الله عنهما-، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-قَالَ: (( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَبِيتَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أَشَرٍ وَبَطَرٍ وَلَعِبٍ وَلَهْوٍ، فَيُصْبِحُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ بِاسْتِحْلَالِهِمُ الْمَحَارِمَ، وَاتِّخَاذِهِمُ الْقَيْنَاتِ، وَشُرْبِهِمُ الْخَمْرَ، وَأَكْلِهِمُ الرِّبَا، وَلُبْسِهِمُ الْحَرِير)). (22)
فلْنتَّقِ اللهَ بامتثالِ أوامِرِهِ، واجتنابِ زواجِرِهِ، ولْنُحافِظْ علَى الإسلامِ وشعائرِهِ، ولنَتْرُكِ الرِّبا وأبوابَه، ولنَهْجُرِ الحرامَ وأسبابَه؛ فإنَّ الدَّنيا حلالُها حِسابٌ، وحَرامُها عَذابٌ، واليومَ عمَلٌ ولا حِسابٌ وغداً حِسابٌ ولا عَمَلٌ، ونِعْمَ المالُ الصالِحُ للعبدِ الصالِحِ.
---
(1) أخرجه البخاري (2766)
(2)تفسير ابن كثير (2/ 467)
(3) ظلال القرآن (1/ 318)
(4) تفسير السعدي (ص: 148)
(5) أيسر التفاسير للجزائري (1/ 140 )
(6) فيض القدير (4/ 51)
(7) أخرجه مسلم ( 1597)
(8) أخرجه البخاري ( 2085 )
(9) أخرجه الترمذي (3087) وصححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (3933)
(10)مصنف ابن أبي شيبة ( 35473) وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ( 2866 )
(11) أخرجه ابن حبان ( 3238) وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته ( 1630)
(12) أخرجه ابن ماجه ( 2144 ) وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ( 2866)
(13) أخرجه للحاكم ( 7288)وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح ( 4381)
(14) أخرجه ابن ماجه ( 279) وصحيحه الألباني في الجامع الصغير وزيادته (5518)
(15) أخرجه مسلم ( 1598 )
(16) شرح النووي على مسلم (11/ 26)
(17) أخرجه أبي داود (3462) وصححه الألباني في الجامع الصغير وزيادته ( 423)
(18) أخرجه أحمد ( 12902 )وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته ( 1424)
(19) أخرجه البخاري ( 6066)
(20) المطر والرعد والبرق لابن أبي الدنيا (ص: 80)
(21)كرامات الأولياء للالكائي من شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (9/ 138)
(22) أخرجه أحمد ( 22790) وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (4/ 136)