قطوف من بستان الواعظين: عِبرةٌ وعَبرةٌ(سلسلة الواعظ عدد المحرم 1437هـ)

2015-10-25

اللجنة العلمية

عِبرةٌ وعَبرةٌ

عبرة وعبرة

أيها الداعية انتبه بارك الله فيك

قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: مررت بحجر بمكة مكتوب عليه اقلبني تعتبر. ، فقلبته فإذا عليه مكتوب: أنت بما تعلم لا تعمل، فكيف تطلب علم ما لم تعلم؟!

وقال ابن السماك: كم من مذكر بالله ناس لله، وكم من مخوف بالله جريء على الله، وكم من مقرب إلى الله بعيد من الله، وكم من داع إلى الله فار من الله، وكم من تال كتاب الله منسلخ عن آيات الله.

وقال إبراهيم بن أدهم: لقد أعربنا في كلامنا فلم نلحن، ولحنا في أعمالنا فلم نُعرب.(1)

أيها المفوه. . . . المسألة ليست كلاما يقال!

قال ابن الجوزي: ولَقد تابَ على يَدَيَّ في مجالسِ الذِّكرِ أكثرُ مِن مائَتي ألْفٍ، وأسْلَمَ علي يَدَيَّ أكثرُ مِن مائَتي نَفْسٍ، وكمْ سَالتْ عينُ مُتَجبرٍ بِوَعْظي لم تكنْ تسيلُ، ويَحِقُّ لِمَنْ تَلمَّحَ هذا الإنْعامَ أنْ يَرجُو التَّمامَ. ورُبَّما لاحتْ أسبابُ الخوفِ بنَظرِي إلى تقْصيرِي وزَلَلي.

ولقد جلستُ يومًا، فرأيتُ حَولي أكثرَ مِنْ عَشَرةِ آلافٍ، ما فيهمْ إلا مَنْ قدْ رَقَّ قَلبُه، أو دَمَعتْ عَينُه، فقلتُ لنفْسي: كيفَ بِكِ إنْ نَجَوا وهَلَكْتِ؟! فَصِحْتُ بلسانِ وَجْدِي:

إلهي وسيدي! إنْ قضَيْتَ عليَّ بالعذابِ غدًا، فلا تُعلِمْهُم بِعذابي، صِيانةً لكرَمِك، لا لأَجْلي، لئَلا يَقُولوا: عَذَّبَ مَنْ دَلَّ عليه. إلهي! قَدْ قِيلَ لنَبيِّك صلى الله عليه وسلم: اقتُل ابنَ أُبَيٍّ المنافق! فقال: "لا يَتحدثُ الناسُ أنَّ محمدًا يَقتُلُ أصحابَه. إلهي! فاحفظْ حُسنَ عقائِدِهم فيَّ بكرَمِك، أنْ تُعْلِمُهم بعذابِ الدليلِ عليك. حاشاك واللهِ يا ربِّ مِن تكديرِ الصافي.(2)

------

(1) إحياء علوم الدين (1/ 63)

(2) صيد الخاطر (ص: 249)

عدد المشاهدات 9830