باب قطوف من بستان الواعظين: ترجمة شيخ الإسلام ومؤرخه الذهبي (سلسلة الواعظ عدد ربيع الآخر1437هـ)

2016-01-24

اللجنة العلمية

ترجمة شيخ الإسلام ومؤرخه الذهبي

ترجمة شيخ الإسلام ومؤرخه الذهبي

الإمام الذهبي هو الإمام الحافظ المؤرخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي

ولد رحمه الله سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة من الهجرة. (1)

كان والده شهاب الدين أحمد بن عثمان يمتهن صناعة الذهب المدقوق، وقد برع بها وتميز، فعُرف بالذهبي.

قال الصفدي في ترجمة والده: " برع في صناعة الذهب، وكان في يده مثل اللهب ". (2)

وكان الذهبي رحمه الله تعالى واسع العلم جدا، غزير المعرفة بالعلوم الشرعية، من عقيدة، وفقه، وحديث، وقراءات، وأصول، وغيرها، مع فهمها على منهج السلف الصالح.

وكان رحمه الله رأسا في معرفة الحلال والحرام، إماما في الحديث وعلومه، ناقدا بصيرا، إماما في علم التراجم والتاريخ، قويا في السنة، شديدا على أهل البدعة، قائما بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم.

ومن أشهر مشايخه الذي أخذ عنهم، وتأثر بهم: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

تلاميذه:

قال السبكي: " سمع مِنْهُ الْجمع الْكثير " (3)

- الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير، صاحب التفسير.

- الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن الحسن بن محمد السلامي.

- صلاح الدين خليل بن أبيك الصفدي.

- تاج الدين أبو نصر، عبد الوهاب بن علي السبكي. وغيرهم كثير

ثناء أهل العلم عليه:

وقد أثنى عليه وعلى علمه ودينه أهل العلم:

فقال ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله في ترجمته: " الشَّيْخ الامام الْحَافِظ الْهمام، مُفِيد الشَّام، ومؤرخ الإسلام ناقد الْمُحدثين وَإِمَام المعدلين والمجرحين: شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بْن عُثْمَان التركماني الفارقي الأَصْل، الدِّمَشْقِي، ابْن الذَّهَبِيّ، الشَّافِعِي، ومشيخته بِالسَّمَاعِ والإجازة نَحْو ألف شيخ وثلاثمائة شيخ، وَكَانَ آيَة فِي نقد الرِّجَال، عُمْدَة فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل، عَالما بالتفريع والتأصيل، إِمَامًا فِي الْقرَاءَات، فَقِيها فِي النظريات، لَهُ دراية بمذاهب الْأَئِمَّة وأرباب المقالات، قَائِما بَين الْخلف بنشر السّنة وَمذهب السّلف " (4)

وقال ابن كثير رحمه الله: " الشَّيْخُ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ، مُؤَرِّخُ الْإِسْلَامِ، وَشَيْخُ الْمُحَدِّثِينَ، شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ، خُتِمَ بِهِ شُيُوخُ الْحَدِيثِ وَحُفَّاظُهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ "(5)

وقال الصفدي رحمه الله: " حَافظ لَا يجارى، وَلَافظ لَا يبارى، أتقن الحَدِيث وَرِجَاله، وَنظر علله وأحواله، وَعرف تراجم النَّاس، وأزال الإبهام فِي تواريخهم والإلباس، من ذهن يتوقد ذكاؤه، وَيصِح إِلَى الذَّهَب نسبته وانتماؤه، جمع الْكثير، ونفع الجم الْغَفِير، وَأكْثر من التصنيف، ووفر بالاختصار مُؤنَة التَّطْوِيل فِي التَّأْلِيف " (6)

وقال تاج الدين السبكي رحمه الله: " وَأما أستاذنا أَبُو عبد الله: فَبَصر لَا نَظِير لَهُ، وكنز هُوَ الملجأ إِذا نزلت المعضلة، إِمَام الوُجُود حفظا، وَذهب الْعَصْر معنى ولفظا، وَشَيخ الْجرْح وَالتَّعْدِيل، وَرجل الرِّجَال فِي كل سَبِيل، كَأَنَّمَا جمعت الْأمة فِي صَعِيد وَاحِد فنظرها، ثمَّ أَخذ يخبر عَنْهَا إِخْبَار من حضرها.

وَهُوَ الَّذِي خرّجنَا فِي هَذِه الصِّنَاعَة، وأدخلنا فِي عداد الْجَمَاعَة، جزاه الله عَنَّا أفضل الْجَزَاء، وَجعل حَظه من غرفات الْجنان موفر الْأَجْزَاء " (7)

وقال الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله: " طلب الحديث وله ثماني عشرة سنة، فسمع الكثير، ورحل، وعني بهذا الشأن، وتعب فيه، وخدمه، إلى أن رسخت فيه قدمه، وتلا بالسبع، وأذعن له الناس.

حكي عن شيخ الإسلام أبي الفضل ابن حجر أنه قال: " شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ "(8)

وقال عنه الشوكاني رحمه الله: " الْحَافِظ الْكَبِير المؤرخ. . . مهر فِي فن الحَدِيث، وَجمع فِيهِ المجاميع المفيدة الْكَثِيرَة.

قَالَ الْبَدْر النابلسي فِي مشيخته: كَانَ عَلامَة زَمَانه فِي الرِّجَال وأحوالهم، جيد الْفَهم، ثاقب الذِّهْن، وشهرته تغني عَن الإطناب فِيهِ " (9)

مصنفاته:

له مصنفات كثيرة متنوعة، منها:

- "سير أعلام النبلاء".

- "تاريخ الإسلام".

- "الكاشف". .

- "ميزان الاعتدال"

- "المغني في الضعفاء".

- "مختصر سنَن الْبَيْهَقِيّ".

- "طبقات الْحفاظ".

- "طبقات الْقُرَّاء".

- "التجريد فِي أَسمَاء الصَّحَابَة".

- "تلخيص المستدرك".

- "مختصر تهذيب الكمال".

- "مختصر تَارِيخ نيسابور" للْحَاكِم.

- "مختصر ذيل ابْن الدبيثي".

- "مختصر الْمحلي" لِابْنِ حزم.

- "مختصر الزهد" للبيهقي.

- "مختصر الضعفاء" لابن الجوزي.

وغيرها من الكتب النافعة (10).

عقيدته:

كان رحمه الله على عقيدة أهل السنة والجماعة، ملتزما بها، منافحا عنها، داعيا إليها، ذابًّا عن شيوخها، وقد صنف فيها عدة مصنفات، منها:

- "كتاب العلو". - "كتاب العرش". - "كتاب الأربعين في صفات رب العالمين".

- "رسالة التمسك بالسنن والتحذير من البدع وغيرها".

وفاته:

تُوفِّي - رَحمَه الله تَعَالَى - لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثَالِث ذِي الْقعدَة، سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة، وَدفن من الْغَد بمقبرة الْبَاب الصَّغِير من دمشق. (11)

---

(1) "طبقات الشافعية" (9/ 101)، "الرد الوافر" (ص 31).

(2) "أعيان العصر وأعوان النصر" (1/ 283)

(3) "طبقات الشافعية" (9/ 103).

(4) "الرد الوافر" (ص 31).

(5) "البداية والنهاية" (18/ 500)

(6) "الوافي بالوفيات" (2/ 114).

(7) "طبقات الشافعية" (9/ 101).

(8) "ذيل طبقات الحفاظ" (ص 231).

(9) "البدر الطالع" (2/ 110).

(10) وانظر: "طبقات الشافعية" (9/ 104-105)، "ذيل طبقات الحفاظ" (ص 231)، "البدر الطالع" (2/ 110)، "الأعلام" للزركلي (5/ 326)

(11) "الرد الوافر" (ص 31).

عدد المشاهدات 9257