المخرج من التيه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد صلى الله عليه
وسلم وبعد،
فهذه رؤيتي وعقيدتي
ونصيحتي حول الأحداث الجارية أجملها في نقاط
1) شباب الأمة يتبعون
مشايخهم في كل قضايا الحياة من نكاح وطلاق وبيع وشراء ويمتثلون قولهم في كل ذلك وغيره، وعند الفتن واشتداد البلاء يقولون (اتبعوا سبيلنا)
ومن يخالفهم فيما يحبون تلقى عليه التهم والأباطيل ويقولون لهم بلسان المقال أو
بلسان الحال كما قالو للحسن البصري عندما منعهم من الخروج في الفتنة : ( أتطيعون
هذا العِلج ؟)
2) العقائد أمور معقودة
على القلب لا تتبدل بتبدل الحوادث فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا.
3) الفتنة المعاصرة اختلف
الناس فيها بين غال ومفرط, والحق وسط بين الغالي والجافي وباختصار أقول: خرج
الخارجون المارقون على ولي شرعي وعزلوه ولم تجتمع فيه أى مسببات العزل وهي ثلاث
الكفر البواح ومنع إقامة الصلاة وفقد الحواس التي لابد منها ليتهيأ له الحكم، ومن
عزله لم تجتمع فيه شروط أهل الحل والعقد فاجتمعوا جميعا على خلعه وهذا يسمى خروجا
على الولي الشرعي هذا توصيف الحال وهذا القول هو العدل بين قولين أحدهما يقول إنهم
اتقياء عدول وآخرون قالوا كفرة أهل جور
وبعد عزل الولي
تحولت الشوكة إلى من خرج عليه، وهذا يسمى متغلباً بالسيف وبغيره من مؤسسات وإعلام
وغيره والواجب عند ذلك الصبر على المتغلب وبهذا جاءت الآثار كما قال الإمام أحمد
لما هم قوم بالخروج على أميرهم : الدماء الدماء هذا خلاف الآثار التي أمرنا فيها
بالصبر
وقال : عليكم بالنكرة
بقلوبكم ولا تخلعوا يد من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء
المسلمين معكم انظروا في عاقبة أمركم واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر .
فهذا منهج السلف وبهذا
نطقت الآثار وهذا لا يعني موافقتهم فيما يخالف شرع الله وقد نهى النبي صلى الله
عليه وسلم عن متابعة الظالم ومعاونته على الباطل فقال : ( إنها ستكون أمراء يكذبون
ويظلمون فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ولا يرد علي الحوض،
ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وسيرد علي الحوض).
واعلم أن اتباع السنة هو
النجاة ومخالفتها هو عين التخاذل والطغيان فليس كل حماس مقبول وكل جهد مشكور،
والعمل إن خلا من الإخلاص والمتابعة رد على صاحبه قال تعالى : (قلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ
بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ
أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا).
4) تبين لكل ذى بصيرة أن
الأمة بشريحة كبيرة منها لم تتعرف على الإسلام إلا من قنوات تكره الإسلام فلا عجب
إن رأيت تحول الكثير من الناس إلى كره المتدينين فهذا بسببين :
1- هشاشة الجماعات
والأحزاب التى تصدرت المشهد في الفترة الماضية فلم تأخذ الإسلام بقوة فبعضها تنازل
عن بعض ثوابت الملة والآخر داهن والبعض قدم رأيه على قول نبيه ظنا منه أن الواقع
اختلف فمن هنا أتينا.
2- الدعوة الصافية لم تصل
إلى جمهور كبير من المسلمين وقد تعود هؤلاء على التوسع في مباحات ومحرمات
وفساد وفوجئوا بمنهج يحد الحريات ويجعلها مقيدة بما أباحة الله وحرم حريات تتصادم
مع منهج الله، ولما لم بستقر الإيمان في القلب نبذوا هذا المنهج جهلا منهم واتباعا
للهوى
5) المخرج من الأزمة
يتمثل في نقاط:
1- التمسك بالهدي النبوي وبما سطره العلماء في
عقائدهم تحت باب ( الصبر على جور الأمراء) حقنا للدماء وإسكانا للفتن مع امتلاء
القلب غيظا مما يفعلوه معنا وعدم مشاركتهم فيما يخالف دين الإسلام أو الرضى القلبي
بما يفعلوه.
2- لنجعل الفترة القادمة
كاستراحة المجاهد في المعركة لتنظيم العمل وإعداد العدة الإيمانية والعقدية لمثل
هذه المحن فليست آخر الجولات (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).
وقد هزم المسلمون في أحد ورجعوا بعدها
متداركين الخطأ وهم على علم بأن ما أصابهم إنما كان بذنب واحد خالفوا فيه أمر
النبي صلى الله عليه وسلم : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ
اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ
وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا
تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ
ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ
ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) آل عمران
3- مراجعة مناهج الأحزاب الإسلامية فقد ظهرت
انحرافات عقدية خطيرة لا بد من تصحيحها والتوبة منها والعودة إلى الناس بدين نقي
صاف من التعصب والجهل والطغيان.
4- النظر في السيرة النبوية فكما مكن الله
لنبيه ومن سار على هديه سيكون التمكين حليفا لنا فهل تستحق الأمة تمكين الله لها
وهى بعيدة كل هذا البعد عن المنهج الرباني: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى
لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا
يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ). النور
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل
كتبه
أحمد بن سليمان