وجاء رمضان

2013-07-11

عبد الرحمن الفواخري

وجاء رمضان

1 - تعريف الصوم وحكمه

2 - فضائل الصيام وخصائصه

3 - فضائل شهر رمضان وخصائصه

4 - فقه الصيام

5 - بيان أسرار الصوم وآدابه 

تعريف الصوم

الصيام لغة: بمعنى الإمساك .( )

وشرعًا: الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التقرب إلى الله، من مسلم مميز أو بالغ مكلف، أو من مسلمة مميزة أو بالغة مكلفة طاهرة من الحيض والنفاس مع النية .( )

وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه بقدوم رمضان، فعن أبي هريرة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه: [قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حُرِم خيرها فقد حُرِم].‏( )

قال ابن رجب: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان، كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان، كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران، كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان.( )

بم يثبت شهر رمضان

يثبت برؤية الهلال، ولو من واحد عدل، أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا، فعن ابن عمر -رضى الله عنه- قال: تراءى الناس الهلال فرأيته، وأخبرت النبي -عليه الصلاة والسلام- أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه.( )

حكم تارك الصيام

وقال شيخ الإسلام رحمه الله: إذا أفطر في رمضان مستحلًّا لذلك وهو عالم بتحريمه استحلالًا له وجب قتله، وإن كان فاسقًا عوقب عن فطره في رمضان، وقد أجمع أهل العلم على أن من جحد وجوبه فقد كفر.‏( ) فمن أفطر في رمضان عمدًا لغير عذر شرعي فقد أتى كبيرة من الكبائر، ولا يكفر بذلك في أصح أقوال العلماء، وعليه التوبة إلى الله سبحانه مع القضاء، والأدلة كثيرة تدل على أن ترك الصيام ليس كفرًا أكبر إذا لم يجحد الوجوب وإنما أفطر تساهلًا وكسلًا، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم.( )

حكم الصيام

وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الصِّيَامِ قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}‏( ).

 ومن السنة: عن ابن عمر -رضى الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان].‏( )

وأجمع المسلمون على وجوب صيام شهر رمضان، وفُرض صوم رمضان بعد صرف القبلة إلى الكعبة، لعشر من شعبان في السنة الثانية من الهجرة بسنة ونصف إجماعًا.( )

الحكمة في شرعية الصيام:

أن فيه تزكية للنفس وتطهيرًا وتنقية لها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة؛ لأنه يضيق مجاري الشيطان في بدن الإنسان، وفي الصوم تزهيد في الدنيا وشهواتها، وترغيب في الآخرة، وفيه باعث على العطف على المساكين وإحساس بآلامهم؛ لما يذوقه الصائم من ألم الجوع والعطش، وأن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها من الأمور التي تميل إليها نفسه، متقربًا بذلك إلى الله تعالى راجيًا بتركها ثوابه، فهذا من التقوى، وأن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه؛ لعلمه باطلاع الله -عز وجل- عليه، والصائم في الغالب تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى، وأن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك مواساة الفقراء المعدمين، والصوم نسبه الله -عز وجل- إلى نفسه، ووعد عليه الجزاء المطلق من قبله؛ لأنه بين الرب وبين عبده، فهو من أعظم الأمانات، وفي الصوم درس عملي على التدريب على تحمل الشدائد، ومعاناة الأمور الصعاب، وفيه التحلي بالصبر، وأنواع الصبر الثلاثة مجتمعة فيه: الصبر على طاعة الله تعالى، والصبر عن معاصيه، والصبر على أقداره جل وعلا المؤلمة. كما أن في الصوم روحانيةً يجدها الصائم؛ لتخفُّفه من المادة، وتغلب الجانب الروحي عليها، فيجد الصائم قُربًا من الله تعالى، ويحسُّ دُنُوًّا يجعله كأنه يرى الله تعالى في عبادته إياه من صدق الشعور، وحسن المراقبة. ولا شك أن في الصوم إجازة للجهاز الهضمي فترة من الزمن؛ ليستجم فيها الجهاز من توالي الأطعمة عليه وتخمرها فيه، فيستعيد نشاطه وقوته.( )

فضائل شهر رمضان وخصائصه

1 - أنزل الله تعالى فيه القرآن، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185].

2 – أنزلت الكتب الإلهية فيه؛ لما رُويَ من حديث واثلة بن الأسقع: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:

[أُنزلت صحف إبراهيم -عليه السلام- في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لستٍ مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأُنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان].‏( )

3 – تفتح فيه أبواب الجنة تغلق فيه أبواب النار، وتصفَّد الشياطين ومردة الجنِّ، وفي كل ليلة عتقاء من النار، فعن أبي هريرة -رضى الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا كان أوَّلُ ليلة من رمضان: صُفِّدت الشياطين ومردة الجن وسلسلت، وغُلِّقت أبواب النار فلم يُفتح منها بابٌ، وفُتِّحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها بابٌ، ويُنادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، و يا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة]. متفق عليه.

4 – فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِم خيرها فقد حُرِم الخير كله؛ لحديث أبي هريرة -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:[فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِم خيرَها فقد حُرِم ولا يُحرَم خيرُها إلا محروم].‏( )

5 – يكفر الخطايا وتغفر الذنوب لحديث أبي هريرة -رضى الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان مكفرات ما بينهنَّ إذا اجتُنبت الكبائر]. مسلم.

وعن أبي هريرة -رضى الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: [من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه]. متفق عليه. وعن أبي هريرة -رضى الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رَقِيَ المنبر فقال: [آمين، آمين، آمين]، فقيل: يا رسول الله، ما كنت تصنع هذا؟ فقال: [قال لي جبريل -عليه السلام-: رَغِمَ أنفُ عبدٍ دخل عليه رمضان فلم يُغفر له، فقلت: آمين، ثم قال: رَغِمَ أنفُ عبدٍ ذُكِرتَ عنده فلم يصلِّ عليك، فقلت: آمين، ثم قال: رَغِمَ أنفُ عبدٍ أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخل الجنة، فقلت: آمين].‏( )

وعن أبي هريرة -رضى الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه]. متفق عليه.

6 - عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً: فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضى الله عنهما-، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ حَجَّتِهِ قَالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الأَنْصَارِيَّةِ: [مَا مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ؟» قَالَتْ: أَبُو فُلاَنٍ، تَعْنِي زَوْجَهَا، كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالآخَرُ يَسْقِي أَرْضًا لَنَا، قَالَ: [فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي]. متفق عليه.

 7 – شهر الجود، ومدارسة القرآن، والاجتهاد في العبادات، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: [كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ].‏ متفق عليه.

فضائل الصيام وخصائصه

واعلم أن في الصوم خصيصة ليست في غيره، وهى إضافته إلى الله -عز وجل- حيث يقول سبحانه:‏ ‏‏ الصوم لي وأنا أجزي به‏. وكفى بهذه الإضافة شرفًا ، كما شرف البيت بإضافته إليه في قوله‏:‏ ‏{‏ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ ‏}‏ ‏[‏الحج ‏:‏ 26‏]‏‏.‏ وإنما فضل الصوم لمعنيين‏:‏ أحدهما‏:‏ أنه سر وعمل باطن، لا يراه الخلق ولا يدخله رياء‏.

الثاني‏:‏ أنه قهر لعدو الله، لأن وسيلة العدو الشهوات، وإنما تقوى الشهوات بالأكل والشرب، وما دامت أرض الشهوات مخصبة، فالشياطين يترددون إلى ذلك المرعى، وبترك الشهوات تضيق عليهم المسالك‏.

‏ومن فضائله:

1 - سبب من أسباب التقوى؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. 

2- الصوم جُنة وحِصْنٌ حصين من النار؛ لحديث أبي هريرة -رضى الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [الصيام جُنَّةٌ وحِصْنٌ حَصِينٌ من النار].( )

وعن أبي سعيد الخدري -رضى الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: [من صام يومًا في سبيل الله؛ بَعَّدَ الله وجهه عن النار سبعين خريفًا]. ‏ متفق عليه.

3 – الصيام لا مثيل له: فعن أبي أمامة قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: مرني بعمل يدخلني الجنة. قال: [عليك بالصوم فإنه لا عدل له]. ثم أتيته الثانية، فقال: [عليك بالصيام]. أَوْ قَالَ: [لاَ مِثْلَ لَهُ].‏( )

4 – للصائمين باب في الجنة: فعن سهل بن سعد -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [إن في الجنة بابًا يُقالُ له: الريَّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؛ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرُهم، فإذا دخل آخرهم أُغلق فلم يدخل منه أحد]. متفق عليه.

5 – الصيام كفارة للذنوب لحديث حذيفة -رضى الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: [فتنة الرجل في أهله، وماله، وولده، وجاره، تكفِّرها: الصلاة، والصوم، والصدقة، والأمر، والنهي]. متفق عليه. فعن أبي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه-، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: [قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ].‏ متفق عليه.

6 - الصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما يوم القيامة؛ لحديث عبد الله بن عمرو، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [الصيامُ والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربِّ منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان].‏( )

7 – للصائم دعوة لا ترد فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضى الله عنهما- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [إن للصائم عند فطره لدعوةً ما تُردُّ].‏( )

أركان الصوم

الركن الأول: النية قبل الفجر، من كل ليلة من ليالي شهر رمضان؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: [من لم يُجْمِع أو يبيت الصيام قبل الفجر، فلا صيام له].‏( ) وقال مالك، وأحمد: إذا نوى صوم جميع الشهر في أول ليلة منه أجزأه لجميعه.

الركن الثاني: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس؛ وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأْسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْل} [البقرة: 187]. ( )

شروط وجوب الصوم

الإسلام - التمييز - العقل - الإقامة- انقطاع دم الحيض والنفاس.

سنن الصوم وآدابه

- السُّحور، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [تسحروا فإن في السُّحور بركة]. متفق عليه.

ويتحقق السحور بكثير الطعام وقليله ولو بجرعة ماء، فعن أبي سعيد الخدري -رضى الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [السحور بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين].( )

- تعجيل الفطر، ويستحب أن يكون الفطر على رطبات وترًا، فعن سهل بن سعد: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر].( )

وعن أنس -رضى الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء.( ) وأن يدعو عند فطره وأثناء الصيام.

- الكف عما يتنافي مع الصيام عن أبي هريرة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [من لم يَدَع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه].‏( )

- السواك: ولا فرق بين أول النهار وآخره، ويستحب في كل وقت لعموم الأحاديث فيه، ولحاجة الصائم إليه، ولأنه مرضاة للرب، ومطلوبة في الصوم أشد من طلبها في الفطر، قال البخاري: كان ابن عمر: يستاك أول النهار وآخره.( )

- الجود ومدارسة القرآن: وهما مستحبان في كل وقت، إلا أنهما آكد في رمضان، فعن ابن عباس -رضى الله عنهما- قال: [كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود بالخير من الريح المرسلة».( )

الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان: عن عائشة -رضى الله عنها-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: [كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر». متفق عليه.

وفي رواية لمسلم: [كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره]. متفق عليه.

مباحات الصيام

1 - نزول الماء والانغماس فيه فإن دخل الماء في جوف الصائم من غير قصد فصومه صحيح، فعن أبي بكرة، عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعرج يصبُّ على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر].( )

2 - الاكتحال والقطرة سواء وجد طعمه في حلقه أم لم يجده.

3 – القُبْلة والمعانقة؛ لما روت عائشة أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يقبل ويباشر، وهو صائم. متفق عليه.

4 - الحقنة مطلقًا: للتغذية، أم لغيرها، في العروق، أم تحت الجلد، والحقنة الشرجية لا تفطر الصائم. قال ابن تيمية: فإنها لا تغذي، بل تستفرغ ما في البدن. ( )

5 - الحجامة: إلا إذا كانت تضعف الصائم فإنها تكره له.

6 - المضمضة والاستنشاق ويكره المبالغة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- للقيط بن صبرة: [أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا].( )

7 - يباح للصائم أن يصبح جنبًا: [كان -صلى الله عليه وسلم- يصبح جنبًا، وهو صائم، ثم يغتسل]. متفق عليه.( )

مبطلات الصيام

 أولًا: ما يبطله، ويوجب القضاء: الأكل والشرب عمدًا.

 1 - الأكل والشرب، ودليل هذه الثلاثة قوله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ}[البقرة: 187].

2 - القيء عمدًا، فإن غلبه القيء، فلا قضاء عليه ولا كفارة؛ لحديث أبي هريرة المرفوع: [من ذَرَعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا فليقض].( )

3 - الحيض، والنفاس، ولو في اللحظة الأخيرة، قبل غروب الشمس، وهذا مما أجمع العلماء عليه، ودليله حديث أبي سعيد الخدري، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم].‏( )

4 – الاستمناء، وهو تعمد إخراج المني بأي سبب لقول عائشة: [كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبل وهو صائم، وكان أملككم لإربه].( )

5 - ومن نوى الفطر - وهو صائم - بطل صومه، وإن لم يتناول مفطرًا.

ثانيًا: وأمَّا ما يبطله ويوجب القضاء، والكفارة:

فهو الجماع لا غير عند الجمهور. والكفارة: عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينًا، ومذهب الجمهور: أن المرأة والرجل سواء في وجوب الكفارة عليهما، ما داما قد تعمدا الجماع مختارين في نهار رمضان، ناويين الصيام، وقيل: لا كفارة على المرأة مطلقًا، لا في حالة الاختيار، ولا في حالة الإكراه، وإنما يلزمها القضاء فقط، وتكون الكفارة على الرجل فحسب. إذًا فالمفطرات ثلاثة: دخول داخل، وخروج خارج، وجماع. إذًا من يرخص لهم في الفطر، وتجب عليهم الفدية أي الإطعام: الشيخ الكبير، والمرأة العجوز، والمريض الذي لا يرجى برؤه، والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما، هؤلاء جميعًا يُرخص لهم في الفطر، إذا كان الصيام يجهدهم، ويشق عليهم مشقة شديدة في جميع فصول السنة، وعليهم أن يطعموا عن كل يوم مسكينًا، والمرض نوعان:

1 - يُرجى برؤُه رخص الله له في الفطر، وأوجب عليه قضاء، والمريض إما أن يَشقَّ عليه الصوم ولا يضره، فيجب عليه الصوم؛ لأنه ليس له عذر يبيح له الفطر، أو أن يشق عليه الصوم ولا يضره، فيفطر ويكره له الصوم مع المشقة، أو أن يضرَّهُ الصوم، فيجب عليه الفطر.

 2- المريض العاجز عن الصيام عجزًا مستمرًا لا يُرجى زواله لا يجب عليه الصيام، ويجب عليه أن يطعم ولا قضاء، ومن يرخص لهم في الفطر، ويجب عليهم القضاء: المريض الذي يرجى برؤه، والمسافر.‏( )

 

عدد المشاهدات 8568